حبيبة سرابي لـ («الشرق الأوسط»): الأفغان لن يسمحوا بظهور طالبان مجددا

أول أفغانية مرشحة لمنصب نائب رئيس الجمهورية أكدت أن أولوياتها تتركز حول الأمن ومعالجة مشكلات البطالة والفقر

حبيبة سرابي لـ («الشرق الأوسط»): الأفغان لن يسمحوا بظهور طالبان مجددا
TT

حبيبة سرابي لـ («الشرق الأوسط»): الأفغان لن يسمحوا بظهور طالبان مجددا

حبيبة سرابي لـ («الشرق الأوسط»): الأفغان لن يسمحوا بظهور طالبان مجددا

تعلم حبيبة سرابي أن العمل الذي ينتظرها بوصفها أول أفغانية ترشح لمنصب نائب رئيس الجمهورية على قائمة المرشح الرئاسي زلماي رسول، يلقي على عاتقها كثيرا من المسؤولية، لأنها أول امرأة تجسد دمج النساء في الحكم وتأثير ذلك إيجابا على وضع النساء في المجتمع، فهي في الوقت ذاته أول وزيرة لشؤون المرأة وأول سيدة تحكم ولاية «باميان» لإثنية الهزارة الشيعية التي تنتمي إليها، وتعد الإثنية الثالثة الأكبر في البلاد بعد البشتون والطاجيك، علما بأن باميان نالت شهرة بعد تدمير طالبان عام 2001 تمثالين كبيرين لبوذا يعود تاريخهما إلى 1600 عام، بعدما زعمت أن وجودهما يتنافى مع قواعد الإسلام، في خطوة سببت صدمة للعالم. وحكمت سرابي إقليم باميان لأكثر من خمس سنوات، علما بأنه لا يخفى أن الإطاحة بنظام حكم طالبان، في أعقاب الغزو الأميركي للبلاد نهاية عام 2001، ساهم في إعادة نحو مليون امرأة وفتاة إلى العمل وصفوف الدراسة، كما تخلت كثيرات منهن عن البرقع الأزرق الذي فرض عليهن ارتداؤه في عهد طالبان، لصالح الحجاب.
ومن بين المهام التي أرستها في ولاية باميان، كانت عملية صعبة لإصلاح الحكومة المحلية وإعادة بناء مرافق البنية الأساسية التي دمرتها الحرب، واتخاذ قرارات بشأن مصير أشهر موقع تاريخي، وأيضا تحويل المدينة التي اشتهرت باسم «شهر غلغلة» أو (مدينة الصرخات) إلى نقطة جذب سياحي.
ومن الواضح أن ترشحها لمنصب نائب رئيس الجمهورية، فرصة ذهبية لزيادة مكانة المرأة وتشجيع احترام حقوقها التي يكفلها الدستور، والتي ما زال أمامها طريق طويل لتتحول إلى واقع، وطموحها كما، أكدت لـ«الشرق الأوسط»، هو المساعدة في تحقيق حياة أفضل للأفغان، وأن منصبها الجديد سيساعد في ذلك. ومضت تقول إنها تعتقد أن منصبها «سيفتح الباب أمام نساء أخريات».

