العالم يحتفل بدخول اتفاقية باريس حول المناخ حيز التنفيذ

في انتظار عقد قمة عالمية وأخرى أفريقية الأسبوع المقبل بمراكش

العالم يحتفل بدخول اتفاقية باريس حول المناخ حيز التنفيذ
TT

العالم يحتفل بدخول اتفاقية باريس حول المناخ حيز التنفيذ

العالم يحتفل بدخول اتفاقية باريس حول المناخ حيز التنفيذ

قبل يومين من انطلاق أشغال مؤتمر الأطراف حول التغيرات المناخية بمراكش احتفل العالم أمس بدخول اتفاقية باريس حيز التطبيق بعد أن تجاوز عدد الدول المصادقة عليها الحد الأدنى المطلوب، وهو 55 دولة تمثل 55 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة على المستوى العالمي.
وقال صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية المغربي ورئيس مؤتمر مراكش، خلال لقاء صحافي أمس في الدار البيضاء «اليوم سيدخل التاريخ باعتباره حدثا يحمل رسالة سياسية قوية للأجيال المقبلة. فبدخول اتفاقية باريس حيز التنفيذ نكون قد شيدنا حاجزا صلبا لحماية البشرية من كارثة محدقة».
وقال مزوار: إن اتفاقية باريس تشكل خطوة جبارة في اتجاه مواجهة التردي الكبير للمناخ ومعالجته، غير أنها تبقى غير كافية. وأضاف «تطبيق كل ما جاء في اتفاقية باريس سيؤدي إلى تخفيض نسبة ارتفاع حرارة الأرض إلى 3 درجات سيلسيوس، في حين أن الهدف الذي حدده العالم هو درجتان، وبالتالي فإن العمل الذي لا يزال علينا القيام به ضخم جدا قبل أن نبلغ الهدف؛ لذلك سنضاعف الجهود خلال قمة مراكش من أجل تحقيق المزيد من التقدم وانتزاع مكتسبات أخرى، وزيادة مستوى التزامات الدول الأعضاء».
وتنتظر مراكش مشاركة أزيد من 22 ألف شخص في المنطقة الزرقاء التي تشرف عليها الأمم المتحدة، والتي ستجري في إطارها المفاوضات الرسمية لقمة المناخ. وتعتبر هذه المنطقة محصنة وفقا لمبدأ تطبيق القانون خارج الحدود المحدد في إطار اتفاق المقر المبرم بين الأمم المتحدة والمغرب. ويخضع الولوج إلى هذه المنطقة إلى اعتماد خاص من طرف الأمم المتحدة.
كما سيشارك في المؤتمر 33 ألف شخص يمثلون المجتمع المدني وقطاعات المال والأعمال، الذين خصصت لهم منطقة خضراء تحت إشراف السلطات المغربية المخولة اعتماد المشاركين في هذا الفضاء.
وأشار مزوار إلى أن مؤتمر مراكش سيعرف الكثير من اللحظات الحاسمة، أبرزها مؤتمر القمة العالمي الذي سيحضره رؤساء دول العالم يوم 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، وقمة رؤساء أفريقيا يوم 16 نوفمبر. ولم يكشف مزوار عن عدد رؤساء الدول المرتقبين، وقال «الدعوات للمشاركة في هذه القمة وجهت مباشرة من طرف العاهل المغربي الملك محمد السادس، وبالتالي فالإعلان عن المشاركين سيتم عبر قنوات الديوان الملكي». غير أنه أشار إلى أن عدد الرؤساء المرتقبين سيكون بعشرات العشرات.
وأضاف مزوار، أن مؤتمر مراكش سيعرف الإعلان عن الكثير من المبادرات الجديدة، مشيرا إلى أن إشكاليات التمويل، وهيكلة المشروعات، وإعادة توجيه الاستثمارات بشكل ملائم لأهداف حماية المناخ، وتحديات الدول النامية، والدول الساحلية التي تعتبر الأكثر تضررا جراء التغيرات المناخية، ستكون من بين الموضوعات الأساسية التي ستتخلل أفقيا كل أشغال المؤتمر. كما أكد مزوار على دور المجتمع المدني وقطاعات المال والأعمال، مشيرا إلى أن انخراطها والتزامها سيساهم بحصة 80 في المائة في تحقيق الأهداف المسطرة من طرف الدول.
وعلى مدى أسبوعين اللذين سيستمرهما المؤتمر، ستعرف مدينة مراكش أجواء فنية وثقافية متميزة؛ احتفاء بالحدث العالمي البارز. واستعدت عاصمة السياحة المغربية للحدث، الذي ملأ فنادقها عن آخرها، بإعداد الكثير من الأنشطة وتنظيم متاحف للفنون التشكيلية والمنحوتات، وبرمجة سهرات وأنشطة فنية، بارتباط مع موضوع التغيرات المناخية وحماية البيئة وضمان المستقبل والمصير المشترك للبشرية.
من جهة أخرى, وقع السفير عبد الله المعلمي، مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة، نيابة عن حكومة بلاده، اتفاق باريس للتغير المناخي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، أول من أمس، بحضور بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة.
وأكد السفير السعودي على الاهتمام الكبير الذي توليه بلاده، قيادة وحكومة، لعمليات التغيير المناخي، ومكافحة أسبابه، والحد من عمليات الانبعاث الحراري الذي يلحق أضرارًا كبيرة بالأرض، مع التأكيد على ضرورة توفير الأسباب الكفيلة بتوفير مصادر آمنة ونظيفة للطاقة، والحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض.
بدوره، أعلن بان كي مون، أمس، عن دخول اتفاق باريس للتغير المناخي حيز التنفيذ، أمام عدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني الذين دعتهم المنظمة إلى مقرها لإحياء هذا اليوم الذي وصفه الأمين العام بالحدث التاريخي. ونوه بان كي مون بما قدمه ممثلو المنظمات المدنية من قيادة ورؤية أسهمت في صنع هذا الحدث، معربًا عن رغبته في التعرف أكثر على أنشطة المجتمع المدني وجهوده الأخرى التي تسهم في تحقيق أهداف اتفاق باريس.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.