بن فليس لـ«الشرق الأوسط»: لا شيء يسرني أكثر من تسميتي «مرشح الشباب»

المرشح الرئاسي يقول إن احترام مؤسسات الدولة واجب على كل من يتحلى بروح المسؤولية

بن فليس لـ«الشرق الأوسط»: لا شيء يسرني أكثر من تسميتي «مرشح الشباب»
TT

بن فليس لـ«الشرق الأوسط»: لا شيء يسرني أكثر من تسميتي «مرشح الشباب»

بن فليس لـ«الشرق الأوسط»: لا شيء يسرني أكثر من تسميتي «مرشح الشباب»

ليست هذه هي المرة الأولى التي يخوض فيها علي بن فليس انتخابات الرئاسة الجزائرية في مواجهة الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، لكن الرجل المقبل من سلك القضاء والذي عمل وزيرا للعدل في عدة حكومات يراهن على أن هذه المرة مختلفة عن المرة السابقة في 2004.
وقد عمل بن فليس مع بوتفليقة رئيسا للحكومة حتى 2003، وتقلد مناصب رفيعة منها أمين عام حزب جبهة التحرير ومدير ديوان الرئاسة بما يعني أنه ليس بعيدا عن خبرات صناعة القرار وكواليس السلطة، ولكنه يقول في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» عبر أسئلة وردود مكتوبة إنه لم يلتق بوتفليقة منذ عام 2003.
وهو يؤكد عشية ذهاب نحو 22 مليون ناخب داخل الجزائر اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس لولاية من خمس سنوات أنه سعيد بتسميته مرشح الشباب، وأنه - بصرف النظر عن الاتجاه الذي سيذهب إليه التصويت - فاعل سياسي وسيواصل النضال من أجل القيم التي يؤمن بها، وهو يقول إنه يخطط لجعل 17 أبريل (نيسان) أي اليوم، تاريخا للتغيير الرصين، أما بالنسبة إلى ما يجري في العالم العربي فهو في رأيه مسار يصعب وصفه بدقة لتعدد العوامل واختلاف المسببات والظروف، لذلك من الصعب النطق بحكم عام، لكن لا جدوى من الوقوف في وجه رغبة الشعوب في التغيير. وإلى نص الحوار.

* السيد علي بن فليس.. ما أشبه الليلة بالبارحة فقد كنت المنافس الرئيس لبوتفليقة في اقتراع 2004، ما الذي يجعل الأمر مختلفا الآن بالنسبة إلى حظوظك في صناديق الاقتراع؟
- إن الأمر مختلف تمام الاختلاف، فالمجتمع الجزائري تغير وأصبح أكثر وعيا بضرورة إرساء قواعد الديمقراطية وترسيخ الحريات وهذه المعاينة تنطبق على وجه الخصوص على فئة الشباب التي أصبحت فاعلة في شبكات التواصل الاجتماعي ومطلعة على ما يعرف العالم من تحولات باتجاه التعددية والحريات وكيفية ممارسة الديمقراطية. فلا يمكن للجزائر أن تكون على هامش هذا التوجه. وبمناسبة انتخابات 2014، جئت حاملا لمشروع يستجيب للتطلعات ويضع الجزائر على نحو يساير وجهة التاريخ.
* في تصريحاتك تعهدت بأن تعيد الجزائر إلى عمقها العربي والأفريقي في حال فوزك، ماذا تقصد بذلك؟ وهل الجزائر فقدت هذا العمق في السنوات الأخيرة؟ وهل يعني ذلك أنكم ترون غيابا للدبلوماسية الجزائرية عن امتدادها الأفريقي والعربي؟
- تعهدت بالفعل أن أعيد الجزائر إلى عمقها العربي والأفريقي لأنها فقدت خلال أكثر من عشرية المكانة التي كانت تحظى بها خاصة على المستويين السياسي والاستراتيجي في المديين العربي والأفريقي.
ألا ترون أنه من الغريب ألا تحدث خلال 15 سنة أي زيارة رسمية ثنائية على أعلى مستوى مع دول أفريقية! ألا ترون أن الجزائر مغيبة في الساحة العربية بعد أن كانت فاعلا يحسب لها ألف حساب! أنا أقدر أن هذا ليس ذنب الدبلوماسيين الجزائريين الذين لهم من الكفاءات والقدرات ما يسمح لهم بإعلاء صوت الجزائر وإسماع كلمتها في محفل الأمم.
فالداء يكمن في غياب استراتيجية واضحة المعالم وهذا الأمر ليس غريبا لأنه من المعروف أن السياسة الخارجية هي مرآة عاكسة للسياسة الداخلية.
في حالة انتخابي رئيسا للجمهورية، ستستعيد الجزائر دورها الفاعل في الفضاءين الأفريقي والعربي وستكون محاورا ذا مصداقية وستتحمل مسؤولياتها كاملة غير منقوصة في حل النزاعات وبعث التعاون على مختلف الأصعدة.
* الشباب هم قوة التغيير في المجتمعات العربية حاليا، وكما يبدو هناك حالة إحباط بسبب قلة الفرص الوظيفية أساسا، وكذلك الرغبة في حريات أكبر مماثلة لما يشاهدونه من خلال وسائل التواصل والاجتماعي والإعلامي في العالم، ماذا تقول لهؤلاء الشباب وما وعودك لهم؟
- إن هذا التشخيص ينطبق تماما على الجزائر، فالشباب الجزائري يعاني من مشكلات البطالة ونقص الآفاق علاوة على الوصاية المفروضة عليه التي تشعره بالانتقاص من شأنه وبالتهميش والإقصاء.
لقد استمعت للشباب عبر مختلف ربوع الوطن وتوصلت إلى قناعة تقضي بضرورة إرساء مبدأ الانتقالية بين الأجيال حتى يتسنى للشباب تحمل المسؤوليات على كافة المستويات.
إن الشباب هو المحور الأساسي في برنامجي وفي ذات الوقت الرافعة الأساسية لوضعه حيز التنفيذ. لهذا فإني ألتزم بتسليم الشباب مقاليد إدارة شؤون البلاد، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الحكامة الراشدة التي هي حجر أساس برنامج التجديد الوطني الذي أحمله ستضع مشكلات الشباب في خانة أولوياتها.
* أنت أول مرشح رئاسي يجري عملية الحوار مع الشباب بوسائل التواصل الاجتماعي، هل يمكنك إلقاء الضوء على ذلك، وكيفية تجاوب الشباب معك؟
- الكل يعترف أن حملتي الانتخابية نشطها بالأساس الشباب الذين شكلوا خلايا على شبكات التواصل الاجتماعي وتكفلوا بالعمل الجواري لإقناع الجزائريات والجزائريين بأحقية المشروع الذي نحمله سويا. وأدعوكم بالمناسبة إلى زيارة المواقع الاجتماعية وصفحات «فيسبوك» وسوف تقرون أنني استطعت على نحو مرضٍ جمع جيش عرمرم من شباب «فيسبوك» الذي التف حول الالتزامات المتضمنة في برنامجي. ومن دون شك، فلا شيء يسرني أكثر من تسميتي بمرشح الشباب من قبل معظمهم.
* هناك تعطش بين الشباب خاصة إلى أنماط أكثر تطورا من الديمقراطية في الحكم والتحديث، وهناك حقيقة تاريخية أن التطور الديمقراطي في الغرب حدث على قاعدة نمو اقتصادي أدت إلى تشكيل طبقة وسطى توسعت وتعلمت، ومن ثم بنت مؤسسات الديمقراطية والحكم الشفاف لحماية مصالحها، في رأيك ما الأسس التي ترون أن الجزائر تحتاجها لتعزيز مثل هذه المؤسسات وتطوير العملية الديمقراطية؟
- إن الجزائر تحتاج إلى تعميق ثقافة الدولة، هذه الثقافة التي تفرض احترام صلاحيات المؤسسات، وصيانة المال العام وتجعل من الدولة أداة لخدمة المواطنين. ومما لا شك فيه أن الجزائر بحاجة إلى تنويع اقتصادها حتى تقلص من تبعيتها للمحروقات، فالأمر هنا يمر حتما عبر تشجيع المبادرة حتى يصبح للجزائر نسيج من المؤسسات الاقتصادية الفعالة والناجعة.
إن تحقيق هذا المبتغى سيرفع من وتيرة النمو ويقلص من تبعية الاقتصاد الجزائري إلى الخارج ويرفع من المستوى المعيشي للساكنة كما يؤدي إلى بروز فئة وسطى تلعب دورا هاما في التحولات السياسية والاقتصادية والمجتمعية.
سأتخذ القرارات اللازمة ليصبح مناخ الأعمال مناسبا ولأجعل من الجزائر بلدا يستقطب المستثمرين الوطنيين والأجانب.
* انطلاقا من السؤال السابق، هل ترى أن الجزائر أصبحت جاهزة لعملية تداول السلطة الآن؟
- إن الشعب جاهز وواعٍ بضرورة التداول على السلطة لأنه يعيش أوضاعا مزرية ولا يزال يعاني من أزمة متعددة الأبعاد وعميقة، فالشعب الجزائري يرى أن مشكلاته غير متكفل بها وأن الحلول المقترحة هي حلول ظرفية وفي غالب الأحيان غير ناجعة. من جهة أخرى، فإن ثقافة الجزائري ترفض السلطة الأبدية والتوريث.
