دخلت مونتينيغرو (البلد الفتي) على لائحة السياحة الأوروبية، وباتت وجهة لعدد كبير من السياح من مختلف أنحاء العالم. مقومات عدّة ولا سيما منها الشواطئ الساحرة والطبيعة الخلابة التي تمتد على مساحات شاسعة، تمنح هذا البلد طابعا خاصا يتميز عن غيره، حيث الزيارة لأيام قليلة كفيلة بأن تنقل السائح إلى عالم من الخيال.
وعلى عكس تسميتها بـ«الجبل الأسود» فإن المناطق الجبلية بطبيعتها الخضراء الخلابة تشكل نحو 80 في المائة من مساحة هذا البلد الصغير الذي لا يزيد عدد سكانه عن 660 ألف نسمة. وهم اختاروا قبل عشر سنوات الانفصال عن صربيا في استفتاء شكّل فيه المؤيدون للاستقلال نحو 55 في المائة.
وفي حين تقول بعض المعلومات إن تسميته بـ«مونتينيغرو» أو «الجبل الأسود» باللغة العربية، هي نتيجة وجود الجبال الشاهقة التي يصل ارتفاع بعضها إلى 2500 متر فوق سطح البحر، وتمتد على معظم مساحة البلاد وتقطعها أنهار وأودية عميقة، فإن تسميات وصفات عدة أطلقت عليه نظرا لجمال طبيعته الفريدة، ومنها «الجوهرة» و«جنة أوروبا الشرقية» و«ريفيرا الجديدة».
تطل مونتينيغرو التي لطالما كانت مهملة ليس فقط على الخريطة السياحية إنما أيضًا الأوروبية والعالمية، على البحر الأدرياتيكي وتقع في جنوب شرقي أوروبا، تحدّها من الشرق صربيا وكوسوفا، ومن الغرب كرواتيا، ومن الجنوب ألبانيا، ومن الغرب كرواتيا.
وللرحلة في السيارة التي قد تكون كافية لاستكشاف هذا البلد متعة لا مثيل لها، رغم خطورة بعض الطرقات في المناطق الجبلية حيث يجد السائح نفسه على مقربة من ملامسة السحاب. وإذا كانت الفترة الممتدة بين يونيو (حزيران) وسبتمبر (أيلول) تبقى الأفضل للاستمتاع بهذا البلد، فإنه بإمكان السائح أن يتمتع بجمالها طوال أشهر السنة، حيث تشهد في الشتاء ثلوجًا في المناطق الجبلية، ولا تنخفض الحرارة عن 10 درجات في المدن.
وخلافًا لمعظم المدن والعواصم ذات المباني الشاهقة، لا تكاد تختلف عاصمة الجبل الأسود، بودغوريتشا، عن قراها في محافظتها على الطابع التقليدي والتراثي الذي يعود إلى القرن التاسع عشر، من دون أن تكون بعيدة عن متطلبات الحياة العصرية لجهة المقاهي والمطاعم وأماكن السهر.
ولا يمكن لزائر مونتينيغرو إلا أن يكون له محطة في بحيرة سكادار التي تشكل عامل جذب سياحي أساسيًا لكونها أكبر بحيرة في منطقة البلقان، ولا تبعد أكثر من نصف ساعة عن بودغوريتشا، وهي تشكل موطنًا لعدد كبير من الحيوانات البرية إضافة إلى أكثر من 280 نوعا من الطيور، منها البجع.
ورغم التشابه فيما بين مدن وبلدات مونتينيغرو لكل منها ميزة تختلف عن الأخرى، وقد صنفت أبرز مدينتين، وهما بيراست وكوتور، ضمن المواقع التراثية العالمية في قائمة منظمة «اليونيسكو».
وفي بيراست المدينة الأكثر جمالاً في خليج بوكا التي بُنِيت بين القرنين السابع عشر والثامن عشر، جزيرتان، هما سان جورج وسيدة الصخور يعود تاريخهما إلى القرن الثاني عشر، بحيث يمكن التنقل فيهما على متن قارب في رحلة بحرية تكشف بدورها أناقة الطبيعة وجمالها الهادئ، والاستمتاع بأشهى أطباق السمك الطازج.
وتنفرد مدينة كوتور رغم صغر مساحتها بسحر يجمع بين الماضي والحاضر، لا سيما لجهة الهندسة المعمارية التي تتجسد بشكل واضح في شوارعها وأحيائها القديمة وكنائسها ومتاحفها. ولمارينا اليخوت على خليج كوتور الذي يعرف بـ«بورتو مونتينيغرو» وبات يشكل معلمًا رئيسيًا من معالم مونتينيغرو، في موقعه السياحي والتراثي والاستثماري على حد سواء. فهنا حيث تحيط الجبال بالواجهة البحرية ترسو أفخم اليخوت في ميناء يُصنف ضمن أهم الموانئ العالمية. ويتميز المنتجع بوقوعه على خليج كوتور، أحد المواقع التراثية العالمية المحمية بحسب «اليونيسكو» وأكبر ميناء طبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط. واستطاع المنتجع أن يحصد سمعة عالمية معروفة في وقت قصير، وأن ينجح باستقطاب نخبة من أصحاب اليخوت الفاخرة حول العالم.
وكانت مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية، الذراع الاستثمارية الرئيسية لحكومة دبي، استحوذت على «بورتو مونتينيغرو - منتجع المارينا» الذي يضم إضافة إلى المارينا سلسلة مطاعم وأسواق إضافة إلى فندق «ريجنت بورتو مونتينيغرو» الذي يتميز بفخامته وموقعه على مقربة من الميناء.
وتعتبر دولة مونتينيغرو، مقر هذا المنتجع، مكانًا حاضنًا للأعمال والاستثمارات الخارجية المباشرة ووجهة سياحية ساحرة على البحر الأدرياتيكي معروفة بتاريخها الطويل في استقطاب الحكام والأغنياء والمشاهير من حول العالم منذ الخمسينات.
ومن المتوقع أن يتضاعف حجم المنتجع خلال سنوات قليلة مقبلة، حيث يتضمن الآن 450 مرسى لليخوت الفاخرة مع وجود التراخيص اللازمة لبناء 400 مرسى إضافي و280 ألف متر مربع من الأراضي القابلة للتطوير. ولمدينة بودفا البلدة القديمة مع قلعتها التي تعود إلى العصور الوسطى، وتُعتبر من أهم معالمها التاريخية، سحرها الخاص، جامعةً بين التراث وروعة الطبيعة التي تتجسد بشاطئ يتلألأ برمله وزرقة مياهه الصافية. ولأحيائها الضيقة وقع مختلف وحضور فريد يجمع تلك الهندسة المعمارية التراثية التي تتجسد بشكل أكبر في الكنائس والمساجد والمباني وحيوية الحياة الليلية وأماكن السهر، إضافة إلى وجود عدد كبير من الفنادق الفخمة التي تستقبل السياح طوال العام.
وتاريخ الجبل الأسود الطويل، يظهر جليا في مطبخ هذا البلد، الذي يجمع بين البحر المتوسطي والشرقي من جهة، والإيطالي والتركي واليوناني، من جهة أخرى، مما ينتج لائحة فريدة من الأطباق، التي قد تختلف بدورها قليلاً بين منطقة وأخرى، فيما تبقى المأكولات البحرية المشترك الأساسي فيما بينها.
في «جوهرة أوروبا الشرقية» لائحة طويلة ومتعددة من النشاطات التي يمكن للسائح الاستمتاع بها كل فصول العام. من رياضة المشي لمسافات طويلة بين أحضان الطبيعة وتسلق الجبال أو ركوب الدراجات الهوائية، كذلك للمغامرة حصتها هنا فيما يُعرف بـ«رحلات السفاري»، إلى صيد السمك و«ركوب الأمواج» والـ«كاياك» والـ«رافتينغ».
وفي سنوات قليلة، استطاعت حكومة مونتينيغرو، التي لا تزال خارج الاتحاد الأوروبي، أن تخطو خطوات متقدمة على صعيد السياحة والاستثمارات، بحيث باتت مقصدًا في الفترة الأخيرة للمستثمرين والسياح، وقد بني فيها منتجعات وفنادق فخمة ذات خمسة نجوم إضافة إلى إمكانية التمتع بإقامة في فنادق بثلاث أو أربع نجوم بأسعار مدروسة.
ولا يقتصر سياح الجبل الأسود على الأوروبيين فقط، إنما باتت تشكل وجهة في الفترة الأخيرة للسياح العرب ولا سيما من الإمارات، وذلك نتيجة اتفاقات متبادلة بين الطرفين، نتج عنها السماح للمواطنين الإماراتيين بزيارة الجبل الأسود من دون الحاجة إلى تأشيرة، وأضيف إليها قبل أشهر قليلة إعفاء المقيمين في الإمارات من التأشيرة السياحية المحددة بعشرة أيام. كما أعلنت شركة «فلاي دبي»، وضمن الخطة نفسها، عن بدء تسيير رحلات مباشرة العام المقبل من دبي وإليها، بعدما كانت قد أطلقت في بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي الرحلة الترويجية الأولى لهذا الخط.
«الجبل الأسود».. جوهرة أوروبا الشرقية
مونتينيغرو ما بين الطبيعة الخضراء وسحر الشواطئ
«الجبل الأسود».. جوهرة أوروبا الشرقية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة