رغم العبوات الناسفة والسيارات المفخخة التي يقودها انتحاريون من تنظيم داعش واصلت القوات العراقية أمس تقدمها على كافة محاور باتجاه مركز مدينة الموصل. بينما استكملت قوات مكافحة الإرهاب عمليات تطهير حيي القادسية الثانية والأربجية وباتت على أبواب حي التحرير.
وقال قائد عمليات «قادمون يا نينوى» الفريق الركن قوات خاصة عبد الأمير رشيد يارالله في بيان: «حررت قطعات الفرقة المدرعة التاسعة من الجيش العراقي قرية النايفة غرب ناحية النمرود ورفعت العلم العراقي فيها بعد تكبيد تنظيم داعش الإرهابي خسائر بالأرواح والمعدات والتقدم ما زال مستمرا باتجاه قرى أخرى»، لافتا إلى أن الفرقة المدرعة التاسعة تمكنت من تحرير قرية مشيرفة في محور الزاب ورفع العلم العراقي فيها. وأضاف: «تنظيم داعش تكبد خسائر بالأرواح والمعدات إثر الاشتباكات التي دارت بين قوات الجيش وإرهابيي التنظيم في المحور الجنوبي الشرقي للموصل».
وتابع يارالله «طيران الجيش العراقي وجه ضربة جوية لموقعين يختبئ فيهما مجموعة من إرهابيي (داعش) أدت إلى قتل وإصابة أكثر من 12 مسلحا وتدمير عجلة تحمل أحادية ضمن المحور الغربي لعمليات (قادمون يا نينوى) في منطقة عطاسة قرية نزارة، كما قدم طيران الجيش الإسناد الجوي لقطعات الشرطة الاتحادية في المحور الجنوبي، ودمرت الطائرات العراقية عددا من مواقع التنظيم وقتلت وجرحت غالبية مسلحيه الموجودين في هذه المواقع في منطقة العذبة».
بدوره، قال نائب قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي لـ«الشرق الأوسط»: «استكملت قواتنا تطهير حيي القادسية الثانية والأربجية، ونحن الآن على أبواب حي التحرير»، مشيرا إلى أن الطريق العام هو الذي يفصل قوات مكافحة الإرهاب عن حي التحرير. وأضاف الساعدي أن الساعات القليلة المقبلة ستشهد تطهير حي البكر بالكامل واقتحام أحياء أخرى. مشيرا إلى التنظيم حاول التعرض لقطعات جهاز مكافحة الإرهاب في الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها القوات الأمنية.
وكشف الساعدي أن قوات مكافحة الإرهاب «قتلت 26 انتحاريا من (داعش) أثناء محاولتهم التعرض لقطعاتنا شرق الموصل»، مؤكدا أن قوات مكافحة الإرهاب «تسيطر على أحياء السماح الأولى والثانية وحي كركوكلي وحي الاربجية والملايين وحي الزهراء وحي القادسية الثانية في الجانب الأيسر من الموصل». وأشار إلى أن القوات الأمنية ستحرر المناطق الأخرى خلال الساعات المقبلة.
في غضون ذلك أوضح آمر الفوج الأول في اللواء الأول من قيادة قوات حرس نينوى العقيد قوات خاصة، عراك حسن علي الشيخ عيسى لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد تحرير منطقة الشلالات وقرى سادة وبعويزة من قبل اللواء 73 في الفرقة 16 من الجيش العراقي، توجهت القطعات العسكرية باتجاه حي القاهرة شمال الموصل وبدأت عمليات تحرير هذا الحي، بينما أمنت قوات حرس نينوى كافة الطرق للفرقة 16 ومسكنا الأراضي المحررة في هذا المحور».. وتابع: «تنظيم داعش يعتمد على المخابئ، ويختبئ أيضا داخل المباني والأماكن الكونكريتية والأنفاق، نستطيع القول إن 80 في المائة من مسلحي (داعش) هم موجودون تحت الأرض في الأنفاق التي حفروها في داخل الموصل، أما بالنسبة للمناطق المحررة منه فما زلنا نعثر على أكداس عتاده وأسلحته وتجهيزاته».
