منظمات دولية تدين انتهاكات {الحشد الشعبي} في الموصل

{هيومان رايتس وتش}: على الحكومة العراقية محاسبة جنودها إن كانت تأمل التفوق أخلاقيا في حربها ضد «داعش»

صورة نشرتها {هيومان رايتس ووتش} تظهر رجلا يرتدي زي الشرطة العراقية الاتحادية وهو يصور سيارة بيك آب بيضاء تجر جثتين على طريق القيارة الرئيسي 3 أكتوبر الماضي
صورة نشرتها {هيومان رايتس ووتش} تظهر رجلا يرتدي زي الشرطة العراقية الاتحادية وهو يصور سيارة بيك آب بيضاء تجر جثتين على طريق القيارة الرئيسي 3 أكتوبر الماضي
TT

منظمات دولية تدين انتهاكات {الحشد الشعبي} في الموصل

صورة نشرتها {هيومان رايتس ووتش} تظهر رجلا يرتدي زي الشرطة العراقية الاتحادية وهو يصور سيارة بيك آب بيضاء تجر جثتين على طريق القيارة الرئيسي 3 أكتوبر الماضي
صورة نشرتها {هيومان رايتس ووتش} تظهر رجلا يرتدي زي الشرطة العراقية الاتحادية وهو يصور سيارة بيك آب بيضاء تجر جثتين على طريق القيارة الرئيسي 3 أكتوبر الماضي

