خلافات وتجاوز للأعراف الدبلوماسية تعكّر أجواء الفترة الانتقالية

فريق ترامب تأخر في توقيع اتفاقية تعاون مع مساعدي أوباما

الفريق الانتقالي بقيادة نائب الرئيس الأميركي المنتخب مايك بنس يغادر برج ترامب مساء الثلاثاء (نيويورك تايمز)
الفريق الانتقالي بقيادة نائب الرئيس الأميركي المنتخب مايك بنس يغادر برج ترامب مساء الثلاثاء (نيويورك تايمز)
TT

خلافات وتجاوز للأعراف الدبلوماسية تعكّر أجواء الفترة الانتقالية

الفريق الانتقالي بقيادة نائب الرئيس الأميركي المنتخب مايك بنس يغادر برج ترامب مساء الثلاثاء (نيويورك تايمز)
الفريق الانتقالي بقيادة نائب الرئيس الأميركي المنتخب مايك بنس يغادر برج ترامب مساء الثلاثاء (نيويورك تايمز)

عمّت حالة من الفوضى في الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب دونالد ترامب، أول من أمس الثلاثاء، تميّزت بقرارات طرد وصراع داخلي، والكشف عن أن حلفاء الولايات المتحدة اندفعوا تباعا للاتصال ببرج ترامب، في محاولة للتعرف على الزعيم المقبل.
بعد أسبوع واحد من انتخاب ترامب وفوزه الكاسح الذي انتزعه من الديمقراطية هيلاري كلينتون، كان فريقه الرئاسي يرتجل في خضم التقاليد الأساسية لتولي السلطة. واشتمل ذلك على العمل من دون الوثائق التوجيهية التي عادة ما تقدمها وزارة الخارجية للرؤساء المنتخبين لتوجيه حوارهم مع الزعماء الأجانب.
وبينما تسربت معلومات حول تجاوز ترامب القواعد البروتوكولية المتبعة، أكّدت مصادر من داخل فريقه الانتخابي خبر طرد وانسحاب اثنين من المسؤولين الذين كانوا يتولون ملف الأمن القومي للانتقال، النائب السابق مايك روجرز من ولاية ميتشيغان، وماثيو فريدمان، ممثل جماعات الضغط الذي يتشاور مع الشركات والحكومات الأجنبية. وكان الاثنان ضحيتين لعملية «التطهير المدبرة» من قبل جاريد كوشنر، وهو زوج إفانكا ترامب ومستشاره المقرب منه. وجاءت قرارات الفصل في أعقاب الطرد المفاجئ يوم الجمعة الماضي لكريس كريستي، حاكم ولاية نيوجيرسي، الذي استبدل بصفته رئيس عملية الانتقال وحل محله نائب الرئيس المنتخب مايك بينس. ولقد أرسل كريستي، عندما كان يشغل منصب المدعي العام الفيدرالي، والد كوشنر إلى السجن في قضية فيدرالية.
من جهتهم، كان الحلفاء البارزون للولايات المتحدة يسعون جاهدين لمحاولة التواصل بترامب. وفي بعض الأوقات، كانت المكالمات تُحول إلى مكتبه الفاخر في برجه الخاص، وفقا لدبلوماسي غربي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة التفاصيل الخاصة بالمحادثات. وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أول من أجرى المكالمات الهاتفية مع ترامب يوم الأربعاء الماضي، يليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد فترة قصيرة. ولكن ذلك كان قبل نحو 24 ساعة من اتصال رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، في خرق لافت للنظر للأعراف الدبلوماسية، باعتبار التحالف الوثيق الذي يربط الولايات المتحدة الأميركية ببريطانيا.
وعلى الرغم من الطبيعة العشوائية للدعوات المبكرة من جانب ترامب لقادة العالم، قال مستشاروه إن الفريق الانتقالي لم يكن يعاني من انتكاسات غير اعتيادية. وقالوا إنهم كانوا يعملون باجتهاد كبير من وراء الكواليس للتعامل مع ومعاجلة المشكلات نفسها التي ظل الرؤساء الجدد يواجهونها على مدى عقود.
في المقابل، ردّ ترامب بعنف على تغريدة ظهرت على موقع «تويتر» من قبل منتقديه في نحو الساعة العاشرة مساء، وأفادت بأن «عملية (الانتقال) منظمة للغاية.. واتخذت القرار بشأن مجلس الوزراء وكثير من المناصب الأخرى»، وأضاف: «أنا الوحيد الذي يعلم بقرارات الوضع النهائي للحكومة الجديدة».
يقول رودي جولياني، العمدة الأسبق لمدينة نيويورك الذي ظهر بوصفه أبرز المنافسين على حقيبة وزارة الخارجية في حكومة ترامب المقبلة، إن «العملية طبيعية للغاية». وأضاف جولياني: «لقد حدث الشيء نفسه في العملية الانتقالية للسيد ريغان. وشهدت حكومة السيد كلينتون بعض التأخير في شغل بعض المناصب الحكومية». وأردف جولياني الذي أدلى بتصريحاته عبر الهاتف: «إنه من الأمور التي يصعب القيام بها. هناك دائما بعض الخلل أثناء عملية الانتقال. إنها عملية معقدة للغاية».
وجاءت بعض التقارير تفيد بأن هناك نوعا من تصفية الحسابات يجري خلال عملية الانتقال. في المقابل، ردّ أحد أعضاء الفريق الانتقالي بالقول إن هناك سببا واحدا على الأقل وراء سقوط روجرز خارج مجموعة مستشاري ترامب وهو، أثناء شغله لمنصب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، كان يشرف على تقرير هجمات عام 2012 على المجمع الدبلوماسي الأميركي في بنغازي في ليبيا، الذي خلص إلى أن إدارة الرئيس أوباما لم تتعمد تضليل الجمهور حول الأحداث التي وقعت هناك. ولقد اتسقت نتائج التقرير الأميركي مع النتائج التي توصلت إليها التحقيقات الحكومية الأخرى ذات الصلة. وكانت نتائج التقرير المشار إليه على خلاف واضح مع موقف الحملة الانتخابية لترامب، الذي ألقى باللوم مرارا وتكرارا على هيلاري كلينتون، منافسته الديمقراطية في الانتخابات الرئاسية ووزيرة خارجية الولايات المتحدة أثناء الهجمات، لمقتل أربعة من المواطنين الأميركيين خلال الأحداث.
من جانبه، تدخّل جون ماكين، السيناتور الجمهوري عن ولاية أريزونا ورئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، (أول من أمس) الثلاثاء، لدى فريق ترامب، وأصدر تحذيرا شديد اللهجة تجاههم بألا يغتروا بشخصية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي كان ترامب قد أشاد به وامتدحه خلال الحملة الانتخابية. وقال ماكين عن ذلك: «بلغت محاولة إدارة الرئيس أوباما لإعادة العلاقات إلى مجراها مع روسيا ذروتها مع الغزو الروسي لأوكرانيا والتدخل العسكري الروسي أيضا في الشرق الأوسط».
