الرئيس الفلسطيني محمود عباس: أعرف قاتل عرفات

قال إنه سينبش الماضي حتى تصحح بريطانيا خطأ بلفور.. ورفض القدس عاصمة لدولتين

فلسطينيون يحيون في رام الله الذكرى الـ 12 لوفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (رويترز)
فلسطينيون يحيون في رام الله الذكرى الـ 12 لوفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (رويترز)
TT

الرئيس الفلسطيني محمود عباس: أعرف قاتل عرفات

فلسطينيون يحيون في رام الله الذكرى الـ 12 لوفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (رويترز)
فلسطينيون يحيون في رام الله الذكرى الـ 12 لوفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (رويترز)

قال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، إنه يعرف «قاتل» الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، لكنه سينتظر نتائج لجنة التحقيق الفلسطينية المكلفة بمتابعة هذا الملف. وأضاف أبو مازن، في خطاب جماهيري في الذكرى الـ12 لوفاة عرفات: «لو سُئلت لقلت إنني أعرف، لكن شهادتي لا تكفي، لا بد للجنة التحقيق أن تنبش لتصل من الذي فعل هذا؟ وفي أقرب فرصة ستأتي النتيجة، وستدهشون منها ومن الفاعلين، لكنهم سيكشفون». وهذه أول مرة يتحدث فيها عباس صراحة عن وجود قاتل لعرفات، ويعلن أنه يعرفه، بعد سنوات من التحقيق الطويل، الذي تضمن أخذ إفادات من مرافقين لعرفات، وأخذ عينات من رفات الراحل، لتعزيز فرضيات حول موته مسموما، أو نفيها.
وتوفي عرفات في مستشفى فرنسي في باريس، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2004، بعد أن تدهورت صحته بشكل مفاجئ.
وتعهد الرئيس الفلسطيني أمس، بالمضي على طريق عرفات، قائلا إن عام 2017 سيكون عام إنهاء الاحتلال، «بالعمل وبالنضال، وبكل الوسائل المتاحة». مضيفا: «نقول للعالم كفى، إن عام 2017 يجب أن يكون عام إنهاء الاحتلال».
وتطرق عباس إلى وعد بلفور الذي أصدره وزير خارجية بريطانيا، آرثر جيمس بلفور، بتاريخ 2 نوفمبر 1917، إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد، يعلن فيه تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، مطالبا بريطانيا بتصحيح هذا الخطأ.
وقال عباس: «إن 99 سنة قد مضت على وعد بلفور المشؤوم الظالم، العام المقبل يصبح مائة، ولكن لم ولن تجعل الباطل حقيقية مسلمًا بها، فحق شعبنا في وطنه ثابت وأصيل، لا يسقط بالتقادم، ولا بالتزوير لوقائع التاريخ». وأضاف عباس: «سيقول البعض إن وعد بلفور مضى وانقضى، لماذا الآن تتحدثون عن هذا الوعد، ولماذا تحيون ذكراه في المحافل الدولية. نعم نريد أن ننبش القبور، ونقول لمن أعطى هذا الوعد: أنت أعطيت ما لا تملك لمن لا يستحق. الحق لا يموت بالتقادم، ويبقى من واجبنا أن ندافع عن حقنا.. من الذي أعطاك يا بلفور هذا الحق لتبيع أرضنا؟».
وتابع عباس: «الآن نحن نناقش مع بريطانيا، لماذا فعلتم هذا؟ أنتم فرطتم بنا، ولم يكن لكم علاقة بفلسطين أصلا، لأن هناك بعض الأوهام لدى بعض الناس، بأن فلسطين كانت تحت الانتداب، أبدا لم يكن هناك انتداب بريطاني، ولم يكن هناك وجود لبريطانيا في هذه المنطقة إطلاقا، وإنما من عند السيد بلفور. إنه لم يقدم وعدا وإنما قدم صفقة، فأعطى من فلسطين وأصبحت حقا، لماذا لم يعط من بريطانيا أو آيرلندا.. يجب على بريطانيا أن تعترف أولا بأنها أخطأت في حقنا، ثم بعد ذلك لكل حادث حديث».
وأردف: «نريد أن نثبت أن هذه ليست من حق بريطانيا. هذه أرضنا ويجب على بريطانيا أن تعترف أولا، ومن ثم نتحدث، هذه القضية أثيرت قبل أشهر وهي مستمرة».
ورسم عباس خطة طريق وصولا إلى الدولة، تتضمن، بالإضافة إلى المراجعات مع بريطانيا، إقامة المؤتمر الدولي للسلام المزمع أن تقيمه فرنسا نهاية العام، والعودة إلى مجلس الأمن لنيل الدولة الكاملة.
وقال عباس، إنه يأمل في نجاح فرنسا في عقد هذا المؤتمر قبل نهاية العام الجاري، ليضع سقفًا زمنيًا لإنهاء الاحتلال، وإيجاد آلية عمل ومراقبة لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.
وأوضح: «هذه هي أفكار مؤتمر باريس. كنا اتفقنا مع الرئيس هولاند، وقلنا لهم أنتم كأوروبا وأميركا، سارعتم لحل مشكلتكم مع إيران، وهذا شأنكم، وشكلتم لجنة (5+1)، واستمر حواركم مع إيران سنوات طويلة، وهذا شأنكم، إلى أن وجدتم الحل المناسب مع إيران. لماذا لا تفعلون ذلك معنا؟ فقال فكرة وعلينا أن ندعو لها (..) نريد آلية تضع أسس المرجعيات القانونية الدولية. وجميعها نقبل بها دون استثناء، إضافة إلى المبادرة العربية للسلام، وهي جزء من الشرعية الدولية، وهذه المرجعيات تحملها اللجنة وتطبقها، وتضع سقفا زمنيا للمفاوضات وآخر لتنفيذ الاتفاقات، وهذه هي الطريقة المثلى».
وأكد عباس، في حديثه لآلاف من الجماهير التي وصلت إلى المقاطعة في رام الله، لإحياء ذكرى عرفات، أنه سيعود إلى مجلس الأمن لانتزاع اعتراف بالدولة الفلسطينية، ولإدانة الاستيطان، ولو تكرر ذلك عشرات المرات. ولا يرى عباس أن هناك أي تعارض بين هذا التوجه والمؤتمر الدولي.
وشدد عباس على أنه لن يتنازل في أي مرحلة عن «الثوابت» الفلسطينية. وقال، في المقابل، إنه ما زال يمد يده للسلام، لكن السلام القائم على إقامة الدولة الفلسطينية.
ورفض عباس فكرة أن تكون القدس عاصمة الدولتين أو لدولتين. موضحا: «عندما نقول دولة فلسطينية مستقلة، لا يمكن أن ننسى، ولن ننسى، أن القدس عاصمة لهذه الدولة. هناك شعارات تطلق بين الفينة والأخرى، تقول إن القدس عاصمة لدولتين، أو إن عاصمة الفلسطينيين في القدس، لا إن عاصمتنا هي القدس الشرقية».
وفي موضوع آخر، أرسل عباس رسائل متعددة حول عقد مؤتمر حركة فتح السابع، مؤكدا أنه سيعقد نهاية الشهر الحالي، بغض النظر عن محاولات إفشاله. وقال عباس: «يوم 29 نوفمبر، أي بعد 19 يوما، مؤتمركم سيعقد هنا في رام الله، مهما حاولوا ولعبوا وقالوا، المؤتمر (سيعقد) بكم أنتم الذين تمثلون حركة فتح وأصدقاءها، ستعقدون هذا المؤتمر في قاعة المرحوم الشهيد أحمد الشقيري، مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية، فنحن معكم جميعا على موعد لعقد هذا المؤتمر». وقوطع عباس بتصفيق شديد مع هتافات ضد محمد دحلان، القيادي المفصول من حركة فتح، الذي يعتقد أن عباس قصده بقوله «مهما حاولوا»، فرد عباس على الجماهير: «لا تذكروا اسم أحد. إنهم لا يستحقون (ذكر أسمائهم)».
وعرض عباس على حماس انتخابات لإنهاء الانقسام، وقال: «في 2006 جاءت حماس بانتخابات حرة ونزيهة ونحن أشرفنا عليها. لماذا لا تقبل بانتخابات حرة ونزيهة والشعب يقول كلمته، ومن يعطه الشعب الكلمة فليتول المسؤولية، نحن مؤمنون بالديمقراطية». وأضاف: «أنا أريد أي حل، وأنا مستعد لأن نعود إلى الشعب وهو يقرر. فإذا قرر الشعب، كما قرر عام 2006، أن يعطيهم المجلس التشريعي فمبروك عليهم، أما أن نبقى هكذا حاجزين الوطن، لا دولة في غزة، ولا دولة فلسطينية من دون غزة، فإذن ما الحل».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.