ميليشيات «الحشد الشعبي» تواصل تقدمها نحو تلعفر.. و«داعش» يستعد لها بصواريخ «تاو»

التنظيم المتطرف يعزز قواته في البلدة بمقاتلين من سوريا

قوة من ميليشيات الحشد الشعبي ترفع راية طائفية على أطراف ناحية حمام العليل جنوب الموصل أمس (رويترز)
قوة من ميليشيات الحشد الشعبي ترفع راية طائفية على أطراف ناحية حمام العليل جنوب الموصل أمس (رويترز)
TT

ميليشيات «الحشد الشعبي» تواصل تقدمها نحو تلعفر.. و«داعش» يستعد لها بصواريخ «تاو»

قوة من ميليشيات الحشد الشعبي ترفع راية طائفية على أطراف ناحية حمام العليل جنوب الموصل أمس (رويترز)
قوة من ميليشيات الحشد الشعبي ترفع راية طائفية على أطراف ناحية حمام العليل جنوب الموصل أمس (رويترز)

اقتربت القوات العراقية وقوات الأمن من الموصل أمس على جبهتين جنوبيتين، لكن أحد قادة ميليشيات شيعية شاركت حديثا في الهجوم، حذر من أن المعركة على معقل تنظيم داعش في العراق ستكون طويلة ومنهكة.
وأفاد بيان عسكري بأن الفرقة التاسعة المدرعة بالجيش العراقي سيطرت على قرية علي رش التي تقع على بعد 7 كيلومترات جنوب شرقي الموصل، ورفعت العلم العراقي هناك. وقال ضابط من منطقة أبعد باتجاه الجنوب إن قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية تتقدم من بلدة الشورة، التي انتزعت من تنظيم داعش أول من أمس، على امتداد وادي نهر دجلة باتجاه الموصل التي تبعد نحو 30 كيلومترا إلى الشمال.
ويسعى الجيش العراقي وقوات الأمن وقوات البيشمركة الكردية وميليشيات الحشد الشعبي من خلال حملة مستمرة منذ أسبوعين، لتطويق الموصل وسحق مقاتلي التنظيم المتشدد في أكبر مدينة يسيطر عليها ضمن الأراضي التي تخضع لسيطرته في سوريا والعراق، وأعلن فيها دولته المزعومة.
وقد تصبح معركة الموصل التي لا يزال يقطنها نحو 5.‏1 مليون نسمة، واحدة من أصعب المعارك في أكثر من 10 سنوات من الاضطرابات، منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق عام 2003، وأطاح بحكم صدام حسين.
وانضمت أول من أمس ميليشيات قوامها ألوف من الشيعة العراقيين المدعومين من إيران، والتي يطلق عليها قوات «الحشد الشعبي» إلى هجوم الموصل، وشنت حملة لانتزاع أراض إلى الغرب من المدينة. وهدف القوات هو استعادة بلدة تلعفر، على مسافة 55 كيلومترا غرب الموصل، من تنظيم داعش. وسيقطع ذلك الطريق على المتشددين للانسحاب إلى مواقعهم في سوريا المجاورة أو الحصول على تعزيزات منها. وتقوم القوات العراقية وقوات البيشمركة الكردية بالفعل بدفع مقاتلي التنظيم المتشدد للتقهقر على الجبهات الجنوبية والشرقية والشمالية للموصل.
وقال هادي العامري قائد «منظمة بدر»، أقوى مجموعة ضمن ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران، متحدثا من قرية عين ناصر في أراض شبه قاحلة على الضفة الغربية لنهر دجلة، إن محاربة مسلحي «داعش» المتحصنين في الموصل والذين شنوا بالفعل موجة هجمات انتحارية بسيارات ملغومة، وزرعوا قنابل على الطرق ونشروا القناصة لتعطيل تقدم القوات، قد تكون طويلة ودموية. ونقلت وكالة «رويترز» عن العامري، الذي كان يرتدي زي تمويه ويلف وجهه بوشاح أبيض لحمايته من الرياح والرمال، قوله إن معركة الموصل «ليست نزهة.. تحتاج إلى زمن، تحتاج إلى دقة، تحتاج إلى نفس طويل».
إلى ذلك، قال مسؤول أمني عراقي إن تنظيم داعش كان يعزز قواته في تلعفر على مدى الـ48 ساعة الماضية، تحسبا للهجوم عليها وتأكيدا لأهميتها الاستراتيجية. وأضاف أن موجتين من التعزيزات أرسلتا شملتا مقاتلين حاربوا في سوريا المجاورة ولهم خبرة في استخدام الصواريخ المضادة للدبابات. وحسب المسؤول الذي يعمل في مركز قيادة العمليات، فإن «التقارير الاستخبارية تبين أن مجاميع (داعش) قامت بإدخال منظومات صواريخ (تاو) المضادة للدروع إلى تلعفر». وأضاف: «من الواضح أنهم يستعدون لمعركة طويلة الأمد».
ولم يتسن التحقق من تصريحات المسؤول الأمني من مصادر مستقلة، لكن أحد سكان الموصل قال في اتصال هاتفي مع «رويترز» إن أقاربه في تلعفر أبلغوه بأنهم شاهدوا أعدادا متزايدة من مقاتلي التنظيم المتشدد في البلدة، بعضهم يقوم بدوريات على دراجات نارية. ومنذ أن بدأت ميليشيات الحشد الشعبي تقدمها باتجاه تلعفر أول من أمس، اجتاحت عدة قرى في منطقة تبعد 60 كيلومترا جنوب شرقي هدفهم النهائي. وتتبع ميليشيات الحشد الشعبي التي تشكلت عام 2014 بفتوى من المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي، إلا أن لها صلات قوية بإيران.
وحذرت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان من احتمال نشوب أعمال عنف طائفية إذا سيطرت ميليشيات الحشد الشعبي على مناطق يشكل فيها السُّنة أغلبية السكان، وهو واقع أغلب المناطق في شمال وغرب العراق. ويأتي التحذير بسبب سجل هذه الميليشيات السيئ في التعامل مع سكان المناطق السنية التي حررت سابقا من سيطرة «داعش»، وخصوصا في محافظات الأنبار وصلاح الدين وديالى. وما زاد من المخاوف رفع الميليشيات المشاركة في معركة الموصل رايات وشعارات طائفية، تضفي طابعا مذهبيا واضحا على العملية.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.