أنقرة ترحب باختيار الأميركيين ترامب وتطالبه بتسليم غولن

محللون يقللون من المخاوف ويتوقعون سياسة براغماتية

أنقرة ترحب باختيار الأميركيين ترامب وتطالبه بتسليم غولن
TT

أنقرة ترحب باختيار الأميركيين ترامب وتطالبه بتسليم غولن

أنقرة ترحب باختيار الأميركيين ترامب وتطالبه بتسليم غولن

أعرب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن أمله في أن يحمل اختيار الشعب الأميركي مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، لرئاسة البلاد، خطوات إيجابية للولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط.
وقال إردوغان أمام المؤتمر الدولي لمنتدى الأعمال الـ20، لجمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين التركية (موسياد)، في إسطنبول، أمس الأربعاء: «آمل أن يفضي اختيار الشعب الأميركي إلى خطوات إيجابية بالنسبة للحقوق والحريات العامة والديمقراطية في العالم، وللتطورات في منطقتنا».
كان إردوغان قد طالب في يونيو (حزيران) الماضي بإزالة اسم «ترامب» من أعلى برجين في إسطنبول يمتلكهما الرئيس الأميركي الجديد، ويضمان فنادق ومراكز تجارية، بعد أن أبدى ترامب خلال حملته الانتخابية موقفا متشددا تجاه المسلمين، قائلا إنه سيمنعهم من الهجرة إلى أميركا.
أما رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، فهنأ ترامب مشددا على أهمية تلبية المطالب التركية بتسليم الداعية فتح الله غولن المتهم بتدبير المحاولة الانقلابية لتركيا.
لكن السفير الأميركي في أنقرة جون باس، الذي علق في تصريح له على فوز ترامب بالقول إن نتيجة الانتخابات الأميركية كانت بمثابة مفاجأة، أوضح أن مناقشة مسألة تسليم غولن هي أمر سابق لأوانه.
وفي تعليق لها على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، أوضحت الخارجية التركية أن نتائج الانتخابات هي خيار الشعب الأميركي، وأن تركيا تحترم هذا الخيار.
وهنأ وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، دونالد ترامب قائلا في تغريدة على «تويتر»: «نرغب في تعزيز تعاوننا الاستراتيجي القائم على الثقة مع الولايات المتحدة». مؤكدا احترام تركيا نتائج الانتخابات، وعلى أن علاقتها مع الولايات المتحدة على مستوى الدول وليس على مستوى الأشخاص.
وقال وزير العدل التركي، بكر بوزداغ، إن بلاده ترى أن نتائج الانتخابات تعكس الرغبة الشعبية الأميركية، وإن بلاده تحترم نتائج الانتخابات.
وتابع بوزداغ: «عناوين الصحف واستطلاعات الرأي والإعلام لا تحقق الفوز لأحد. في النهاية الشعب هو من يدلي بأصواته. وما أراه شخصيًا في استراتيجية الانتخابات هو أن الشعب الأميركي قال لا لتسيير إرادته».
وشدد على أن «مجيء رئيس آخر للولايات المتحدة لا يعني الذهاب لتغيير جذري في علاقاتنا»، معربًا عن أمله في رفع علاقات أنقرة مع واشنطن إلى مستوى أعلى.
وتوقع خبراء ومحللون ألا تتأثر العلاقات التركية الأميركية سلبا في عهد ترامب، لكنهم رأوا أن هناك قضايا ستشكل اختبارا للعلاقات، منها بحسب الخبير السياسي سامي كوهين، دعم ترامب القوات الكردية التي تقاتل في شمال سوريا، وقوله في أحد لقاءاته خلال الحملة الانتخابية، إنه يرى في قوات وحدات حماية الشعب الكردية التي تقاتل ضد «داعش» أبطالاً يستحقون الدعم، وهنا تظهر أبرز نقطة خلاف بينه وبين تركيا التي تصنفهم على أنهم إرهابيون.
ورأى كوهين أن مواقف الرؤساء الأميركيين عادة ما تتغير قبل توليهم السلطة وبعد صعودهم إليها، لافتا إلى أن المؤسسات الأميركية ولا سيما هيئة أركان الجيش، كانت تواصل مباحثات مكثفة مع تركيا، للنظر في إمكانية التعاون المشترك في تحرير الرقة والمناطق السورية الأخرى التي تخضع لـ«داعش»، ويُستدل من تصريحات ترامب التي تنم عن رغبته في إنهاء الصراعات أنه قد يعمل على رفع وتيرة هذه المباحثات للتوصل إلى حل نهائي يكفل القضاء على «داعش» وحل الأزمة السورية، ولكن يظل ذلك توقعًا حتى يحدد ترامب ذلك بشكل أوضح. ورأى أن سياسات الولايات المتحدة لا تقوم على أشخاص بل على مؤسسات.
