انتهاكات الانقلابيين وراء إعلان محافظة الحديدة منكوبة

المحافظ: المجاعة تهدد 2.5 مليون نسمة والميليشيات تجني ملايين الدولارات من الميناء

انتهاكات الانقلابيين وراء إعلان محافظة الحديدة منكوبة
TT

انتهاكات الانقلابيين وراء إعلان محافظة الحديدة منكوبة

انتهاكات الانقلابيين وراء إعلان محافظة الحديدة منكوبة

أكد عبد الله أبو غيث، محافظ الحديدة اليمنية، أن المجاعة والفقر والتشرد تهدد حياة أكثر من 2.5 مليون نسمة من سكان المحافظة الواقعة على ساحل البحر الأحمر، في ظل تعنت الميليشيات الانقلابية وشلّ حركة الحياة فيها تمامًا.
ورغم تأكيدات أبو غيث لـ«الشرق الأوسط» بأن الانقلابيين يجنون أكثر من 15 مليار ريال يمني (60 مليون دولار) شهريًا من السفن والجمارك بميناء الحديدة، فإنهم يفرضون حصارًا خانقًا على السكان والمساعدات التي تقدمها المنظمات المحلية والإقليمية والدولية لإنقاذ أرواح مئات الآلاف ممن يعانون مجاعة متفشية في المحافظة.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد – بحسب محافظ الحديدة – «بل يفرض الانقلابيون إتاوات مالية وهناك عمليات ابتزاز للمواطنين البسطاء لدعم ما يسمى (المجهود الحربي) والبنك المركزي الذي أفلسوه ونهبوه بالكامل»، على حد تعبير المحافظ.
وأعلن عبد الله أبو غيث، خلال مؤتمر صحافي عقده بمقر السفارة اليمنية في الرياض أمس، محافظة الحديدة منطقةً منكوبة، وقال: «بعد أن اجتمع في حق أهلنا في الحديدة شبح التجويع والترويع، الذي تمارسه الميليشيات الانقلابية، لم يكن أمامنا من سبيل إلا أن نعلن محافظة الحديدة منطقة منكوبة بكل دلالاتها العلمية والموضوعية والإنسانية، والتأكيد أن السبب الرئيسي لهذه الكارثة هو الانقلاب ونتائجه الكارثية، والحل الاستراتيجي للقضاء على المجاعة هو إسقاط الانقلاب وتحرير الحديدة».
وكشف أبو غيث عن أن الإحصاءات الأخيرة تؤكد أن 82 في المائة من سكان المحافظة يعانون المجاعة؛ أي مليونين وخمسمائة ألف نسمة من أبناء المحافظة بين جائع وفقير ومشرد، وتابع: «الحديدة كتلتها السكانية ثلاثة ملايين وثمانية وستون ألفا ومائة واثنين فرد، حسب إحصاءات 2016، وفي بداية الانقلاب استقبلت قرابة 300 ألف نازح من محافظات أخرى، كما فر من المحافظة نحو 20 ألف نسمة هربًا من الظروف الصعبة والتهديدات التي يتعرضون لها، ومنذ اجتياح الميليشيات السلالية للمحافظة، تعرضت لكل أشكال الضغط التسلطي؛ الجهوي، والفئوي، والمذهبي، والسلالي، والقمع الأمني، والأذى النفسي والاجتماعي، ومصادرة كل الحقوق بصورة فاشية شاملة». وأردف: «قامت الميليشيا بخنق وإيقاف الحياة في المحافظة، التي لم تستطع التماسك غذائيًا وصحيًا وخدماتيًا أمام تتار العصر ومغول الحاضر، لتظهر تلك المجاعة، وإن لم يتم استدراك الوضع بسرعة وإنقاذ حياة الملايين، فإن الكارثة المحققة ستكون مصير الأسر والأبرياء الذين باتت المجاعة تقض مضاجعهم».
وبحسب المحافظ لـ«الشرق الأوسط»، سجلت السلطات المحلية وفاة 4 حالات حتى الآن بسبب المجاعة، فيما هناك أكثر من 12 حالة في وضع صحي حرج بسبب سوء التغذية، مطالبًا أن يلتفت العالم لهذه المحافظة، وأن يهب لنصرتها وإغاثتها ودعمها بشكل عاجل استجابة لنداء الاستغاثة الذي أطلقته السلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني والقوى الاجتماعية وسكان المحافظة؛ رجالا ونساء.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.