البطيخ.. خرج إلى العالم من أفريقيا

زرعه العرب في قرطبة وإشبيلية

البطيخ.. خرج إلى العالم من أفريقيا
TT

البطيخ.. خرج إلى العالم من أفريقيا

البطيخ.. خرج إلى العالم من أفريقيا

البطيخ من الفواكه المحبوبة في فصل الصيف وله الكثير من الفوائد الغذائية ويمثل ركنا أساسيا ضمن فواكه المائدة العربية. ولكن نشأة البطيخ الأولى كانت في أفريقيا الاستوائية وجنوب أفريقيا، حيث ما زالت أصوله الجينية متاحة بأنواع مختلفة في هذه المناطق منها ما لا يصلح للاستهلاك الآدمي.
ومن أفريقيا انتشرت زراعة البطيخ في وادي النيل منذ القرن الثاني قبل الميلاد ووجدت بعض بذور البطيخ في مقبرة توت عنخ آمون. وفي القرن السابع كان البطيخ يزرع في الهند ومع حلول القرن العاشر الميلادي انتقل البطيخ إلى الصين التي تعد حاليا أكبر الدول زراعة واستهلاكا للبطيخ.
وقدم العرب البطيخ إلى أوروبا عن طريق الأندلس حيث توجد آثار لزراعته في قرطبة في عام 961، وفي إشبيليه في عام 1158، وبدأ البطيخ يظهر في كتب الطبخ الأوروبية بداية من القرن السابع عشر وكان يزرع في الحدائق الأوروبية خلال هذه القرن ولم يحد من انتشاره في أوروبا إلا حاجة النبات إلى صيف حار وجاف وهو ما لا يتوافر في دول وسط وشمال أوروبا.
وحملت تجارة العبيد من أفريقيا نباتات البطيخ معها إلى العالم الجديد وزرعه الإسبان في فلوريدا في عام 1576، ثم انتقل إلى دول أميركا اللاتينية في القرن السابع عشر. كما قدم المستكشفون الإنجليز من أمثال الكابتن جيمس كوك البطيخ إلى هاواي وجزر المحيط الهادي.
ويزرع البطيخ في موسم الربيع ويستغرق النبات مائة يوم لإنتاج أول حصاد لثمار البطيخ. وتنتج الثمرات من زهور بيضاء أو صفراء اللون يعضها لا يحتاج إلى تلقيح. وينمو البطيخ البري إلى حجم 20 سنتيمترا لمحيط الثمرة بينما البطيخ المستأنس يمكن أن ينمو إلى حجم كبير بمحيط 60 سنتيمترا. ويتميز البطيخ بقشرة خضراء فاتحة أو داكنة أحيانا بخطوط خضراء داكنة. أما قلب البطيخ فهو أحمر اللون ببذور سوداء صلبة أو بيضاء رخوة.
وتوجد أصناف مستنبطة من البطيخ الخالي من البذور وهو يحتوي على بذور بيضاء ضامرة يمكن أكلها. وفيما ينتشر البطيخ أحمر اللون إلا أن هناك أنواعا بألوان أخرى منها البرتقالي والأصفر والأخضر والأبيض.
وفي الخمسينات تعاونت عدة جامعات أميركية مع وزارة الزراعة الأميركية لاستنباط أنواع جديدة من البطيخ مقاومة للأمراض ويمكن زراعتها في بيئات مختلفة. وكانت النتيجة نوعا من البطيخ يسمى تشارلستون مستطيل الشكل سميك الجلد وشديد التحمل لكافة ظروف النمو.
واستمرت الأبحاث في الستينات لإنتاج أنواع تتميز بحلاوة المذاق وغزارة المحصول. وبدأت في ذلك الوقت أيضا محاولات إنتاج أنواع من البطيخ بلا بذور، ونجحت المحاولات الأولى وإن كانت باهظة الثمن حيث كان الأمر يتطلب تهجين عدة أنواع من البطيخ بعضها غير مثمر.
وينتج المزارعون الآن البطيخ تجاريا في 44 ولاية أميركية وتوفر عدة ولايات جنوبية أعلى معدلات الإنتاج منها تكساس وفلوريدا وجورجيا وكاليفورنيا وأريزونا.
وفي بعض الولايات الجنوبية يأكل الناس قشر البطيخ أيضا بعد طبخه بطريقة القلي السريع أو السلق ويصنعون منه الكثير من أنواع الطعام وأحيانا يتم تخليله.
وبلغ من حجم ثمار البطيخ الكبيرة أن بعض منافذ البيع تقطعها إلى إنصاف أو أرباع ليسهل بيعها للأفراد. وتحقق الرقم القياسي لحجم ثمرة بطيخ في عام 2013 عندما بلغ وزن بطيخة في ولاية تينيسي 159 كيلوغراما. وفي ولاية أوكلاهوما أصدر مجلس شيوخ الولاية قرارا في عام 2007 باعتبار البطيخ هو النبات الرسمي للولاية مع اختلاف في الرأي حول ما إذا كان البطيخ من الخضراوات أو من الفواكه.
ويعد البطيخ نباتا استوائيا ومداريا ويحتاج إلى درجات حرارة أعلى من 25 درجة مئوية. والأفضل زراعة البطيخ في تربة رملية جيدة الصرف بمعدلات متوسطة من النيتروجين. وهناك الكثير من الأمراض التي يمكن أن تصيب البطيخ خصوصا في المناخ الرطب، ولذلك تعد بيئة البحر المتوسط والشرق الأوسط مثالية لزراعته.
وينتج العالم 95.2 مليون طن، منها 70 مليون طن تنتجها الصين وحدها. وأكبر الدول الأخرى المنتجة للبطيخ تشمل تركيا (أربعة ملايين طن) وإيران (3.8 مليون طن) والبرازيل (مليونا طن) ومصر (1.8 مليون طن).
ومما يذكر أن مزارعي اليابان اكتشفوا طريقة لزراعة بطيخ مكعب الشكل وذلك بإدخال الثمار في زجاجات مكعبة أثناء مرحلة نموها. وكان الابتكار أساسا بغرض تسهيل مهمة شحن وتخزين الثمار. ولكن التجربة لم تنتشر لأن ثمن البطيخ المكعب كان أعلى من ضعف ثمن البطيخ العادي. ولا تصلح بعض الأنواع للاستهلاك الآدمي نظرا لمرارة طعمها وقطفها قبل كامل نموها. وهي تستخدم لأغراض الزينة. وهناك بعض الأنواع التي تتخذ الشكل الهرمي بوسائل نمو مماثلة.
وهناك أكثر من 1200 نوع من البطيخ تتراوح في الشكل والحجم والوزن ما يبن أقل من كيلوغرام واحد إلى أكثر من 90 كيلوغراما. كما تختلف ألوان البطيخ بين الأصفر والأحمر والأبيض والبرتقالي. وتؤكل أيضا بذور البطيخ بعد شيها. وفي بعض الدول الآسيوية يتم تناول بذور البطيخ أثناء احتفالات العام الجديد.
الفوائد الغذائية للبطيخ متعددة حيث تحتوي كمية 100 غرام من البطيخ على 127 سعرا من الطاقة و7.5 غرام من النشويات و6.2 غرام من السكر و0.4 غرام من الألياف و0.61 غرام من البروتين. هذا بالإضافة إلى نسبة كبيرة من الفيتامينات المتنوعة، أبرزها فيتامين ج، والأملاح التي تشمل الكالسيوم والحديد والمغنيسيوم والمنغنيز والفوسفور والبوتاسيوم والصوديوم والزنك. ويتكون البطيخ من 91 في المائة من الماء.
وهو من أفضل أنواع الغذاء في فترة الصيف لأنه منعش ومغذ ويمد الجسم بالماء والفيتامينات والطاقة ولكن بسعرات حرارية قليلة.
* الفوائد الغذائية للبطيخ متنوعة
الكثير من الدراسات تشير إلى فوائد صحية جمة للبطيخ خصوصا في خفض مخاطر أمراض السمنة والقلب والسكر. وهو مفيد لصحة الجلد والشعر والحفاظ على الوزن المثالي. وكشفت بعض الدراسات أن تناول البطيخ بانتظام يخفف من أعراض الربو ويساعد في منع الإصابة بالإنفلونزا نظرا لنسبة فيتامين ج العالية فيه. وأعلنت مطبوعة «أميركان جورنال أوف هايبرتنشن» المختصة بأمراض ضغط الدم العالي أن البطيخ يحتوي على مواد تخفض من ضغط الدم خصوصا في كبار السن من البدناء. كما أشارت إلى أن البطيخ يحسن أداء الأوعية الدموية ويساهم في الحماية من أمراض القلب.
ويعتبر البطيخ أيضا من الأغذية المضادة للأكسدة التي تساهم في مكافحة إصابة الجسم بالسرطان وخصوصا سرطان البروستاتا في الرجال، وفقا لعدد من الدراسات. وهو أيضا مانع للإمساك ويساهم في تنظيم عمل الجهاز الهضمي وإمداد الجسم بالماء.
ويحتوي البطيخ أيضا على مادة الكولاين (Choline) المهمة في مساعدة الجسم على مكافحة الالتهابات وتسهيل حركة العضلات وتحسين الذاكرة والحفاظ على الخلايا. ويساهم عصير البطيخ أيضا على شفاء ألم العضلات من الإجهاد في وقت أسرع بعد التمرينات العنيفة للرياضيين.
والبطيخ مفيد أيضا للجلد والشعر لأنه يحتوي على فيتامين ألف كما أن قشر البطيخ يحتوي على الأحماض الأمينية التي تحافظ على صحة القلب ونظام المناعة. كما أثبتت دراسات أن البطيخ يعد من أكثر الفواكه تكاملا في مجموعة الفيتامينات والمعادن التي يوفرها.
* كيفية التعرف على البطيخة الناضجة؟
- البطيخة الناضجة يجب أن تكون ثقيلة بالنسبة إلى حجمها.
- القشرة يجب أن تكون ناعمة والخطوط الخضراء عليها واضحة ومتناسقة.
- لا بد أن تكون قمة البطيخة جافة.
- البقعة التي ترقد عليها البطيخة على الأرض يجب أن تكون صفراء اللون وليست بيضاء.
- الضرب على البطيخة باليد يجب أن ينتج عنه صوت مكتوم وليس رنانا.
ويجب اختيار البطيخ العضوي ومسح قشر البطيخة بقماشة مبللة قبل قطعها وحفظ البطيخة بعد قطعها في البراد. ويمكن أكل قشر البطيخ بعد عصر الليمون عليه بدلا من إلقائه في القمامة. كما يتعين أكل البطيخ قبل الوجبات وليس بعدها للمساعدة على الهضم.



ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
TT

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)

إذا كنت من محبي الأجبان فستكون سويسرا من عناوين الأكل المناسبة لك؛ لأنها تزخر بأنواع تُعد ولا تُحصى من الأجبان، بعضها يصلح للأكل بارداً ومباشرة، والأصناف الأخرى تُؤكل سائحة، ولذا يُطلق عليها اسم «فوندو» أو «ذائبة».

من أشهر الأجبان السويسرية: «الفاشرين» Vacherin، و«الغرويير»، و«الراكليت»، و«الإيمينتال»، ويبقى طبق «الفوندو» الأشهر على الإطلاق، لا سيما في فصل الشتاء؛ لأنه يلمّ شمل العائلة حوله، وترتكز فكرته على المشاركة، والنوع الأفضل منه يُطلق عليه اسم «مواتييه مواتييه»، ويعني «نصف - نصف»، وهذه التسمية جاءت من مزج نصف كمية من جبن «الفاشرين»، والنصف الآخر من جبن «الإيمينتال»، يُؤكل ذائباً بعد وضعه في إناء خاص على نار خافتة، يتناوله الذوّاقة عن طريق تغميس مكعبات لذيذة من الخبز الطازج وبطاطس مسلوقة صغيرة الحجم في الجبن إلى جانب البصل والخيار المخلل.

جلسة خارجية تناسب فصل الصيف (الشرق الاوسط)

عندما تزور مدينة جنيف لا بد أن تتوجه إلى القسم العتيق منها حيث تنتشر المقاهي والمطاعم المعروفة فيها، وبالقرب من الكاتدرائية لن يغفل عنك مطعم «ليه أرمور» Les Armures، المعروف كونه أقدم المطاعم السويسرية في جنيف، ويقدّم ألذ الأطباق التقليدية، على رأسها: «الراكليت»، و«الفوندو»، واللحم المجفف، و«الروستي» (عبارة عن شرائح بطاطس مع الجبن).

يستوقفك أولاً ديكور المطعم الذي يأخذك في رحلة تاريخية، بدءاً من الأثاث الخشبي الداكن، ومروراً بالجدران الحجرية النافرة، والأسقف المدعّمة بالخشب والمليئة بالرسومات، وانتهاء بصور الشخصيات الشهيرة التي زارت المطعم وأكلت فيه، مثل: الرئيس السابق بيل كلينتون، ويُقال إنه كان من بين المطاعم المفضلة لديه، وقام بتجربة الطعام فيه خلال إحدى زياراته لجنيف في التسعينات.

