الكويت: لا مكان لـ«الثقافة» في الحملات الانتخابية

أكثر من 450 مرشحًا لانتخابات مجلس الأمة.. وغياب للتنمية الثقافية في برامجهم

الحضور في افتتاح مقر المرشحة فجر السعيد لعضوية مجلس الأمة 2014 التكميلية
الحضور في افتتاح مقر المرشحة فجر السعيد لعضوية مجلس الأمة 2014 التكميلية
TT

الكويت: لا مكان لـ«الثقافة» في الحملات الانتخابية

الحضور في افتتاح مقر المرشحة فجر السعيد لعضوية مجلس الأمة 2014 التكميلية
الحضور في افتتاح مقر المرشحة فجر السعيد لعضوية مجلس الأمة 2014 التكميلية

تشهد الكويت حراكًا انتخابيًا محمومًا، قبل أيام من موعد الانتخابات النيابية التي يخوضها أكثر من 450 مرشحًا. لكّن وسط حزمة واسعة من البرامج الانتخابية للمرشحين، لا تبدو البرامج «الثقافية» من ضمن أولويات المرشحين.
على نحو عام؛ تبدو الثقافة آخر اهتمامات المرشحين للبرلمانات العربية، فالمقبلون على الانتخابات النيابية «يغازلون» المواطن اقتصاديًا وسياسيًا، ولكنهم غالبًا لا يمنحون الثقافة أولوية في برامجهم الانتخابية، بل قد لا يوجد هذا البند أصلاً في هذه البرامج.
يحدث ذلك حتى دون اعتراض من قبل الناخبين المثقفين والأدباء والأكاديميين على المرشحين الذين يتحدثون في كل شيء باستثناء المشاريع الثقافية، وإن تحدثوا عنها فهم يتناولونها من ناحية مقاولات الأبنية الثقافية وتكلفتها. أما عن الفعل الثقافي نفسه، أو سبل التنمية الثقافية وتثقيف الشعب، فهذا يبدو غير وارد في أفكار المرشحين الذين قد يعتبرون أن اللعب على وتر الحالة المعيشية والحريات هو ما يحتاجه المواطن العربي، وبالتالي سيحصدون الأصوات أكثر مما لو تحدثوا للناخبين عن الإبداع وأهمية الثقافة في تنمية المجتمعات، وبأن غياب العقل المثقف يعني عدم مقدرة الإنسان على المطالبة بحقوقه بالشكل الأمثل، وبأن الثقافة تصنع إنسانًا مستنيرًا بإمكانه مكافحة الفقر ووضع الحلول لمعوقات التنمية.
لكن، هل غياب الطرح الثقافي عن المرشحين يأتي بسبب انكفاء أصحاب الشأن الثقافي عن ترشيح أنفسهم للمجالس النيابية؟، إذ لا نجد الأدباء والمفكرين والمعنيين بالشأن الشعري أو النقدي أو السردي مثلاً يرشحون أنفسهم.
إشكاليات المعيشة والبطالة
عن غياب الهّم الثقافي من برامج المرشحين، يجيب أمين عام رابطة الأدباء الكويتيين طلال سعد الرميضي (ومن المفارقات أن شقيقه مرّشح لانتخابات مجلس الأمة الحالية في الكويت)، فقال: «المواطن العربي طغت عليه ظروف الحياة الصعبة، كالبطالة الموجودة في المجتمعات العربية بنسب عالية، إضافة إلى المشكلات الصحية وأزمة التعليم والسكن، فأصبحت هذه هي أولويات المواطن العربي البسيط الذي لا يستطيع الانشغال عنها والتوجه للأمور الثقافية».
ويتابع الرميضي: «للأسف فإن هذه الأزمات صنعتها السياسات الخاطئة للحكومات العربية، فوضعت المواطن العربي في دوامة مع همومه اليومية حتى أصبحت الثقافة في آخر سلم أولوياته». ويأمل الرميضي: «أن يهتم أعضاء السلطة التشريعية في الكويت وأن تكون لهم استراتيجية بسن قوانين لوضع خطة مستقبلية لخدمة المواطنين والمقيمين في المكتبات العامة ودعم الكتاب ومعالجة الرقابة، حيث إن هذه المواضيع تسبب أزمات للمثقف ذاته، فلا شك أن عامل الرقابة ينفر المبدعين عن ممارسة الكتابة، أضف إلى ذلك أصبحت أمور الطباعة وقلة الدعم من المؤسسات الثقافية للمطبوعات عاملا مؤثرا في تأخر الإنتاج الثقافي، فتكاليف الطباعة مرهقة، ولا بد من دعم حكومي.
ويؤكد الرميضي بأن المرشحين يسعون لكسب أصوات الناخبين بطرح قضايا معيشية بخلاف القضايا التي يعتبرونها «همًا من الدرجة الثانية.. ولكن أعتقد بأن بعض المرشحين لديهم (إشارات إلى قضايا) ثقافية، ولكن هذه غير كافية، لا بد من طرح عميق بمسؤولية كبيرة تجاه الثقافة».
ويتابع الرميضي: «لذلك نأمل من مرشحي المجلس النيابي أن يخصصوا جزءا من برامجهم الانتخابية للشأن الثقافي. والاهتمام بالمؤسسات الثقافية مثل رابطة الأدباء وغيرها. وأن يسعى النواب لتحقيق الدعم المادي لهذه المؤسسات».
ويرى طلال سعد الرميضي أن من واجب السلطتين التشريعية التنفيذية التعاون لإشراك المثقف في القرار وفي القضايا التربوية والتعليمية.
أما الناشط الثقافي عبد الله القبندي (خريج المعهد العالي للفنون المسرحية وعضو في نوادٍ ثقافية) فيرى أن الناخبين اليوم ينفسون عن غضبهم تجاه المسؤولين من خلال مرشح ينتقد هؤلاء المسؤولين في أمور تتعلق بقضايا معيشية، ويقول: «بعض المرشحين أصلاً غير مثقف وبالكاد يقرأ، ومع ذلك وبإمكانه أن يقيل أصحاب مؤهلات علمية رفيعة».
ويكمل عبد الله القبندي: «إن مادة الثقافة تبدو ثقيلة رغم إننا نحن: (أمة اقرأ).. لذا فإن من يطرح مواضيع الثقافة سوف يعزف الناس عنه». ويطرح القبندي حلا لهذه المشكلة بقوله: «لابد أن نشجع ونقوم بحملة ثقافية مدروسة، لأن هناك أمورًا ثقافية مطلوبة، ولكن يفسرها بعض ضيّقي النظر بأنها خارجة عن الدين ومخالفة لشرع الله، ولكنها غير ذلك تمامًا. وهنا لا بد من التنوير الثقافي والمعرفي من خلال إدراج قضايا ثقافية في برامج المرشحين».
استقالة المثقفين
لا يقتصر الأمر على الكويت، فمن تونس يقول الدكتور التهامي العبدولي الذي يجمع بين الثقافي والسياسي، فهو مؤلف لديه عدد من الكتب، وهو وزير دولة تونسي سابق، يقول:
«كل قطاع لا يعرفه إلا أهله ولا يدافع عنه إلا أهله. واليوم على المثقفين ألا يستقيلوا سياسيا بل عليهم أن يؤكدوا وجودهم داخل البرلمانات للدفاع عن قطاعهم وحمايته».
ويعتبر الدكتور العبدولي أن السياسة دوائر مصالح ومن لا دائرة له لا مستقبل له: «المثقف حين يكون له برلمانيون سيفرض رأيه»، ويبين وجهة نظره بالقول: «اليوم المنطق ليس (ولي في بني عمي رماح)، بل (لي في قطاعي واختصاصي رماح)».
ويرى الدكتور التهامي العبدولي أن «أي قطاع مهما كان لا أحد يتآمر عليه من الخارج بل أهله يبيعونه ويدمرونه. ولكن حماية كل قطاع تنبع من شيئين. أولا: سلطة القطاع في الشعب أو الدولة أو الناس أي السلطة المكتسبة تاريخيًا.. وثانيًا: سلطة القطاع الرديفة أي سلطته السياسية».