وكانت سرابي التي لا تخشى تحدي طالبان أو هيمنة الجهاديين على أمور بلادها، شنت حملات للدفاع عن حقوق المرأة في مخيمات اللاجئين في بيشاور وداخل باكستان إبان حكم الحركة الأصولية، وأدارت مدارس سرية لتعليم الفتيات خلال فترة حكم نظام طالبان. وهي أم لثلاثة أولاد، وتعيش مع زوجها محمد عارف الذي شجعها على تبوؤ كثير من المناصب، وأولادها الثلاثة، وأكبرهم علي الذي يدرس الطب في جامعة أنقرة. وجميع من التقاها يتحدث عن «شجاعتها وتوكلها على الله عز وجل». وتضيف أنها وقعت «بوليصة تأمين مع الله عز وجل»، لأنها «مؤمنة به، فهو حارسها وحاميها». إلا أنها تقول إن «الأفغان بجميع أعراقهم يحترمون المرأة ويوفرون لها الحماية».
وتعيش حبيبة سرابي في فيللا متواضعة مع زوجها وثلاثة من الأبناء في حي «شاهراك حاج نبي» على بعد عدة أميال من قصر دار الأمان، وهو القصر الرئاسي السابق لأفغانستان. يعود تاريخ بناء القصر ذي النمط الأوروبي للعشرينات من القرن الماضي علي يد الملك الأفغاني أمان الله خان، وكان القصر مقر وزارة الدفاع في السبعينات والثمانينات. وتعرض للتدمير والخراب من قبل فصائل المجاهدين المتحاربين فيما بينهم للسيطرة على كابل. وهو على تلك الحال من يومها، ولم يسلم من بعض التفجيرات المفخخة خلال فترة الاحتلال الأميركي الحالي.
ومساء الخميس الماضي، أرسلت «الشرق الأوسط» رسالة نصية على جوال حبيبة سرابي لطلب مقابلة، قبل مغادرة كابل، فردت: «اتصل بي الساعة الثامنة»، صباح اليوم التالي، وفي الميعاد بالضبط، كانت في انتظاري، وطلبت أن أتوجه إليها بتاكسي في الساعة الثالثة ظهرا، وأعطي الجوال للسائق لتشرح له عنوان سكنها في حي «شاهراك حاج نبي» بعد قصر دار الأمان، وضل السائق الطريق بين الهضاب والوديان عدة مرات، إلى أن جاء نجلها علي، طالب الطب في جامعة أنقرة بسيارة دفع رباعي، ليقودني من الطريق الترابي إلى منزلها. وقبل الدخول، قام بتفتيشي بدنيا عدة مرات، قبل أن يقودني إلى الداخل للقاء والدته المرشحة لمنصب نائب رئيس الجمهورية، وجاء حوار «الشرق الأوسط» معها على النحو التالي:
> ما شعوركم بصفتكم أول مرشحة لمنصب نائب الرئيس الأفغاني؟
- خلال عملي أول حاكمة لإقليم أفغاني، أعرف أنني أثرت في كثير من السيدات الأفغانيات. وبترشحي لمنصب نائب الرئيس الآن، أريد أن أظهر قدراتي للنساء الأفغانيات، خاصة عندما نقيم مؤتمرات انتخابية في مقاطعات مختلفة، لذا، فقد كنت شاهدة على مدى سعادة وفخر السيدات الأفغانيات بترشحي، وهو أمر أعتقد أنني سأتمكن من خلاله (في حال الفوز) من تقديم نموذج قيادي والتأثير على النساء الأفغانيات.
> متى كانت بدايتك مع العمل السياسي؟
- بدأت العمل ناشطة مع دخول طالبان الإقليم عام 1996. كنت أعمل في معهد للطب، في تدريب الممرضات وأخصائيات الأشعة. كنت معلمة عندما دخلت طالبان كابل، وكان ذلك يوم الجمعة خلال الليل، وأدركنا أن طالبان دخلت المدينة. ولذا، اختلف كل شيء في صباح اليوم التالي. كان لدي ثلاثة أطفال، ولم تتمكن ابنتي من الذهاب إلى المدرسة بعد ذلك. كان من الصعب بالنسبة لي المكوث في أفغانستان لعدم قدرة أطفالي على الذهاب إلى المدرسة. ومن ثم تركت أفغانستان وذهبت إلى باكستان وظللت هناك لما يقرب من خمس سنوات. في ذلك الوقت انخرطت في كثير من الأنشطة لنقل صوت المرأة الأفغانية، وقمت بعدة جولات أوروبية سافرت خلالها إلى إيطاليا وإسبانيا وقمت برحلة قصيرة إلى ألمانيا.
