لجنة التعديلات الدستورية في السودان تبدأ نقاشها في مرحلة السمات العامة

استحداث منصب رئيس وزراء.. هل ينهي أزمة الحكم ؟

لجنة التعديلات الدستورية في السودان تبدأ نقاشها في مرحلة السمات العامة
TT

لجنة التعديلات الدستورية في السودان تبدأ نقاشها في مرحلة السمات العامة

لجنة التعديلات الدستورية في السودان تبدأ نقاشها في مرحلة السمات العامة

أحدث تقديم الرئيس عمر البشير مقترحات للمجلس الوطني (البرلمان) لتعديل دستور البلاد المعروف بدستور 2005، واستحداث منصب لرئيس الوزراء، وتحديد اختصاصاته ومسؤولياته، للمرة الأولى منذ توليه السلطة في عام 1989، لا يزال يحدث الكثير من التفاعلات المحلية والخارجية، ضجة ثقيلة في وسائل الإعلام المحلية والعالمية وبين النشطاء السياسيين.
وتعد الخطوة التي أعقبت تقديم وثيقة ومخرجات «الحوار الوطني» الذي انتظم البلاد منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2014، برعاية الرئيس البشير، بعد عام من إطلاقه ما عرف بـ«خطاب الوثبة» 2013، الذي أعلن فيه فتح حوار داخلي مع القوى المعارضة المدنية والمسلحة، بدأت بالانتقال للمرحلة التالية، الممثلة في التحول إلى دستور وقوانين وقرارات قد تثلم حصة نافذين في الحزب الحاكم.
وبدأت أمس اللجنة المكلفة من الهيئة التشريعية القومية بدراسة مشروع تعديل دستور السودان الانتقالي لسنة 2005 تعديل لسنة 2016، في دراسة التعديلات المقترحة في مرحلة السمات العامة، استجابة لتوصيات مؤتمر الحوار الوطني.
وقالت رئيسة اللجنة بدرية سليمان إن «اجتماع اللجنة درس مواءمة التعديلات للدستور والإجراءات المطلوب، وإن التعديلات المقترحة ستفضي لتكوين حكومة وحدة وطنية».
وأكدت اللجنة في اجتماعها الأول، أن التعديلات متسقة مع نصوص الدستور ومخرجات الحوار وأولويات الترتيب السياسي، وأمّن على ضرورة المضي في هذه التعديلات والنظر فيها، مؤكدين أنها تنفيذ لاتفاق سياسي.
ولا تقتصر التعديلات الدستورية، التي أودعت منضدة البرلمان، على استحداث منصب رئيس الوزراء وتحديد صلاحياته ومسؤولياته، بل تكوين «حكومة وفاق وطني» في حدود بداية العام المقبل، فضلاً عن توسيع الهيئة التشريعية القومية المكونة من مجلسي البرلمان السوداني «المجلس الوطني ومجلس الولايات»؛ إنفاذا لتوصيات لجان الحوار الوطني التي سلمت للرئيس البشير في العاشر من أكتوبر الماضي.
وكان رئيس لجنة العدل والتشريع بالبرلمان السوداني، أحمد التجاني، قد قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن اللجان المختصة ستدرس مقترحات التعديلات الدستورية خلال شهرين لإجازتها في البرلمان؛ لأن تعديل الدستور ليس مثل تعديل القوانين العادية.
وأوضح التجاني، أن التعديلات الدستورية المقترحة ستشمل المواد 58 المتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية، والمادة 70 المتعلقة بمجلس الوزراء وتكوينه، والمادتين 84 و85 المتعلقتين بالهيئة التشريعية المكونة من المجلس الوطني ومجلس الولايات، والمادة 133 وتتعلق بفصل النائب العام عن وزير العدل، والمادة 79 المتعلقة بتعديل اسم الحكومة الحالية من «حكومة الوحدة الوطنية»، إلى «حكومة الوفاق الوطني».
كما وتطال التعديلات مجلسي الهيئة التشريعية القومية، عن طريق تعيين نواب في المجلس الوطني بعد أن كان اختيارهم يتم بالانتخاب، وتسمية ممثل ثالث لكل ولاية بالتعيين في مجلس الولايات، بعد أن كانت الولايات تمثل باثنين ينتخبهما المجلس التشريعي للولاية.
ووفقًا لوثيقة الحوار الوطني التي سلمت للبشير، ويطلق عليها «مخرجات الحوار الوطني»، فإن رئيس الجمهورية سيعين رئيسًا للوزراء للمرة الأولى بعد منذ عام 1989، ويتوقع أن يحيل الرئيس جزءا من سلطاته لرئيس مجلس الوزراء المزمع تعيينه خلال الشهرين المقبلين، حسب تصريحات رئاسية سابقة.
وتسلم البشير توصيات الحوار الذي جرى في البلاد منذ أكتوبر 2015، وشاركت فيه قوى سياسية وحركات مسلحة قريبة من نظام الحكم، فيما قاطعته قوى المعارضة المدنية الرئيسية والمجموعات المسلحة، وعلى رأسها حزب الأمة القومي بزعامة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي، والحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال، وحركات دارفور المسلحة التي تخوض حربًا ضد حكومة الرئيس البشير في ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.
ويرى الخبير القانوني المحامي الدكتور نبيل أديب، أن أهم ما في التعديلات الدستورية المقترحة، هو مقترح تعيين رئيس الوزراء، ومقترح فصل النيابة العامة عن وزارة العدل. ويقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن تعيين رئيس وزراء بقرار رئاسي لن ينتقص من صلاحيات الرئيس؛ لأن الرئيس هو من يعينه ومن يقيله، وعلى الرغم من النص على أنه خاضع لمحاسبة البرلمان فإنه سيظل في حقيقة الأمر خاضعا لسلطة الرئيس، وليس كما هو الحال في الأنظمة الرئاسية التي يخضع فيها رئيس الوزراء للسلطة التشريعية كما في النظام الرئاسي الفرنسي.
ويقول «إذا أحسنا الظن، فإن هذه التعديلات غير كافية، أما إذا أسأنا الظن فإن الأمر لا يتعدى محاولة الالتفاف على مطالب المعارضة، وكان من الأجدر البدء بموضوعات الحريات العامة المنصوص عليها في الدستور بتعديل القوانين المخالفة للدستور».
بيد أن أديب يعتقد أن فصل النيابة عن وزارة العدل، يتيح لها أن تكون جهة قضائية مستقلة، وغير خاضعة للجهاز التنفيذي، وإنه كان قد طالب بمثل هذا التعديل، لكنه في الوقت ذاته لا يرى أن تنفيذ الفصل بينهما في مثل هذه الظروف يمكن أن يحقق استقلال النيابة العامة التام.
من جهتها، تستبعد قوى المعارضة الرئيسة أن تؤدي التعديلات الدستورية إلى تحولات سياسية حقيقية في البلاد؛ لأنها ترى أن القوى السياسية التي وقعت وثيقة الحوار الوطني التي انبثقت عنها التعديلات الدستورية، ليست ذات وزن يذكر.
ووقعت قوى المعارضة المنضوية تحت قوى تحالف «نداء السودان» المعارض، وتشمل حزب الأمة القومي والحركات المسلحة، مع الحكومة السودانية على وثيقة «خريطة الطريق» التي تقدمت بها الوساطة الأفريقية في أغسطس (آب) الماضي، ونصت على عقد اجتماع تحضيري في العاصمة الإثيوبية لتعزيز الثقة بين الطرفين، وإنفاذ مطلوباتها للمشاركة في الحوار والمتمثلة في إطلاق الحريات العامة والصحافية وإطلاق سراح المعتقلين والمسجونين السياسيين وغيرها، من ثم تنخرط في حوار وطني لبحث كيفية حكم البلاد، لكن الحكومة السودانية واصلت حوارها الداخلي؛ ما اعتبرته المعارضة المدنية والمسلحة خرقًا لوثيقة خريطة الطريق.
وفور الإعلان عن عزم الرئيس البشير تعيين رئيس وزراء، سارعت الجهات السياسية المختلفة للتكهن بمن يكون، ونقل عن مساعد الرئيس الأسبق والقيادي بالحزب الحاكم الدكتور نافع علي نافع، أن المنصب من نصيب حزبه، وعلى الرغم من أن الرئيس البشير طالب أعضاء حزبه بتقديم تنازلات قاسية عن وظائفهم في الدولة لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، كما جاء في حديثة لمجلس شورى الحزب، تؤكد المصادر أن هناك مجموعات داخل أروقة الحزب تحاول كبح رياح التغيير التي بدأت تهب على وظائفهم.
في الأثناء، أعلن رئيس حزب الأمة المعارض الصادق المهدي إنهاء إقامته في العاصمة المصرية القاهرة، والعودة للبلاد في غضون الأشهر المقبلة، منهيًا بذلك إقامته هناك، ما فتح شهية التكهنات بأنه المرشح الأبرز والأوفر حظًا لنيل المنصب. ولم تفلح عمليات النفي منه شخصيًا ومن حزبه عن عزوفه في المنصب، بل زادت وتيرة التكهن بأن عودته ربما ارتبطت بوعد قدمه له الرئيس البشير بتسنم المنصب.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.