الجيش الجزائري ينفي رغبة رئيس أركانه خلافة بوتفليقة في الحكم

وزارة الدفاع نددت بـ«مصالح ضيقة» وراء مطالبة المؤسسة العسكرية الإخلال بالدستور

الرئيس عبد العزيز بوتفليقة .... الفريق أحمد قايد صالح
الرئيس عبد العزيز بوتفليقة .... الفريق أحمد قايد صالح
TT

الجيش الجزائري ينفي رغبة رئيس أركانه خلافة بوتفليقة في الحكم

الرئيس عبد العزيز بوتفليقة .... الفريق أحمد قايد صالح
الرئيس عبد العزيز بوتفليقة .... الفريق أحمد قايد صالح

رفضت المؤسسة العسكرية بالجزائر بشدة دعوات داخلية بالتدخل في شؤون الحكم بحجة أن «السلطة شاغرة» بسبب مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وطول انسحابه من المشهد العام بالجزائر. وتشكك المعارضة في كون الرئيس هو من يحكم، وتقول إن شؤون البلاد «بين أيدي مجموعة من رجال الأعمال».
وكتبت «مجلة الجيش»، لسان حال وزارة الدفاع، في عدد نوفمبر (تشرين الثاني) الصادر هذا الأسبوع، أن «التلاحم بين الجيش الوطني والشعب، والوفاء للوطن أعمق وأقوى من أن تهزه محاولات بائسة لزرع الفتنة والبلبلة»، في إشارة ضمنية إلى تصريحات قياديين في المعارضة وكتابات صحافية، تناولت علاقة الجيش بالسياسة وسوء مفترض للعلاقة بين رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح ورئيس الجمهورية، بذريعة أن الأول يريد أن يكون رئيسًا. وبوتفليقة هو وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة، بحسب الدستور.
ومما جاء في المجلة، التي تقدم كل شهر مواقف الجيش من أحداث جارية، محلية ودولية، أن «أصواتًا تعالت بالأمس، تدفعها مصالح ضيقة وحسابات شخصية، تطالب الجيش علنًا بالإخلال بالدستور والقانون، ليتسنى لها تحقيق ما عجزت عن تحقيقه بالطرق الدستورية والقانونية والديمقراطية». وتقصد نشرية وزارة الدفاع بهذا الكلام، دعوة أحزاب «طلائع الحريات» (يقوده رئيس الحكومة سابقًا علي بن فليس)، و«جيل جديد» (ليبرالي) و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني)، إلى أن يؤدي الجيش دورًا في مرحلة انتقالية تقترحها هذه الأحزاب، تنتهي بتنظيم انتخابات برلمانية ثم رئاسية تشرف عليها «لجنة» تتكون من شخصيات مشهود لها بالاستقامة والنزاهة، لم يسبق لها أن مارست مهامًا حكومية.
واحتجت الأحزاب الموالية للرئيس بوتفليقة على هذه المواقف، التي اعتبرتها «مسعى للانقلاب على الشرعية»، على أساس أن بوتفليقة اختاره الشعب لولاية رابعة بدأت عام 2014 وتنتهي في 2019. ومن أهم هذه الأحزاب: «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي» و«تجمع أمل الجزائر»، التي يحلو لها القول إن «الذي يريد أن يكون رئيسًا ما عليه إلا انتظار عام 2019». وناشدت هذه الأحزاب، بوتفليقة الترشح لولاية خامسة نكاية في المعارضة.
وأضافت «الجيش»، وهي تستخدم خطاب المواجهة: «اليوم وبعد فشل تلك المحاولات البائسة، فقد اهتدت هذه الأطراف، التي تميل دائمًا إلى الاصطياد في المياه العكرة، إلى التعبير عن تخيلاتها وتمنياتها وأوهامها بنسج قصص خيالية تمس بمصداقية ووحدة الجيش الوطني، وانضباطه والتزامه بأداء مهامه الدستورية» في إشارة إلى جدل حول رغبة مفترضة لدى رئيس أركان الجيش، خلافة بوتفليقة في الحكم. ولم يسبق لقايد صالح أن تحدث في هذا الموضوع أبدًا، لكن كثرة تنقلاته بين النواحي العسكرية منذ عام، وخطاباته أمام الضباط والجنود التي ينقلها الإعلام بقوة، تركت انطباعًا قويًا بأن الرجل يملك طموحًا سياسيًا كبيرًا.
وتابعت المجلة أن «الجهود الكبيرة التي يبذلها الجيش في أداء مهامه الدستورية، وجهده الكبير في صون السيادة الوطنية والدفاع عن الوطن والمواطن، لا ينكرها إلا جاحد في ظل وضع إقليمي ودولي يتسم بعدم الاستقرار». وتحدثت النشرية عن «أبواق يستهويها التطاول وزرع بذور التفرقة». وهددت بـ«استعداد الجيش لصد محاولات كل من تسوَل له نفسه المساس بأمن الوطن والمواطن». وقالت إن الجزائر «بحاجة ماسة اليوم إلى وحدة وطنية صلبة وجبهة داخلية قوية ومنسجمة ومتوافقة، وموحدة وملتفة حول المجهودات التي يبذلها الجيش في سبيل المحافظة على السيادة وحماية الحدود، ومحاربة الإرهاب والجريمة».
والملاحظ أن الجيش يعود إلى الحديث عن دوره في محاربة الإرهاب، في تسعينات القرن الماضي، وإلى فضله في القضاء على التطرف، كلما واجه جدلاً سياسيًا يقحمه في شؤون الحكم. ومعروف بالجزائر أن المؤسسة العسكرية، وقلبها النابض جهاز المخابرات، لها الكلمة الفاصلة في تولي المسؤوليات الكبرى في البلاد، وبخاصة رئاسة الجمهورية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.