ورأى المحلل السياسي مراد يتكن في تعليق لـ«الشرق الأوسط» أن الإعلام التركي أظهر أداء ضعيفا في تغطيته للانتخابات الأميركية ولم يعطها الاهتمام الذي تستحقه، وركز أكثر على مواقف المرشحين، وأن هيلاري كلينتون تدعم وجود فتح الله غولن في أميركا، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد فوز ترامب بشدة؛ لأن ترامب يريد بناء علاقات وطيدة مع روسيا، وأن كلينتون أنفع لتركيا؛ لأن ترامب يعارض أي تدخل أميركي سياسي أو عسكري أو اقتصادي فيما يتعلق بتغيير الأنظمة في منطقة الشرق الأوسط، وأن ترامب يريد محاربة «داعش» والانكفاء عن التدخل في منطقة الشرق الأوسط، وذلك يحمل في طياته مساندة روسيا للإبقاء على نظام الأسد.
واعتبر يتكن أن هذا منظور خاطئ تماما في تقييم العلاقات بين الدول، ولا سيما مع دولة مثل الولايات المتحدة التي تحكمها سياسات استراتيجية لا تتغير بتغير من يحكمها.
وبالنسبة لقضية فتح الله غولن، رأى يتكن أنها إحدى النقاط الرئيسة التي تحدد بشكل ما حاليا مسار العلاقات التركية الأميركية، لكنه رأى أنها ليست مسألة سياسية، وإنما خاضعة للقضاء الأميركي.
ورأى المحلل السياسي مصطفى أكيول أن فوز ترامب يعد صدمة لكثير من دول العالم، لكنه توقع أن يتعامل ببراغماتية في السياسة الخارجية، قائلا إنه غوغائي، وليس آيديولوجيًا. وهو في النهاية رجل أعمال يعرف ما هي البراغماتية. لذلك، يمكننا أن نتوقع أنه سوف يكون عمليا بما فيه الكفاية للتراجع عن بعض الأفكار التي أثارت هلعا خلال حملته الانتخابية.
وخلال فترة الانتخابات الرئاسية لم يُدلِ المرشحان ترامب وكلينتون بتصريحات كثيرة حول تركيا، واكتفيا بالإجابة عن أسئلة الصحافيين في هذا الصدد، لكن يبدو أن سجل التصريحات لم يكن مشجعا عل الإطلاق، إنما القاعدة التي ينطلق منها صناع القرار والمحللون والمراقبون هي أن الممارسة العملية تختلف عما يقال في فترة التحضير للانتخابات.
وكان ترامب قد تحدث عن إردوغان وتركيا والأكراد خلال حملة الحزب الجمهوري الانتخابية. ففي مقابلة مطولة مع صحيفة «نيويورك تايمز» رفض ترامب وصف محاولة انقلاب الخامس عشر من يوليو الماضي بـ«فخ ومكيدة إردوغان»، مشيرًا إلى أنه يؤمن بأن إردوغان سيقلب الأمور. كما أكد ترامب أنه يمكنه إقناع إردوغان للإسهام في الحرب على «داعش» أكثر.
وخلال المقابلة نفسها، صرح ترامب بأنه معجب بالأكراد، وعقب تذكيره بأن إردوغان ليس معجبا بالأكراد، لفت ترامب إلى أنه يمكنه أن يجمع ويؤلف بين إردوغان والأكراد. وفي إجابة عن سؤال حول وسيلة تحقيق ذلك، أكد ترامب أن المفاوضات هي الوسيلة لتحقيق هذا.
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اتهم ترامب إردوغان بدعم تنظيم داعش الإرهابي، مؤكدًا أن هذا الدعم يتعلق بتجارة النفط. كما رفع ترامب حدة التوترات بإعلانه أنه سيمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، ليعلق إردوغان على هذه التصريحات بأنها عبارات يستخدمها السياسيون الفشلة قائلا: «لا أدرى إن كان سيفوز أم لا، لكن لنقل إنه فاز. ماذا سيحدث حينها؟ هل سيقطع كل علاقاته بالدول الإسلامية؟ لا يجب على شخصية سياسية أن تتحدث هكذا».
وبحسب ما كشفت عنه وسائل إعلام تركية، ارتبط ترامب بعلاقة جيدة مع الرئيس التركي الراحل تورجوت أوزال. وقالت إن ترامب، الذي كان يعرف بملك العقارات والكازينوهات، استضاف الرئيس التركي الراحل تورجوت أوزال خلال زيارته للولايات المتحدة أثناء فترة رئاسته للجمهورية التركية في تسعينات القرن الماضي.
على صعيد آخر، وتفاعلا مع فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، حقق سعر الدولار رقما قياسيا أمام الليرة التركية بتخطيه حاجز 3.30 ليرة، مع تراجع حجم التداول في الأسواق الدولية صباح أمس بفعل تأثير الانتخابات الرئاسية الأميركية. ثم تراجع سعر الدولار قليلا أمام الليرة ليصل إلى 3.1805 ليرة. وكانت الليرة التركية أكثر العملات التي تراجعت أمام الدولار بعد البيزو المكسيكي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».