* أنت رجل قانون، ما خططك أو أفكارك في مجال ترسيخ سيادة القانون في الدولة الجزائرية في حالة فوزك بالرئاسة؟
- سأمنح العدالة استقلالية تامة وأجعل القاضي لا يخضع إلا لضميره. كنت وزيرا للعدل في ثلاث حكومات متتالية وشرعت في تطبيق مبدأ استقلالية العدالة وسُميت هذه المرحلة بالعصر الذهبي للعدالة الجزائرية.
سأجعل، بإذن الله، من الجزائر بلدا يعلو فيه القانون ولا يعلى عليه، بلد يتمتع فيه الشعب بحماية القانون ضد كل التجاوزات وسأجعل من المجلس الأعلى للقضاء الهيئة التي تسهر على المسار المهني للقضاة دون أي تدخل يذكر للجهاز التنفيذي كما سأعمل على إصلاح الترسانة القانونية بما يستجيب لتطلعات الجزائريين.
* علاقتك ببوتفليقة وبدوائر الحكم في الجزائر، هل هناك تواصل، أو مضايقات في حملتك الانتخابية؟ وكيف ترى شفافية وحيادية أجهزة السلطة في التعامل مع حملات المرشحين مقارنة بحملة الرئيس المرشح بوتفليقة؟ وما رأيك فيما يثار من انتقادات حول إدارة حملته عن طريق وكلاء؟
- بالنسبة لعلاقتي مع الرئيس بوتفليقة، فقد بدأت سنة 1999 لما طلب مني إدارة حملته الانتخابية وكنت شريكا في المشروع الذي اقترحه على الجزائريين والذي كان يتمحور حول مجموعة من القيم أؤمن بها وأعتنقها.
فالخلاف قد بدأ لما حدث انحراف عن هذه القيم لا سيما عندما أراد الرئيس اعتماد قانون جديد للمحروقات يُملك الشركات الأجنبية باطن أرض الجزائر، الأمر الذي رفضته رفضا قاطعا لأن ثروات الجزائر ملك للشعب الجزائري ولا يحق لأي أحد مهما كان موقعه التصرف فيها.
أما السبب الثاني، فإنه يخص القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء حيث حررت نصا يعترف للقضاة باستقلالية تامة الأمر الذي لم يستسغه الرئيس الذي تحذوه قناعة بضرورة إخضاع القاضي لنفوذ السلطة التنفيذية.
منذ سنة 2003 لم ألتق الرئيس، أما بالنسبة لعلاقتي مع مؤسسات الجمهورية، فإني أحترم المهام التي تضطلع بها لأنني متشبع بثقافة الدولة وبتقدير مؤسساتها من برلمان وغيره، فاحترامها واجب على كل من يتحلى بروح المسؤولية لأن في ذلك احتراما للدولة الجزائرية.
* الجزائر في وضع اقتصادي جيد بسبب ارتفاع أسعار النفط التي أدت إلى احتياطيات أجنبية تتجاوز 200 مليار دولار، ومع ذلك هناك نسب بطالة، في تقديرك ما أسباب ذلك؟ وهل نمط التنمية المعتمد على الدولة في إدارة الاقتصاد هو المسؤول عن ذلك؟ وهل لديك اطمئنان بأن وضع الاقتصاد لا يحمل مخاطر مخفية؟
- اسمحوا لي أن أصوب كلامكم، فالجزائر تعرف وضعا ماليا مريحا لكنها تعاني من وضعية اقتصادية مقلقة. وسبق لي أن ذكرت التبعية المفرطة للمحروقات التي تمثل أزيد من 97 في المائة من صادرات الجزائر في الوقت الذي تشكل فيه الجباية البترولية 75 في المائة من مداخيل الدولة.
إن القطاع الصناعي متدهور والقطاع الزراعي لم يرق إلى درجة الأموال التي صرفتها الدولة، أما القطاع الخدماتي فلا يزال بدائيا. لكل هذه الأسباب لم ترق الجزائر إلى مستوى التقدم والنمو الذي تسمح به الإمكانات المادية والبشرية التي تزخر بها.
وضعت المؤسسة الاقتصادية في صلب برنامجي وأعددت خطة لتحقيق وثبة إنتاجية حقيقية في الجزائر. كما أنني أدعو المتعاملين الاقتصاديين الوطنيين والأجانب إلى وضع ثقتهم في بلد سيطلّق عصر البيروقراطية ويدخل عهد النجاعة والفعالية الاقتصادية.
* تشكيل حكومة وحدة وطنية والعمل من أجل دستور توافقي بين أهم بنود وعودك الانتخابية لماذا ترى أن الجزائر في حاجة لذلك؟
- تعيش الجزائر أزمة منذ أكثر من عقدين من الزمن والحلول التي اقترحت لم تف بالحاجة ولم تكن شاملة.
إن الخيار الذي اعتمدته في برنامجي هو مسعى توافقي يجمع كل الفاعلين من دون استثناء أو إقصاء ولا تهميش ما عدا أولئك الذين يخرجون عن دائرة العمل السياسي باللجوء إلى العنف.
فور انتخابي، سأدير هذا الحوار الوطني الذي سينبثق عنه دستور توافقي وتؤسس من خلاله حكومة وحدة وطنية مبنية على أرضية سياسية واقتصادية واجتماعية توحد الرؤى حول المشكلات والحلول.
لست بالرجل الذي يؤمن بالحلول السحرية أو بالرئيس المعجزة، أنا رجل حكامة وحوار وليس رجل الانفراد بالسلطة.
سأقترح على كل القوى الفاعلة سياسيا شراكة سياسية حقيقية تجعل حتى من المعارضة جزءا من السلطة وهذا من خلال الاعتراف لها بالحق الكامل في النقد والاقتراح.
* ما تعليقك على المخاوف التي تثار خلال الحملات من أن فتح الباب للتغيير الآن في الجزائر قد يفتح هو الآخر الباب لعودة تيارات من الإسلام السياسي قد تعيد العنف مجددا وتخل بالاستقرار كما حدث في بلدان عربية أخرى ما زالت تصارع من أجل إعادة الاستقرار وحماية دولها من الانهيار؟
- إن الدول والمجتمعات لا تبنى على التهميش والإقصاء والتيار الإسلامي حقيقة في الجزائر لا يمكن أن ينكرها أحد إلى جانب وجود تيارات أخرى قوية كالتيار الديمقراطي والوطني وغيرها.
إن كل من ينصهر ضمن قوانين الجمهورية ويدرج عمله السياسي في هذا الإطار له الحق في التعبير عن رأيه وتوجهه ويبقى اللجوء إلى العنف هو الخط الأحمر الوحيد.
كما أنه لا تخوف عندما تتمتع مؤسسات الدولة بالشرعية والمصداقية، مبدآن يمنحان المؤسسات القوة لتطبيق قوانين الجمهورية بصرامة ومن دون تمييز.
* هناك قضية تشغل الجزائريين في الداخل والخارج هي ظاهرة هجرة العقول والكفاءات خلال العقدين الأخيرين لأسباب مختلفة، ما خططك للاستفادة من هذه العقول والكفاءات، وجذبها للداخل، أو على الأقل ربطها بوطنها لصالح خطط التنمية؟
- إن الأدمغة الجزائرية قد هاجرت إلى الخارج لأنها لم تجد في وطنها الظروف المواتية لتحقيق ذاتها. في برنامجي قررت إنشاء هيئة تتبع مباشرة لرئيس الجمهورية تعهد إليها مهمة إيجاد الصيغ والأنماط الكفيلة بإسهام هذه الفئة في خطط التنمية الوطنية، وهذه الهيئة ستصغي لهذه الكفاءات وتحدد بمشاركتهم الإجراءات التي تكفل تحقيق مناخ لضمان إسهامهم في الجهد الوطني الرامي إلى جعل الجزائر دولة تلتحق بركب الدول الناشئة.
* ما رأيك فيما أطلق عليه الربيع العربي وتداعياته الحالية التي أصبحت في رأي كثيرين سلبية ويخشى منها على كيانات ودول عربية، وما رؤيتك لكيفية الخروج مما يبدو كمطب تاريخي دخلنا فيه، ولا نعرف كيفية الخروج منه؟ وهل تخشى من دخول الجزائر هذا المطب؟
- إن ما يجري في العالم العربي مسار يصعب وصفه بدقة لتعدد العوامل واختلاف المسببات والظروف، لذلك من الصعب النطق بحكم عام.
لكن يمكن لي القول إنه لا جدوى من الوقوف في وجه رغبة الشعوب في التغيير وإرساء الحريات والديمقراطية. أما بالنسبة للجزائر، فإني أسعى وأعمل على أن أجعل من تاريخ 17 أبريل محطة للتغيير الرصين شريطة ألا يسطو التزوير على الإرادة الشعبية.
* في حالة عدم الفوز بالانتخابات الرئاسية ما مشاريعك السياسية بعدها، وهل ستظل في دائرة العمل العام السياسي أو الحزبي؟
- أنا فاعل سياسي وسأواصل النضال من أجل القيم التي أؤمن بها مستلهما قوتي وثباتي من الدعم الواسع الذي أحظى به من قبل الفئات العريضة من الشعب الجزائري. فبالنسبة لي، إن النضال من أجل المعتقدات والقيم هو أمر ثابت سواء كان المرء في السلطة أو خارجها.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.