المصريون أخلوا الشوارع للأمن.. وسخروا من مظاهرات 11 نوفمبر على «فيسبوك» و«تويتر»

رئيس الحكومة: الشعب اختار الاستقرار والبناء.. والداخلية طوقت الميادين والمقار الرسمية

عناصر من الأمن المركزي بأسلحتهم في أحد ميادين الجيزة أمس تحسبا لحدوث اضطرابات (إ. ب. أ)
عناصر من الأمن المركزي بأسلحتهم في أحد ميادين الجيزة أمس تحسبا لحدوث اضطرابات (إ. ب. أ)
TT

المصريون أخلوا الشوارع للأمن.. وسخروا من مظاهرات 11 نوفمبر على «فيسبوك» و«تويتر»

عناصر من الأمن المركزي بأسلحتهم في أحد ميادين الجيزة أمس تحسبا لحدوث اضطرابات (إ. ب. أ)
عناصر من الأمن المركزي بأسلحتهم في أحد ميادين الجيزة أمس تحسبا لحدوث اضطرابات (إ. ب. أ)

«شوارع وميادين خاوية من المارة»: «هدوء في المواصلات العامة»: «مواطنون ظلوا في المنازل لإخلاء الشوارع للأمن»: «حفلة على مواقع التواصل الاجتماعي وسخرية من عدم نزول المصريين للمظاهرات».. هذا كان مخلص المشهد المصري أمس (الجمعة)، عقب رفض المصريين دعوات مجهولة للتظاهر ضد السلطة الحالية، بسبب موجة من الغلاء الفاحش تعم البلاد. في المقابل، كان الحضور قويا لقوات الأمن الذين طوقوا الشوارع والميادين منذ الساعات الأولى من يوم أمس، علاوة على الدوريات طوال اليوم، لإحباط دعوات إثارة الفوضى.
يأتي هذا في وقت قال رئيس مجلس الوزراء المصري شريف إسماعيل، إن الشعب المصري اختار الاستقرار والبناء والإصلاح، موضحا في لقاء للتلفزيون المصري الرسمي أمس، أن «القيادة السياسية واعية وسيتحقق على يدها التقدم المنشود لمصر»، مشيرا إلى أن «اهتمامات الحكومة الأساسية الآن هو توفير احتياجات المواطنين من السلع الغذائية الأساسية».
وكانت قد انتشرت دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي منذ أغسطس (آب) الماضي بين قطاعات من المصريين للتظاهر أمس 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تحت عنوان «ثورة الغلابة» ضد الغلاء، غير أنه لم تتبن أي جهة معارضة بارزة هذه الدعوة.
وشددت السلطات المصرية من إجراءاتها للتصدي لدعوات التظاهر. ودعت المساجد كلها المصلين لعدم الخروج للتظاهر، والتقط المصريون صورا للشوارع وهي خاوية من المارة والسيارات، خصوصا ميدان التحرير بوسط العاصمة «مفجر ثورة 25 يناير عام 2011»، الذي خلا من المارة تقريبا، في حين انتشرت على مسافات متباعدة منه مدرعات الشرطة المزودة بقنابل الغاز المسيل للدموع.
وكان متظاهرون قد اعتصموا في التحرير خلال الانتفاضة التي استمرت 18 يوما وأطاحت بحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. كما احتشد المتظاهرون للمطالبة بتنحية الرئيس المعزول محمد مرسي عن الحكم في منتصف عام 2013. وتدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي كان وزيرا للدفاع وقائدا للجيش لتحقيق مطلبهم.
وقرر البنك المركزي المصري تحرير سعر صرف الجنيه؛ ما تسبب في ارتفاع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في السوق الرسمية، كما قررت الحكومة زيادة أسعار المواد البترولية؛ ما تسبب في تصاعد الغضب بين المواطنين جراء موجة الغلاء نتيجة ذلك القرار.
ودعا السيسي في وقت سابق المصريين لعدم الاستجابة لمثل هذه الدعوات وتجنب المظاهرات لتفويت الفرصة على المتربصين بالوطن. فيما اتهمت وزارة الداخلية جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية بأنها نسقت مع حركة متشددة لشن هجمات تزامنا مع المظاهرات.
ورغم تحفظ الإخوان في الإعلان عن علاقتها بالمظاهرات ورفض نسب دعوات التظاهر إليها» فإن مراقبين أكدوا أن «الجماعة فضلت أن تراقب المشهد، وفي حال نزول متظاهرين فستصعد عليها وتقول إنها من خططت لها، أما إذ فشلت فستتجاهلها وتنفي أي علاقة لها بها».
ونجحت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية في العبور بالبلاد إلى بر الأمان، وأحبطت ضرباتها الاستباقية في إفساد دعوات التظاهر وإثارة الفوضى، وشهدت ربوع البلاد انتشارا أمنيا واسع النطاق للتصدي لدعوات التخريب وأعمال العنف. ولم يتوقف دور الشرطة على حماية المؤسسات والمواقع الشرطية، وإنما امتد ليصل لتأمين أماكن تنزه المواطنين الذين حرصوا على الاستمتاع بالإجازة الرسمية والخروج للحدائق العامة وبعض المتنزهات على مستوى الجمهورية.
وشهدت البلاد حالة من الهدوء الأمني على نطاق واسع، وسط سيولة مرورية في الشوارع والمحاور الرئيسية بالبلاد، ولم تسجل غرف العمليات على مستوى مصر أي أعمال شغب أو خروج عن القانون، حيث سادت حالة من الهدوء على جميع المناطق وسط الإجراءات الأمنية.
وقال مصدر أمني: إن «الشرطة لاحقت عشرات المتظاهرين في ميدان الأربعين في مدينة السويس (شرقي القاهرة) الذي سقط فيه أوائل قتلى ثورة (25 يناير)، وتم توقيف عشرة منهم. وفي محافظة البحيرة في دلتا النيل ردد متظاهرون هتافات مناوئة لغلاء الأسعار»، وأكد المصدر الأمني أن «الشرطة أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع وألقت القبض على 98 متظاهرا في ثلاث مدن، مضيفا: أن «المتظاهرين رشقوا الشرطة بالحجارة». وفي محافظة الشرقية مسقط رأس المعزول نظم مؤيدون لجماعة الإخوان مظاهرة محدودة؛ لكنهم لم يشتبكوا مع الشرطة.
وكان اللواء مجدي عبد الغفار، وزير الداخلية، قد أكد أن الأجهزة الأمنية لن تسمح تحت أي ظرف بأي محاولة لتكرار مشاهد مرفوضة للفوضى والتخريب في الوقت الذي تتقدم فيه الدولة بخطى ثابتة إلى مستقبل واعد، وتحظى فيها جهودها بكل الدعم والمساندة الشعبية؛ وهو ما يعزز من ثقة وقدرة رجال الشرطة في مواجهة كل ما يهدد الوطن بمنتهى العزيمة والإيمان، وضرورة الاستعداد لكل السيناريوهات الأمنية المحتملة من خلال المعلومات الدقيقة والتخطيط العلمي والتدريب والتأهيل الجيد للعنصر البشري، وأهمية التواصل بين القيادات والمرؤوسين وتوعيتهم بطبيعة المرحلة وحجم التحديات التي يواجهها الجهاز الأمني، والمخططات التآمرية التي تسعى من خلالها جماعة الإخوان إلى إثارة الفوضى والبلبلة بالبلاد بغرض التشكيك في قدرة الدولة وأجهزتها على تحقيق طموحات المواطنين.
في السياق ذاته، تسابق المصريون للخروج والذهاب للمناطق السياحية والأثرية، والتقط بعضهم عددا من الصور من أمام أحد الملاهي الشهيرة، التي قامت بعمل تخفيض على تذاكرها أمس. بينما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» سيلا من التغريدات الساخرة من عدم نزول المصريين للمظاهرات، وعبر المصريون بشكل كوميدي عن المشهد، فقال أحد المغردين «إصابة عدد من رجال الشرطة بحالة من الملل لعدم وجود متظاهرين»، وآخر «الثورة بتستعد هتلبس هدومها وتنزل»، وثالث «انطلاق الآلاف من المساجد اعتراضا على ارتفاع سعر (القوطة)». بينما استدعى بعض المغردين مشهد فيلم «طباخ الرئيس» عندما قال النجم خالد زكي وكان يجسد شخصية الرئيس، لرئيس حكومته وجسده الفنان لطفي لبيب: «وديت الشعب فين يا حسن.. 90 مليون مفيش شايف منهم ولا واحد». ونشرت إحدى المغردات صورة من موقع إخواني لسيدات رفعن صور الرئيس المعزول وشعار رابعة، لكنهن اخفين وجوههن، وكتبت عليها «الثورة المستحية».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».