قد تعكس بعض الصعوبات التي تمر بالمرحلة الانتقالية حقيقة أن ترامب، الذي لا يملك أي خبرة سابقة في الحكم والسياسة أو علاقات وثيقة مع شبكة السياسيين في واشنطن، ليست لديه قائمة طويلة بالشخصيات المؤسساتية منذ عهد بوش يستطيع الاعتماد عليها. إلا أن حلفاءه أشاروا إلى أن ذلك الموقف قد يرجع بنتائج إيجابية على ترامب في نهاية المطاف، إن كان قادرا على تجميع فريق عمل يتسم بالفعالية والكفاءة وقادر على جلب التوقعات والآفاق الجديدة إلى إدارته القادمة للبلاد. واعتمدت الحاشية المقربة من ترامب، في طلب النصح إزاء بناء فريق الأمن القومي في حكومته الجديدة، على ثلاثة من صقور المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين، وهم النائب ديفين نونيس الجمهوري من كاليفورنيا، وهو رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، وبيتر هوكسترا عضو الكونغرس الجمهوري الأسبق والرئيس الأسبق كذلك للجنة الاستخبارات، وفرنك غافني المسؤول في وزارة الدفاع خلال عهد الرئيس الأسبق رونالد ريغان ومؤسس مركز السياسات الأمنية.
وكان غافني من المؤيدين ومنذ فترة طويلة لنظريات المؤامرة التي لا أساس لها، بما في ذلك أن الرئيس أوباما ربما يكون مسلما متخفيا بدينه. ولقد وصفه مركز «ساوثرن بافرتي» القانوني بقوله: «أحد أعتى المؤيدين للإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة». على صعيد متصل، كانت الجهات المانحة الرئيسية لترامب قد حققت نجاحا يُذكر في ترشيح بعض الشخصيات في مناصب عامة في إدارته الجديدة. وقالت ريبيكا ميرسر، سليلة إحدى أقوى العائلات من المحافظين المانحين وعضوة اللجنة الانتقالية التنفيذية لترامب، في محادثات لها مع النشطاء الجمهوريين والمسؤولين السابقين في الإدارة السابقة، إنه يواجه مشكلات في العثور على شاغلي المناصب من مستوى وكلاء الوزارات وأدناه، وفقا لأحد الشخصيات المطلعة على مجريات الأمور. ولقد أخبرتهم ميرسر أن الفريق الانتقالي متخلف لمدة شهر عن الجدول المحدد وفق الجدول الزمني الضيق.
وفي تأخير جديد، لم يوقع مايك بينس على الأوراق المطلوبة قانونا للسماح لفريقه بالبدء في التعاون مع مساعدي أوباما حتى مساء (أول من أمس) الثلاثاء، كما قال المتحدث باسم الفريق الانتقالي. ولقد وقع كريستي يوم الانتخابات على مذكرة تفاهم من أجل تحريك العملية في أقرب وقت ممكن بمجرد إعلان النتيجة، ولكن فور الإطاحة به من منصبه كان يتعين على بينس التوقيع على الاتفاقية بنفسه.
وتقوم الوثائق المشار إليها مقام الاتفاقية السرية بين الجانبين، التي تضمن أن أعضاء فريق الرئيس المنتخب لا يقومون بإفشاء المعلومات حول الأعمال الداخلية للحكومة. ولقد عملت الفرق في جميع أرجاء الحكومة الفيدرالية على إعداد المواد الإعلامية والتقارير لفريق الرئيس المقبل، وكانت على أهبة الاستعداد في ذلك، في انتظار البدء في تمرير المعلومات إلى نظرائهم في فريق ترامب الرئاسي.
واعتبارا من بعد ظهيرة (أول من أمس) الثلاثاء، كان المسؤولون في الوكالات الحكومية الرئيسية، مثل «الدفاع» و«الخارجية»، قد قالوا، إنهم لم يتلقوا أي اتصالات من جانب الفريق الرئاسي التابع لترامب.
* خدمة «نيويورك تايمز»



