رئيسة دار الأوبرا المصرية: لم نوجه دعوة لعمرو دياب.. والغناء الأوبرالي لا يناسب صوته

بعد أن حاز 7 جوائز «أوورد» ودخل موسوعة «غينيس»

الفنان عمرو دياب
الفنان عمرو دياب
TT

رئيسة دار الأوبرا المصرية: لم نوجه دعوة لعمرو دياب.. والغناء الأوبرالي لا يناسب صوته

الفنان عمرو دياب
الفنان عمرو دياب

منذ دخوله المجال الفني عام 1983 وحتى الآن، كتب «عمرو دياب» اسمه بحروف من ذهب في سجل الطرب المصري والعربي بعذوبة صوته وذكائه في اختيار أغانيه التي حققت شعبية غير مسبوقة خصوصًا في أوساط الشباب.
شهرة «الهضبة» الذي درس لمده عامين بالمعهد التجاري، ثم التحق بمعهد العالي للموسيقى العربية وابن من أبناء مدينة «بورسعيد» الساحلية، تخطت الأجواء المحلية والإقليمية عندما ترجمت أغانيه للكثير من اللغات العالمية، وحصل على كثير من الجوائز العالمية أهمها جائزة «وورلد ميوزيك أورد» 7 مرات بعد وصول ألبوماته لأعلى المبيعات في الشرق الأوسط، ثم كان دخوله قبل أسابيع قليلة موسوعة «غينيس» العالمية كأول مطرب عربي ينال هذا الشرف.
ورغم مسيرته الناجحة كمطرب وملحن وممثل على مدار أكثر من ثلاثة عقود، وحفلاته الشهيرة في معظم أرجاء العالم، لم يقدم المطرب الكبير أي حفل في دار الأوبرا المصرية منذ افتتاحها في ثوبها الجديد في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1988.
وفي السنوات الماضية اجتذبت الأوبرا الكثير من أشهر نجوم الطرب في مصر والوطن العربي، وأبرزهم مدحت صالح وأنغام وآمال ماهر وأصالة والتونسي صابر الرباعي ومحمد منير، كما أحيا هذا العام أيضا «فنان العرب» محمد عبده حفلاً ضخمًا هناك حيث حضره الآلاف وأطرب جمهوره لأكثر من 4 ساعات.
لذلك طرحنا سؤالا على المتخصصين، لماذا لم يقدم دياب حفلا داخل هذا الصرح العريق حتى الآن؟
أجابت الناقدة الموسيقية كريمان حرك قائلة: الأوبرا تقدم الموسيقى التقليدية، أي الموسيقى التي تظهر بشكل تقليدي وبطريقة معينة، أما الموسيقى التي يقدمها عمرو دياب وباقي جيله كمحمد منير ومحمد فؤاد وغيرهم من النجوم فهي موسيقى حديثة تسمى موسيقى «البوب» أو الموسيقى الشعبية، أما موسيقى الأوبرا عالمية معروفة ولها تقاليد ومقاييس، ولا يمكن أن نأتي بموسيقى «البوب» التي تعتبر موسيقى خفيفة أو «لايت ميوزيك» وندخلها إلى الأوبرا، ولكن من الممكن أن يقدم أصحاب هذه الموسيقى حفلات على المسرح المكشوف داخل الأوبرا.
واستطردت الناقدة: «الأوبرا تعتبر تابعة للدولة المصرية وهي من تنفق عليها لأنها تقدم فنًا ليس تجاريًا، أما الفن التجاري لا يحتاج لهذا الصرح، ولولا الأوبرا لانقرض الكثير من المطربين الحقيقيين مثل مدحت صالح وعلي الحجار ومحمد الحلو وغيرهم فهم يقدمون (كلاسيكيات) التي تعتبر غير مناسبة الآن للبعض، وأغلب الجمهور لا يقبل على سماعها، وغالبية نجوم الأوبرا لا نجدهم معروفين أو مشهورين إلا من خلال الصفوة التي تأتي إلى الأوبرا وتستمتع بما يقدمونه من فن وموسيقى وأيضًا لا يلتفت المنتجون لهؤلاء، ومعنى وجود الأوبرا حتى الآن هو الموسيقى المصنوعة الجيدة».
وترى كريمان أن «من يأتي للأوبرا هم جمهور الموسيقى العربية الحقيقية وإذا أردنا إحداث عوامل جذب للأوبرا فلا بد من الترويج والإعلان الجيد لحفلاتها وتوعية الناس بأهمية الموسيقى التقليدية أو موسيقى الأوبرا ويحدث ذلك الآن مؤخرا، فأغلب حفلات الأوبرا أصبحت كامل العدد وهذا تطور كبير في وعي الناس بموسيقى الأوبرا».
وتعتبر الناقدة أن عمرو دياب وغيره من المطربين ليسوا من نجوم الأوبرا، وكما هددت القائمين على الأوبرا في حال إن وجهت دعوة لدياب أو أي أحد يقدم الموسيقى الشعبية على حد تعبيرها ستقوم بمهاجمتهم، وذلك لأنها تعتبر هؤلاء نجوم سوق تجارية.
وتوضح الناقدة أن الفن التجاري موجود أكثر بكثير من الفن الأوبرالي وهذا يرجع لتقصير المسؤولين ولكن هذا موجود في العالم كله والفن التجاري أنجح وأشهر بكثير من الفن الكلاسيكي وهذا ليس معناه أنها الأفضل.
كما تؤكد أن الأوبرا متقدمة كثيرًا من خلال تجهيز المسرح بأحدث التكنولوجيا التي يحتاجها فن الأوبرا أكثر من موسيقى «البوب» التجارية وبها تجهيزات لا يستطيع أي متعهد حفلات أن يفعلها، فما يحدث من تجهيزات في حفلات عمرو دياب ومنير وغيرهم من مطربي الموسيقى التجارية لا يقارن بما يجب تجهيزه لإخراج حفلة من حفلات الأوبرا التي تحتاج تقدمًا كبيرًا في الموسيقى والآلات.
وخالفها الرأي الشاعر محمود رضوان، الذي قال: «العالم كله بلغة مزيكا واحدة وتنحصر الموسيقى في 7 نوت ولا يوجد من يقدم موسيقى جديدة أو مختلفة عن الأخرى، وبدليل أن من يكتب ويلحن للمطربين الذين يغنون داخل الأوبرا هم نفس مؤلفي دياب، والمشكلة تكمن في الهالة المقدسة حول فنانين معينين بأنهم من الممكن يرفضون الغناء داخل الأوبرا دون تقديم عرض لهم».
وأرجع رضوان عدم غناء دياب تحديدا حتى الآن لعدم تقديم عروض من القائمين على دار الأوبرا، مؤكدا أن الأوبرا تعطي أجرًا كبيرًا لكل من يقف على مسارحها بجانب أن المطرب يحصل على 75 في المائة من بيع التذاكر وتوفر له كافه الإمكانيات من تجهيز مسرح وأمن، لكنه من الممكن أن يخاف هؤلاء من تصنيفهم ضمن شريحة معينة لأن الأوبرا جاذبة بشكل كبير لصفوة المجتمع.
وأكمل الناقد أنه من المؤكد لو قدم عرض جاد لدياب فلن يرفض تقديم حفل داخل مسارح الأوبرا خاصة في المسرح المكشوف وبشرط تجهيزه بشكل أفضل مما عليه، وذلك لظهور مشكلات في الصوت مؤخرا بحفلات مهرجان الموسيقى العربية.
ومن جانبها قالت الدكتورة إيناس عبد الدايم رئيسة دار الأوبرا المصرية: «يجب ألا ننسى أن الفن الأوبرالي له سمات ومقاييس معينة للغناء وله (استايل) معين وملئ بالتراث، وقد لا يناسب صوت عمرو دياب وهذا لا ينطبق على دياب فقط ولكن على كثير غيره من النجوم والمطربين التجاريين الذين لهم جماهيريتهم الكبيرة بعيدًا عن الأوبرا والغناء بها، ودياب يقدم فنًا راقيًا ومميزًا ولكنه مرحلة تأتي بعد التراث بـ(شوية)»
وكشفت عبد الدايم أنه لم يتم توجيه أي دعوة أو حوار رسمي لدياب بشأن إقامة حفل بالأوبرا ولو حدث ذلك سيكون عن طريق مناسبة معينة مرتبطة بأسلوب هذا الفن.



طوني أبي كرم لـ «الشرق الأوسط»: أخاف من خيبات الأمل المتكررة في بلادي

{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
TT

طوني أبي كرم لـ «الشرق الأوسط»: أخاف من خيبات الأمل المتكررة في بلادي

{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)

يرتبط اسم الشاعر طوني أبي كرم ارتباطاً وثيقاً بالأغنية الوطنية اللبنانية، وله تاريخٌ طويلٌ في هذا الشأن منذ بداياته. قدّم أعمالاً وطنية لمؤسسات رسمية عدة في لبنان. أخيراً وبصوت الفنان ملحم زين قدّم أغنية «مرفوعة الأرزة» من كلماته وألحانه، التي لاقت انتشاراً واسعاً، كون شركة «طيران الشرق الأوسط» اعتمدتها في رحلاتها خلال إقلاعها أو هبوطها.

الشاعر طوني أبي كرم ألّف ولحّن أكثر من أغنية وطنية

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يعدّ طوني أبي كرم أن كتابة الأغنية الوطنية يجب أن تنبع من القلب. ويتابع: «الجميع يعلم أنني أنتمي فقط إلى لبنان بعيداً عن أي حزب أو جهة سياسية. وعندما أؤلّف أغنية وطنية تكون مولودة من أعماقي. فأنا جزء لا يتجزّأ من هذا الوطن. وعندما ينساب قلمي على الورق ينطلق من هذا الأساس. ولذلك أعدّ الحسَّ الوطني حاجةً وضرورةً عند شاعر هذا النوع من الأغاني، فيترجمه بعفوية بعيداً عن أي حالة مركّبة أو مصطنعة».

أولى الأغاني الوطنية التي كتبها الشاعر طوني أبي كرم كانت في بداياته. حملت يومها عنوان «يا جنوب يا محتل» بصوت الفنان هشام الحاج، ومن ثم كرّت سبحة مؤلفاته لأغانٍ أخرى. حقق أبي كرم نجاحات واسعة في عالم الأغنية كلّه. وأسهم في انطلاقة عدد من النجوم؛ من بينهم مريام فارس وهيفاء وهبي، وتعاون مع إليسا، وراغب علامة، ورامي عيّاش، ونوال الزغبي وغيرهم.

في عام 2000 سجّل طوني أبي كرم الأوبريت الوطني «الصوت العالي» مع 18 فناناً لبنانياً. ويروي لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الأغنية شاركت فيها مجموعة من أشهَر الفنانين اللبنانيين. وقد استغرقت تحضيرات طويلة لإنجازها تطلّبت نحو 6 أشهر. ورغبتُ في تقديمها لمناسبة تحرير الجنوب. وأعدّها تجربةً مضنيةً، ولن أعيدها مرة ثانية».

عدم تكرار هذه التجربة يعود إلى الجهد الذي بذله أبي كرم لجمع الـ18 فناناً في أغنية واحدة. «هناك مَن تردَّد في المشاركة، وآخر طالب بأداء مقطع غير الذي اختير له. أسباب عدة نابعة من الفنانين المشاركين أخّرت في ولادتها. وما سهّل مهمتي يومها هو الفنان راغب علامة. طلبت منه أن يرافقني إلى استوديو التسجيل لبودي نعوم، فوضع صوته على مقطع من الأغنية من دون أن أشرح له حقيقة الوضع. وعندما سمع الفنانون الآخرون أن راغب شارك في الأغنية، تحمَّسوا واجتمعوا لتنفيذها وغنائها».