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم مساء السبت، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

وبعد اختتام مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي أُقيم بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر «بيت الفلسفة» بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة؛ اجتمع أعضاء «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» في مقرّها بـ«بيت الفلسفة»، وأصدروا بياناً دعوا إلى تأسيس نواة «اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية»، ومقرّه الفجيرة، وتشجيع الجمعيات على الانضمام إلى «الفيدرالية الدولية للفلسفة».

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وأكد البيان أهمية مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج العربي، مثل مشكلة الهوية وتعزيز الدراسات حولها.

ودعا للسعي إلى «الإضاءة على الفلسفة في العالم العربي وتمييزها من الفلسفة الغربية؛ لأنّ هدف بيت الفلسفة المركزي تعزيز الاعتراف بالآخر وقبوله».

كما دعا البيان إلى تعزيز دائرة عمل «حلقة الفجيرة الفلسفيّة»، بما يضمن تنوّع نشاطها وتوسّع تأثيرها؛ بدءاً بعقد جلسات وندوات شهريّة ودوريّة من بُعد وحضورياً، ومروراً بتعزيز المنشورات من موسوعات ومجلّات وكتب وغيرها، وانتهاء باختيار عاصمة عربيّة في كلّ سنة تكون مركزاً لعقد اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» بإشراف «بيت الفلسفة».

وأكد توسيع دائرة المشاركين خصوصاً من العالم الغربي؛ بحيث يُفعّل «بيت الفلسفة» دوره بوصفه جسراً للتواصل الحضاري بين العالمين العربي والغربي.

كما بيّن أهمية إصدار كتاب يجمع أعمال المؤتمرات السابقة. وبدءاً من العام المقبل سيعمد «بيت الفلسفة» إلى تعزيز الأبحاث المطوّلة في المؤتمر ونشرها في كتاب خاصّ.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة هو الأول من نوعه في العالم العربي، وتشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان: «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام التي بدأت يوم الخميس الماضي واختُتمت السبت، إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً بتعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة؛ مثل: الفلسفة، والأدب، والعلوم.

وتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطوّر الفكر المعاصر.

وخلال مؤتمر هذا العام سعى المتحدثون إلى تقديم رؤى نقدية بنّاءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث، ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي، ومفاهيم مثل «نقد النقد»، وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وعملت دورة المؤتمر لهذا العام على أن تصبح منصة غنيّة للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

وشملت دورة هذا العام من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتُتح اليوم الأول بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد «بيت الفلسفة»، وكلمة للأمين العام للاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتضمّنت أجندة اليوم الأول أربع جلسات: ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أما الجلسة الثالثة فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما ضمت الجلسة الرابعة محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، وترأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما ضمّت أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش، وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

جانب من الحضور (الشرق الأوسط)

وتكوّن برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) من ثلاث جلسات، ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، وترأست الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وضمت الجلسة الثالثة محاضرة للدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم أي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

وتكوّن برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تناولت الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي في طلاب الصف الخامس»، شارك فيها الدكتور عماد الزهراني، وشيخة الشرقي، وداليا التونسي.

وشهدت الجلسة الثانية اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفية» ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.