واشنطن تحاصر «النصرة» بوضع مموليها على قائمة الإرهاب

أربعة قياديين مشتبه بانخراطهم في نشاط إرهابي أو دعم الجماعات الإرهابية

واشنطن تحاصر «النصرة» بوضع مموليها على قائمة الإرهاب
TT

واشنطن تحاصر «النصرة» بوضع مموليها على قائمة الإرهاب

واشنطن تحاصر «النصرة» بوضع مموليها على قائمة الإرهاب

ضاعفت الولايات المتحدة الأميركية الضغوط على «جبهة فتح الشام» التي كانت تعمل باسم «جبهة النصرة» في وقت سابق، وذلك عبر فرض عقوبات على أربعة قياديين فيها يتوزعون بين الشمال والجنوب السوري، موكلين مهام تمويل التنظيم المتشدد، وتجنيد المقاتلين في صفوفه، والتخطيط للعمليات. غير أن القائمة لم تضم اسم زعيمها أبو محمد الجولاني، أو اسمه الحقيقي، علما بأن إدراج التنظيم في وقت سابق في العام 2012 على لوائح الإرهاب الأميركية «يشمل قائده»، بحسب ما يقول مطلعون على الملف، مؤكدين أن القائمة الجديدة «تختص بمحاصرة التنظيم ماليًا، والضغط لتقويض أنشطة دعمه».
وزارة الخزانة الأميركية أعلنت أنها فرضت عقوبات على أربعة من قادة «جبهة النصرة» بموجب لوائح استهداف الولايات المتحدة للمشتبه في انخراطهم في نشاط إرهابي أو دعم الجماعات الإرهابية. وقال مكتب مراقبة الأصول الخارجية في وزارة الخزانة إن العقوبات تهدف إلى عرقلة أنشطة جبهة النصرة العسكرية والمالية وما يتعلق بتجنيد الأشخاص. وتمنع اللوائح المواطنين الأميركيين من القيام بتعاملات تجارية مع الأشخاص الخاضعين للعقوبات.
واتخذت وزارة الخزانة الأميركية هذه الإجراءات بالتنسيق مع وزارة الخارجية التي قالت الخميس إن «جبهة فتح الشام» هو اسم آخر لـ«جبهة النصرة». وتعتبر الولايات المتحدة أن جبهة النصرة «فرع تنظيم القاعدة في سوريا». وقالت وزارة الخزانة في بيان إنها ستفرض عقوبات على أربعة من قيادات جبهة النصرة هم: عبد الله محمد بن سليمان المحيسني، وهو من الدائرة الداخلية للقيادة ويلعب دورا في تجنيد مقاتلين للجماعة في شمال سوريا، إضافة إلى جمال حسين زينية، القيادي بالجبهة المسؤول عن التخطيط للعمليات في القلمون في سوريا وفي لبنان، وعبدول جاشاري وهو مستشار عسكري لجبهة النصرة في سوريا ساعد في جمع أموال لأسر المقاتلين، فضلاً عن أشرف أحمد العلاق، وهو قائد عسكري بالجماعة في محافظة درعا السورية في جنوب البلاد.
وباستثناء المحيسني، لا تعد الأسماء الثلاثة الأخرى أسماء معروفة، ما يوحي بأن الأشخاص الأربعة «يمثلون شبكات التمويل الخاصة للتنظيم»، بحسب ما يقول الباحث السياسي المختص بحركة الجماعات المتشددة عبد الرحمن الحاج، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المحيسني «قريب من النصرة وليس عضوًا فيها، ويعتبر نفسه مستقلاً ويحاول تقديم الدعم اللازم عبر قناة اتصال هي في الواقع قناة تمويل».
وتابع الحاج «يبدو أن واشنطن لاحقت شبكة تمويل عبر هؤلاء الأشخاص، ويبدو أنهم باتوا مكشوفين في تمويل التنظيم والتجنيد في صفوفه رغم أنهم غير معروفين على نطاق واسع» رغم أن بعض الناشطين تحدثوا عن أن القيادي في القلمون، هو أبو مالك التلي الذي يحمل اسما حركيًا يتحرك به. غير أن قرارًا مشابهًا، لا يراه الحاج قادرًا على محاصرة التنظيم بالكامل، إذ رأى أن «تأثيره سيكون ضعيفًا». ووضعه الحاج ضمن إطاره «الرمزي والإعلامي»، قائلا: إن النصرة «تعتمد على موارد ذاتية عبر سيطرتها على مؤسسات حيوية تشكل مصادر تمويل لها مثل السيطرة على إهراءات القمح، ومصادر الطاقة والأدوية والاتجار عبر الحدود عبر وكلاء لها»، مشيرًا إلى أن التنظيم «اكتسب خبرات السيطرة على الموارد الذاتية من تجربته العراقية».
وأضاف الحاج «في نشأته العراقية، كان التنظيم يسيطر على المؤسسات الحيوية التي تعد مصادر مالية، فضلاً عن أنه يسعى لفرض الضرائب على الأشخاص مقابل تقديم خدمات الحماية لهم، وهو ما يفسر سيطرته على مناطق حيوية يسعى لأن تكون إمارته». وأوضح أن التحويلات المالية الخارجية «تشكل مصدرًا إضافيًا للتمويل، وهي بصدد المحاصرة عبر القرار الأميركي... والقرار يفعل إجراءات مراقبة التمويل ومتابعة سير حركته التي تصب لصالح التنظيمات».
أما كيف لم يأت القرار على ذكر الجولاني، زعيم التنظيم في سوريا، فهو ما أرجعه الخبراء إلى أن القرار «مختص بملاحقة الممولين»، وقد لا يكون الجولاني من بينهم. بينما يرى آخرون أن الجولاني «هو حكمًا في صلب القرار الصادر في العام 2012 ويضع النصرة على لائحة الإرهاب، لأنه زعيم التنظيم»، وبالتالي «تنطبق عليه شروط الحظر وشروط الإرهابيين». وكانت جبهة النصرة في يوليو (تموز) قطعت صلاتها بتنظيم «القاعدة» وغيرت اسمها إلى جبهة فتح الشام في محاولة لتجنب استهداف الولايات المتحدة أو روسيا. لكن واشنطن لم تعترف بهذا التغيير.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.