حكومات لبنان: محاصصات مذهبية وسياسية وحزبية

رشيد كرامي الأطول رئاسة.. وجنرالان مارونيان خرقا الرئاسات السنّية

حكومات لبنان: محاصصات مذهبية وسياسية وحزبية
TT

حكومات لبنان: محاصصات مذهبية وسياسية وحزبية

حكومات لبنان: محاصصات مذهبية وسياسية وحزبية

تشبه ورشة العمل التي بدأها في لبنان رئيس الحكومة المكلف، النائب سعد الحريري، لتشكيل حكومته الثانية، كثيرا من الورشات التي أدارها رؤساء حكومات سابقين انصرفوا إلى توزيع الحصص والحقائب الوزارية على أساس المذهب أولا والانتماء السياسي والحزبي ثانيا. وقد تكون مهمة الحريري هي الأصعب منذ سنوات لتهافت القوى السياسية اللبنانية للمشاركة بالحكم قبل أشهر من موعد الانتخابات النيابية المقبلة، وتعاطي هذه القوى مع الوزارات كوسيلة لاستقطاب الجماهير من خلال تأمين بعض الخدمات وقبض ثمنها أصواتا انتخابية في صناديق الاقتراع في مايو (أيار) المقبل.
ويزيد مهمة الرئيس الشاب المكلّف صعوبة، تفكك كتلتي قوى 8 و14 آذار وانفراط عقد التحالفات التي قامت بعد عام 2005 على خلفية اغتيال أبيه رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، باعتبار أنّه لم يعد يستطع أن يقسّم الوزارات من ناحية الاصطفافات السياسية بل بات مجبرا على التعاطي مع كل حزب أو تيار على أنّه فريق سياسي بحد ذاته.
تُعتبر حكومة سعد الحريري التي من المفترض أن تبصر النور قريبًا الحكومة الرقم 74 منذ استقلال لبنان في عام 1943، والرقم 7 منذ عام 2005. وهي على الأرجح ستكون حكومة «وحدة وطنية»، أي أنها ستضم كل القوى السياسية، تماما كما كانت حكومته السابقة التي شكلها في عام 2009 إبان عهد رئيس الجمهورية السابق، العماد ميشال سليمان، وضمت 30 وزيرا. ولقد قدم الحريري تشكيلتين حكوميتين لرئيس الجمهورية في حينها، فلم تنل الأولى رضا قوى المعارضة، بينما نالت الثانية ثقة 122 نائبا من أصل 128. ولكن، في عام 2011 أسقط ما يسمى «حزب الله» وحلفاؤه، وأبرزهم «التيار الوطني الحر»، تلك الحكومة من خلال سحب ثلث أعضائها على خلفية خلاف حول المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري.

حكومات أكثرية ووحدة وطنية
هذا، ولم يلق الطرح الذي تقدم به في وقت سابق رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ووافقه فيه الوزير بطرس حرب، وحثّا من خلاله على تشكيل حكومة تضم الفريق الحاكم والأكثرية على أن تبقى المعارضة في الخارج ترحيبًا لدى باقي القوى السياسية وأبرزها رئيسا الجمهورية والحكومة اللذان يعتبران حكومة الوحدة كفيلة بإعطاء زخم للعهد الجديد.
ولطالما كانت الحكومات اللبنانية منذ عام 1992 وحتى عام 2004 حكومات تضم الأكثرية الحاكمة فقط، علما بأن الرئيس الراحل رفيق الحريري ترأس معظمها. وفي هذا السياق، يقول الوزير والقيادي الكتائبي السابق كريم بقرادوني، الذي واكب تلك المرحلة لـ«الشرق الأوسط» إنّه «لم يكن يتم تقديم استقالة أي حكومة حينها قبل الاتفاق على تشكيلة الحكومة الجديدة، حتى إنّها تحولت قاعدة لطالما اعتمدها الرئيس الحريري»، واستطرد: «وبعد اغتياله في عام 2005 باتت الحكومة تأخذ وقتا طويلا لتتشكل، فقد استمرت عملية تشكيل بعضها 9 و11 شهرا».. ثم أضاف: «حكومات الوحدة الوطنية لا يجب أن تكون قاعدة، فالديمقراطيات في العالم تعتمد هذا النوع من الحكومات في الحالات الطارئة والحرب، لأنّه خلاف ذلك، فالأكثرية يجب أن تحكم والمعارضة تُعارض». وهنا اعتبر بقرادوني تشكيل حكومة وحدة في الوقت الراهن «مبرّرا من منطلق أننا نخرج من أزمة، بينما تشهد المنطقة أزمات دموية وحروبا»، مرجحا ألا تستلزم عملية التشكيل وقتا طويلا فتنتهي كحد أقصى خلال شهر واحد.
ويؤيد خلدون الشريف، مستشار رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، أهمية أن تكون الحكومة التي سيشكلها الرئيس الحريري حكومة وحدة وطنية، معتبرا انتخاب العماد ميشال عون رئيسا، وتسمية النائب الحريري لرئاسة الحكومة «يستلزمان أن تكون الحكومة تضم الجميع لاستيعاب الاتفاق الذي تم، والهزة التي أحدثتها التسوية، وخاصة بعد كم التصادم بين الرئيسين الحريري وعون الذي طبع كل المرحلة الماضية». وتابع الشريف لـ«الشرق الأوسط» موضحًا: «انسحاب القرار الدولي الذي حصّن لبنان بالمرحلة الماضية على المرحلة الحالية ووجود حكومة فاعلة ورئيس للجمهورية قد يؤشران لانفراجات مقبلة على صعيد السياسة الداخلية، لكن في النهاية لبنان يبقى بلد الصعوبات والتناقضات والمناكفات، ولا شيء سهل بالمطلق فيه».

أرقام قياسية لرشيد كرامي
جدير بالذكر، أنه خاض غمار تجربة رئاسة الحكومة في تاريخ لبنان الحديث 25 شخصية سياسية، 23 منهم سنة، حسب العُرف المعتمد منذ الاستقلال العام 1943، في حين خرق جنرالان مارونيان هذه القاعدة عامي 1952 و1988.
رؤساء الحكومة الذين توالوا منذ عام 1943 هم: رياض الصلح وعبد الحميد كرامي وسامي الصلح وسعدي المنلا وحسين العويني وعبد الله اليافي وناظم عكاري وصائب سلام وفؤاد شهاب وخالد شهاب ورشيد كرامي وأحمد الداعوق وأمين الحافظ وتقي الدين الصلح ونور الدين الرفاعي وشفيق الوزان وسليم الحص وميشال عون وعمر كرامي ورشيد الصلح ورفيق الحريري ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام.
ويُعتبر الرئيس رشيد كرامي، أصغر مَن تولى رئاسة الحكومة في تاريخ لبنان، إذ ترأس أول حكومة له في عام 1955 في عهد الرئيس الراحل كميل شمعون، وكان في الـ34 من عمره. بينما يُعتبر الرئيس سعد الحريري ثاني أصغر رئيس حكومة للبنان.
كما أن كرامي - وهو ابن رئيس الوزراء عبد الحميد كرامي وشقيق رئيس الوزراء عمر كرامي - هو أكثر رئيس وزراء تشكيلاً وترؤسًا للحكومات في تاريخ لبنان، إذ ترأس 10 حكومات خلال ثلاثة عقود (بين 1955 و1984) يليه الرئيس عبد الله اليافي (شكّل 9 حكومات بين 1951 و1968).
ولا تقتصر «ميزات» رئاسة كرامي على كونه كان الأصغر وشكل العدد الأكبر من الحكومات، إذ يُعتبر أيضا صاحب الرقم القياسي في الفترة الزمنية التي أمضاها رئيسا للحكومة، وبلغت 141 شهرًا و20 يومًا، أي نحو 11 سنة و10 أشهر، في حين أمضى رفيق الحريري بين 1992 و2004 ما يقارب 10 سنوات وشهرين في سدة رئاسة الحكومة.
أما الجنرالان المارونيان اللذان توليا رئاسة الحكومة في لبنان فهما قائد الجيش فؤاد شهاب الذي ترأس حكومة انتقالية في نهاية عهد الرئيس بشارة الخوري وتحديدًا بين 18 سبتمبر (أيلول) 1952 و30 منه وتخللها انتخاب كميل شمعون رئيسًا للبلاد في 23 سبتمبر. أما الجنرال الثاني الذي ترأس حكومة عسكرية فكان ميشال عون، رئيس الجمهورية الجديد، الذي عيّنه الرئيس أمين الجميّل في 22 سبتمبر 1988 بعدما تعذّر انتخاب خلَف له على رأس الجمهورية.

أقصر الحكومات عمرًا
وتُعتبر الحكومة التي شكّلها الرئيس عبد الله اليافي في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 1968 في عهد الرئيس شارل الحلو هي أقصر حكومة في تاريخ لبنان، إذ إنها لم تعمّر إلا 8 أيام واستقالت في 20 أكتوبر من دون أن تمثل أمام مجلس النواب. وتليها الحكومة الانتقالية التي شكلّها فؤاد شهاب في نهاية عهد الرئيس بشارة الخوري واستمرت 12 يومًا (بين 18 و30 سبتمبر 1952) ولم تمثل بدورها أمام البرلمان.
أما العمر الأطول لحكومة في تاريخ لبنان، فكان 37 شهرًا، وسجّله الرئيس رشيد كرامي في الوزارة التي ألفها في 30 أبريل (نيسان) 1984 وبقي على رأسها حتى تاريخ اغتياله في الأول من يونيو (حزيران) 1987. وللعلم، فإن الرئيس فؤاد السنيورة هو صاحب الرقم الثاني لأطول حكومة عمرًا، إذ استمرت لنحو 36 شهرًا بين 19 يوليو (تموز) 2005 و11 يوليو 2008، في حين أن أطول عمر لحكومة ترأسها الرئيس رفيق الحريري هو 31 شهرًا بين 31 أكتوبر 1992 و25 مايو 1995.

قضوا اغتيالاً
وللمفارقة، فإن ثلاثة من رؤساء الحكومة في لبنان قضوا اغتيالاً، هم: «رجل الاستقلال» رياض الصلح، الذي اغتيل يوم 16 يوليو عام 1951 في العاصمة الأردنية عمّان بإطلاق النار على سيارته بعد نحو 5 أشهر على مغادرته سدة رئاسة الحكومة. ورشيد كرامي الذي اغتيل في الأول من يونيو 1987 بتفجير عبوة ناسفة تحت مقعده في هليكوبتر عسكرية تابعة للجيش اللبناني، وكان حينها على رأس الحكومة. ثم رفيق الحريري الذي اغتيل في 14 فبراير (شباط) 2005 بتفجير ضخم استهدف موكبه عند الواجهة البحرية لبيروت، بعد نحو أربعة أشهر على تنحيه عن رئاسة الحكومة.

محطات بارزة
أبرز المحطات التي طبعت عملية تشكيل الحكومات منذ العام 1990 وحتى يومنا هذا، تمثلت بتشكيل عمر كرامي حكومته في أواخر عام 1990، وكان عنوانها «الوفاق الوطني» الذي لم يتحقق بالكامل، فقد ضم كرامي إلى حكومته سليمان فرنجية، أبرز حلفاء سوريا، وسمير جعجع قائد «القوات اللبنانية» التي كانت خاضت حربًا ضد عون، بالإضافة إلى الوزيرين نبيه برّي ووليد جنبلاط وإيلي حبيقة. غير أن جعجع لم يحضر أي جلسة للحكومة، ثم استقال منها بعد نحو 3 أشهر ونيف فعين روجيه ديب ممثلاً له فيها. ثم سقطت حكومة عمر كرامي تحت وطأة اضطرابات شعبية وضغوط غير شعبية في 6 مايو 1992 بسبب الأوضاع الاقتصادية وانهيار الليرة اللبنانية، إذ بلغ سعر صرف الدولار آنذاك نحو 3000 ليرة (حاليًا نحو 1500).
وفي 26 مايو شكّل الرئيس رشيد الصلح حكومة لم تعمّر طويلاً أشرفت على الانتخابات النيابية، ومهدت لوصول رفيق الحريري إلى الحكم لأول مرة. ولقد استقال جعجع من هذه الحكومة أيضا.
وضم الرئيس الحريري إلى حكومته الأولى ذراعه اليمنى، فؤاد السنيورة، بينما بقيت فيها رموز التحالف السابق المؤلف من برّي (عبر وزراء ممثلين له بعد انتخابه رئيسًا للبرلمان) وجنبلاط وفرنجية وحبيقة. وفي عام 1995، شكّل الحريري حكومته الثانية بعدما قدم استقالة الحكومة الأولى عقب تمديد ولاية الرئيس إلياس الهراوي في أكتوبر من العام نفسه. وفي عام 1996 عاد الحريري إلى الحكومة بعد الانتخابات النيابية التي دخل فيها إلى البرلمان للمرة الأولى نائبا عن بيروت.
وفي عام 1998 خرج الرئيس الحريري من الحكم مع انتخاب إميل لحود رئيسًا للجمهورية، بعد أزمة الاستشارات النيابية، إذ احتج الحريري على تفويض بعض النواب رئيس الجمهورية تسمية رئيس الحكومة رغم أنه تم اختياره من غالبية النواب، فأعيدت الاستشارات وسُمي الرئيس سليم الحص من قبل الغالبية النيابية. وضمت هذه الحكومة يومذاك أسماء جديدة مثل وزير المال، جورج قرم، ووزراء آخرين من مؤسسات الرقابة كرئيس التفتيش المركزي، فوزي حبيش. كما خلت من أسماء أخرى كالسنيورة وجنبلاط الذي لم يشارك رغم أنه تمثل فيها بوزراء قريبين منه. وخاض لحود والحريري مواجهة حادة في بداية هذا العهد فأحيل كثير من رموز الحريري للمحاكمة. ولكن الحملة الإعلامية التي شنّت على الحريري جاءت بمفعول عكسي إذ ساعدته على اكتساح مقاعد بيروت النيابية كافة، وحقق انتصارات كبيرة في الشمال والبقاع وجبل لبنان في حملته مجددًا لرئاسة الحكومة التي شكلها في نهاية عام 2000. وعاد فؤاد السنيورة إلى المالية ومعه الوزير باسل فليحان للاقتصاد. وبدا من خلال تلك الحكومة أن الحريري سيتولى ملف الاقتصاد، ولحود الملف السياسي في البلاد. وبعد حرب العراق عام 2003، شكل الحريري حكومته الثانية في عهد لحود والخامسة له، وضم فيها إلياس المر، وزيرا للداخلية، بدلاً من والده نائب رئيس الحكومة ميشال المر.

