في مصر.. حضر الأمن وغاب المتظاهرون

مخاوف من مظاهرات مرتقبة كان مقررا لها اليوم الجمعة (11-11) في مصر سرعان ما تحولت إلى حالة سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي بين المصريين.
وكانت قوات الأمن المصرية هي الوحيدة الحاضرة في الشوارع اليوم الجمعة، وبخاصة العاصمة القاهرة، تحسبا لاحتجاجات دعت إليها بعض الصفحات على «فيسبوك» على خلفية زيادة أسعار السلع والمحروقات مؤخرا إثر إعلان البنك المركزي تحرير سعر صرف الجنيه المصري (تعويم الجنيه) قبل أسبوع.
وأطلقت دعوات التظاهر المجهولة في أغسطس (آب)، وأيدها البعض على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن ميدان التحرير، مهد ورمز ثورة يناير 2011، خلا من المارة تقريبا في حين انتشرت على مسافات متباعدة قليلا مدرعات الشرطة المزودة بقنابل الغاز المسيل للدموع.
وأغلقت السلطات محطة أنور السادات بمترو أنفاق القاهرة الكبرى أسفل ميدان التحرير في إجراء بدا أن الهدف منه منع احتمال وصول متظاهرين من المحطة إلى الميدان.
وقال شنودة إسحاق وهو سائق سيارة أجرة لوكالة رويترز «بيني وبينك أحسن عشان محدش ينزل. الوجود الأمني دا بيخوف الناس».
ولم تلق الدعوة للمظاهرات استجابة كبيرة من تيارات المعارضة الرئيسية في مصر، وهو ما أكدته الشوارع الخالية من المارة بشكل أكثر من المعتاد في يوم الجمعة وهو يوم عطلة للسواد الأعظم من المصريين.
لكن السلطات تأهبت للأمر إذ لا مجال للمخاطرة في مجتمع أطاحت فيه المظاهرات الحاشدة بمبارك ثم بالرئيس محمد مرسي في منتصف 2013 عندما خرج ملايين المصريين تأييدا للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي كان وزيرا للدفاع وقائدا للجيش أملا في استعادة الاستقرار.
في المقابل، كانت السخرية من عدم وجود أي مظاهر للاحتجاجات هي الحاضرة بقوة على «فيسبوك» و«تويتر» عبر التعليقات والصور الكوميدية، فكتب أحد المستخدمين «عاجل: إصابة عدد من رجال الشرطة بحالة ملل لعدم وجود متظاهرين بالميادين».
فيما استدعى البعض مشهدا من فيلم «طباخ الرئيس» وعبارة «وديت الشعب فين يا حسن.. 90 مليون مفيش منهم ولا واحد» مع صورة للشوارع الخالية، كذلك لم يغب مشهد العزاء الشهير في فيلم «اللمبي» حينما لم يأت أحد لتقديم العزاء في وفاة والدة الممثل حسن حسني.
وردد كثيرون عبارة «90 مليون مصري يجلسون أمام التلفزيون في منازلهم ينتظرون مشاهدة 90 مليونا آخرين يتظاهرون».
وبعدما كانت المساجد نقطة انطلاق رئيسية في ثورة يناير، وبالتحديد في 28 يناير 2011، وظلت كذلك في الكثير من المظاهرات، كتب أحد رواد «تويتر» «هتافات مزلزلة من أمام المسجد لكنها في الواقع نداءات بائعي الفاكهة ترويجا لبضاعتهم».
ونشر الكثير من المستخدمين على حساباتهم الشخصية صورا التقطوها بأنفسهم للشوارع التي تكاد تخلو من المارة والسيارات، خاصة في وسط القاهرة، ربما رغبة في تخليد هذه اللحظة النادرة.
وحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في الأسابيع الأخيرة، المصريين على تجنب التظاهر مشددا على أن طريق الإصلاحات الاقتصادية لا رجعة فيه مهما كانت قسوة السير فيه.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن مصدر أمني قوله «قوات الشرطة قامت بتطويق مداخل محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية وذلك من خلال نشر الأكمنة والتمركزات الأمنية الثابتة والمتحركة على تلك المداخل سواء بالطرق الصحراوية أو الزراعية».
وأضاف أن الهدف من ذلك هو «الحيلولة دون تمكن عناصر الجماعة الإرهابية (الإخوان) من التسلل والاندساس وسط أي من المسيرات التي قد تخرج تلبية لتلك الدعوات المشبوهة لإحداث حالة من الفوضى».
من جهة أخرى، قالت وزارة الداخلية أمس الخميس إنها صادرت كمية من الأسلحة والذخيرة كانت مخبأة في مقبرة ومنزل في محافظة الفيوم جنوب غربي القاهرة.
واتهمت الوزارة جماعة الإخوان بأنها تنسق مع حركة متشددة لشن هجمات اليوم تزامنا مع المظاهرات.
وأوضحت الوزارة أنها داهمت خمسة «أوكار لتصنيع المتفجرات» في أنحاء البلاد يوم الأربعاء واتهمت جماعة متشددة بالتنسيق مع الإخوان المسلمين للهجوم على نقاط تفتيش للشرطة عشية الاحتجاجات.
وأطاحت ثورتان في الست سنوات الأخيرة بحكم الرئيسين حسني مبارك في 2011 ومحمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان في 2013.