في وقت تصاعد القلق الدولي من انتهاكات قوات «الحشد الشعبي» المدعومة من إيران في معارك الموصل، طالبت منظمة «هيومان رايتس وتش» الدولية الحكومة العراقية بـ«السيطرة على قواتها ومحاسبتها إذا كانت تأمل في التفوق أخلاقيا في حربها ضد داعش» معتبرة «عدم محاسبة القادة والمسيئين جيدا سينعكس سلبا على المعركة الوشيكة داخل الموصل».
وحذرت المنظمة من عمليات تشويه الجثث في الموصل بحق المدنيين والمقاتلين الأسرى ووصفت حدوث تلك التجاوزات بـ«جريمة حرب». واستعادت الحكومة العراقية بلدة القيارة، 60 كم جنوب الموصل، من «داعش» في نهاية أغسطس (آب) الماضي ومنذ ذلك الحين جمعت المنظمة شهادات عدد من سكان المنطقة حول تجاوزات حدثت أثناء استعادة تلك المناطق من قوات «داعش».
وكانت مشاهد فيديو تظهر دبابة تابعة لميليشيات الحشد الشعبي وهي تسحق طفلا أثارت غضبا دوليا واسعا نهاية الأسبوع الماضي. خلال الأيام المنصرمة أكدت شخصيات محلية وشيوخ عشائر حدوث تجاوزات وانتهاكات بحق أهل المناطق السنية التي دخلتها قوات الحشد الشعبي. وقال شيوخ عشائر إن قوات الحشد الشعبي الموالية لإيران تقف وراء الكثير من الانتهاكات والجرائم فضلا عن تورط عناصر «طائفية» منتشرة في قوات الجيش والشرطة العراقية.
وقالت هيومان رايتس ووتش إن على السلطات العراقية منع الجماعات المسلحة، التي لديها سجل انتهاكات خطيرة، من المشاركة في العمليات العسكرية المخطط لها في مدينة الموصل. يجب أن يشمل المنع ميليشيات الحشد العشائري وأعضاء الحشد الشعبي المسؤولين عن انتهاكات حقوقية خطيرة الذين لم يخضعوا للمحاسبة. وكانت المنظمة وثّقت سابقا انتهاكات فيلق بدر و«كتائب حزب الله» من الحشد الشعبي، خلال عملية استعادة السيطرة على الفلوجة. في 12 نوفمبر (تشرين الثاني)، شاهدت هيومان رايتس ووتش أعلام ومقاتلي كلتا الكتيبتين في منطقة القيارة إضافة إلى «كتائب الإمام علي».
وعاينت هيومان رايتس ووتش صورا ملتقطة أيضا يوم 3 أكتوبر (تشرين الأول) في القيارة. يبدو في الصور 4 جثث لقتلى، أحشاء أحدهم خارجة من جسده ومغطاة بالدماء، بينما آخر مجرد من ملابسه ويركله أطفال. عُلق ثالث من ساقه قرب مدخل ملعب لكرة القدم في القيارة تحول إلى ركام بسبب الغارات الجوية فيما تُظهر مقاطع فيديو أخرى، لنفس المصور وفي نفس التاريخ، دبابات الجيش العراقي في المدينة.
وقالت المنظمة في بيان صحافي إنه «على سلطات العدالة الجنائية العراقية التحقيق في جميع الجرائم المزعومة، بما فيها القتل غير الشرعي والتمثيل بالجثث، من قبل أي طرف خلال الصراع بسرعة وشفافية وفعالية، وصولا إلى أعلى المستويات المسؤولة. أولئك الذين تثبت مسؤوليتهم الجنائية تجب محاكمتهم بشكل مناسب».
وقال شهود محليون لـ«الشرق الأوسط» خلال الأيام الماضية إن تلك القوات «الموالية لإيران هدفها إبادة المكون السني وبالأخص مدينة الموصل» متوعدين بنقل تلك الانتهاكات إلى المحاكم الدولية وملاحقة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.
ورصدت منظمة «هيومان رايتس وتش» تجاوزات ارتكبتها قوات الحشد الشعبي خلال المعارك الدائرة في الموصل وقالت المنظمة إن رجال ميليشيات وقوات أمن ومدنيين عراقيين سحلوا وشوهوا جثث 5 مقاتلين على الأقل يتبعون تنظيم داعش في بلدة القيارة العراقية يوم 3 أكتوبر 2016. كما أعدم أيضا مقاتل من «داعش» بعد استسلامه.
وأخبر سكان «هيومان رايتس ووتش» أنه في 3 أكتوبر، قام مقاتلو «داعش» بمحاولة فاشلة لاستعادة المدينة عبر الهجوم شمالا من الصحراء، حيث قُتل وأُسر بعضهم. قال السكان إن القوات العراقية ومقاتلي ميليشيا «الحشد العشائري» من عشيرة مرعيد، المتحدرة من القيارة، كانوا متواجدين وقت الهجوم ونجحوا في صده. كما تواجد فرع من عشيرة الجبوري، إحدى أكبر العشائر العربية السنية في العراق. وحصلت المنظمة على 13 شريط فيديو صورها شاب 24 عاما من مقاتلي عشيرة مرعيد، صورها ذاك اليوم. سلم السكان الثلاثة الذين تحدثوا إلى المرصد الدولي اللقطات، وأكدوا أنها ملتقطة في القيارة وتوثق أحداث يوم 3 أكتوبر. وقالت المنظمة إنها تمكنت من التحقق من موقع الفيديو عبر معالم محددة في المدينة ومن سحابة الدخان الأسود الناتجة عن حرائق النفط هناك.
وقالت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومان رايتس ووتش لمى فقيه إن «على الحكومة العراقية السيطرة على قواتها ومحاسبتها إذا كانت تأمل في التفوق أخلاقيا في حربها ضد داعش. عدم محاسبة القادة والمسيئين جيدا سينعكس سلبا على المعركة الوشيكة داخل الموصل. تشويه الجثث جريمة حرب، مثل قتل المقاتلين الأسرى أو المدنيين».
وأضافت فقيه أنه «على أولئك الذين يجرون مثل هذه التحقيقات الجنائية ويتخذون القرارات حول الملاحقات القضائية أن يكونوا مستقلين عمّن يُحقَّق معهم. يجب أن يكونوا من خارج السلسلة العسكرية النظامية ولا يخضعون للتدخل السياسي. على السلطات ضمان سلامة جميع الشهود».
وطالبت المنظمة بتحرك عاجل من بغداد لوقف تلك الانتهاكات وقالت: إن «على الحكومة ألا تقف مكتوفة الأيدي بينما يرتكب المقاتلون الفظائع باسمها. على مسؤولي الأمن والقضاء والسياسيين العمل معا بشفافية لإثبات الحقيقة حول الانتهاكات خلال هذه المعركة».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.