صدق أو لا تصدق.. الجماهير تعطي ظهرها أخيرًا لكرة القدم

هل الوفرة الهائلة في «المعروض الكروي» أصاب المشاهدين بالتخمة والملل؟

«بي تي سبورت» تقدمت بقرابة مليار جنيه إسترليني للفوز بحق بث مباريات دوري أبطال أوروبا («الشرق الأوسط») - «سكاي سبورتس» تمنح العملاء اتساعًا غير مسبوق في المعروض الرياضي عبر مجموعة متنوعة من السبل -   مواجهة ليفربول ويونايتد الأخيرة حظيت بمشاهد مغايرة لما يحدث (رويترز)
«بي تي سبورت» تقدمت بقرابة مليار جنيه إسترليني للفوز بحق بث مباريات دوري أبطال أوروبا («الشرق الأوسط») - «سكاي سبورتس» تمنح العملاء اتساعًا غير مسبوق في المعروض الرياضي عبر مجموعة متنوعة من السبل - مواجهة ليفربول ويونايتد الأخيرة حظيت بمشاهد مغايرة لما يحدث (رويترز)
TT

صدق أو لا تصدق.. الجماهير تعطي ظهرها أخيرًا لكرة القدم

«بي تي سبورت» تقدمت بقرابة مليار جنيه إسترليني للفوز بحق بث مباريات دوري أبطال أوروبا («الشرق الأوسط») - «سكاي سبورتس» تمنح العملاء اتساعًا غير مسبوق في المعروض الرياضي عبر مجموعة متنوعة من السبل -   مواجهة ليفربول ويونايتد الأخيرة حظيت بمشاهد مغايرة لما يحدث (رويترز)
«بي تي سبورت» تقدمت بقرابة مليار جنيه إسترليني للفوز بحق بث مباريات دوري أبطال أوروبا («الشرق الأوسط») - «سكاي سبورتس» تمنح العملاء اتساعًا غير مسبوق في المعروض الرياضي عبر مجموعة متنوعة من السبل - مواجهة ليفربول ويونايتد الأخيرة حظيت بمشاهد مغايرة لما يحدث (رويترز)

من بين التساؤلات الأزلية التي هيمنت على حقبة ازدهار الدوري الإنجليزي الممتاز، والتي ظلت أصداؤها تتردد لسنوات مع الارتفاع المستمر في أجور اللاعبين، متى ستنفجر هذه الفقاعة؟ هل يمكن لهذا الطلب المحموم على المنتج أن ينحسر ذات يوم؟ هل يمكن أن يختفي يومًا هذا التعطش الدائم من جانب المؤسسات الإعلامية العملاقة لإذاعة مواجهات الأندية الكبرى؟ هل يمكن أن ينحسر يومًا هذا النمو المطرد في قيمة حقوق البث التلفزيوني على الصعيدين المحلي والخارجي، والذي خلق حالة تضخم لا نهاية لها في فقاعة الدوري الممتاز؟
في كل مرة كان يجري خلالها طرح هذا التساؤل، كانت الإجابة ذاتها تتكرر، لكن بنبرة أقوى عن سابقتها: لا. إلا أنه في الوقت الذي تظهر مؤشرات توحي ببدء حدوث تحولات كبرى على الصعيد الكروي، تبرز على الساحة عناصر جديدة تدفع بعوائد حقوق البث نحو مستويات قياسية جديدة. وحتى هذه اللحظة، لا تزال الحرب مستعرة بين «سكاي سبورت» و«بي تي سبورت»، اللتين تعمدان إلى استخدام الرياضة كسلاح في إطار القتال الدائر بينهما حول استقطاب العملاء عبر التلفزيونات والبرودباند والهواتف النقالة. وكان من شأن هذه الحرب، علاوة على الطلب المتنامي عبر مختلف أرجاء العالم في إطار سوق عالمية لا تزال بعيدة تمامًا عن التشبع، دفع أحدث صفقات بيع حقوق البث التلفزيوني لمباريات الدوري الممتاز لما يتجاوز 8.3 مليار جنيه إسترليني على امتداد ثلاثة مواسم. وتقدمت «بي تي» بقرابة مليار جنيه إسترليني للفوز بحق بث مباريات دوري أبطال أوروبا على مدار الفترة ذاتها، في الوقت الذي حصد اتحاد كرة القدم لتوه ما يقرب من 820 مليون جنيه إسترليني على مدار ستة مواسم فيما يتعلق بالحقوق الدولية لبطولة كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم.
ولا تزال القناعة السائدة داخل كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أنه في ظل مشهد إعلامي منقسم لشظايا متفرقة، تظل الأحداث الرياضية الكبرى الحية واحدة من الأنماط القليلة فيما يخص المحتوى التي سيحرص المشاهدون على متابعتها في وقت إذاعتها. ومنذ اقتحام إمبراطور الإعلام الشهير روبرت مردوخ لعالم الدوري الممتاز في محاولة لإنقاذ «سكاي تي في» عام 1991. تحول ذلك لواحد من العناصر التي تضمن ولاء المشتركين، وفي ظل المشاهد الإعلامية الأكثر تعقيدًا بكثير، يجري النظر إليها باعتبارها عنصرًا حيويًا جديرا بأي ثمن تقريبًا مهما كان.
ورغم كل ما سبق، توحي الأرقام المتواترة بحدوث تراجع في معدلات المشاهدة خلال الفترة الأولى من الموسم الجديد للدوري الممتاز، الأمر الذي دفع مثل تلك المؤسسات الإعلامية العملاقة للاستعانة بخبراء متخصصين لإجراء دراسة متعمقة لتفهم أسباب هذا التراجع. على سبيل المثال، تكشف الإحصاءات انخفاض معدلات مشاهدة المباريات الحية للدوري الممتاز من خلال قناة «سكاي سبورتس» بمقدار الخمس. وفي أحد أيام الثلاثاء بالذات، انخفضت معدلات مشاهدة مباريات دوري أبطال أوروبا عبر قناة «بي تي سبورت» بنسبة 40 في المائة، فهل توحي هذه الأرقام بأن ما كان في حكم المستحيل ذات يوم يحدث على أرض الواقع الآن؟ هل بدأت الجماهير أخيرًا في الانصراف عن كرة القدم؟