وبينما يتواصل تقدم القوات الأمنية العراقية نحو أهدافها وصولاً إلى مركز مدينة الموصل توقع وزير الهجرة والمهجرين العراقي، جاسم محمد الجاف، نزوح 500 ألف شخص خلال الأيام المقبلة مع وصول الحملة العسكرية الحالية لاستعادة الموصل من تنظيم داعش إلى مراحل متقدمة، وقال الجاف في مؤتمر صحافي مشترك مع منسقة البعثة الأممية للشؤون الإنسانية في العراق ليز غراندي إن «عدد النازحين من الموصل وأطرافها وكذلك من قضاء الحويجة في محافظة كركوك منذ بدء الحملة العسكرية لتحرير الموصل بلغ أكثر من 50 ألف شخص، وإن معدل النزوح اليومي يبلغ 1853 شخصا»، مشيرا إلى الاستعداد لاستقبال 100 ألف شخص، خلال الساعات القليلة المقبلة. وأضاف الجاف «من المتوقع نزوح 750 ألف شخص مع انتهاء العمليات العسكرية لتحرير الموصل، ولكن وفق العمليات الحالية نتصور أن العدد سيصل إلى 500 ألف فقط». وأشار إلى أن «وزارته تمتلك حاليا 33 مليون دينار فقط وتنتظر تمويلا من وزارة المالية، كما تلقت الوزارة وعودا بزيادة عدد المخيمات وتلقي مساعدات صحية، ولكن إلى الآن لم يصلنا شيء».
إلى ذلك حذر مسؤولون في وزارة الهجرة العراقية من حدوث كارثة تتمثل بغرق مخيمات النازحين من الموصل مع حلول فصل الشتاء وتوقع هطول الأمطار خلال الأيام المقبلة، مع عدم توفر الشروط القياسية المطلوبة في المخيمات التي أعدّت لاستقبالهم، وقال مدير عام دائرة الهجرة والمهجرين شاكر ياسين في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «أعداد النازحين وصلت إلى أرقام كبيرة، حيث تم استقبال أكثر من 52 ألف نازح من مناطق مختلفة من مدينة الموصل وأطرافها وكذلك من مناطق قضاء الحويجة غرب كركوك، وما زالت العائلات تتدفق إلى المخيمات مع استمرار العمليات العسكرية التي تهدف إلى طرد مسلحي تنظيم داعش من مدينة الموصل وأطرافها».
وأضاف ياسين «إن المخيمات التي أُقيمت مؤخرا، أنشئت بعيدًا عن الشروط القياسية المطلوب توفرها، كما أن هطول الأمطار في فصل الشتاء سيغرق المخيمات، وتكون حياة النازحين في خطر، مما سيوقعنا أمام كارثة فيما لم يتم معالجة الأمر بشكل عاجل».
من جانب آخر، ازدادت معاناة الآلاف من النازحين الذين وصلوا إلى مخيمات النزوح خصوصًا مع الانخفاض الهائل في درجات الحرارة ليلاً، وقالت آمنة عيسى، 35 عاما، معلمة من حي الانتصار في الجانب الأيسر من الموصل، إن «الوضع الذي نعيشه هنا في مخيمات النزوح مأساوي للغاية وكاد أطفالي أن يموتوا من البرد الليلة الماضية حيث لم يتم توفير أي وسائل للتدفئة، لا أحد يهتم بنا هنا، كل ما حصلنا عليه هو علب من الفاصوليا وبعض المواد الغذائية المعلبة، فلا وجود لأي أطعمة ساخنة وخيمنا فارغة تماما من أي أغراض». وأضافت: «لقد كانت معاملة القوات الأمنية لنا في غاية السوء هناك من يسمينا (دواعش) وكأننا لم نكن في قبضة التنظيم الإرهابي وعانينا منه الأمرين قبل وصولنا إلى هنا. نحن في وضع مأساوي ولا نملك حتى ملابس لموسم الشتاء، فقد خرجنا من بيوتنا ولم نحمل أي شيء كل همنا كان الهرب من الموت والقذائف التي تساقطت على مناطقنا كأنها المطر». وتساءلت: «أين دور الحكومة؟ نحن لا نملك سوى الدعاء إلى الله أن يكون في عون الآلاف من النازحين الأبرياء الذين يتعرضون للمعاملة السيئة، وكذلك يعانون من عدم اهتمام الحكومة بهم، نحن دفعنا ضريبة فشل الحكومة في حماية البلاد والعباد، وها نحن اليوم أمام كل تلك المخاطر بسبب ذلك الفشل».
القوات العراقية تواصل تقدمها في الموصل.. ومعاناة النازحين تتفاقم
وزير الهجرة والمهجرين: ننتظر نصف مليون نازح قريبًا
القوات العراقية تواصل تقدمها في الموصل.. ومعاناة النازحين تتفاقم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة