توالي الاستنكار الدولي لاستهداف مكة المكرمة.. وواشنطن: مستعدون للعمل مع الرياض لردع أي تهديد

الخارجية الفرنسية قالت إن الصاروخ الباليستي «عمل استفزازي يقوض استئناف العملية السياسية»

توالي الاستنكار الدولي لاستهداف مكة المكرمة.. وواشنطن: مستعدون للعمل مع الرياض لردع أي تهديد
TT

توالي الاستنكار الدولي لاستهداف مكة المكرمة.. وواشنطن: مستعدون للعمل مع الرياض لردع أي تهديد

توالي الاستنكار الدولي لاستهداف مكة المكرمة.. وواشنطن: مستعدون للعمل مع الرياض لردع أي تهديد

تواصلت أمس ردود الفعل الإسلامية والدولية المنددة باستهداف الانقلابيين في اليمن منطقة مكة المكرمة يوم الخميس الماضي بصاروخ باليستي دمرته قوات الدفاع الجوي السعودي.
وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية إدانتها إطلاق الصاروخ ضد مكة المكرمة، معتبرة أن هذا العمل استفزاز يقوض الثقة الضرورية لاستئناف العملية السياسية. وذكر المتحدث باسم الخارجية الفرنسية أن بلاده «تدين إطلاق صاروخ ضد مكة المكرمة»، مبينًا أن «هذا العمل برهان جديد على الطريق المسدود الذي يمثله الحل السياسي، وهو بمثابة استفزاز لا يتيح عودة الثقة الضرورية لاستكمال العملية السياسية». ودعا المتحدث باسم الخارجية الفرنسية مجددًا «جميع الأطراف لاستئناف المفاوضات من أجل التوصل إلى حل سياسي، وهو الطريق الوحيد الذي من شأنه أن يضع حدا لهذا النزاع»، مؤكدًا دعم فرنسا التام للجهود التي يبذلها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ.
وفي الإطار ذاته، أدانت الولايات المتحدة قيام الميليشيات الحوثية والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بإطلاق صاروخ باليستي باتجاه المدينة التي تضم الكعبة الشريفة، عادّة هذا الفعل استفزازًا وعملاً غير مقبول. وقال لينكن فريجر، نائب المتحدث الرسمي باسم سفارة الولايات المتحدة في الرياض، لـ«الشرق الأوسط»، إن الولايات المتحدة على استعداد بالاشتراك مع السعوديين لردع ومواجهة أي تهديد خارجي لسلامة أراضيها. وتعليقًا على إطلاق ميليشيات الحوثي وصالح صاروخًا باليستيًا باتجاه مكة المكرمة، أكد فريجر أن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء التقارير عن هجوم صاروخي ضد الأراضي السعودية يوم الخميس الماضي. وأضاف: «كل دولة لها الحق في حماية حدودها، ومثل هذا الانتهاك أمر غير مقبول ويشكل انتهاكًا للقانون الدولي، نحن على استعداد للعمل بالشراكة مع السعوديين لردع ومواجهة أي تهديد خارجي لسلامة أراضيها الإقليمية، ونقف إلى جانبهم». ولفت نائب المتحدث الرسمي إلى أن الولايات المتحدة تحث جميع الأطراف على التوافق لوقف الأعمال العدائية والإعلان عن موافقتهم على تمديد الهدنة. وشدد على أن «هذا الأمر سيساعد على خلق مساحة للتقدم نحو تسوية سياسية لهذا الصراع، ونشعر بخيبة أمل من أن أيًا من الأطراف لم يتخذ أي خطوات إضافية لوقف الأعمال العدائية».
في غضون ذلك، قال وزير الشباب والرياضة اليمني نائف البكري إن استهداف الميليشيات الانقلابية المشاعر المقدسة في المملكة العربية السعودية وقبلة المسلمين، «يوضح بجلاء أن هذه الميليشيات يدٌ إيرانية تعبث بقيم الأمة ومقدساتها وتتناقض كليًا مع هوية الشعب اليمني وعمقه العربي الإسلامي، وتقود المنطقة إلی الحروب والدمار».
وأكد الوزير اليمني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الشعب اليمني لا يمكن أن يقبل بذلك الاستهداف الإجرامي لقبلة مليار ونصف المليار مسلم»، معربًا عن إدانته واستنكاره لذلك «الفعل الإرهابي الشائن الذي تقف خلفه إيران الفارسية الصفوية».
ولدى سؤاله حول الخطة الأممية الأخيرة التي تقدم المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، رد الوزير البكري بأن «تلك المبادرة لم تبن على المرجعيات الثلاث؛ المتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات الشرعية الدولية؛ وأهمها القرار (2216). وبالتالي، فهي تعزز الحرب ولا تقود إلى السلام الذي ننشده»، على حد قوله.
وأوضح وزير الشباب والرياضة اليمني نائف البكري أن «الخيار الأنسب لإنهاء الانقلاب في اليمن واستعادة الشرعية والدولة اليمنية هو دعم الجيش الوطني والمقاومة في مختلف الجبهات»، مرجعًا ذلك إلى أن «الميليشيات الانقلابية لا يمكن لها أن تسمع لصوت العقل، وهي مجربة من خلال تاريخها، وتاريخ من يمدها، ويدعمها».
وتابع الوزير البكري في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الميليشيات لا تعيش إلا على الكذب والدم، ودورات الحرب والفوضى، وليس لديها مشروع سياسي ولا أخلاقي ولا وطني، ولهذا، فإننا نأمل من إخواننا في التحالف، الذين نكنّ لهم كل الشكر والتقدير، أن يستمر دعمهم لليمن ويتضاعف، من أجل إنهاء هذا الانقلاب وهذه الميليشيات التي تمثل خطرا على أمننا، واستقرارنا، في المنطقة والخليج»، على حد تعبيره.
إلى ذلك، طالب القاضي الشيخ خلدون عريمط، رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام التابع لرئاسة الوزراء في لبنان، الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، بمقاطعة إيران وتصنيفها «راعية للإرهاب»، على خلفية محاولة الحوثيين ضرب مكة المكرمة بصاروخ باليستي. وقال عريمط: «حقيقة؛ ننظر إلى استهداف مكة المكرمة بصاروخ باليستي من قبل صعدة المحتلة من قبل الحوثيين، بأنه عمل موجه بإرشادات وتوجيهات من نظام ولاية الفقيه الفارسية في طهران، لأننا نعتقد أن الحوثيين وبقايا عصابات علي عبد الله صالح، هما عبارة عن مرتزقة يدورون في فلك الحرس الثوري الإيراني». وأضاف: «كل قذيفة توجه إلى السعودية، إنما هي حلقة من حلقات الإجرام الإيراني التي تشهده سوريا والعراق واليمن، كل هذه المجموعات المتحركة سواء تلك التي تهدد حدود المملكة، أو وجهت وتوجه الصواريخ إلى مكة المكرمة، هذه المجموعات عبارة عن عصابات فارسية ومرتزقة تتبع نظام ولاية الفقيه الذي يعمل بالتعاون مع إسرائيل ومع كل أعداء الأمة على الإساءة أولا إلى الإسلام، وثانيا البلاد العربية من الخليج إلى المحيط».
وتابع رئيس المركز الإسلامي التابع لرئاسة الوزراء بلبنان: «من أجل ذلك، فإننا نناشد كل الدول والمؤسسات الإسلامية والعربية، خصوصا جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، قطع علاقاتها فورا مع هذا النظام الصفوي المتآمر تاريخيا على العروبة والإسلام، وأن يحاصر هذا النظام الإيراني، وأن تسقط عضويته من منظمة التعاون الإسلامي»، متسائلا: «أي إسلام هذا الذي يوجه صواريخه إلى صدر مكة المكرمة؟!». وقال عريمط: «لقد عودتنا إيران على مدى تاريخها الطويل منذ العهد الصفوي إلى وقتنا الحاضر، بأنها تشكل باستمرار شوكة في خاصرة الإسلام والمسلمين. علمتنا التجارب أن إيران لا تقل خطرا عن إسرائيل، فكل الحركة الفارسية وعصاباتها؛ سواء كانوا حوثيين أو (النجباء) أو (حزب الله) أو (عصائب الحق) أو (الحشد الشعبي)، هذه كلها منظمات إرهابية تماما كالمنظمات الصهيونية».
واستغرب رئيس المركز الإسلامي أن التحالف الدولي بقيادة أميركا لا يصنف هذه المجموعات منظمات إرهابية، مشيرا إلى أن هذه المجموعات؛ سواء كانوا الحوثيين أو «النجباء» أو «حزب الله» في العراق، والمنتشر في أكثر من منطقة عربية، أو «الحشد الشعبي»، أو «فاطميون» أو «حيدريون» أو «زينبيون»، لا تقل خطرا عن «داعش» و«القاعدة»، مؤكدا أن «الإرهاب إرهاب؛ سواء أكان (قاعديًّا) أو (داعشيًّا) أو (حشدًا شعبيًا) أو غيره من بقية الفصائل الموالية لإيران».
ويؤكد عريمط أن «رأس الإرهاب موجود في طهران، والصاروخ الذي وجه إلى مكة المكرمة، هو صاروخ إرهابي أوامره من طهران أطلقه الحوثيون بالتعاون مع المستشارين الإيرانيين الذين يحتلون الآن مناطق متعددة من اليمن»، مؤكدا أنه على يقين من أن «التحالف العربي ومسانديه سيضعون حدًا لرأس الأفعى الذي يتحرك في طهران وأذنابه في سوريا والعراق واليمن وفي بعض المناطق العربية الأخرى».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.