«الوزير الشيعي» لعون يؤخر ولادة حكومة الحريري إلى ما بعد «الاستقلال»

رئيس الحكومة المكلف أنجز 90 % من مهمته.. و«الكتائب» خارج التشكيلة الحكومية

مسيرة لبنانية وصلت إلى القصر الجمهوري أمس بمناسبة «عيد العَلم» وكانت تحت شعار «العلم يعود إلى بيت الشعب» باعتباره رمزًا للوحدة الوطنية (دالاتي ونهرا)
مسيرة لبنانية وصلت إلى القصر الجمهوري أمس بمناسبة «عيد العَلم» وكانت تحت شعار «العلم يعود إلى بيت الشعب» باعتباره رمزًا للوحدة الوطنية (دالاتي ونهرا)
TT

«الوزير الشيعي» لعون يؤخر ولادة حكومة الحريري إلى ما بعد «الاستقلال»

مسيرة لبنانية وصلت إلى القصر الجمهوري أمس بمناسبة «عيد العَلم» وكانت تحت شعار «العلم يعود إلى بيت الشعب» باعتباره رمزًا للوحدة الوطنية (دالاتي ونهرا)
مسيرة لبنانية وصلت إلى القصر الجمهوري أمس بمناسبة «عيد العَلم» وكانت تحت شعار «العلم يعود إلى بيت الشعب» باعتباره رمزًا للوحدة الوطنية (دالاتي ونهرا)