وتزامن هذا التراجع مع مخاوف أعمق داخل الولايات المتحدة حول تغطية فعاليات الدوري الوطني الأميركي لكرة القدم، والتي دفعت مقابلها المؤسسات الإعلامية وشركات «الكيبل» مبلغا إجماليًا تجاوز 50 مليار دولار للاستحواذ على حقوق البث حتى مطلع عقد العشرينيات من القرن الحالي. وقد شهدت معدلات مشاهدة مباريات الدوري الأميركي تراجعًا كبيرًا هذا الموسم.
وطرح مقال نشرته مؤخرًا مجلة «ذي أتلانتيك» أربعة تفسيرات محتملة لهذا التراجع: انشغال المواطنين بالمناظرات الرئاسية، وظاهرة إلغاء عملاء «الكيبل» داخل الولايات المتحدة اشتراكاتهم مقابل الاستمتاع بخدمات أخرى مثل «نتفليكس على الإنترنت»، ومتابعة تحديثات موقع «تويتر» (والتي تعين المرء على متابعة تطورات المباريات دون مشاهدتها فعليًا) واعتزال نجم كرة القدم الأميركية بيتون ماننينغ (في الواقع، ليس هو فحسب، وإنما الغياب الواضح للنجوم الكبار). من ناحيته، وجد روجر غودويل، مفوض الدوري الوطني الأميركي لكرة القدم، نفسه مضطرًا لاتخاذ موقف الدفاع الأسبوع الماضي وقال: «هناك كثير من العوامل التي ينبغي وضعها في الاعتبار فيما يتعلق بهذا الأمر. إننا لا نسعى لطرح أعذار، وإنما نحاول فهم التغييرات الطارئة على الساحة».
والسؤال الآن: هل يمكن حدوث أمر مشابه هنا؟ هل هذا تراجع عارض أم توجه عام؟ هل ثمة تغييرات طرأت على أساليب المشاهدة وتدفع الناس لمتابعة المباريات لكن عبر قنوات مختلفة أم أن الوفرة الهائلة في المعروض الكروي على امتداد الموسم أصاب المشاهدين أخيرًا بالتخمة؟ فيما وراء هذه الأرقام المتفرقة، تبدو الصورة حتمًا أكثر تعقيدًا بكثير. من ناحيتهما، تشير كل من «سكاي» و«بي تي» إلى عوامل موسمية تجعل من غير الصائب عقد مقارنات بين عام وآخر حتى وقت لاحق من الموسم.
من بين العوامل المشار إليها في هذا الصدد دورة الألعاب الأوليمبية وظروف الطقس والغياب النسبي للصدامات بين الأسماء الكبرى حتى الآن خلال هذا الموسم.
من جانبها، بإمكان «بي تي سبورت» الإشارة إلى حقيقة أن المباريات التي تتضمن أندية لها قاعدة جماهيرية صغيرة، مثل ليستر سيتي، في إطار بطولة دوري أبطال أوروبا تجتذب حتمًا معدلات مشاهدة أقل. وربما يكمن أحد الأسباب وراء تراجع معدلات مشاهدة مباريات دوري أبطال أوروبا عبر قنواتها وارتفاع معدلات مشاهدة لقاءات الدوري الأوروبي، مشاركة مانشستر يونايتد ليالي الخميس هذا الموسم.
من جانبها، قالت: «سكاي» إن أول مواجهة بين أسماء كبرى خلال الموسم وقعت بين ليفربول ومانشستر يونايتد وانتهت بتعادل مخيب للآمال دون أهداف في إطار ما أطلق عليه «يوم الاثنين الأحمر» ـ حققت أعلى معدلات مشاهدة منذ ثلاثة سنوات، مع متوسط عدد مشاهدين بلغ 2.8 مليون. وحتى العوامل التي ربما تبدو ضئيلة الأهمية، مثل هبوط أندية تحظى بقاعدة جماهيرية واسعة مثل نيوكاسل وأستون فيلا، من الممكن أن تترك تأثيرها على معدلات المشاهدة. ومن الممكن أن تشير المحطتان كذلك إلى التحولات التكنولوجية والثقافية، التي لا ترصدها المقاييس التقليدية لمعدلات المشاهدة، باعتبارها أسبابًا وراء تنامي صعوبة تحديد معدلات المشاهدة بدقة عن أي وقت مضى. جدير بالذكر أن «بي تي سبورت» و«سكاي سبورتس» تروجان بشدة للمشاهدة عبر تطبيقات متاحة من خلال الهواتف الذكية والكومبيوترات اللوحية. ومن المعتقد أن معدلات مشاهدة «بي تي» عبر شبكة الإنترنت ومن خلال التطبيق الخاص بها ارتفع بنسبة 17 في المائة هذا الموسم.