جانب من المطعم الاقدم في جنيف (الشرق الاوسط)

يعود تاريخ البناء إلى القرن السابع عشر، وفيه نوع خاص من الدفء؛ لأن أجواءه مريحة، ويقصده الذوّاقة من أهل المدينة، إلى جانب السياح والزوار من مدن سويسرية وفرنسية مجاورة وأرجاء المعمورة كافّة. يتبع المطعم فندقاً من فئة «بوتيك»، يحمل الاسم نفسه، ويحتل زاوية جميلة من القسم القديم من جنيف، تشاهد من شرفات الغرف ماضي المدينة وحاضرها في أجواء من الراحة. ويقدّم المطعم باحة خارجية لمحبي مراقبة حركة الناس من حولهم، وهذه الجلسة يزيد الطلب عليها في فصل الصيف، ولو أن الجلوس في الداخل قد يكون أجمل، نسبة لتاريخ المبنى وروعة الديكورات الموجودة وقطع الأثاث الأثرية. ويُعدّ المطعم أيضاً عنواناً للرومانسية ورجال الأعمال وجميع الباحثين عن الأجواء السويسرية التقليدية والهدوء.

ديكور تقليدي ومريح (الشرق الاوسط)

ميزة المطعم أنه يركّز على استخدام المواد محلية الصنع، لكي تكون طازجة ولذيذة، تساعد على جعل نكهة أي طبق، ومهما كان بسيطاً، مميزة وفريدة. الحجز في المطعم ضروري خصوصاً خلال عطلة نهاية الأسبوع. أسعاره ليست رخيصة، وقد تتناول «الفوندو» بسعر أقل في مطعم آخر في جنيف، ولكن يبقى لـ«Les Armures» سحره الخاص، كما أنه يتميّز بالخدمة السريعة والجيدة.

فوندو الجبن من أشهر الاطباق السويسرية (الشرق الاوسط)

ما قصة «الفوندو» السويسري؟

«الفوندو» السويسري هو طبق تقليدي من أطباق الجبن المميزة التي يعود أصلها إلى المناطق الجبلية والريفية في جبال الألب السويسرية، ويُعد اليوم رمزاً من رموز المطبخ السويسري. يعتمد هذا الطبق على فكرة بسيطة، ولكنها فريدة؛ إذ تتم إذابة الجبن (عادة مزيج من عدة أنواع مثل «غرويير» و«إيمينتال») في قدر خاص، يُدعى «كاكلون» Caquelon، ويُوضع فوق موقد صغير للحفاظ على حرارة الجبن. يُغمس الخبز في الجبن المذاب باستخدام شوكات طويلة، مما يمنح كل قطعة خبز طعماً دافئاً وغنياً.

مبنى "ليه أرمور" من الخارج (الشرق الاوسط)

كان «الفوندو» يُعد حلاً عملياً لمواجهة ظروف الشتاء القاسية، حيث كانت الأسر السويسرية تعتمد بشكل كبير على الأجبان والخبز غذاء أساساً، ومع قسوة الشتاء وندرة المؤن، كانت الأجبان القديمة التي أصبحت صلبة وإعادة استخدامها بتلك الطريقة تُذاب. وقد أضاف المزارعون لاحقاً قليلاً من النبيذ الأبيض وبعض التوابل لتحسين الطعم وتسهيل عملية إذابة الجبن.

مع مرور الوقت، ازداد انتشار «الفوندو» ليصبح طبقاً سويسرياً تقليدياً ورمزاً وطنياً، خصوصاً بعد أن روّج له الاتحاد السويسري لتجار الجبن في ثلاثينات القرن العشرين. جرى تقديم «الفوندو» في الفعاليات الدولية والمعارض الكبرى، مثل «المعرض الوطني السويسري» عام 1939؛ مما ساعد في التعريف به دولياً. أصبح «الفوندو» في منتصف القرن العشرين جزءاً من الثقافة السويسرية، وجذب اهتمام السياح الذين يبحثون عن تجربة الطهي السويسرية التقليدية.

من أقدم مطاعم جنيف (الشرق الاوسط)

هناك أنواع مختلفة من «الفوندو»، تعتمد على المكونات الأساسية:

• «فوندو الجبن»: الأكثر شيوعاً، ويُستخدم فيه عادة خليط من أنواع الجبن السويسري، مثل: «غرويير»، و«إيمينتال»، والقليل من جوزة الطيب.

• «فوندو الشوكولاته»: نوع حلو تتم فيه إذابة الشوكولاته مع الكريمة، ويُقدّم مع قطع من الفواكه أو قطع من البسكويت.

• «فوندو اللحم» (فوندو بورغينيون): يعتمد على غمر قطع اللحم في قدر من الزيت الساخن أو المرق، وتُغمس قطع اللحم بعد طهيها في صلصات متنوعة.

اليوم، يُعد «الفوندو» تجربة طعام اجتماعية مميزة؛ حيث يلتف الأصدقاء أو العائلة حول القدر الدافئ، ويتبادلون أطراف الحديث في أثناء غمس الخبز أو اللحم أو الفواكه؛ مما يعزّز من روح المشاركة والألفة.