> هل أحد من أبنائك على خطاك في العمل الحقوقي داخل أفغانستان؟
- درست ابنتي العلوم السياسية وحصلت على درجة الماجستير في إدارة التنمية، وهي تعد الدكتوراه في الوقت الراهن. أما ابني فهو مهتم بالسياسة، لكنه يدرس الطب.
> كيف كانت تجربتكم بصفتكم أول حاكمة إقليم أفغانية؟
- كانت تجربة لطيفة للغاية، بصفتي سيدة قبل كل شيء، أن أخوض هذه التجربة مع أخواتي المسلمات اللاتي يجب أن يتمتعن بالثقة. أول الأمور التي ينبغي الاهتمام بها لخوض هذا الأمر هو المعرفة. وقد حظيت ببعض الخبرة والمعرفة عندما كنت في باكستان، وأيضا وزيرة لشؤون المرأة، ولدى الثقة في قدرتي على إدارة الإقليم، ولعل ذلك كان السبب في اقتراحي على الرئيس حميد كرزاي رغبتي في أن أكون حاكمة. وقد اندهش للغاية، لكني قلت له إنني سأنجح فيه. وقال: «هل سيتقبلك الناس؟»، قلت له: «نعم»، ولذا في البداية، ينبغي أن تتحلى النساء بعد المعرفة بالثقة في النفس، ولذا ينبغي أن نتصرف لإثبات وجودنا. ينبغي ألا نفكر أننا نساء وأنه لا وجود لنا في المجتمع، لأننا إذا اعتقدنا أننا نساء ولا يمكننا القيام بهذا أو ذاك، فلن ننجح في تحقيق هدفنا. هناك، بطبيعة الحال، كثير من الأفراد الذين يريدون تهميشي والقول بأن النساء لا يمكنهن القيام بهذا، لكن ينبغي علي أن أحكم بمهنية شديدة للغاية. وقد فعلت ذلك ونجحت.
> ما أولوياتك في حال أصبحت نائبة للرئيس؟
- أولوياتنا هي الحكم الجيد، الذي يشكل الأمن أبرز فروعه. ونحن نرى أن الإدارة السيئة تخلق نوعا من الفجوة بين الناس والحكومة. إذا استطعنا أن نسد هذه الفجوة، فسوف يكون ذلك جزءا من الحكم الجيد. والحكم الجيد في حد ذاته يجلب الأمن. وبخلاف ذلك، عندما يغضب الناس من الحكومة، فسوف ينفرون ويسببون المشكلات للحكومة، ولذا، فإن الإدارة الجيدة ينبغي أن تكون أولوية لنا.
> يتفق أشرف غني وعبد الله عبد الله على أهمية الأمن، لكنهم يختلفون بشأن وسائل تحقيق ذلك.. من وجهة نظرك، ما أهم شيء الآن إلى جانب الأمن في أفغانستان؟
- بعد الأمن والحكم الجيد، تأتي البطالة بصفتها إحدى أهم المشكلات، وكذلك الحال بالنسبة للفقر. عندما يكون النساء فقراء ولا يملكون ما يكفي من المال لإطعام الأطفال والعائلات، فسوف يذهبون بطبيعة الحال إلى مكان آخر يمكنهم من خلاله الحصول على المال. وإذا توجهوا إلى الدولة لحل بعض قضاياهم أو مشكلاتهم، ولم تتمكن الحكومة من الرد بلطف أو باهتمام، بطبيعة الحال فسوف يغضبون. وهاتان نقطتان قادرتان على إشعال الموقف. هذه هي القضية، ولذا ينبغي علينا العمل بجد للتوصل إلى حل للبطالة والفقر.
> ماذا عن قضايا المرأة، والعنف المنزلي، وما ستقدمين للنساء؟
- أعتقد أن تطبيق القانون أمر بالغ الأهمية. فلدينا دستور جيد في أفغانستان، وهذا الدستور يسمح لي بصفتي سيدة بالترشح نائبة للرئيس، وإذا كان الدستور يعطيني هذه الفرصة، فأعتقد أن القانون قادر على إحداث تغيير في حياة السيدات الأفغانيات. وسيكون من بين أولوياتي إنشاء فريق مهني لمراجعة بنود مختلفة من القانون قادرة على التأثير في حياة النساء. أحدها قانون العنف ضد النساء، وقد أردت إنشاء مجموعة ضغط تضم منظمات ومؤسسات مختلفة مثل وزارات لشؤون المرأة، والصحة، والثقافة، والحج والأوقاف، إضافة إلى مجموعات شبكات عمل النساء ومجموعات ضغط للحصول على موافقة برلماننا على قانون العنف ضد النساء.
