في مبنى ضخم، له طراز معماري مميز، تقبع كلية «سان مارك» للبنين في حي الشاطبي العريق بالإسكندرية، وهي واحدة من أقدم مدارس الإرساليات في مصر التي تدرس بها جميع المراحل الدراسية ما قبل الجامعة. ويرجع تاريخ تأسيس المدرسة الفرنسية إلى عام 1921 في عهد الملك فؤاد، حينما ذهب إليه مجموعة من رهبان الفرير «الإخوة اللاسالي» القائمين على مدرسة سانت كاترين بالمنشية، طالبين تشييد مدرسة جديدة لاستيعاب الزيادة في أعداد الطلاب، فما كان منه إلا أن وافق على منحهم أرضًا في منطقة الشاطبي، كما حرص على زيارتها رسميًا لافتتاحها.
وقد استغرق بناء الكلية 3 سنوات، وتم وضع حجر الأساس في 16 مايو (أيار) 1926، في احتفالية كبيرة جدًا بحضور الأمير عمر باشا طوسون ممثلاً للسلطان فؤاد، وحسين صبري باشا حاكم الإسكندرية آنذاك، وهنري جيلارد الوزير المفوض الفرنسي إلى القاهرة، وآندريه كاسولو المفوض الرسولي والمسؤول عن الكنيسة اللاتينية في مصر. وافتتحت في 6 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1928.
القبة المعمارية الشهيرة المميزة للكلية ليست مجرد طراز معماري أنيق يتوج مبنى «سان مارك»، أو أحد أبرز معالم مدينة الإسكندرية وحسب، لكنها تحتضن متحفًا فريدًا من نوعه يضم مقتنيات الرهبان في أثناء رحلاتهم لأفريقيا ودول العالم، من حيوانات محنطة وتذكارات عاجية وخشبية وغيرها.
وعند دخولك إلى الكلية، تجد المبنى الرئيسي وأمامه حديقة غناء يقام بها سنويًا السيرك الأوروبي، ثم يقابلك الباب الرئيسي يحمل شعار القديس مرقس وشعار مدارس الفرير في العالم ودومان القديسة كاترين، ثم على اليمين توجد فاترينة عرض لأهم الكؤوس والميداليات التي حصلت عليها فرق الكلية الرياضية، ومثلما تضم المدرسة كنيسة فهي تضم مسجدًا للمسلمين.
وتضم الكلية مسرحًا كبيرًا، وكان الطلاب فيما مضى يقدمون عروضًا مميزة على مسرح الهمبرا (أحد أهم مسارح الإسكندرية في الماضي)، وتضم أيضًا مركز الحياة، وهو مركز خاص بذوي الاحتياجات الخاصة، كما تصدر مجلة باسم «اللوتس» التي تصدر من بدايات القرن الماضي حتى الآن، وتسجل الأنشطة والزيارات والرحلات التي تنظمها المدرسة.
ومنذ تأسيسها حتى الآن، لا تزال «شان مارك» أشهر المدارس الفرنسية التي كانت قبلة لأبناء العائلات الأرستقراطية بالإسكندرية، وكانت المنافس القوي الصامد أمام كلية «فيكتوريا كوليدج» الإنجليزية، فكان خريجو المدرسة الفرنسية «سان ماركيان». أما الكلية الإنجليزية، فكانوا معروفين بـ«فيكتوريان». صحيح أن فيكتوريا كوليدج سحبت البساط والمجد من «سان مارك» لأنها كانت تنفذ مشروعًا لـ«نجلزة» التعليم في مصر، بعد أن كان فرنسيًا، إلا أن «سان مارك» حافظت على مستواها التعليمي، ومستوى طلابها الرفيع، بعد تدهور كلية فيكتوريا وتمصيرها عقب التأميم.
وتقوم الكلية حاليًا بالحفاظ على جودة التعليم بها، بقيامها بدور هام في إكساب طلابها الخبرة الكافية في الحياة أو في التعليم، من خلال برامج تبادل طلابي مع كثير من دول العالم، ومن بينها فرنسا واليابان وكندا وبلجيكا وإسبانيا والبرتغال.
ومن أشهر خريجي كلية سان مارك المطرب الفرنسي السكندري جورج موستاكي، والدكتور عصمت عبد المجيد الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، والمليونير المصري الشهير الراحل دودي الفايد، والممثل الراحل رشدي أباظة، وعضو البرلمان المصري سابقا رئيس جامعة الإسكندرية الأسبق محمد عبد اللاه، والوزير السابق رشيد محمد رشيد، وعدد لا حصر له من كبار رجال الأعمال في مصر والعالم.
نافذة على مؤسسة تعليمية: كلية سان مارك بالإسكندرية.. 90 عامًا من التعليم الفرنسي
نافذة على مؤسسة تعليمية: كلية سان مارك بالإسكندرية.. 90 عامًا من التعليم الفرنسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة