ناصر عراق: الكاتب الجاد لا يكتب من أجل مطاردة الجوائز

الروائي المصري يقول إن «كتارا» لا تلملم ما يتساقط من «البوكر»

ناصر عراق يتسلم جائزة «كتارا للرواية العربية» من خالد السليطي رئيس لجنة الجائزة
ناصر عراق يتسلم جائزة «كتارا للرواية العربية» من خالد السليطي رئيس لجنة الجائزة
TT

ناصر عراق: الكاتب الجاد لا يكتب من أجل مطاردة الجوائز

ناصر عراق يتسلم جائزة «كتارا للرواية العربية» من خالد السليطي رئيس لجنة الجائزة
ناصر عراق يتسلم جائزة «كتارا للرواية العربية» من خالد السليطي رئيس لجنة الجائزة

بفوزه بجائزة «كتارا للرواية العربية» في دورتها الثانية 2016، فئة «الرواية المنشورة»، عن روايته «الأزبكية»، وقيمتها 60 ألف دولار، وفوزه أيضا بجائزة تحويلها إلى عمل درامي وقيمتها 200 ألف دولار، يعيد الروائي المصري ناصر عراق الاعتبار للرواية المصرية التاريخية.
«الأزبكية»، تتناول فترة تمتد منذ قدوم الحملة الفرنسية إلى مصر عام 1798، حتى نهاية عام 1805، وهو العام الذي وصل فيه محمد علي إلى السلطة. ويقول ناصر عراق، الذي يعرف حساسية إقحام التاريخ في العمل الروائي: «لستُ مؤرخا، وإنما روائي، ولكنني استلهمت وقائع التاريخ لأفهم الحاضر وأستشرف المستقبل، بخاصة أن الأحداث التي أعقبت ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 في مصر تشبه إلى حد ما أجواء ما حدث في زمن روايتي الأزبكية».
«الشرق الأوسط»، التقت بناصر عراق بعد فوزه بجائزة «كتارا للرواية العربية»، في العاصمة القطرية الدوحة، وأجرت معه الحوار التالي:

* فازت روايتك «الأزبكية» بجائزة كتارا للرواية العربية عن الروايات المنشورة، كما اختيرت أفضل رواية قابلة للتحويل إلى عمل درامي، كيف ترى هذا الفوز؟
- حقا إنه فوز كبير ومتفرد جدًا أسعدني كثيرًا، ومع ذلك دعني أخبرك شيئا... حين أعلن على مسرح دار الأوبرا بالدوحة أنني الفائز بالجائزتين تذكرت على الفور كل الذين تعلمتُ منهم طوال حياتي، وعلى رأسهم والدي الراحل عبد الفتاح عراق، الذي يُعّد مثقفا عصاميًا بامتياز، رغم أنه لم يحصل على أي شهادة دراسية، ومع ذلك كان يقرأ طه حسين وسلامة موسى والعقاد وتوفيق الحكيم، وينفعل بكتاباتهم وآرائهم ويتأملها بعمق، ويحفظ شعر شوقي وبشار والمتنبي وبيرم التونسي، ويعلمنا كيف نتذوقه، ويتردد بشغف على دور المسرح والسينما بالقاهرة في أربعينات القرن الماضي وخمسيناته، أقول: لقد تذكرته بكل إجلال وتوقير ومحبة وأنا على خشبة المسرح، وودت لو كان حيًا ليرى نتائج عمله. كذلك تذكرت أشقائي الكبار، وتذكرت أيضا المبدعين المصريين والعرب والعالميين الذين انفعلت بأفكارهم وإبداعاتهم.
أرى هذه الجائزة بمثابة مكافأة طيبة لأسرة مصرية عاشقة للوطن والعلم والأدب والفن، كما أراها تحقق الحكمة الصائبة «لكل مجتهد نصيب»، فأنا طوال حياتي أقرأ وأكتب وأرسم وأمثل وأؤسس فرقة مسرحية وأخرج عروضا لها، وأؤسس أقسامًا ثقافية ومجلات وجوائز إبداعية هنا وهناك، وأتولى إدارة تحرير مجلات مطبوعة ومواقع إلكترونية صحافية، كما أنني أنشر بانتظام منذ عام 1981، ولم أتوقف لحظة عن ذلك حتى إعلان الفوز الكبير.
> لديك مشوار مع المسابقات، روايتك «العاطل» وصلت لقائمة «البوكر» القصيرة عام 2012.. ماذا تضيف لك المسابقات والجوائز؟
- الجوائز مهمة لا ريب، وتحفّز المبدع على الإجادة وتحرضه على الإتقان، لكن الكاتب الجاد الموهوب لا يتصدى للكتابة من أجل مطاردة جائزة هنا، أو اقتناص تكريم هناك.. المبدع الحقيقي هو الذي يكتب تحت ضغط إلحاح داخلي عنيف.. يزلزل كيانه من أجل أن يعبر عن نفسه بشكل أدبي، ولك أن تتخيل عدد المرات التي صحوت فيها من النوم فجأة مشحونا بفكرة أو عبارة أو موقف يجب صياغته فورًا في هذه الرواية أو تلك. باختصار.. الكاتب الحقيقي هو من يملك مشروعًا ينكبّ عليه انكبابًا ولا يستسلم ليأس أو إحباط. فإذا حصل على جائزة، فهذا جزاء اجتهاده، وإذا لم يحصل فيكفيه فخرًا أنه استمتع بإنجازه كما لم يستمتع أحد، وهنا أتذكر مقولة بالغة الأهمية لمفكر في القرن الـ19؛ منطوقها: «الفن هو أعلى درجة من درجات الفرح يستطيع أن يهبها الإنسان لنفسه».
> كيف ترد على من يقول إن جائزة «كتارا» كانت تلملم ما يتساقط من «البوكر»؟
- هذا كلام ظالم وغير صحيح بالمرة، فلكل جائزة طبيعتها وتقاليدها وأهدافها، وأظن أن جائزة «كتارا للرواية العربية» وجائزة «البوكر»، تعملان من أجل تعزيز الإبداع العربي، وتحديدًا في عالم الرواية، وأكبر دليل على نزاهة «كتارا» وحياديتها هي إشراف المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الإلكسو) عليها، الأمر الذي دفع كثيرا من الروائيين الكبار والشباب إلى المشاركة فيها والتنافس من أجل اقتطاف جوائزها السخيّة، وقد تلقت إدارة الجائزة 1004 روايات في الدورة الثانية، كما أعلن الأستاذ خالد السيد، المشرف على الجائزة. وهو رقم كبير جدًا يتجاوز كل من يتقدم للجوائز الأخرى بمراحل.

الرواية والتاريخ

> روايتك «الأزبكية» تعيد وهج الروايات التاريخية، هي تتناول فصولاً من الحملة الفرنسية على مصر حتى وصول محمد علي للحكم.. هل يمكن للرواية أن تستوعب سجال التاريخ ونزاعاته؟
- أي رواية تستطيع أن تستوعب التاريخ أو الحاضر أو تستشرف المستقبل، بشرط أن تكون مكتوبة بذكاء ومهارة؛ فالروائي ليس مؤرخًا أو عالمًا في المستقبليات، لكنه بموهبته وخياله يستطيع استلهام بعض وقائع التاريخ ليشيد فوقها معمًارا روائيًا مؤثرًا، يستوفي شروط العمل الناجح المتمثل في إحكام البناء، والجاذبية، واللغة الرشيقة الحلوة.. إلى آخره، فالرواية في النهاية يجب أن تكون ممتعة لكل من يطلع عليها.
> ألا تعتقد أن من الخطر تناول التاريخ في إطار روائي.. التاريخ بطبيعته إشكالي ويحتاج إلى نقد، وليس إلى تحويله خيالا؟
- التاريخ مستودع ضخم يختزن الحكايات والوقائع والأسرار، والروائي الحصيف هو الذي يستطيع أن يقتبس منه ما يعزز أفكاره وآراءه، وما يعينه على كتابة عمل ناجح. وقد لجأت إلى التاريخ لأفهم الحاضر المصري والعربي، لعلنا نستطيع أن نفكك تناقضاته ونحل مشكلاته، من أجل بناء مستقبل أكثر إشراقا وسعادة للجميع.
> نحن نعلم خصوصية هذه الفترة التي تناولتها الرواية التي تمتد من عام 1798، حتى نهاية 1805، فهذه الحقبة التاريخية حكم فيها مصر تسعة حكام أجانب، قضى ثلاثة منهم قتلاً.. وهي فترة اضطراب شعبي في مصر. ما الهدف من اختيار هذه الفترة تحديدًا؟
- لقد عدت إلى هذه الفترة، لأن حملة نابليون على مصر وما أعقبها من أعوام قليلة مثلت لحظة فارقة في تاريخنا الحديث، اتسمت بصراعات ثقافية وفكرية وعسكرية مصحوبة بفوضى عارمة، أظنها كانت تشبه إلى حدٍ ما، ما جرى في مصر مع ثورة يناير وما تلاها. كما أننا نعاني حتى هذه اللحظة في البحث عن طريقة نتعامل بها مع الغرب؛ هل نعاديه حتى لا يطغى على هويتنا؟ هل نصالحه ونذوب فيه فنفقد ديننا وهويتنا كما يقول بعضهم؟ هل نأخذ منه ما يناسب عاداتنا وتقاليدنا ونهجر ما يخاصمها؟ وكيف نتمكن من ذلك؟ هذه الأسئلة الحرجة وتلك الأجواء العاصفة هي التي أوحت لي بفكرة «الأزبكية».
> مزجت «الأزبكية» التاريخ بالخيال، بشكل فني بارز، لكن ألا تخشى أن يطغى الخيال على الواقع، فيشوه السرد التاريخي؟
- لم أخش شيئا، فأنا روائي محترف، ولست مؤرخا، وأعرف جيدًا ما تتطلبه الرواية الناجحة، فحاولت أن أكتب عملا ينهض على التاريخ، لكنه ليس كتابًا في التاريخ، وإنما رواية مثيرة وممتعة محمّلة بصراعات اجتماعية ووطنية وثقافية، تتخللها علاقات غرامية مشبوبة، وأفكار وآراء جديرة بالنقاش.. وأظن أن محاولتي نجحت، بدليل الفوز الكبير الذي حققته «الأزبكية».
> بين رواياتك: «أزمنة من غبار»، و«من فرط الغرام»، و«تاج الهدهد»، و«العاطل»، و«نساء القاهرة - دبي» وصولاً لـ«الأزبكية» و«الكومبارس».. إلى أي مدى تحقق حلمك الروائي؟
- لا ريب في أنني سعيد بما أنجزت، لكنها سعادة منقوصة، حيث لا نهاية لأحلامي الروائية، وأظن أن في جعبتي الكثير الذي لم يكتب بعد، فالأجمل لم يكتب بعد، كما يقال، وأنا حاليًا أعكف على رواية جديدة ضمن مشروع روائي أكبر أرجو أن تسنح لي الظروف بإنجازه.
> هل كان «عبد المؤمن السعيد» بطل روايتك «الكومبارس» الذي يكشف خبايا عالم الفن والثقافة.. رمزًا للمهمشين.. لماذا اخترت أن تقحمه عالم الفنّ وكأنه يحاكي نموذجًا لديك؟
- أظنك تعرف أن كثيرًا من المبدعين المصريين المتميزين في المجالات كافة قد تعرضوا لظلم بيّن طوال أربعين عامًا من قبل نظامي السادات ومبارك، لذا اخترت شخصية عبد المؤمن السعيد بطل «الكومبارس» بوصفه رمزًا لكل من يمتلك موهبة، لكنه كابد الضيم والإهمال، وقد ساعدتني تجربتي مع عالم المسرح في شبابي الأول على الغوص في الطبيعة النفسية للممثل الموهوب سيئ الحظ.
> أنت خريج فنون جميلة، ولديك رابطة وثيقة بعالم الفنّ.. هل كنت تقول بلسان «عبد المؤمن السعيد» ما كنت تكابده (ربما)؟
- لا أعتقد ذلك، رغم أن كثيرًا من أبناء جيلي الموهوبين لم ينالوا ما يستحقونه من حفاوة واهتمام، لكنني لا أظن نفسي «ضحية»، فأنا اخترت طريق الإبداع الجاد والصحافة الملتزمة المسؤولة، وكنت أدري حجم المعاناة التي يمكن أن يتعرض لها كل صاحب موقف لا يبتذل نفسه أمام أصحاب السلطان.
> ما رأيك في الرواية العربية، والمصرية تحديدًا، اليوم؟
- أظن أن الأعوام العشرين الأخيرة شهدت قفزات كبيرة في عالم الرواية، فأقبل على كتباتها قطاعات كثيرة من الناس، وهو أمر طيب لا ريب، والزمن كفيل بفرز الجيد منها، فغزارة الإنتاج ضرورة للتطوير والتجويد، وبالفعل هناك روائيون يمتلكون مواهب لافتة من الشباب ومن الكبار.
> كتبت عن «الأخضر والمعطوب.. في الثقافة والفن والحياة».. ما «المعطوب» في الثقافة؟
- ما أكثر المعطوب في ثقافتنا العربية.. كل كتابة لا تحترم العقل وما وصل إليه من تفتح وتطور، كتابة معطوبة.. كل فن لا يسمو بذوق الإنسان ويرتقي به، فن معطوب، كل رأي متحجر يظن نفسه الأكثر فهما وحكمة، رأي معطوب.
> من أين يأتي العطب؟
- من غياب العدل.. من استشراء الظلم.. من تفشي الجهل.
> لديك تجربة طويلة ومميزة مع الصحافة الثقافية، كيف ترى هذه الصحافة في عصر التواصل الرقمي؟
- علينا الاعتراف بأن الصحافة الثقافية الورقية في خطر داهم، ومهددة بالاندثار إذا لم تطوّر نفسها، فالإعلام الإلكتروني بات ذا تأثير مدهش كل لحظة، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي تدفع الناس إلى هجر التعامل مع الأوراق بصورة متزايدة، إلا المطبوعة المتميزة المتفردة. فإذا لم تنتبه الصحافة الورقية إلى المأزق الذي صارت إليه، فلا منجاة من السقوط في بئر النسيان بكل أسف.. بصراحة.. نحن في حاجة إلى ثورة من أجل تطوير صحافتنا الثقافية.

سيرة ذاتية

- يعمل حاليًا مديرًا لتحرير مجلة «حروف عربية» بدبي. وقد ولد في شبرا البلد بالقاهرة، وتخرج في كلية الفنون الجميلة بالزمالك عام 1984، وعمل محررًا ورسامًا في الصحافة الثقافية بمصر، ثم غادر إلى دبي في يناير 1999، حيث تولى رئاسة القسم الثقافي بمجلة «الصدى» الأسبوعية، وأصبح في عام 2003 مدير تحرير مجلة «دبي الثقافية» حتى فبراير (شباط) 2010.
- أصدر ثلاثة كتب، هي: «ملامح وأحوال.. قراءة في الواقع التشكيلي المصري»، و«الأخضر والمعطوب.. في الفن والثقافة والحياة»، و«تاريخ الرسم الصحافي في مصر 2000».
- أصدر سبع روايات، هي: «أزمنة من غبار» و«من فرط الغرام»، و«العاطل» التي وصلت إلى القائمة القصيرة في الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر العربية» 2012، و«تاج الهدهد»، و«نساء القاهرة - دبي»، و«الأزبكية» التي فازت بالجائزة الكبرى في جائزة «كتارا للرواية العربية» بالدورة الثانية 2016، كما أنها فازت بأفضل رواية قابلة للتحويل إلى عمل درامي، وفي هذا العام أصدر آخر رواياته «الكومبارس».
- فاز كتابه «تاريخ الرسم الصحافي في مصر/ 2000) بجائزة أفضل كتاب في المسابقة التي تنظمها جائزة أحمد بهاء الدين في دورتها الأولى.
- كما فاز ناصر عراق بجائزة «أفضل مقال» في الصحافة الإماراتية، في مسابقة «تريم عمران» - الدورة الثانية 2004، التي تنظمها «مؤسسة الخليج للصحافة».



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.