أفغانستان ديمقراطية ناشئة. ولدى النساء الأفغانيات الفرصة لرفع أصواتهن، لكن هناك شيء آخر، وهو الاختلاف بين القانون الجديد والموقف ومستوى معرفة الأفراد. الناس تملك الوعي الكافي، على الرغم من عدم معرفة النساء بحقوقهن. ولذا لا يمكنهن القيام بأي شيء لتخفيف الضغوط اللاتي يتعرضن لها، ولذا تلجأ النساء إلى الانتحار. والشيء الوحيد الذي يمكننا القيام به لتجنب العنف ضد النساء هو تطبيق القانون. فعندما يواجه الأفراد الذين يرتكبون العنف المحاكمة، فسوف يكون عقابا لهم ودرسا لآخرين لن يستطيعوا ارتكاب العنف بعد ذلك. وسوف يحمي القانون النساء.
> هناك 68 نائبة في البرلمان الأفغاني، فكيف ترين مشاركة النساء الأفغانيات في السياسة، هل 68 نائبة عدد كاف؟
- 68 ليس كافيا، وهناك ثلاث وزيرات فقط، وإذا ما نجحت الحكومة الجديدة، فسوف تحظى النساء بـ20 في المائة من الحقائب الوزارية. لكنك تعلم أن 68 مقعدا هي كوتة للمرأة. فعندما كتب الدستور كنت إحدى الأعضاء في البرلمان، وعملت جاهدة لتحديد هذه النسبة في الدستور، ولعل ذلك هو السبب في تشكيل النساء نسبة 26 في المائة من البرلمان. لكن المؤسف أنه بعد قانون الانتخابات انخفضت نسبة 26 في المائة إلى 20 فقط، وربما كان ذلك هو السبب في تأكيدي على ضرورة الالتزام بالقانون في البرلمان، لكنه على الأقل فرصة جيدة للسيدات الأفغانيات أن يحصلن على 26 في المائة في البرلمان، وبعد ذلك يمكن لهذه المجموعة المطالبة بالمزيد وزيادة الأعداد. وربما يكون الأمر صعبا في الوقت الراهن، لكنهن ربما يتمكن من المنافسة في المستقبل مع الرجال.
> هل تخشين من عودة طالبان؟
- لا أعتقد ذلك، فقد أصبح الشعب الأفغاني خلال الـ12 عاما الماضية أكثر تعليما ووعيا، من الناحية السياسية وكيفية بناء الدولة، ولذا أنا على يقين من أنهم لن يسمحوا لطالبان بالظهور مجددا وتدمير الإنجاز الذي حققناه على مدى الـ12 عاما الماضية.
> هل تلقيت أي تهديدات من طالبان؟
- نعم، حدث، عندما كنت حاكمة باميان، حيث تلقيت تهديدات عدة مرات. ولا يمكنني القول إن الجماعات الجهادية أرسلت إلي تهديدات مباشرة، لكنها جاءت بصورة غير مباشرة. فقد هددني أحد الشيوخ في باميان أثناء عيد الأضحى هناك في خطبة صلاة العيد. وقد كان من الطبيعي أن يقوم الحاكم بتهنئة المواطنين، وقد ألقيت هذه الخطبة في هذا اليوم، لكنه قام بالدعاية قائلا إنني ألقيت خطبة تتناقض مع الشريعة الإسلامية، لكني لحسن الحظ كنت قد سجلت الخطبة، وقد أنقذ ذلك الفيديو حياتي، وكان تهديدا نوعا ما بالنسبة لي، والجهاديين يسعون إلى تهميشي.
> هناك أشخاص مثل عبد الرب رسول سياف وعبد الرشيد دوستم، وهما من أمراء الحرب، لا يحبون مشاركة النساء في السياسة، فما ردكم على ذلك؟
- إنهم لم يرغبوا بذلك منذ البداية، فعندما ترشح سياف للرئاسة تغيرت آراؤه. لكن دوستم، بطبيعة الحال، أحد أمراء الحرب، لكنه لا يبدي معارضة قوية لحقوق النساء.
> هل تعتقدين أن طالبان قادرة على المشاركة في السياسة؟
- هذه هي فرصتهم الوحيدة، فإذا أرادوا العيش حياة طبيعية، فعليهم الانخراط في العملية السلمية ونبذ العنف والجلوس إلى طاولة المفاوضات، وبعدها يمكنهم المشاركة في الحكومة.



تايلاند تعلن حظر التجول في إقليم حدودي بعد اتساع رقعة القتال مع كمبوديا

فريق الإنقاذ التايلاندي ينقل جثة إلى سيارة بعد قصف مدفعي كمبودي في مقاطعة سيسكيت اليوم (أ.ب)
فريق الإنقاذ التايلاندي ينقل جثة إلى سيارة بعد قصف مدفعي كمبودي في مقاطعة سيسكيت اليوم (أ.ب)
TT

تايلاند تعلن حظر التجول في إقليم حدودي بعد اتساع رقعة القتال مع كمبوديا

فريق الإنقاذ التايلاندي ينقل جثة إلى سيارة بعد قصف مدفعي كمبودي في مقاطعة سيسكيت اليوم (أ.ب)
فريق الإنقاذ التايلاندي ينقل جثة إلى سيارة بعد قصف مدفعي كمبودي في مقاطعة سيسكيت اليوم (أ.ب)

أعلنت تايلاند حظر تجول في إقليم ترات بجنوب شرقي البلاد، اليوم (الأحد)، مع امتداد القتال مع كمبوديا إلى الأماكن الساحلية في منطقة حدودية متنازع عليها، وذلك بعد يومين من تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن الجانبين اتفقا على وقف القتال.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع التايلاندية، الأميرال سوراسانت كونجسيري، في مؤتمر صحافي في بانكوك بعد إعلان حظر التجول: «بشكل عام، هناك اشتباكات مستمرة» منذ أن أكدت كمبوديا مجدداً انفتاحها على وقف إطلاق النار، أمس (السبت)، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضاف أن تايلاند منفتحة على حل دبلوماسي، ولكن «على كمبوديا أن توقف العداء أولاً قبل أن نتمكن من التفاوض».

وفي السياق، تَواصَل القتال في الصراع الحدودي بين تايلاند وكمبوديا في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، حيث أبلغ الجانبان عن هجمات على طول الجبهة على الرغم من جهود الوساطة الدولية.

سكان نازحون في مخيم مؤقت بمقاطعة بانتي مينتشي الكمبودية (أ.ف.ب)

ولم يدخل وقف إطلاق النار الذي حثَّ عليه رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، مساء السبت، حيز التنفيذ بعد. وكتب وزير الخارجية التايلاندي سيهاساك بوانجكيتكيو، على منصة «إكس» في وقت متأخر من يوم السبت: «أعيد تأكيد التزام تايلاند الثابت بالسلام. لكن يجب أن يكون السلام حقيقياً ومستداماً ومبنياً على أفعال تحترم الاتفاقيات، وليس مجرد كلمات جوفاء».