تغييب التكنوقراط
وعلى الرغم من أن «حكومات التكنوقراط» ظلّت الحاضر الأبرز في كل النقاشات عشية تشكيل معظم الحكومات بعد «اتفاق الطائف»، فإنه لم يجر اعتمادها طوال السنوات الماضية. وترد نهلة الشهال، الباحثة في علم الاجتماع السياسي، هذا الأمر إلى النظام السياسي القائم على المحاصصة، لافتة إلى أن «هذا النظام بالمرحلة الراهنة بحالة من العراء الكامل ما يزيد الطابع الفاقع للمحاصصة». وتشير الشهال في حوار مع «الشرق الأوسط» شارحة إلى أن «القادة الذين يسيطرون حاليا على السلطة يعتبرون أن الشكل الذي تتخذه الحكومات الحالية هو الأفضل برأيهم، ويتعاطون مع من ينادون بحكومات تكنوقراط أو غيرها على أنهم أقلية أو غريبي الأطوار». وأردفت: «لا يمكن القول إن الطبقة السياسية نجحت في استنهاض صفوفها وإعادة إحياء النظام الطائفي لسنوات وسنوات، فالتسوية التي أدت لانتخاب رئيس للبلاد لا يمكن أن تخفي ملامح النظام اللبناني المأزوم.. وخاصة أنّها صفقة غير مقنعة».
على صعيد آخر، شكّل البيان الوزاري للحكومات التي تشكلت بعد عام 2005، تحديًا كبيرًا في ظل إصرار ما يسمى «حزب الله» على تشريع حالته ووجوده وإصراره على إيراد عبارة «حق الشعب والجيش والمقاومة بالتصدي للاحتلال الإسرائيلي». ففي حكومة سعد الحريري التي تشكلت عام 2009 تم الاتفاق على تأكيد «حق لبنان، بشعبه وجيشه ومقاومته، في تحرير مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، واسترجاعها، والدفاع عن لبنان في مواجهة أي اعتداء والتمسك بحقه في مياهه، وذلك بكل الوسائل المشروعة والمتاحة»، وهي الصيغة التي تبنتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في عام 2011.
وبعد سجال طويل، توصلت حكومة الرئيس تمام سلام لصيغة جديدة قالت فيها إنه «استنادا إلى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة أبنائه، تؤكد الحكومة واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة. مع تأكيد حق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة». وحاليًا، يُرجح المعنيون أن تعتمد الحكومة التي سيشكلها الرئيس سعد الحريري الصيغة نفسها أو ما ورد في خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس عون وقال فيه: «أما في الصراع مع إسرائيل، فإننا لن نألو جهدًا ولن نوفر مقاومة، في سبيل تحرير ما تبقّى من أراضٍ لبنانية محتلّة، وحماية وطننا من عدوٍّ لما يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية».



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»