لبنان: عون يقترب من الفوز.. والمعترضون يواجهونه بالأوراق البيضاء

الحريري يطلع قيادات سياسية ودينية على معطيات جلسة انتخاب الرئيس غدًا

منظر عام للقاعة الرئيسية في القصر الرئاسي ببعبدا (إ.ب.أ)
منظر عام للقاعة الرئيسية في القصر الرئاسي ببعبدا (إ.ب.أ)
TT

لبنان: عون يقترب من الفوز.. والمعترضون يواجهونه بالأوراق البيضاء

منظر عام للقاعة الرئيسية في القصر الرئاسي ببعبدا (إ.ب.أ)
منظر عام للقاعة الرئيسية في القصر الرئاسي ببعبدا (إ.ب.أ)

اتضح المشهد الذي ستكون عليه جلسة انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية غدًا الاثنين، بعدما اطلعت المرجعيات السياسية والدينية أمس، من زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري على كلّ المعطيات، التي تؤكد حتمية انتخاب النائب ميشال عون رئيسًا بأغلبية تقارب ثلثي أعضاء البرلمان اللبناني، إلا أن عون لن يكون غدًا في مواجهة المرشّح الرئاسي الآخر، رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، بل بمواجهة الأوراق البيضاء، بعدما دعا فرنجية معارضي عون لعدم الاقتراح له (أي إلى فرنجية) بل وضع ورقة بيضاء في صندوق الانتخاب، وهذا ما توافق عليه الأخير مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي لا يزال شاهرًا سيف المعارضة في وجه عون.
لقد بات واضحًا أن برّي وفرنجية ذهبا إلى خيار الورقة البيضاء، لإظهار وجود قوّة نيابية كبيرة معترضة رئاسة عون، وهما تخليا عن المضي بالتصويت لفرنجية، كي لا تتشتت الأصوات الاعتراضية بين فرنجية والأوراق البيضاء، فيظهر فوز عون كاسحا. خصوصًا، وأن آخر الإحصاءات والتقديرات تشير إلى أن رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» سينال ما لا يقلّ عن 83 صوتًا، علما بأنه يحتاج إلى 86 صوتًا للفوز بالدورة الانتخابية الأولى، أما إذا بقيت الأصوات دون هذا العدد ولو بصوت واحد، فهذا يعني حتمية الذهاب إلى دورة انتخاب ثانية تكفيه فيها حصوله على نصف عدد النواب (+ واحد) أي 65 صوتًا. غير أن إحدى شركات الإحصاء جزمت بحصوله على 87 صوتًا وفوزه منذ الدورة الأولى.
هذا، ويبدو أن المشاورات التي أجراها الحريري مع أعضاء كتلته وبعض النواب المستقلين من قوى «14 آذار» قلّصت عدد المعترضين على دعمه لترشيح عون، وهو ما أشار إليه عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد عبد اللطيف كبارة، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «كل النواب الذين حضروا اجتماع الكتلة يوم الجمعة، استمعوا إلى الشرح المفصّل الذي قدّمه الرئيس الحريري، وبرر فيه ترشيحه للنائب عون». وتابع كبارة أن الحريري «كاشف النواب بأن كل الخيارات الأخرى لإنهاء الشغور الرئاسي أضحت معدومة، وهو بات أمام حتمية السير بانتخاب العماد عون، لإنقاذ البلد من الانهيار». وأوضح أن «أعضاء الكتلة جميعًا (غاب عن الاجتماع النائبان أحمد فتفت وغازي يوسف) كانوا متفهمين للموقف، وأبدوا موافقتهم على قرار الرئيس الحريري».
وأضاف كبارة «بقدر ما تكون كتلة (المستقبل) موحّدة ومتماسكة، بقدر ما نسهّل تمرير جلسة انتخاب الرئيس بنجاح، وبقدر ما نسهّل الاستشارات النيابية لتكليف رئيس الحكومة العتيد»، ولفت إلى أن الرئيس فؤاد السنيورة «لم يبد أي اعتراض على طرح الحريري، وهو (السنيورة) جدد تأكيده على وحدة الكتلة في كل القرارات التي تتخذها».
للعلم، كان الحريري قد قام بجولة على عدد من القيادات، شملت رئيس الحكومة تمام سلام والبطريرك الماروني بشارة الراعي ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وبحث معهم معطيات جلسة انتخاب الرئيس غدًا. وقال الحريري من بكركي (مقر البطريركية المارونية): «أنا سعيد بزيارتي غبطة البطريرك، فهو كان دائما حريصا على انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا الأمر حُكي عنه في كثير من المراحل»، وأكد أن البلد «بات أمام مرحلة جديدة إن شاء الله، وأتمنى على الجميع أن يتعاونوا لمصلحة لبنان واللبنانيين، ونحن من جهتنا سنكون متعاونين بعد الانتخابات يوم الاثنين».
وردًا على وصف البطريرك الراعي موعد جلسة انتخاب الرئيس غدًا بـ«الاثنين الأبيض»، توجّه الحريري إلى الراعي قائلا: «إن شاء الله سيكون يومًا أبيض وسنفتح صفحة جديدة بين كل اللبنانيين لكي نتمكن من خوض هذه المرحلة الجديدة والمليئة بالتحديات الكبرى أمام الحكومة والدولة اللبنانية، ولا سيما في إعادة استنهاض الدولة، إن كان اقتصاديا أو مؤسساتيا».
وعلى صعيد الأرقام، قال ربيع الهبر، مدير عام شركة «ستاتستكس ليبانون» المتخصصة بالإحصاءات والاستطلاعات، إن عون «أمّن الفوز من الدورة الأولى بأغلبية تفوق ثلثي أعضاء المجلس النيابي». وتابع لـ«الشرق الأوسط» موضحًا أن «آخر الإحصاءات تشير إلى حصول عون على 87 صوتًا، ما يضمن فوزه بالدورة الأولى»، وعزا الهبر حصول عون على أصوات جديدة إلى «التوافق السياسي لدى الكتل النيابية الكبرى». وشدد الهبر على أن دعوة المرشح فرنجية نوابه إلى الاقتراع بورقة بيضاء «لن يكون لها تأثير معنوي على عون، لأن الأخير نال أغلبية الثلثين، وهذا يعني أن الأوراق البيضاء لن تضعفه».
جدير بالذكر، أن الرئيس سعد الحريري كان قد شدد خلال مقابلة تلفزيونية، على أهمية «عودة انتظام عمل المؤسسات الدستورية بعد انتخاب رئيس». ورأى أن «أهم ما تمّ إنجازه بالتفاهم مع العماد ميشال عون هو الحفاظ على النظام واتفاق الطائف». وأردف «ليس لدي شك بوجود صعوبات في تشكيل الحكومة وأنا أسير في تحدّ كبير، وستكون هناك محاولات لإضعاف سعد الحريري، وهذا ما يقوم به (حزب الله) في السنوات الـ12 الأخيرة». وأضاف رئيس الحكومة الأسبق: «أعرف أن المرحلة المقبلة صعبة، وإذا منعوا تشكيل الحكومة سيكون ذلك بوجه الجنرال عون وليس بوجهي أنا فقط، فعون يريد أن يحقق إنجازات للناس، الموضوع ليس عند سعد الحريري فقط».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».