أكثر من مرة تمّ إنتاج أوبريت غنائي عربي. وشاهدنا مشارَكة أهم النجوم العرب فيها. فلماذا يتردَّد الفنان اللبناني في المقابل في المشارَكة بعمل وطني جامع؟ يوضح الشاعر: «هذا النوع من الأغاني ينجز بوصفه عملاً تطوعياً. ولا يندرج على لائحة تلك التجارية. فمن المعيب أن يتم أخذ أجر مالي، فلا المغني ولا الملحن ولا الكاتب ولا حتى مخرج الكليب يتقاضون أجراً عن عملهم. فهو كناية عن هدية تقدّم للأوطان. ولا يجوز أخذ أي بدل مادي بالمقابل. ولكن في بلدان عربية عدة يتم التكفّل بإقامة الفنان وتنقلاته. فربما ذلك يشكّل عنصر إغراء يحثّهم على المشارَكة، مع الامتنان».

ويذكر طوني أبي كرم أنه في إحدى المرات فكّر في إعادة الكرّة وتنفيذ أغنية وطنية جماعية، فيقول: «ولكني ما لبثت أن بدّلت رأيي، واكتفيت بالتعاون مع الفنان راغب علامة وحده بأغنية من ألحانه (بوس العلم وعلّي راسك)».

يشير الشاعر طوني أبي كرم إلى أن غالبية الأغاني الوطنية التي كتبها وُلدت على خلفية مناسبة ما، ويوضح: «في أغنية (ممنوع اللمس) مع عاصي الحلاني توجّهنا إلى مؤسسة الجيش في عيدها السنوي. وكذلك في أغنية (دايماً حاضر) مع الفنان شربل الصافي لفتح باب التطوع في الجيش».

وعمّا إذا كان يختار صوت الفنان الذي سيؤدي الأغنية قبل الكتابة يقول: «لا، العكس صحيح، فعندما تولد الفكرة وأنجز الكلام، أختار الصوت على أساسهما. قد أقوم ببعض التعديلات بعدها، ولكنها تكون تغييرات قليلة وليست جذرية».

يستغرق وقت كتابة كلام الأغنية، كما يذكر الشاعر أبي كرم، نحو 15 دقيقة. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «لأنها تنبع من القلب أصبّ كلماتها بسرعة على الورق. فما أكتبه يصدر عن أحاسيسي الدفينة، وعن مشهد أو تجربة وفكرة عشتها أو سمعت بها. ولذلك تكون مدة تأليف الأغنية قليلة. فهي تخرج من أعماقي وأكتبها، وفي حال طُلب مني بعض التبديلات من قبل الفنان لا أمانع أبداً، شرط أن يبقى ثابتاً عنوانُها وخطُّها وفحواها».

وعمَّا يمكن أن يكتبه اليوم في المرحلة التي يعيشها لبنان، يقول: «أعدّ نفسي شخصاً إيجابياً جداً بحيث لا يفارقني الأمل مهما مررت بمصاعب. ولكن أكثر ما تؤذي الإنسان هي إصابته بخيبة أمل، وهي حالات تكررت في بلادنا وفي حياتنا نحن اللبنانيين. فكنا نتفاءل خيراً ليأتي ما يناقض ذلك بعد فترة قصيرة. وهو ما يولّد عندنا نوعاً من الإحباط. اليوم لا نفقد الرجاء ولكن لا يسعنا التوسّع بأفكار إيجابية. وعلى أمل عدم إصابتنا بخيبة أمل جديدة، سأتريث في الكتابة في هذه المرحلة».