نافذة على مؤسسة تعليمية: كلية سان مارك بالإسكندرية.. 90 عامًا من التعليم الفرنسي

الملك فؤاد افتتح الكلية العريقة عام 1928 التي استطاعت عبر السنين تخريج نخبة.. من بينهم عصمت عبد المجيد ورشدي أباظة
الملك فؤاد افتتح الكلية العريقة عام 1928 التي استطاعت عبر السنين تخريج نخبة.. من بينهم عصمت عبد المجيد ورشدي أباظة
TT

نافذة على مؤسسة تعليمية: كلية سان مارك بالإسكندرية.. 90 عامًا من التعليم الفرنسي

الملك فؤاد افتتح الكلية العريقة عام 1928 التي استطاعت عبر السنين تخريج نخبة.. من بينهم عصمت عبد المجيد ورشدي أباظة
الملك فؤاد افتتح الكلية العريقة عام 1928 التي استطاعت عبر السنين تخريج نخبة.. من بينهم عصمت عبد المجيد ورشدي أباظة

في مبنى ضخم، له طراز معماري مميز، تقبع كلية «سان مارك» للبنين في حي الشاطبي العريق بالإسكندرية، وهي واحدة من أقدم مدارس الإرساليات في مصر التي تدرس بها جميع المراحل الدراسية ما قبل الجامعة. ويرجع تاريخ تأسيس المدرسة الفرنسية إلى عام 1921 في عهد الملك فؤاد، حينما ذهب إليه مجموعة من رهبان الفرير «الإخوة اللاسالي» القائمين على مدرسة سانت كاترين بالمنشية، طالبين تشييد مدرسة جديدة لاستيعاب الزيادة في أعداد الطلاب، فما كان منه إلا أن وافق على منحهم أرضًا في منطقة الشاطبي، كما حرص على زيارتها رسميًا لافتتاحها.
وقد استغرق بناء الكلية 3 سنوات، وتم وضع حجر الأساس في 16 مايو (أيار) 1926، في احتفالية كبيرة جدًا بحضور الأمير عمر باشا طوسون ممثلاً للسلطان فؤاد، وحسين صبري باشا حاكم الإسكندرية آنذاك، وهنري جيلارد الوزير المفوض الفرنسي إلى القاهرة، وآندريه كاسولو المفوض الرسولي والمسؤول عن الكنيسة اللاتينية في مصر. وافتتحت في 6 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1928.
القبة المعمارية الشهيرة المميزة للكلية ليست مجرد طراز معماري أنيق يتوج مبنى «سان مارك»، أو أحد أبرز معالم مدينة الإسكندرية وحسب، لكنها تحتضن متحفًا فريدًا من نوعه يضم مقتنيات الرهبان في أثناء رحلاتهم لأفريقيا ودول العالم، من حيوانات محنطة وتذكارات عاجية وخشبية وغيرها.
وعند دخولك إلى الكلية، تجد المبنى الرئيسي وأمامه حديقة غناء يقام بها سنويًا السيرك الأوروبي، ثم يقابلك الباب الرئيسي يحمل شعار القديس مرقس وشعار مدارس الفرير في العالم ودومان القديسة كاترين، ثم على اليمين توجد فاترينة عرض لأهم الكؤوس والميداليات التي حصلت عليها فرق الكلية الرياضية، ومثلما تضم المدرسة كنيسة فهي تضم مسجدًا للمسلمين.
وتضم الكلية مسرحًا كبيرًا، وكان الطلاب فيما مضى يقدمون عروضًا مميزة على مسرح الهمبرا (أحد أهم مسارح الإسكندرية في الماضي)، وتضم أيضًا مركز الحياة، وهو مركز خاص بذوي الاحتياجات الخاصة، كما تصدر مجلة باسم «اللوتس» التي تصدر من بدايات القرن الماضي حتى الآن، وتسجل الأنشطة والزيارات والرحلات التي تنظمها المدرسة.
ومنذ تأسيسها حتى الآن، لا تزال «شان مارك» أشهر المدارس الفرنسية التي كانت قبلة لأبناء العائلات الأرستقراطية بالإسكندرية، وكانت المنافس القوي الصامد أمام كلية «فيكتوريا كوليدج» الإنجليزية، فكان خريجو المدرسة الفرنسية «سان ماركيان». أما الكلية الإنجليزية، فكانوا معروفين بـ«فيكتوريان». صحيح أن فيكتوريا كوليدج سحبت البساط والمجد من «سان مارك» لأنها كانت تنفذ مشروعًا لـ«نجلزة» التعليم في مصر، بعد أن كان فرنسيًا، إلا أن «سان مارك» حافظت على مستواها التعليمي، ومستوى طلابها الرفيع، بعد تدهور كلية فيكتوريا وتمصيرها عقب التأميم.
وتقوم الكلية حاليًا بالحفاظ على جودة التعليم بها، بقيامها بدور هام في إكساب طلابها الخبرة الكافية في الحياة أو في التعليم، من خلال برامج تبادل طلابي مع كثير من دول العالم، ومن بينها فرنسا واليابان وكندا وبلجيكا وإسبانيا والبرتغال.
ومن أشهر خريجي كلية سان مارك المطرب الفرنسي السكندري جورج موستاكي، والدكتور عصمت عبد المجيد الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، والمليونير المصري الشهير الراحل دودي الفايد، والممثل الراحل رشدي أباظة، وعضو البرلمان المصري سابقا رئيس جامعة الإسكندرية الأسبق محمد عبد اللاه، والوزير السابق رشيد محمد رشيد، وعدد لا حصر له من كبار رجال الأعمال في مصر والعالم.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.