ميركل.. وسجالات الترشح لولاية رابعة

السياسية المحافظة أجلت الموضوع مرارًا دون إعلان الأسباب

أوباما أغدق على ميركل المديح خلال وداعها في برلين قبل أيام وقال إنها «شريكة استثنائية» ولو كان ألمانيًا لصوت لها في الانتخابات المقبلة (أ.ف.ب)
أوباما أغدق على ميركل المديح خلال وداعها في برلين قبل أيام وقال إنها «شريكة استثنائية» ولو كان ألمانيًا لصوت لها في الانتخابات المقبلة (أ.ف.ب)
TT

ميركل.. وسجالات الترشح لولاية رابعة

أوباما أغدق على ميركل المديح خلال وداعها في برلين قبل أيام وقال إنها «شريكة استثنائية» ولو كان ألمانيًا لصوت لها في الانتخابات المقبلة (أ.ف.ب)
أوباما أغدق على ميركل المديح خلال وداعها في برلين قبل أيام وقال إنها «شريكة استثنائية» ولو كان ألمانيًا لصوت لها في الانتخابات المقبلة (أ.ف.ب)

في آخر زيارة لأوروبا قبل انتهاء ولايته في بداية العام المقبل أغدق الرئيس الأميركي باراك أوباما على المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل كثيرا من المديح. ووصف المستشارة الألمانية، التي خصها من بين قادة العالم، بأنها «شريكة استثنائية»، وأكد أنه لو كان ألمانيا وكانت مرشحة في انتخابات 2017 لصوت لها من دون أدنى شك.
وقال: «أحاول الالتزام بالقاعدة التي تقضي بعدم التدخل في سياسة الآخرين». وتابع أن «قرار الترشح أو عدم الترشح يعود إليها.. لو كنت هنا وكنت ألمانيا وأدلي بصوتي لكان يمكنني دعمها».
ورفضت ميركل من جهتها مجددا كشف عما إذا كانت ستترشح لولاية رابعة في الانتخابات التشريعية التي تجري في سبتمبر (أيلول) المقبل.
أعلنت قيادة الحزب الديمقراطي المسيحي عن مؤتمر صحافي ستعقده المستشارة ميركل، 62 سنة، في السابعة من مساء اليوم الأحد، يلي مؤتمرًا لقيادة الحزب الذي تقوده. ويتوقع المراقبون السياسيون أن تعلن المستشارة ميركل في هذا اللقاء الصحافي رسميًا عن ترشيح نفسها لولاية رابعة.
ومن المعتاد أن يعلن الحزب الحاكم عن مرشحه قبل سنة كاملة من موعد الانتخابات، التي تجرى عادة في سبتمبر مرة كل أربع سنوات، إلا أن السياسية المحافظة ميركل أجلت الموضوع أكثر من مرة دون أن تتحدث عن الأسباب. وجاء التأجيل بعد أن تحدثت الصحافة الألمانية في جوقة واحدة عن «تعب» المستشارة ورغبتها في اعتزال العمل السياسي، خصوصًا بعد تفجر الخلاف داخل حزبها، وداخل التحالف المسيحي الذي تقوده، بسبب سياسة الباب المفتوح مع اللاجئين.
وهناك كثير من المؤشرات التي تشي الآن برغبة ميركل في مواصلة حياتها السياسية في مكتب المستشارية على نهر الشبري ببرلين في انتخابات سنة 2017، إذ ورد الحديث عن ترشيح ميركل نفسها لأربع سنوات إضافية لأول مرة في وسط إعلامي عالمي غير ألماني هو الـ«سي إن إن». وذكر نروربرت روتغن، رئيس شؤون السياسة الخارجية في الحزب الديمقراطي المسيحي، في مقابلة مع الـ«سي إن إن» يوم الثلاثاء الماضي، أن «أنغيلا ميركل سترشح نفسها لولاية رابعة. ولم يصدر حتى الآن أي نفي عن دائرة المستشارة ولا عن الحكومة، ولا حتى عن الحزب الحليف في الحكم (الحزب الديمقراطي الاشتراكي)».
وعودة إلى ما قاله أوباما، الذي اعتبره المراقبون دفعة سياسية لها خلال زيارته القصيرة التوديعية لألمانيا قبل يومين، اعتبر الرئيس الأميركي ميركل أهم السياسيين الذين يقررون مصير القارة الأوروبية. واستقبلت ميركل هذا التصريح بابتسامة عريضة دون أي تعليق.
وقال، رولاند هاينتز، رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي في ولاية هامبورغ، إن الوقت قد حان كي تعلن ميركل ترشيح نفسها مجددًا، وأضاف أنه يتمنى أن تفعل ذلك يوم الأحد.
في الوقت نفسه، وفي توقيت محسوب مع توقيت المؤتمر الصحافي الذي ستعقده ميركل، أعلن الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الحزب البافاري الشقيق للحزب الديمقراطي المسيحي، عن مؤتمر صحافي مواز يعقده رئيس الحزب هورست زيهوفر مساء الأحد أيضًا. ومن المتوقع أن يخصص زيهوفر المؤتمر للحديث عن ترشيح ميركل مجددًا لمنصب المستشارية.
