{عقار له تاريخ}: البيت ذو المليار دولار.. يستعد لتغيير ساكنه

البيت الأبيض الأميركي (أ.ب)
البيت الأبيض الأميركي (أ.ب)
TT

{عقار له تاريخ}: البيت ذو المليار دولار.. يستعد لتغيير ساكنه

البيت الأبيض الأميركي (أ.ب)
البيت الأبيض الأميركي (أ.ب)

بقيمته التقديرية التي تبلغ نحو مليار دولار، يستعد «البيت الأبيض» الأميركي لتوديع الرئيس الحالي باراك أوباما، الذي عاش في مقر الحكم الأميركي لولايتين امتدتا على مدار 8 سنوات، بينما يستعد الرئيس المنتخب دونالد ترامب للانتقال في يناير (كانون الثاني) المقبل إلى المقر الإداري الأهم عالميًا.
والمفارقة أن ترامب، وهو ملياردير وأحد أبرز المطورين العقاريين في الولايات المتحدة، يمتلك قصرًا قد يفوق في فخامته مقر الرئاسة الأميركية، إلا أن «البيت الأبيض» في واشنطن، العاصمة الفيدرالية للولايات المتحدة الأميركية، يظل دائمًا هو المنزل الأكثر تأثيرًا في العالم، وعلى العالم.
ودائمًا ما عرفت العاصمة الفيدرالية باعتبارها مدينة النصب التذكارية الكبرى للقادة الوطنيين والأحداث التاريخية الهامة. وتحوي المدينة كثيرًا من المنازل القديمة التي تحمل ذكريات لوقت مبكر وحقبة تاريخية ممتلئة بالأحداث، وهي الأحداث التي انعكست على حوائط المتاحف والخلفيات التاريخية للنصب التذكارية بشوارع العاصمة.
ولكن كل ذلك «العبق التاريخي» في واشنطن لا يعد جزءًا مؤثرًا في حياة المواطن العادي، لكن وحده البيت الذي يقع في شارع بنسلفانيا يحمل في طياته كثيرًا من التأثير على حياة أكثر من 322 مليون مواطن بالولايات المتحدة.
«البيت الأبيض» هو البيت الذي يؤثر داخليًا وخارجيًا، وأهميته نبعت من أهمية الدولة نفسها عالميًا. وقد عرف سابقًا بأسماء كثيرة، من بينها «قصر الرئيس»، و«القصر الرئاسي»، و«بيت الرئيس»، وكان مقر إقامة لجميع رؤساء الولايات المتحدة منذ إقامة جون آدامز عام 1800. كما عرف أيضًا مزارًا سياحيًا.
وفاز المهندس الآيرلندي الأصل جيمس هوبان بمسابقة تصميم وتنفيذ البيت، فوضع حجر الأساس عام 1792، وتم افتتاحه في حفل كبير عام 1800. وخلال الحرب الأنغلو - أميركية (الحرب التي اندلعت بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة بعد حرق المستعمرات الإنجليزية في كندا)، تعرض البيت الأبيض للحرق عام 1814، وتمت إعادة بنائه في ثلاث سنوات. وترجع التسمية بـ«البيت الأبيض» إلى استخدام اللون الأبيض في الترميم لإخفاء آثار حريق البيت. ويقع البيت الأبيض على مساحة 73000 متر مربع، ويتكون من المقر الرئيسي، والجناحين الشرقي والغربي اللذين تربط بينهما أعمدة جيفرسون.
ويتكون البيت الأبيض من 5 طوابق، تحوي 132 غرفة و35 حمامًا و3 مصاعد و5 مطابخ بدوام كامل، إضافة إلى ملعب تنس وملعب بولينغ ومسرح وسينما، تسمى رسميًا «مسرة العائلة الأولى»، ومضمار للجري وحوض للسباحة، فيما يستقبل ما يصل إلى 30 ألف زائر أسبوعيًا.
وبافتراض أن «منزلاً» لأسرة واحدة بتلك المواصفات يقع في حي بنسلفانيا شمال غربي العاصمة، فستقدر قيمته كمحل إقامة بما يقرب من 319 مليون دولار في السوق المفتوحة، وفقًا لتقييم مكتب «فول إيدي» المثمن العقاري الأميركي في تقرير صدر في أغسطس (آب) من العام الماضي.
أما بالنظر إلى البيت الأبيض كـ«منشأة إدارية»، فتقدر قيمته بما يقرب من مليار دولار. ويرجع المثمن العقاري الأميركي اختلاف التقييم بحسب النظرة للمبنى، فتقييم سعر الأرض وحدها يقرب من 83.936 مليون دولار، في حين أن «الهياكل المادية» وحدها تقدر بقيمة 174.31 مليون دولار.
ويعتبر الجناح الغربي المعروف بـ«المكتب البيضاوي» بمثابة مكتب الرئيس وغرفة العمليات التي تجرى بها المؤتمرات، وبه مركز لإدارة المخابرات، وقاعة روزفلت للقاءات. أما الجناح الشرقي فيضم مكاتب السيدة الأولى وطاقمها، بما في ذلك مكتب الأمن الاجتماعي، ويحتوي أيضًا على المسرح والسينما.
وأنتجت هوليوود ما يقرب من 40 فيلمًا عن البيت الأبيض، كان أولها «غابريل في البيت الأبيض»، وأنتج في عام 1933، ويسرد الفيلم قصة سياسي طموح يسعى للوصول إلى البيت الأبيض في سياق اجتماعي يمتزج بالكوميديا.
أما «سيلما»، وهي مدينة أميركية في ولاية آلاباما، فكان أيضًا اسم آخر إنتاج هوليوود عن البيت الأبيض صدر العام قبل الماضي، وهو يؤرخ عن حياة مارتن لوثر كينغ للمطالبة بإعطاء الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية حقوقًا متساوية في التصويت وسط معارضات من سياسيين آخرين.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».