«لم نَعُد وحدَنا في العالم» كتاب يحذر الغرب من قوة الضعفاء المتنامية

صدرت ترجمته عن «مؤسسة الفكر العربي»

لم نعد وحدنا
لم نعد وحدنا
TT

«لم نَعُد وحدَنا في العالم» كتاب يحذر الغرب من قوة الضعفاء المتنامية

لم نعد وحدنا
لم نعد وحدنا

صدرت الترجمة العربية لكتاب «لم نَعُد وحدَنا في العالم: النّظام الدّولي من منظورٍ مُغايرٍ»، لمؤلّفه برتران بادي، أستاذ العلاقات الدّولية في معهد العلوم السياسية في باريس، ونقله إلى العربيّة الدكتور جان ماجد جبور.
الكتاب الصادر في الأصل عن دار «لاديكوفرت» الفرنسيّة، وبادرت إلى نقله إلى العربية ونشرته «مؤسسة الفكر العربي»، متضمنًا مقدمة وضعها المؤلّف خصّيصًا للطبعة العربيّة، يقول فيها: «في هذا العالم العربي الشاسع، كانت فلسطين هي الأرض الوحيدة التي لم أتمكّن من زيارتها. مع ذلك، فإنّ شعبها هو الضحيّة الأولى لكلّ ما وصفتُه في الكتاب، ضحيّة جهل هذا المبدأ الذي أردتُ تسليطَ الضوء عليه، والذي يذكّرنا رغم الانجرار وراء الاحتلال والهَيمنة والغَطرسة وغريزة التفوّق المُخزية، أنّنا (لم نَعُد وحدَنا في العالم). لذا فإنّ هذه النسخة العربية مُهداة له، كما لآلامه وانتظاراته».
الكتاب يعيد النّظر في النظام الدولي، محاولا تصويب الرؤى، ولا سيما فيما يتعلّق بـ«المركزيّة الأوروبيّة» أو الغربيّة بعامّة. فهو ينضمّ إلى سلسلة الكتب الأجنبيّة التي تحذِّر من الهيمَنة «الوحيدة الجانب» على العالم، بعد أن أفضت إلى خراب وعنف، ليس ثمّة مَن يعلم كيف ستكون عواقبهما.
ينطلق الكتاب من تاريخ العلاقات الدّولية طيلة فترة الحداثة (وتحديدًا من مبدأ ويستفاليا، والنّظام الويستفالي المنسوب إليه، أي مجموعة المعاهدات التي بدأ العمل عليها من عام 1644 إلى عام 1648، وأنهت الحروب الدينية في أوروبا بين 1618 - 1648 أو ما عُرف بحروب الثلاثين سنة)، التي جَعلت من النّظام الويستفالي المبدأ المكرِّس لحدود الدّول وسيادتها، والإطار الذي تتحرّك من ضمنه العلاقات الدّولية منذ ذلك الوقت.
إلّا أنّ هذه اللّحظة الويستفالية، التي أسّست لنظام الغرب الدّولي، أفضت - بحسب تحليل بادي - إلى بروز تناقض كبير، تمثَّل في تقديس مبدأ السيادة الذي قلّص إلى أقصى حدّ وزن القانون الدّولي من جهة، وأفضى إلى الإفراط في «عَسْكَرة» النّظام الدّولي من جهة أخرى؛ الأمر الذي رَسَم إطار اللّعبة الدّولية، بوصفه مسارًا سياديًا وتنافسيًّا، وقائمًا على القوّة والحرب.
هذا النّظام حَكم اللّعبة الدّولية حتّى الحرب الباردة، وأدّى إلى حلّ مختلف المُشكلات الدّولية بطريقة براغماتيّة بين الجبارَيْن - الولايات المتّحدة وروسيا - وإلى ترك أمور كثيرة معلَّقة (على غرار الصراع العربي - الإسرائيلي الذي تعذّرت إدارته فجرى احتواؤه بمنطقٍ غير مسبوق يقوم على الاتّصال الدائم بين القوّتَين العُظمَيين، أو قضية تحرّر الشعوب في بلدان الجنوب بعامّة)، وذلك لمصلحة القوّة الثُّنائية القُطبية. وهو ما سهّل جرّ الدّول إلى الزبائنية، في الوقت الذي صعبت فيه السيطرة على النّزاعات التي تعصف بها..
يركِّز برتران بادي على ضرورة تغيير النظرة إلى العلاقات الدّولية، انطلاقًا من منظورَين: أولاً، ضرورة عدم معالجة العلاقات الدّولية في إطارٍ مستقلّ، لكونها باتت تتشكّل أكثر فأكثر من وقائع اجتماعية تندرج في نسيج يوميات عالمنا؛ ثانيًا، واقع أنّ تكوين العلاقات الدّولية لم يَعُد يخضع، لمبادرة الدّول لوحدها، لأنّ هذه الأخيرة محكومة بالتجاوب بشكل متزايد مع ديناميّة المجتمعات، أكثر من التأثير عليها. وديناميّة المجتمعات هذه تتكوّن من تغيّرات عميقة، مثل تكثيف الاتّصالات، والتنمية، والتطوّر الحضري، والضغط الديموغرافي، وواقع الهجرة، والحراك الاجتماعي، والمتخيّلات الجماعية، والعنف الاجتماعي. هذا فضلاً عن وطأة الإذلال والإحباط والفشل والغضب.
يُظهِر بادي أنّ القوى الغربيّة لن تتمكّن من الإمساك بهذا العالم الجديد المتأزِّم، الذي أصبحت فيه القوّة عاجزة، وراح الضعف فيه يُظهِر مكامن قوّة، والأمثلة على ذلك كثيرة. فلم يحدث في أي مرّة أن تمكّنت قوّات البلدان الغربيّة، المتفوّقة إلى حدّ كبير، من أن تَحسم النّزاع بشكل فعلي في أفغانستان، والعراق، وسوريا، والصومال، وليبيا، وأفريقيا الوسطى، ومالي
عبرة يتوجب - بحسب بادي - التفكّر بها، وهي أنه: «يُمكن للمدفَع أن يُدمِّر مدفعًا، لكنّه لن يتمكّن من السيطرة على المجتمعات، وبصورة أقلّ على أشلائها».



إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة
TT

إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة

أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية الروايات المرشّحة للقائمة الطويلة بدورتها عام 2025؛ إذ تتضمّن القائمة 16 رواية. وكانت قد ترشحت للجائزة في هذه الدورة 124 رواية، وجرى اختيار القائمة الطويلة من قِبل لجنة تحكيم مكوّنة من خمسة أعضاء، برئاسة الأكاديمية المصرية منى بيكر، وعضوية كل من بلال الأرفه لي أكاديمي وباحث لبناني، وسامبسا بلتونن مترجم فنلندي، وسعيد بنكراد أكاديمي وناقد مغربي، ومريم الهاشمي ناقدة وأكاديمية إماراتية.

وشهدت الدورة المذكورة وصول كتّاب للمرّة الأولى إلى القائمة الطويلة، عن رواياتهم: «دانشمند» لأحمد فال الدين من موريتانيا، و«أحلام سعيدة» لأحمد الملواني من مصر، و«المشعلجي» لأيمن رجب طاهر من مصر، و«هوّارية» لإنعام بيوض من الجزائر، و«أُغنيات للعتمة» لإيمان حميدان من لبنان، و«الأسير الفرنسي» لجان دوست من سوريا، و«الرواية المسروقة» لحسن كمال من مصر، و«ميثاق النساء» لحنين الصايغ من لبنان، و«الآن بدأت حياتي» لسومر شحادة من سوريا، و«البكّاؤون» لعقيل الموسوي من البحرين، و«صلاة القلق» لمحمد سمير ندا من مصر، و«ملمس الضوء» لنادية النجار من الإمارات.