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قد أعلن يوم الجمعة، بعد مكالمات هاتفية مع رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت، ورئيس الوزراء التايلاندي أنوتين تشارنفيراكون، أن الزعيمين اتفقا على وقف جميع الأعمال العدائية «بدءاً من مساء هذا اليوم». ولم تؤكد تايلاند ولا كمبوديا الاتفاق، وقال أنوتين، السبت، إن تايلاند لم توافق على وقف إطلاق النار مع جارتها. وتجدَّد النزاع الحدودي الذي طال أمده مرة أخرى قبل أسبوع. وأعلنت تايلاند مقتل 15 جندياً وإصابة نحو 270، بينما لم تصدر كمبوديا أرقاماً رسمية للضحايا العسكريين، لكنها قالت إن 11 مدنياً قُتلوا وأُصيب 59. ويقول كلا الجانبين إن القتال أدى إلى نزوح أكثر من 600 ألف شخص على طول الحدود التي يبلغ طولها نحو 800 كيلومتر. ولا يمكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل. ويرتبط العنف المتجدد بنزاع عمره عقود بين الجارتين الواقعتين في جنوب شرقي آسيا حول مطالبات إقليمية. ويتهم كل جانب الآخر بانتهاك وقف إطلاق النار المتفق عليه سابقاً على طول الحدود. وكان البلدان قد اتفقا بالفعل على وقف لإطلاق النار في يوليو (تموز) بعد قتال عنيف. وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، وقَّعا إعلاناً مشتركاً في ماليزيا بحضور ترمب، وحدَّد خطوات نحو سلام دائم. ومع ذلك، في نوفمبر (تشرين الثاني)، تم تعليق وقف إطلاق النار المتفق عليه بعد حادث جديد على الحدود.


المجلس العسكري ببورما ينفي قتل مدنيين في غارة على مستشفى

مباني المستشفى المتضرر في ولاية راخين (أ.ب)
مباني المستشفى المتضرر في ولاية راخين (أ.ب)
TT

المجلس العسكري ببورما ينفي قتل مدنيين في غارة على مستشفى

مباني المستشفى المتضرر في ولاية راخين (أ.ب)
مباني المستشفى المتضرر في ولاية راخين (أ.ب)

نفى المجلس العسكري الحاكم في بورما (ميانمار)، اليوم (السبت)، قتل مدنيين في غارة جوية على مستشفى أودت بحياة 30 شخصاً.

واستهدفت طائرة عسكرية في وقت متأخر الأربعاء، مستشفى مروك يو العام في ولاية راخين الغربية المتاخمة لبنغلاديش، وفقاً لعاملَين في مجال الإغاثة.

وأفاد تقرير نشرته صحيفة «غلوبال نيو لايت أوف ميانمار» الحكومية، بأنّ «القتلى أو الجرحى لم يكونوا مدنيين؛ بل كانوا إرهابيين وداعمين لهم».

وبحسب مراقبين للنزاع، يكثّف المجلس العسكري الحاكم غاراته الجوية عاماً بعد آخر، منذ بدء الحرب الأهلية في البلاد التي أعقبت استيلاءه على السلطة في انقلاب قام به في عام 2021، وأنهى الحكم الديمقراطي الذي استمر عقداً من الزمن.

والخميس، دعت الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق، مشيرة إلى أنّ الهجوم يشكّل جريمة حرب.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الخميس، على منصة «إكس»، إنّ عاملين في مجال الرعاية الصحية ومرضى قُتلوا، «وتعرّضت البنى التحتية للمستشفى لأضرار بالغة، حيث دمرت غرف العمليات وجناح المرضى الرئيسي تماماً».

وراخين هي ولاية يسيطر عليها بشكل شبه كامل «جيش أراكان»، وهو قوة انفصالية من الأقليات العرقية، نشأت قبل فترة طويلة من إقدام الجيش على إسقاط الحكومة المدنية التي كانت ترأسها أونغ سان سو تشي.

وقالت القوة الانفصالية في بيان، إنّ 33 شخصاً قُتلوا وأصيب 76 بجروح في الغارة.