وكان زيهوفر أكثر من ندد علانية بسياسة ميركل تجاه اللاجئين، وأكثر من هدد باتخاذ إجراءات أحادية الجانب (خارج إطار الاتحاد المسيحي) في حالة استمرار سياسة «الترحيب باللاجئين» الميركلية. ويذكر الجميع كيف «أذل» زيهوفر المستشارة أثناء حضورها مؤتمر حزبه، وكيف واجهت ميركل تعامله ببرود من مل السياسة. وزاد زيهوفر من هجومه على ميركل قبل أشهر وهدد بترشيح نفسه لمنصب المستشارية والخروج على التقليد الجاري منذ عقود على أن يقدم الاتحاد المسيحي مرشحًا واحدًا، ويكون في الأغلب من الحزب الديمقراطي المسيحي.
ولاشك أن ميركل عملت بصبر على إرضاء زيهوفر وتسوية الخلافات مع حزبه طوال الأشهر الماضية. وبالتأكيد طريق التسوية داخل «الإخوة المسيحيين» مر على حساب سياسة الترحيب باللاجئين. وتغيرت سياسة ميركل مع اللاجئين خلال سنة، من الترحيب إلى «التطفيش»، كما أقرت حزمتي قوانين جديدة متشددة مع اللاجئين، وارتفعت أعداد اللاجئين الذي رفضت طلباتهم وهجروا قسرًا إلى بلدانهم، أو إلى بلدان ثالثة، لتحقق رقما قياسيا يتوقع أن يزيد عن 25 ألفًا في هذا العام. بل إن إعادة ترحيل اللاجئين شملت 400 سوري حتى سبتمبر الماضي، وكان السوريون يتمتعون بتسهيلات خاصة. واعترفت دائرة اللجوء بأن اعتراضات السوريين على رفض طلبات لجوئهم صارت تثقل المحاكم الألمانية.
بمعنى آخر، انتظرت ميركل أشهر طويلة هبوط موجة العداء لسياسة اللاجئين، وموجة العداء لسياستها تجاه اللاجئين، قبل أن تعلن عن ترشيح نفسها لولاية جديدة. وانتظرت المستشارة سنة كاملة كي يعود الزئبق إلى الارتفاع في بارومترها السياسي، بعد أن انخفض إلى أدنى مستوياته في سنة 2015 بسبب تدفق نحو مليون لاجئ إلى ألمانيا. والبارومتر السياسي برنامج تقدمه القناة الثانية في التلفزيون الألماني ويقيس شعبية السياسيين الألمان من الأحزاب كافة. وبمناسبة الحديث عن البارومتر السياسي، كان وزير الخارجية الاشتراكي فرانك - فالتر شتاينماير أكثر الساسة الألمان شعبية طوال السنوات الماضية. وكان الحزب الديمقراطي الاشتراكي يفكر جديًا بترشيحه لمنافسة ميركل على كرسي المستشارية في الانتخابات المقبلة، إلا أن الوزير فضل منصب رئيس الجمهورية على المستشارية.
وأعلن الحزبان الحليفان قبل أيام، وباتفاق لم يسبق له مثيل، عن ترشيح شتاينماير (60 سنة) لمنصب الرئيس. ويعتبر هذا الترشيح ناجزًا، ويستطيع شتاينماير من الآن حزم حقائبه للانتقال للسكن في قصر بيليفيو الرئاسي ببرلين، لأن انتخابه مضمون بقوة غالبية التحالف الكبير بين الاتحاد المسيحي والاشتراكيين. ويجري انتخاب رئيس الجمهورية الألمانية عادة من قبل «التجمع الاتحادي» وهو تجمع يعقد بشكل مخصوص لانتخاب الرئيس ويضم أعضاء الحكومة وأعضاء البرلمان (البوندستاغ) وأعضاء المجلس الاتحادي (البوندسرات).
وبعد أن ضمنت ميركل تحييد شتاينماير في سباق المسافات القصيرة إلى مكتب المستشارية، نفى مكتب الاشتراكي مارتن شولتز (60 سنة)، رئيس البرلمان الأوروبي، احتمال ترشيح نفسه عن الحزب الديمقراطي الاشتراكي لمنصب وزير الخارجية خلفًا لشتاينماير. وكانت صحيفة «فرانكفورتر روندشاو» المعروفة تحدثت عن هذا الاحتمال قبل أيام. ويعتقد المحللون السياسيون أن يعلن الحزب الديمقراطي الاشتراكي ترشيح شولتز لمنصب المستشارية حال إعلان ميركل عن ترشيح نفسها. ويتمتع شولتز بشعبية كبيرة بوصفه سياسيا أوروبيا ومدير أزمات من الطراز الأول. وتدور الشائعات حول إمكانية أن يرشح شولتز من قبل الحزب لمنصب وزير الخارجية إذا تعرض للهزيمة أمام ميركل في سباق المستشارية.
وتدور شائعات حول صفقة ما بين الاشتراكيين والمحافظين تتعلق بشتاينماير وشولتز، لأنه لم يسبق للحزبين أن اتفقا بهذه السهولة على ترشيح رئيس الجمهورية، وكان الحزبان يرشحان مرشحيهما للرئاسة بغض النظر عن الأغلبية في التجمع الاتحادي.
ولو أن ميركل نجحت في حملتها المقبلة لكانت المستشارة الوحيدة التي تحكم طوال 16 سنة. ولا يسبقها في ذلك غير المستشار المسيحي الأول كونراد أديناور الذي حكم 14 سنة، والمستشار العجوز هيلموت كول، الملقب بـ«عراب ميركل»، الذي حكم 17 سنة. وأثيرت نقطة الضعف في الدستور الألماني، الذي لا يحدد عدد سنوات حكم المستشار، أكثر من مرة، إلا أنه لم تُتخذ أي إجراءات لتغيير هذه الحال.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».