كما شهدت ترشيح كتّاب إلى القائمة الطويلة وصلوا إلى المراحل الأخيرة للجائزة سابقاً، وهم: «المسيح الأندلسي» لتيسير خلف (القائمة الطويلة في 2017)، و«وارثة المفاتيح» لسوسن جميل حسن (القائمة الطويلة في 2023)، و«ما رأت زينة وما لم ترَ» لرشيد الضعيف (القائمة الطويلة في 2012 و2024)، و«وادي الفراشات» لأزهر جرجيس (القائمة الطويلة في 2020، والقائمة القصيرة في 2023).

في إطار تعليقها على القائمة الطويلة، قالت رئيسة لجنة التحكيم، منى بيكر: «تتميّز الروايات الستّ عشرة التي اختيرت ضمن القائمة الطويلة هذا العام بتنوّع موضوعاتها وقوالبها الأدبية التي عُولجت بها. هناك روايات تعالج كفاح المرأة لتحقيق شيءٍ من أحلامها في مجتمع ذكوريّ يحرمها بدرجات متفاوتة من ممارسة حياتها، وأخرى تُدخلنا إلى عوالم دينيّة وطائفيّة يتقاطع فيها التطرّف والتعنّت المُغالى به مع جوانب إنسانيّة جميلة ومؤثّرة».

وأضافت: «كما تناولت الكثير من الروايات موضوع السلطة الغاشمة وقدرتها على تحطيم آمال الناس وحيواتهم، وقد استطاع بعض الروائيين معالجة هذا الموضوع بنفَسٍ مأساوي مغرقٍ في السوداوية، وتناوله آخرون بسخرية وفكاهة تَحُدّان من قسوة الواقع وتمكّنان القارئ من التفاعل معه بشكل فاعل».

وتابعت: «أمّا من ناحية القوالب الأدبيّة فتضمّنت القائمة عدّة روايات تاريخيّة، تناول بعضها التاريخ الحديث، في حين عاد بنا البعض الآخر إلى العهد العبّاسيّ أو إلى فترة محاكم التفتيش واضطهاد المسلمين في الأندلس. كما تضمّنت القائمة أعمالاً أقرب إلى السيرة الذاتيّة، وأخرى تشابه القصص البوليسيّة إلى حدّ كبير».

من جانبه، قال رئيس مجلس الأمناء، ياسر سليمان: «يواصل بعض روايات القائمة الطويلة لهذه الدورة توجّهاً عهدناه في الدورات السابقة، يتمثّل بالعودة إلى الماضي للغوص في أعماق الحاضر. لهذا التوجّه دلالاته السوسيولوجية، فهو يحكي عن قساوة الحاضر الذي يدفع الروائي إلى قراءة العالم الذي يحيط به من زاوية تبدو عالمة معرفياً، أو زاوية ترى أن التطور الاجتماعي ليس إلّا مُسمّى لحالة تنضبط بقانون (مكانك سر). ومع ذلك فإنّ الكشف أمل وتفاؤل، على الرغم من الميل الذي يرافقهما أحياناً في النبش عن الهشاشة وعن ضراوة العيش في أزمان تسيطر فيها قوى البشر على البشر غير آبهة بنتائج أفعالها. إن مشاركة أصوات جديدة في فيالق الرواية العربية من خلفيات علمية مختلفة، منها الطبيب والمهندس وغير ذلك، دليل على قوّة الجذب التي تستقطب أهل الثقافة إلى هذا النوع الأدبي، على تباين خلفياتهم العمرية والجندرية والقطرية والإثنية والشتاتية». وسيتم اختيار القائمة القصيرة من قِبل لجنة التحكيم من بين الروايات المدرجة في القائمة الطويلة، وإعلانها من مكتبة الإسكندرية في مصر، وذلك في 19 فبراير (شباط) 2025، وفي 24 أبريل (نيسان) 2025 سيتم إعلان الرواية الفائزة.

ويشهد هذا العام إطلاق ورشة للمحررين الأدبيين تنظّمها الجائزة لأول مرة. تهدف الورشة إلى تطوير مهارات المحررين المحترفين ورفع مستوى تحرير الروايات العربية، وتُعقد في الفترة بين 18 و22 من هذا الشهر في مؤسسة «عبد الحميد شومان» بالأردن.