أما المجلس العسكري فأكد أنّه «قام بالإجراءات الأمنية اللازمة، وشنّ عملية لمكافحة الإرهاب في 10 ديسمبر (كانون الأول)، على مبانٍ يستخدمها قاعدةً جيش أراكان وقوات الدفاع الشعبية».

وكانت قوات الدفاع الشعبية انتفضت لمعارضة الانقلاب العسكري الذي حصل قبل 4 سنوات.


العمليات العسكرية تتواصل بين تايلاند وكمبوديا خلافاً لإعلان ترمب وقف القتال

أطفال يرفعون أيديهم خلال تلقي مساعدات في بلدة كمبودية نزحوا إليها من مناطق حدودية تشهد اشتباكات بين القوات الكمبودية والقوات التايلاندية (أ.ب)
أطفال يرفعون أيديهم خلال تلقي مساعدات في بلدة كمبودية نزحوا إليها من مناطق حدودية تشهد اشتباكات بين القوات الكمبودية والقوات التايلاندية (أ.ب)
TT

العمليات العسكرية تتواصل بين تايلاند وكمبوديا خلافاً لإعلان ترمب وقف القتال

أطفال يرفعون أيديهم خلال تلقي مساعدات في بلدة كمبودية نزحوا إليها من مناطق حدودية تشهد اشتباكات بين القوات الكمبودية والقوات التايلاندية (أ.ب)
أطفال يرفعون أيديهم خلال تلقي مساعدات في بلدة كمبودية نزحوا إليها من مناطق حدودية تشهد اشتباكات بين القوات الكمبودية والقوات التايلاندية (أ.ب)

أعلنت تايلاند، اليوم السبت، أنها ستواصل عملياتها العسكرية ضد كمبوديا، رغم تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن البلدين الجارين في جنوب شرقي آسيا توصلا إلى اتفاق على وقف القتال بعدما أجرى اتصالات هاتفية بهما.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع التايلاندية سوراسانت كونغسيري في مؤتمر صحافي إنّ «أربعة جنود قضوا في اشتباكات وقعت في منطقة تشونغ آن ما»، موضحا أنّ عدد القتلى وصل إلى 14 جنديا منذ بدء المعارك الاثنين.

من جهته، قال رئيس الوزراء التايلاندي أنوتين تشارنفيراكول عبر «فيسبوك»: «ستواصل تايلاند عملياتها العسكرية إلى أن نتخلص من أي ضرر أو تهديد لأرضنا، وشعبنا». وأضاف: «أفعالنا هذا الصباح كانت كافية للتعبير عن موقفنا».

وتوجه رئيس الوزراء ووزير الداخلية تشارنفيراكول اليوم إلى منطقة نونغ فوك في إقليم روي إيت، في شمال شرق تايلاند لرئاسة مراسم حرق جثامين جنود تايلانديين قتلوا في الاشتباكات. وقبل مغادرته العاصمة بانكوك، سأله الصحافيون هل تضمنت المكالمة الهاتفية مع ترمب، أمس الجمعة، أي اتفاق بشأن وقف إطلاق النار، فأجاب: «لم نناقش ذلك. لم يكن هناك أي اتفاق من أي نوع. إنه ببساطة تبادل للمستجدات».

في السياق، قال وزير خارجية تايلاند، سيهاساك فوانغكيتكيو إن بعض تصريحات ترمب «لا تعكس فهما دقيقا للوضع». وأضاف: «أعرب عن أسفنا وخيبة أملنا من أن بعض النقاط الصادرة عن الرئيس ترمب أثرت على مشاعر الشعب التايلاندي وعلى تايلاند، لأننانعتبر أنفسنا-بل ونفتخر- بأننا أقدم حليف للولايات المتحدة في المنطقة».

دخان يتصاعد بعد سقوط قذيفة مدفعية في مقاطعة بورسات الكمبودية قرب الحدود مع تايلاند (أ.ف.ب)

من جانبها، أفادت وزارة الدفاع الكمبودية عبر منصة «إكس» بأن «القوات المسلحة التايلاندية استخدمت طائرتين مقاتلتين من طراز إف-16 لإسقاط سبع قنابل» على أهداف عدة.