لا يحل الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، عقدة من أمام تشكيلته الحكومية المنتظرة، حتى تقفز عقدة ثانية إلى واجهة الأمور، ما يعقد عملية تأليف الحكومة ويمنع صدورها قبل «عيد الاستقلال» الذي يحتفل به لبنان غدا، بعكس رغبة رئيس الجمهورية ميشال عون المعلنة بصدور التشكيلة الوزارية الأولى في عهده، الذي بدأ نهاية الشهر الماضي، قبل يوم الاستقلال.
وبدا أن القصر الجمهوري مسلِّم بفكرة تأجيل التشكيلة الحكومية، كما أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكومة ستتألف عاجلا أم آجلا، لكن ليس قبل ذكرى الاستقلال (غدًا)؛ لأن الوقت دهمنا». وأفادت المعلومات بأن سباقا مع الوقت يقوم به الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة، لكن سفر وزير الخارجية جبران باسيل عشرة أيام بدءا من الأربعاء المقبل، يعطي انطباعات غير مشجعة بشأن صدور التشكيلة سريعا، باعتبار أن باسيل هو المفاوض الرئيسي في فريق الرئيس عون، وغيابه قد يبطئ العملية وإن كان لا يوقفها.
وتقول مصادر مواكبة لعملية التأليف لـ«الشرق الأوسط»، إن الحريري أنجز 90 في المائة من تركيبته الحكومية، مؤكدة أن العشرة في المائة المتبقية يمكن حلها خلال دقائق، لكنها لا تزال تمنع صدور التشكيلة. وقالت المصادر إن الحريري وضع «تركيبة» شبه كاملة تتضمن توزيع الوزارات على القوى السياسية المرشحة لدخول الحكومة، على أن يطلب من القوى السياسية أسماء الوزراء المرشحين لدخول الحكومة فور التوصل إلى حل العقد الأخيرة.
وتشير المصادر إلى أن «شد الحبال» بين الرئيس عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، يكاد يكون المعرقل الأساسي لعملية التأليف، باعتبار أن بري يفاوض باسمه وباسم حليفه المسمَّى «حزب الله»، وكذلك باسم حلفائه الآخرين من قوى «8 آذار» بمن فيهم تيار «المردة» الذي يرأسه النائب سليمان فرنجية. وتكشف المصادر أن العقدة الأساسية التي تحكم المعادلة تتمثل في إصرار بري على الحصول على وزارة الأشغال لفرنجية، وهو ما يرفضه الرئيس عون و«القوات اللبنانية» ولا يمانعه الحريري. علما بأن الأشغال هي من نصيب «القوات» التي ترفض التنازل عنها، بعدما قدمت «تنازلا جوهريا» بقبولها عدم الحصول على وزارة سيادية. أما العقدة الأهم، فهي طلب رئيس الجمهورية الحصول على وزيرين مسلمين، سني وشيعي، وهو ما وافق عليه الحريري، ولم يعلن بري رفضه المباشر له، لكن طلب بري الحصول في المقابل على وزير مسيحي اختاره أن يكون كاثوليكيا، عقد الأمور من منطلق تسميته مرشحا كاثوليكيا هو النائب ميشال موسى، ما يعني أن يطير أحد المقعدين المخصصين لـ«القوات»، وهما من نصيب مسؤول جهاز التواصل ملحم رياشي وحليف «القوات» الوزير ميشال فرعون.
وفيما وافق الحريري على إعطاء وزير سني من حصته، منتظرا الحصول على وزير مسيحي في المقابل، ترى المصادر المواكبة لعملية التأليف أن ذلك «غير مستحيل»، باعتبار أن تشدد عون في هذا المجال ليس نهائيا. وتشير المصادر إلى أن الحريري، رغم إيجابيته في موضوع تسهيل الحكومة، إلا أنه مصر على ألا تقل حصة حزب «المستقبل» الذي يرأسه عن 6 وزراء، باعتبار أن الكتلة التي يرأسها الحريري في البرلمان تبلغ 34 نائبا، وهي أكبر الكتل البرلمانية.
أما الخاسر الأكبر في هذه العملية، فهو حزب الكتائب، الذي يبدو أنه خرج من التشكيلة الحكومية، إذ أكدت المصادر أن التركيبة الحكومية «لم تلحظ أي مقعد للكتائب» الذي كان قد أعلن في وقت سابق أنه «إيجابي» رغم معارضته خيار الحريري أولا ترشيح فرنجية للرئاسة، وثانيا انتخاب العماد عون، ثم في طريقة تصرفه مع ملف النفايات الذي تسبب في إرباك شديد لحكومة الرئيس تمام سلام. وقد أكد رئيس مجلس الإعلام في حزب «الكتائب اللبنانية» ساسين ساسين، أنه «حتى الآن لم يجرِ الحديث مع الكتائب حول الحقائب الوزارية»، مشيرًا إلى أنه «منذ اليوم الأول موقفنا ثابت. بعد الانتخابات الرئاسية قلنا إننا سنكون متعاونين مع العهد الجديد، ومن هذا المنطلق مستعدون للمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية».
وأفادت مصادر اعلامية مقربة من {حزب الله} بأن العقد الوزارية دفعت عملية تشكيل الحكومة إلى ما بعد عيد الاستقلال، مع عودة خيار الحكومة الثلاثينية إلى التداول، مشيرة إلى أن تيار «المردة» طرح الحصول على واحدة من 4 حقائب، هي: الأشغال العامة والنقل، والطاقة والمياه، والاتصالات، والصحة العامة.
وغازلت كتلة فرنجية أمس رئيس الجمهورية، عندما دعا عضو الكتلة النائب اسطفان الدويهي، العهد الجديد إلى «الانطلاق من شعار الرئيس لكل اللبنانيين»، معلنا أمله في أن يشكل هذا الشعار «انطلاقة للعهد، وأداء الرئيس هو الذي يعيد مفهوم المواطنة إلى الحياة السياسية في لبنان»، متمنيا على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن يكون «الحضن الجامع لكل اللبنانيين، وأن يكون مرجعية الجميع وملاذا لكل المواطنين». وأوضح أن «وزارة التربية عُرضت علينا، وهي وزارة مهمة، وبنظري كل الوزارات مهمة، لكن لا يمكننا أن ننجز كثيرا في وزارة التربية خلال فترة قصيرة»، لافتا إلى أن «الوزارات التي نطالب بها أقرب إلى تصورنا السياسي، نحن نطالب بوزارة الطاقة ونراهن عليها للخروج من المأزق الاقتصادي».
وفي المقابل، قال عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب آلان عون، إننا «لا نزال ضمن المهلة الطبيعية لتشكيل الحكومة، إذ لم يمر شهر على انتخابات رئاسة الجمهورية، وعدم تأليفها قبل عيد الاستقلال لا يعني انتكاسة للعهد»، لافتًا في نفس الوقت إلى أنه «لا تزال هناك عُقد أساسية تعيق التأليف، وهي بحاجة إلى حلحلة». ولفت إلى أن «رئيس الجمهورية ميشال عون عندما انتقد التمديد من بكركي، لم يكن يصوب على رئيس مجلس النواب نبيه بري، بل كان يذكِّر بأضرار هذه المسألة»، مشيرا إلى أنه «عندما تحدَّث عن قضية التمديد لم يكن المقصود فتح سجال مع أحد».
واعتبر وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال وائل أبو فاعور، أن «الكل يستبشر خيرا بهذه الانطلاقة الجديدة في البلد»، آملا «أن تسرع الخطى باتجاه تشكيل الحكومة»، ومؤكدا أن رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، «يقدمان كل التسهيلات اللازمة لتشكيلها». وأشار أبو فاعور إلى أنه «بما أن هذه الحكومة هي حكومة انتقالية حتى حصول الانتخابات النيابية التي يجب أن تحصل في موعدها، فلا أعتقد أن أحدا يرغب في تأجيلها بعد كل التأجيل الذي حصل، وبما أن هذه الحكومة لن تقوم بإنجازات كبرى سوى الاتفاق على قانون انتخابي جديد يرضي جميع المكونات السياسية، فآمل في أن ينعكس هذا الأمر تقشفا وزهدا لدى المكونات السياسية في مطالبها الحكومية».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.