ردود فعل غاضبة بمصر بعد حكم غير مسبوق بحبس نقيب الصحافيين

صحافيون ومراقبون عدوه «يومًا أسود» في تاريخ المهنة.. وقلاش اعتبره اعتداء على الحرية

ردود فعل غاضبة بمصر بعد حكم غير مسبوق بحبس نقيب الصحافيين
TT

ردود فعل غاضبة بمصر بعد حكم غير مسبوق بحبس نقيب الصحافيين

ردود فعل غاضبة بمصر بعد حكم غير مسبوق بحبس نقيب الصحافيين

في سابقة تاريخية عدها صحافيون ومراقبون يوما أسود في التاريخ المصري، قضت محكمة أمس، بحبس يحيى قلاش، نقيب الصحافيين المصريين، وعضوي المجلس جمال عبد الرحيم، وخالد البلشي، عامين مع الشغل، لإدانتهم في اتهامات بإيواء مطلوبين للعدالة.
وأصيبت الأوساط الصحافية والسياسية في القاهرة أمس، بالصدمة، في أعقاب إصدار محكمة جنح قصر النيل حكما بحبس نقيب الصحافيين قلاش، وسكرتير عام النقابة جمال عبد الرحيم، ووكيلها خالد البلشي، لمدة عامين مع الشغل وكفالة 10 آلاف جنيه لوقف التنفيذ، في قضية اتهامهم بإيواء هاربين.
وفي أول تعليق له عقب صدور الحكم، قال قلاش للصحافيين لدى وصوله مقر النقابة أمس: «إننا لسنا مرتكبين جريمة نستحق عليها العقاب كما يتحدث البعض، لكن الحقيقة أننا مجني علينا وعلى كياننا النقابي عندما تم اقتحام النقابة لأول مرة في التاريخ والقبض على بعض الزملاء من داخلها»، موضحا أن «المستهدف الحقيقي ليس شخص النقيب أو أعضاء المجلس، ولكن هو الكيان النقابي وحرية الصحافة في مصر».
وتصاعدت أزمة بين نقابة الصحافيين ووزارة الداخلية عندما اقتحمت قوة شرطية مقر النقابة، وألقت القبض على صحافيين اثنين، مطلع مايو (أيار) الماضي، ما دفع الصحافيين إلى عقد اجتماع للجمعية العمومية أدانوا فيه اقتحام وزارة الداخلية للنقابة. وقال البلشي، إن «الحكم الصادر غير متوقع وهو عاكس للمناخ الحالي، وسنطعن عليه»، مضيفا أنه يخشى أن يصرف الحكم الجماعة الصحافية عن القضايا النقابية الأساسية حول حريات الصحافيين، وقانون الإعلام الموجود (يناقش حاليا في أروقة البرلمان)، والأوضاع الاقتصادية للصحافيين وقضية الصحافيين المحبوسين.
وقال عبد الرحيم، سكرتير عام النقابة، إن الصحافيين يحترمون أحكام القضاء رغم أن الحكم قاس وتاريخي، معتبرا أنه «موجه لنقابة الصحافيين وجموع الإعلاميين»، لافتا إلى أن القضية «لا يوجد بها دليل، خصوصا أن البلاغ استند إلى شهود زور أكدوا وجودنا في مقر النقابة وقت القبض على السقا وبدر، في حين كنت أنا وخالد البلشي في مؤتمر خارج البلاد».
وعقد مجلس نقابة الصحافيين اجتماعا طارئا لبحث الحكم ضد النقيب وعضوي المجلس، وظل الاجتماع الطارئ منعقدا حتى كتابة هذا التقرير.
ورغم أن الحكم ليس حكما نهائيا باتا ويمكن الاستئناف عليه، فإن صحافيين وسياسيين اعتبروا أن «يوم صدور الحكم هو يوم أسود في التاريخ المصري»، وقال الكاتب الصحافي عبد الله السناوي، إن «هذا الحدث غير مسبوق في تاريخ الصحافة المصرية، وبغض النظر عن الجوانب القانونية سيكون لهذا الحكم تداعيات سياسية ومهنية فادحة.. بل كارثية».
وأضاف السناوي قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكم يعرقل التطلع للانفلاج السياسي خصوصا مع بدء الإفراج عن الدفعة الأولى من الشباب المحبوسين بعفو رئاسي بعد مؤتمر الشباب في شرم الشيخ.. ويقيني أن الصدمة من الحكم ستمتد للجمعيات المهنية المعنية بالصحافة على مستوى العالم.. القضية من الأصل معيبة واقتحام النقابة للقبض على صحافيين كان معيبا ومخالفا للقانون والدستور».
وعقب جلسة النطق بالحكم أمس التي غاب عنها قلاش والبلشي وعبد الرحيم، قال سيد أبو زيد، محامي نقابة الصحافيين لـ«الشرق الأوسط»، إنه سوف يقوم باستئناف الحكم بعد سداد الكفالة المقضي بها على النقيب وعضوي المجلس. وقررت نيابة وسط القاهرة، أواخر شهر مايو (أيار) الماضي، إحالة نقيب الصحافيين وعضوي مجلس النقابة للمحاكمة، على خلفية التحقيق معهم في قضية الصحافيين عمر بدر ومحمود السقا.
ويواجه قلاش والبلشي وعبد الرحيم، تهمة إيواء هاربين، بعدما ألقت الشرطة القبض على الصحافيين بدر والسقا من داخل مقر النقابة بوسط القاهرة، بعد صدور أمر ضبط وإحضار لهما.
ونفت وزارة الداخلية الاقتحام، وقالت إن «إلقاء القبض على الصحافيين جاء تنفيذا لأمر ضبط وإحضار من النيابة»، لكن قانون النقابة يلزم وزارة الداخلية عند تفتيش مقر نقابة الصحافيين أن يتم ذلك في حضور النقيب أو من ينيبه، وهو ما لم يتحقق في الواقعة التي أثارت غضب الجماعة الصحافيين، واعتبرت حينها حدثا غير مسبوق أيضا.
وفي تعليق له على الحكم، غرد الدكتور محمد البرادعي، النائب السابق لرئيس الجمهورية للشؤون الخارجية، قائلا على حسابه الرسمي على موقع «تويتر»: «عندما نحبس نقيب الصحافيين هل ستنهال علينا الاستثمارات نظرا للثقة في دولة القانون أم سننتظر حتى يعفو عنه الحاكم؟.. مشهد آخر من مسرحية عبثية».وكان الرئيس السيسي قد أصدر عفوا رئاسيا عن 82 شابا متهمين في قضايا تظاهر، استجابة لمبادرة طرحها الدكتور أسامة الغزالي حرب خلال فعاليات مؤتمر الشباب الذي عقد في مدينة شرم الشيخ الشهر الماضي.
وتابع القعيد، أن دور نقابة الصحافيين وهي أقدم نقابة صحافيين على مستوى الوطن العربي والعالم كله، وأهم نقابة عمالية في مصر هو حماية الصحافيين والدفاع عنهم، وما حدث اليوم شيء مؤسف معناه أن الرئيس السيسي «في واد.. والدولة في واد آخر» ومنها مؤسسة القضاء.
من جهته، علق حمدين صباحي، المرشح السابق للرئاسة على حكم، أمس، قائلا في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن «مصر تنتقل من اللامقبول إلى اللامعقول»، على حد تعبيره.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.