وفي ضوء التطورات الميدانية، أعلنت وزارة الداخلية الكمبودية في بيان أن «الحكومة الملكية في كمبوديا قررت تعليق كل عمليات الدخول والخروج في جميع المعابر الحدودية بين كمبوديا وتايلاند، اعتبارا من الآن حتى إشعار آخر».

وبعد اندلاع أعمال عنف أولى في يوليو (تموز)، أسفرت اشتباكات حدودية هذا الأسبوع بين الدولتين العضوين في رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) عن مقتل ما لا يقل عن 20 شخصاً، وأجبرت مئات الآلاف من الأشخاص على الفرار في كلا الاتجاهين.

ويأتي إعلان استمرار الأعمال العسكرية بعد ساعات فقط من تأكيد ترمب أن بانكوك وبنوم بنه اللتين تتنازعان على أراضٍ منذ عقود قد اتفقتا على وقف إطلاق النار.

وكان ترمب قد أعلن على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» أنه أجرى «محادثة ممتازة هذا الصباح مع رئيس وزراء تايلاند أنوتين تشارنفيراكول، ورئيس وزراء كمبوديا هون مانيه، بشأن استئناف الحرب طويلة الأمد بينهما، وهو أمر مؤسف للغاية. وقد اتفقا على وقف إطلاق النار تماماً ابتداء من هذه الليلة (الجمعة)، والعودة إلى اتفاق السلام الأصلي الذي تم التوصل إليه معي، ومعهما، بمساعدة رئيس وزراء ماليزيا العظيم، أنور إبراهيم».

أفراد من الشرطة في إحدى قرى مقاطعة بوريرام التايلاندية يحفظون الأمن بعد نزوح معظم الأهالي هرباً من الاشتباكات (أ.ب)

وفي وقت سابق، قال أنوتين بعد اتصاله بترمب الجمعة: «لا بدّ من إبلاغ العالم أن كمبوديا ستمتثل لأحكام وقف إطلاق النار».

وأضاف أنوتين الذي حلّ البرلمان التايلاندي الجمعة ممهداً الطريق لإجراء انتخابات مطلع عام 2026: «يجب على من انتهك الاتفاق أن يحلّ الموقف، لا من تحمّل العواقب».

وصرح نظيره الكمبودي هون مانيه، السبت، في رسالة نُشرت على «فيسبوك»: «لطالما التزمت كمبوديا بالوسائل السلمية لحل النزاعات». وأضاف أنه اقترح على الولايات المتحدة وماليزيا استخدام قدراتهما الاستخباراتية «للتحقق من الطرف الذي بدأ إطلاق النار أولاً» في 7 ديسمبر (كانون الأول).

وفي يوليو، أسفرت موجة عنف أولى عن مقتل 43 شخصاً في خمسة أيام، وأجبرت نحو 300 ألف شخص على النزوح، قبل التوصل إلى وقف إطلاق النار بوساطة من الولايات المتحدة، والصين، وماليزيا التي تتولى الرئاسة الدورية لرابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان).

تايلانديون ينتظرون الحصول على طعام في مركز إيواء بمقاطعة بوريرام بعد نزوحهم من بلدات وقرى حدودية (أ.ف.ب)

وتتنازع تايلاند وكمبوديا على السيادة على أجزاء من أراضيهما تضم معابد عائدة إلى إمبراطورية الخمير على طول حدودهما التي رُسمت في أوائل القرن العشرين خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية. وقد وقّع البلدان اتفاقاً لوقف إطلاق النار في 26 أكتوبر (تشرين الأول) برعاية دونالد ترمب. لكن بانكوك علّقت الاتفاق بعد أسابيع قليلة إثر انفجار لغم أرضي أسفر عن إصابة عدد من جنودها.