على الجانب الآخر، فإنه علاوة على الترويج لخدمتها «سكاي جو» على الإنترنت بين المشتركين وطرح تطبيق جديد يدعى «ماتش سنتر»، ركزت «سكاي» على استثمارات كبيرة بمجال الترويج لخدمتها «ناو تي في». ومن شأن هذه الخدمة السماح للمشتركين بالدخول إلى والخروج من «سكاي سبورتس» وقنوات غيرها على أساس يوم بيوم، وهي لا تظهر هي الأخرى في معدلات المشاهدة. وفي تصريحات لـ«الغارديان»، قال سيمون غرين، رئيس «بي تي»، إن رصد معدلات المشاهدة عبر التلفزيونات للأمسيات التي تحوي مباريات ومقارنتها بالموسم السابق، يمثل مجرد عامل واحد من عوامل أخرى يجري الاعتماد عليها في تقييم مستوى النجاح. وأضاف: «تتأرجح معدلات المشاهدة من يوم لآخر وتتأثر بعوامل عدة، منها الفريق وحجم قاعدة المشجعين، علاوة على الأحداث الأخرى التي تجري يوم المباراة أو حتى ظروف الطقس». وأردف موضحًا أن: «الأرقام الصادرة عن هيئة أبحاث مشاهدي المحطات، المعروفة اختصارًا باسم (بارب)، مجرد واحدة من سبل أخرى كثيرة لقياس مدى نجاح (بي تي سبورت) وتكشف عن جانب واحد فحسب من الصورة».
وأوضح أن: «تعتمد أرقام المشاهدة لأمسيات دوري أبطال أوروبا على الفرق التي تواجه بعضها البعض، وفي أي مرحلة من المنافسة ومن يشارك من اللاعبين. خلال يوم المباراة الثالث، كان لدينا إجمالي معدل مشاهدة تراكمي بلغ 2.3 مليون مقابل 2.1 مليون الموسم السابق». بالنسبة لـ«سكاي سبورتس»، يبدو المدير الإداري بارني فرانسيس على الدرجة ذاتها من القوة، وشدد على مسألة اتساع نطاق الخيارات المتاحة من جانب المحطة، وأشار إلى ارتفاع معدلات مشاهدة رياضات أخرى، وكذلك دوري الدرجة الأولى الإنجليزي.
وأضاف أن «سكاي سبورتس تمنح العملاء اتساعا غير مسبوق في المعروض الرياضي عبر مجموعة متنوعة من السبل، وتشجعهم على التفاعل مع الرياضة على النحو الذي يفضلونه. ويتضح ذلك من خلال الاستهلاك: لقد عرضنا أكثر 15 مباراة من الدوري الممتاز حظيت بالمشاهدة هذا الموسم، بينها ليفربول في مواجهة مانشستر يونايتد بمتوسط مشاهدة بلغ 2.8 مليون، الذي يعد المعدل الأعلى خلال ثلاثة سنوات». واستطرد بأن «معدلات مشاهدة بطولات ألعاب أخرى مثل الكريكيت ترتفع عامًا بعد آخر.. ومن خلال المنصات الرقمية والتطبيقات المتزايدة لدينا، مثل خدمة (أون ديماند) و(ناو تي في)، فإن هناك محتوى متوافرا أمام كل محبي الرياضات المختلفة».
إلا أن هاتين المؤسستين الكبريين اللتين قدمتا بالفعل مليارات من الدولارات مقابل المحتوى الرياضي الذي تقدمه لمشاهديها، تظلان بطبيعة الحال مصدرا متحيزا للتعليق على مسألة تراجع معدلات المشاهدة. وعليه، يبقى التساؤل: هل من الممكن أن يكون ثمة أمر آخر يجري على الساحة الكروية؟ على مدار سنوات، خاض مسؤولو الدوري الممتاز حربًا شرسة جرت في الجزء الأكبر منها خلف السطح ضد أعمال القرصنة. كما شنوا معركة قانونية بارزة ضد المقاهي التي تعرض تغطية من الخارج، مع الاستعانة بشركات تكنولوجية متخصصة في محاولة لإغلاق مصادر البث غير القانونية من المنبع.
إلا أنه الآن وفي ظل تمتع كل بيت على مستوى البلاد تقريبًا بخدمة «واي فاي» سريعة بما يكفي للاطلاع على قنوات البث غير القانوني من خلال هاتف أو كومبيوتر لوحي أو كومبيوتر نقال، تبدو هذه الجهود بلا جدوى حقيقية. من جانبها، بذلت كل من «سكاي» و«بي تي» جهودًا حثيثة لضمان إمداد المشتركين لديهما بجودة كافية لاجتذاب الجماهير بعيدًا عن البث غير القانوني، لكن يبدو أن هذه الجهود لم تترك بعد تأثيرها المرجو.
إلا أنه حال شعور المؤسسات الإعلامية التي دفعت أكثر عن 5 مليارات دولار لضمان الحصول على حقوق البث الداخلي بأن معدلات مشاهدتها تتعرض للخطر، فإنها بالتأكيد ستعمد إلى الضغط على مالكي الحقوق للتحرك ضد هذا الأمر. وبالطبع، يبقى المقياس الوحيد الحقيقي أمام «بي تي» و«سكاي» هو ما إذا كان الناس يدفعون اشتراكاتهم. وحال حدوث تقلبات في معدلات المشاهدة واطلاع عشاق الكرة على المباريات عبر سبل أخرى، فإن هذا الأمر سيبقى لا بأس به بالنسبة لمؤسستين ما دام أنهما تحصلان على الاشتراكات ويبدي المشاهدون المشتركون رضاهم بالمحتوى المقدم واتساع دائرة الخيارات المتاحة أمامهم.
أما الأمر الذي يصعب تحليله بدرجة أكبر فهو ما إذا كانت هناك عوامل ثقافية تترك تأثيرًا على معدلات متابعة كرة القدم. من الواضح أن الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو تترك تأثيرًا على أسلوب تفاعل الأجيال الأصغر سنًا على وجه التحديد مع كرة القدم. وهنا يظهر التساؤل: هل يشاهد الشباب الأصغر كرة القدم على نحو مختلف؟ هل أصبحت مسألة مشاهدة مباراة بأكملها أمرا مملا ما دام أن المرء بمقدوره متابعة التطورات ومعرفة النقاط عبر تحديثات من خلال «تويتر»؟
ربما يبدو ذلك تحليلاً متطرفًا، وبالتأكيد تبقى إثارة متابعة المباريات على الهواء مباشرة أمرا جذابا للغاية لغالبية عاشقي كرة القدم. ومع هذا، تقر «سكاي» بهذا التحليل، الأمر الذي تجلى في إقدامها للمرة الأولى هذا الموسم في الدفع بمقاطع لأهداف منتقاة دون مقابل عبر «تويتر» أثناء انعقاد المباريات. ويظهر تساؤل جديد هنا: هل يمكن أن تبدأ كرة القدم أخيرًا في التهام نفسها؟ الاحتمال الأكبر أن المشجعين سيظلون مهتمين بمتابعة المباريات الكبرى على الهواء مباشرة، لكن ربما تقل أعدادهم وتتباعد المباريات التي تجتذب اهتمامهم على هذا النحو.
إلا أنه مع تنامي تعقيد السوق واستمرار المصاعب الناجمة عن سياسات التقشف، ربما يشعر مزيد من المشاهدين أن الأموال التي يستقطعونها من دخلهم الشهري لمشاهدة الرياضة أصبحت ضخمة للغاية وتحولت لرفاهية لا يملكون ثمنها، الأمر الذي سيدفعهم نحو محاولة تقليص هذه الأموال والتحول إلى وسائل أخرى.
في بيان صدر عنها مؤخرًا، أعلنت شركة «إندرز» للتحليل الإعلامي أن العوامل القائمة داخل الولايات المتحدة التي تدفع المشاهدين لوقف اشتراكاتهم بالمحطات التلفزيونية غير قائمة داخل المملكة المتحدة، وأوعزت تشككها في وجود ذات الديناميكات داخل سوق المملكة المتحدة إلى النتائج الأخيرة التي تشير لاستمرار نمو «سكاي» و«بي تي».
وبالتأكيد ليس هناك شعور بالفزع حيال الأمر داخل الإدارة القائمة على الدوري الممتاز. وهناك شعور عام بأنه لا يزال من المبكر للغاية الحكم على ما إذا كان التراجع في معدلات المشاهدة عرضا طارئا أو توجها عاما. وتبقى الحقيقة أن المخاطر التي تواجه مالكي الحقوق والمؤسسات الإعلامية التي اشترت حقوق البث، هائلة على هذا الصعيد. دعونا الآن ننتظر ما سيحدث في الفترة القادمة، أو ربما لا يحدث!



ذهبية الجندي تخفف الضغط على البعثة الأولمبية المصرية

الجندي (أ.ب)
الجندي (أ.ب)
TT

ذهبية الجندي تخفف الضغط على البعثة الأولمبية المصرية

الجندي (أ.ب)
الجندي (أ.ب)

خفف تتويج المصري أحمد الجندي بالميدالية الذهبية لمسابقة "الخماسي الحديث" للرجال، بجانب فضية اللاعبة سارة سمير في "رفع الأثقال" الضغط على البعثة الأولمبية المصرية في أولمبياد باريس بعد سلسلة من الاخفاقات المتتالية والتي عرضت البعثة إلى حالة من الهجوم العنيف من قبل الجمهور والنقاد المصريين.

حالة من "الارتياح النسبي" لدى البعثة المصرية الأولمبية وسط حالة من الهجوم وعدم الرضا عن النتائج التي حققتها، لاسيما أنها

احتفاء واسع في مصر بأحمد الجندي بعد فوزه بالميدالية الذهبية (أ.ب)

وفاز اللاعب المصري أحمد الجندي بالميدالية الذهبية الوحيدة لمصر في "أولمبياد باريس" بمسابقة الخماسي الحديث للرجال، محطماً الرقم القياسي العالمي في المسابقة بعدما وصل إلى 1555 نقطة، فيما كان الرقم القديم 1482، فيما حققت المصرية سارة سمير الميدالية الفضية لبلادها في وزن 81 كيلوغراما في رفع الأثقال للسيدات.

وتداول مستخدمو مواقع "التواصل" صور البطلين، وسط موجة من الاحتفاء، والتأثر لاسيما بمقطع الفيديو الذي راج للاعبة المصرية سارة سمير وهي تبكي لعدم حصولها على الميدالية الذهبية، وسط دعم من البعثة المصرية وتهنئتها بـ"الفضية" بعد منافسة شرسة.

ووجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، رسالة تهنئة، للثلاثي أحمد الجندي وسارة سمير ومحمد السيد، بعد تحقيقهم لثلاث ميداليات في دورة الألعاب الأوليمبية.

وأعلنت وزارة الشباب والرياضة، الأحد، إطلاق اسم سارة سمير صاحبة الميدالية الفضية على مركز "شباب الهوانيا" في محافظة الإسماعيلية (شرق القاهرة)، كما أعرب وزير الشباب والرياضة المصري أشرف صبحي عن سعادته بتحقيق أحمد الجندي للميدالية الذهبية في الخماسي الحديث، وقال صبحي في تصريحات إعلامية لقناة (بي إن سبورتس): " كنا ننتظر في باريس من ست إلى ثماني ميداليات، كان لدينا تقييم جيد لكل الألعاب ولم نضع كرة القدم أو كرة اليد في الحسابات ولكنها ظهرت بشكل جيد، وقمنا في الدورة السابقة بطوكيو بتحقيق ست ميداليات لوجود رياضة الكاراتيه التي نحن الأول على العالم في هذه الرياضة".

سارة سمير الفائزة بالميدالية الفضية (أ.ف.ب)

وواجهت البعثة المصرية الأكبر عربياً وأفريقياً بأولمبياد باريس انتقادات حادة لاسيما بعد خسارة منتخب كرة اليد المصري مباراته في ربع النهائي أمام إسبانيا بصورة مفاجئة، وهي الهزيمة التي تبعت خسائر جماعية أخرى في ألعاب مثل: الرماية والملاكمة والسلاح وتنس الطاولة والمصارعة والوثب العالي ورمي الرمح والسباحة التوقيعية والغطس، علاوة على عدم تحقيق لاعبين مصنفين دولياً في مراكز متقدمة أي ميدالية مثل زياد السيسي في لعبة سلاح الشيش، رغم التعويل عليه لتحقيق ميدالية لمصر إلا أنه أضاع فرصة الحصول على الميدالية البرونزية بعد تحقيقه المركز الرابع بعد خسارته أمام بطل إيطاليا، وكذلك لم ينجح كل من عزمي محيلبة في الرماية، وعبد اللطيف منيع في المصارعة الرومانية من إحراز ميداليات.

كما صدمت هزيمة منتخب مصر لكرة القدم أمام منتخب المغرب بنتيجة 6 أهداف مقابل لا شيء في المنافسة على الميدالية البرونزية الجمهور المصري.

منتخب مصر تعرض لهزيمة ثقيلة من المغرب (وزارة الشباب والرياضة المصرية)

وحسب البرلماني المصري عمرو السنباطي، عضو لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، فإن تقدير أداء البعثة الأولمبية المصرية يجب أن يستند إلى الخطة أو التوقعات التي كانت تستهدفها بالأساس، ويتساءل في حديثه مع "الشرق الأوسط": "هل كان طموحنا الوصول إلى ثلاث ميداليات في الأولمبياد رغم أنها تعتبر أكبر بعثة مصرية؟ الأمر يحتاج إعادة النظر في الاستراتيجيات على المدى القصير والطويل، والتركيز على الرياضيات الأولمبية، فالكاراتيه ليس لعبة أولمبية بالأساس، وتم إدراجها في طوكيو بشكل استثنائي".

ويضيف: "أحمد الجندي وسارة سمير حققا فوزا أولمبياً مُقدرا، لكنهما قد لا يشاركان في الدورة الأولمبية المقبلة، ما يطرح سؤالاً عن تجهيز الصف الثاني والثالت في الألعاب الأولمبية، وتأهيل أجيال منافسة، وهذا كلام نكرره منذ دورة طوكيو الماضية، رغم مضاعفة الإنفاقات على هذا القطاع".

الجندي بطل الخماسي الحديث (أ.ف.ب)

ويعتبر الناقد الرياضي أيمن أبو عايد، أن النتائج التي حققها كل من أحمد الجندي وسارة سمير "حفظاً لماء وجه البعثة الأولمبية"، ويضيف لـ"الشرق الأوسط": "النتائج التي وصلنا إليها تأتي وسط شكاوى من اللاعبين من التقصير في الإعداد والتأهيل والتدريب الخاص وسط ظروف رياضية ضاغطة، وقد مهدت لنا تصريحات البعثة أننا بصدد تحقيق من ست إلى تسع ميداليات، ويبدو أن تلك كانت مبالغة وإسراف في القول، حتى لو لم يحالفنا الحظ في بعض المرات كما حدث مع لاعب المبارزة زياد السيسي بعد إخفاقه في الحصول على البرونزية".

سارة سمير (رويترز)

يضيف أبو عايد: "نتائج البعثة لا تتخطى ما وصلنا إليه من قبل، رغم الوعود مع كل دورة أولمبية بنتائج أفضل، وصار هذا خطاب نسمعه كل أربعة أعوام، حيث تظل تقارير لجان التحقيق في نتائج البعثة الأوليمبية حبيسة الأدراج، فمن غير المنطقي أن تحصل دولة عدد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة على 3 ميداليات فقط".

الجندي خفف الضغط على البعثة الأولمبية المصرية (رويترز)

وأعلن المهندس ياسر إدريس، رئيس اللجنة الأولمبية المصرية بالتنسيق مع الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، الأحد، رفع قيمة مكافآت الفوز بالميداليات خلال أولمبياد باريس 2024 إلى 5 ملايين جنيه (الدولار يساوي 49.2 جنيه) للميدالية الذهبية، و4 ملايين جنيه للميدالية الفضية، و3 ملايين للبرونزية، بخلاف صرف مكافأة فورية لكل فائز ألف يورو وساعة يد قيمة.

وشاركت مصر بأكبر بعثة في تاريخها بأولمبياد باريس بـ149 لاعباً ولاعبة و16 لاعباً احتياطياً؛ 79 من الرجال و52 من السيدات، في 24 لعبة أوليمبية، منها 4 ألعاب جماعية، وهي كرة القدم، وكرة اليد، والكرة الطائرة، والكرة الطائرة الشاطئية سيدات.