كنزة بناني.. إكسسوارات عصرية من رحم الفولكلور

اعتمدت التقنيات القديمة من دون تجاهل ضرورة تطويرها

حقيبة كريمة باللون الأزرق موجهة للأيام العادية وتحمل أشكالاً وخطوطًا مأخوذة من أقمشة الكنبات المغربية التقليدية - حفزت كنزة العاملات على صنع أوشحة بجودة عالية لامرأة تقدر الترف  بعد أن كن يصنعها بخامات رخيصة كتذكارات للسياح - حقيبة سلمى مصنوعة من «صبرا» وهي تقنية مغربية خالصة تستعمل في صناعة أقمشة الكنبات المغربية
حقيبة كريمة باللون الأزرق موجهة للأيام العادية وتحمل أشكالاً وخطوطًا مأخوذة من أقمشة الكنبات المغربية التقليدية - حفزت كنزة العاملات على صنع أوشحة بجودة عالية لامرأة تقدر الترف بعد أن كن يصنعها بخامات رخيصة كتذكارات للسياح - حقيبة سلمى مصنوعة من «صبرا» وهي تقنية مغربية خالصة تستعمل في صناعة أقمشة الكنبات المغربية
TT

كنزة بناني.. إكسسوارات عصرية من رحم الفولكلور

حقيبة كريمة باللون الأزرق موجهة للأيام العادية وتحمل أشكالاً وخطوطًا مأخوذة من أقمشة الكنبات المغربية التقليدية - حفزت كنزة العاملات على صنع أوشحة بجودة عالية لامرأة تقدر الترف  بعد أن كن يصنعها بخامات رخيصة كتذكارات للسياح - حقيبة سلمى مصنوعة من «صبرا» وهي تقنية مغربية خالصة تستعمل في صناعة أقمشة الكنبات المغربية
حقيبة كريمة باللون الأزرق موجهة للأيام العادية وتحمل أشكالاً وخطوطًا مأخوذة من أقمشة الكنبات المغربية التقليدية - حفزت كنزة العاملات على صنع أوشحة بجودة عالية لامرأة تقدر الترف بعد أن كن يصنعها بخامات رخيصة كتذكارات للسياح - حقيبة سلمى مصنوعة من «صبرا» وهي تقنية مغربية خالصة تستعمل في صناعة أقمشة الكنبات المغربية

«نيو تانجي» ومعناها «طنجة الجديدة» ماركة فتية، ولدت في عام 2014 لشابة تعشق الصناعة التقليدية أخذت على عاتقها أن تغوص في كنوز الماضي لتصوغه على شكل إكسسوارات عصرية. كنزة بناني، درست فن التصميم في مدريد، وبدأت مشوارها في عالم الموضة في قسم تصميم ملابس الأفلام والمسرح والتلفزيون بالمغرب من دون أن تقطع خيوط التواصل بينها وبين الغرب. في عام 2007، توجهت إلى لندن للعمل مع المصمم جيمي شو. ورغم أن أجواء العمل كانت مريحة فإنها كانت تشعر أن بداخلها طاقة تتوق لخوض تحديات أكبر. بعد أن أسرت بطموحاتها لمديرها، أرسلها في عام 2009 إلى فلورنسا لتتلقى دورة تدريبية في ورشات الشركة الخاصة. كانت نقلة على كل المستويات، ففي ورشات هذه المدينة العريقة، أصابتها عدوى الإيطاليين في عشق كل ما هو مصنوع باليد وله تاريخ وتقاليد. تقول كنزة: «لقد فتح الحرفيون في هذه الورشات الصغيرة عيوني على أهمية احترام التقنيات القديمة من دون تجاهل ضرورة تطويرها. هناك اكتشفت أن الترف الحقيقي يتعدى خطوط الموضة، وهو ما ذكرني بأن مسقط رأسي منبع لا ينضب من هذه التقاليد المهمشة للأسف». وتتابع: «الحرفي عندنا لا يقل خبرة ولا قدرة على العطاء لكنه لا يحصل على ربع ما يحصل عليه حرفيو إيطاليا مثلا بسبب الثقافة العامة».
تربت كنزة بناني في مدينة طنجة، وتعيش حاليا في مدينة الدار البيضاء، وإن كانت أصولها تعود إلى مدينة فاس. تشرح الأمر بأن جدها الكبير، الذي كان من أكبر تجار الصناعة التقليدية في فاس شد الرحال إلى الحج في عام 1914، لكن الحرب العالمية الأولى اندلعت لدى وصوله إلى طنجة، فبقي فيها. بحسه التجاري، اكتشف أن هذه المدينة الشمالية تتمتع بإمكانيات هائلة، نظرا لانفتاحها على العالم. وهكذا قرر الاستقرار فيها. توالت الأجيال وتفرعت إلى عائلات انتقل بعضها إلى مدن أخرى، وكان مصير عائلة كنزة مدينة الدار البيضاء. بيد أنها لم تنس طنجة، بدليل أنها عندما قررت تسمية ماركتها اختارتها عنوانا لها.
عندما بدأت تفكر في الموضوع بجدية، فهمت معنى مقولة «العين بصيرة واليد قصيرة»، لأنها من الناحية المادية لم تكن جاهزة لأخذ المبادرة بنفسها. عادت إلى لندن في عام 2010 للعمل في دار «لويس فويتون»، وكلما تسنت لها فرصة السفر إلى المغرب، كانت تحرص على أن تخصص بعض الوقت للبحث عن إمكانيات تحقيق حلمها، تارة بزيارة ورشات ومعامل «المعلمين»، وهو اللقب الذي يُطلق على الخبراء في الصناعة اليدوية، سواءً تعلق الأمر بصناع القفاطين أو الخيوط التي تُحاك وتُزين بها، وتارة بمقابلة سيدات يعملن في هذا المجال من بيوتهن. وسرعان ما أصبحت تعرف مقر كبار الحرفيين وورشاتهم، بما فيها تلك التي توجد في قرى بعيدة تعمل فيها نساء مهمشات يعملن لساعات طويلة لقاء مبلغ زهيد لا يكاد يسد جوعهن. وتُرجع كنزة السبب إلى أن أغلبية المنتجات التي كن يعملن عليها، كانت للاستهلاك السياحي «فهي تُباع كتذكارات بأثمان زهيدة. جندتهن للعمل معها، وهدفها ليس تصحيح وضعهن فحسب، بل أيضًا تصحيح مفهوم الصناعة الحرفية في المغرب، انطلاقا من قناعتها بأنها تتوفر على كل المقومات التي تجعلها عالمية في حال تم التعامل معها باحترام ومهنية. وهكذا ولدت ماركة «نيو تانجي» من خلال أوشحة يمكن أن يستغرق نسج واحد منها عشرات الساعات، لتتدرج إلى حقائب اليد، وظفت كل ما تعلمته في «جيمي شو» و«لويس فويتون» في تصميمها. كان أهم عنصر فيها أن تحمل بصمات تقليدية بأسلوب عصري يخاطب المرأة أيا كانت جنسيتها وأسلوبها، حتى تبقى وفية لاسمها. فمدينة طنجة كانت ولا تزال منفتحة على كل الثقافات، وتنبض بالحيوية وعبق التاريخ، مما يجعلها جسرا رائعا بين الغرب والشرق، وهذا ما تُجسده تصاميمها. فقد لمست هوى في نفس المرأة المغربية، من الطبقة المخملية والعارفة تحديدا، كونها لا تضج بالفخامة فحسب، بل لأنها جزء من تاريخها وهويتها كما تتماشى مع كل ما تلبسه، سواء كان بنطلون جينز وقميص أبيض لمناسبة عادية، أو قفطان فخم لحفل كبير. وهذا ما جعل كنزة تُغير استراتيجيتها وتُركز على السوق المغربية أولا. تُعلق كنزة: «لم أكن أتوقع حجم الإقبال على هذه الحقائب، فقد كانت تباع المجموعة مباشرة بعد طرحها». وتضيف: «لم يكن هذا الإقبال هو المفاجأة الوحيدة، فكلما توغلت في هذه الصناعة، زاد استغرابي كيف لم يتم استغلال الإمكانيات الهائلة التي نتوفر عليها، من جلود طبيعية ومدابغ إلى حرفيين وتراث غني؟».
كل حقيبة تطرحها تحمل اسم امرأة تعرفها أو قرأت عنها، وآخر إبداعاتها هي حقيبة «إيمان» لكنها الاستثناء، لأن المقصود بإيمان ليس اسم امرأة بل حقيبة تتجذر في تاريخ فن الفروسية بالمغرب، وتأخذ شكلا مربعا. تصميم ولد عندما شاهدت صورة لفارس في كامل زيه وإكسسواراته. شد انتباهها حقيبته المصنوعة من الجلد والمزينة بمنمنمات صغيرة ومعقدة كان يعلقها حول عنقه لتتدلى منه وتجلس على جانب الخصر. عندما سألت عنها قيل لها إنها معروفة باسم «دليل الخيرات» وتُعتبر من الإكسسوارات المهمة التي لا يستغني عنها الفرسان، لأنهم يحملون بداخلها المصحف الكريم تفاؤلا به. أثارت فكرته المصممة، ولم تتردد في البحث عن أجود أنواع الجلود لترجمتها بطريقة عصرية، تحترم تاريخها وفي الوقت ذاته حاجتها إلى الألوان لكي تناسب امرأة أنيقة. بعد عام تقريبا من البحث والتجارب ولدت حقيبة «إيمان» بخمسة ألوان.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.