بوتين يزور كازاخستان لتعزيز العلاقات وبحث ملف الطاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

بوتين يزور كازاخستان لتعزيز العلاقات وبحث ملف الطاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كازاخستان، الأربعاء، في زيارة تستمر يومين تهدف لتوطيد العلاقات مع حليفة بلاده الواقعة في وسط آسيا في ظل تفاقم التوتر على خلفية حرب أوكرانيا.

ورغم انضوائها في «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» التي تقودها موسكو، فإن كازاخستان أعربت عن قلقها حيال النزاع المتواصل منذ نحو ثلاث سنوات مع رفض رئيسها قاسم جومارت توكاييف التغاضي عنه.

وفي مقال نشرته صحيفة «إسفيستيا» الروسية قبيل زيارة بوتين، أكد توكاييف دعم بلاده «الحوار السلمي» من دون أن يأتي على ذكر أوكرانيا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

من جانبه، أشاد بوتين بـ«التقارب الثقافي والروحي والقيمي» بين كازاخستان وروسيا، وذلك في مقال نشر في صحيفة «كازاخ» الرسمية، قائلا إنه يساعد في تطوير «العلاقات الودية والقائمة على التحالف» مع أستانا بشكل أكبر.

وبث الإعلام الرسمي الروسي مقطعا مصورا لطائرة بوتين لدى هبوطها في أستانا الأربعاء.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال حفل الاستقبال في مقر الرئاسة أكوردا في أستانا بكازاخستان... 27 نوفمبر 2024 (رويترز)

تدهورت العلاقات التجارية بين البلدين في الأشهر الأخيرة مع منع موسكو بعض الصادرات الزراعية من كازاخستان غداة رفض الأخيرة الانضمام إلى مجموعة «بريكس».

وجعل بوتين توسيع تحالف الاقتصادات الناشئة أساسا لسياسة روسيا الخارجية، مسوّقا لمجموعة «بريكس» على أنها قوة موازية لما يعتبرها «هيمنة» الغرب على العالم.

تأتي زيارة بوتين على وقع تصاعد التوتر بين موسكو والغرب بسبب حرب أوكرانيا، إذ أطلقت روسيا صاروخا تجريبيا فرط صوتي باتّجاه جارتها الأسبوع الماضي، بينما أطلقت كييف صواريخ بعيدة المدى زودتها بها كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على روسيا لأول مرة.

وفي سبتمبر (أيلول)، دعا توكاييف إلى حل سلمي للنزاع، محذرا من أن التصعيد يمكن أن يؤدي إلى «تداعيات لا يمكن إصلاحها بالنسبة للبشرية بأكملها».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف يلتقطان صورة مع أطفال في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا على جدول الأعمال

ورغم أن رحلات بوتين الدولية بقيت محدودة منذ العملية العسكرية الروسية الشاملة في أوكرانيا عام 2022، فإنه زار الدولة الواقعة في وسط آسيا بشكل متكرر.

تعد كازاخستان حليفا عسكريا واقتصاديا تاريخيا لروسيا وتمتد الحدود بين البلدين على مسافة 7500 كيلومتر.

ويتوقع أن يناقش الزعيمان العلاقات التجارية وملف الطاقة، إضافة إلى بناء أول محطة في كازاخستان للطاقة النووية، علما بأن شركة «روساتوم» الروسية من بين الشركات المرشحة لبنائها.

تسهم كازاخستان بنحو 43 في المائة من إنتاج اليورانيوم العالمي لكنها لا تملك مفاعلات نووية.

وأكد بوتين الأربعاء أن «(روساتوم) مستعدة لمشاريع كبيرة جديدة مع كازاخستان».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف يرسمان على لوحة قبل لقائهما في أستانا في 27 نوفمبر (أ.ف.ب)

سيوقّع البلدان أيضا عدة وثائق الأربعاء وسيصدران بيانا للإعلام، بحسب مستشار الكرملين يوري أوشاكوف.

ويجتمع بوتين الخميس وقادة «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» في أستانا في إطار قمة أمنية.

وستتصدر أوكرانيا جدول الأعمال، إذ يتوقع أن يناقش القادة «الإذن الغربي (لكييف) بإطلاق صواريخ بعيدة المدى باتّجاه عمق أراضي روسيا الاتحادية»، وفق ما أكدت وكالة «تاس» الإخبارية نقلا عن مصدر.

وفي خطوة لافتة، ستتغيب أرمينيا عن الاجتماع بعدما علّقت عضويتها في المنظمة احتجاجا على عدم وقوف موسكو إلى جانبها في نزاعها مع أذربيجان.

وقال أوشاكوف الثلاثاء إن أرمينيا ما زالت عضوا كاملا في التحالف ويمكن أن تعود في أي لحظة.