بعد 16 عاما من مصادرتها.. الشعب اليمني يستعيد منشأة جحيف النفطية

محافظ عدن: الخطوة تدشن عودة ممتلكات الدولة المنهوبة من أساطين الفساد

جانب من منشأة حجيف التي تمت استعادتها أمس في عدن («الشرق الأوسط»)
جانب من منشأة حجيف التي تمت استعادتها أمس في عدن («الشرق الأوسط»)
TT

بعد 16 عاما من مصادرتها.. الشعب اليمني يستعيد منشأة جحيف النفطية

جانب من منشأة حجيف التي تمت استعادتها أمس في عدن («الشرق الأوسط»)
جانب من منشأة حجيف التي تمت استعادتها أمس في عدن («الشرق الأوسط»)

عادت منشأة حجيف النفطية في محافظة عدن إلى الدولة وبعد مصادرة دامت 16 عاما من قبل أحد النافذين التابعين للرئيس المخلوع صالح.
ووصف مراقبون لـ«الشرق الأوسط» هذه الخطوة بأنها صفعة جديدة وقوية يتلقاها الرئيس المخلوع وأتباعه الذين أقدموا خلال السنوات السابقة على بيع وتأجير كثير من مؤسسات الدولة الاقتصادية والنفطية وبأثمان بخسة وتارة بشكل وهمي محرمين الدولة من عوائد مالية كبيرة.
وقال محافظ عدن، اللواء عيدروس الزبيدي «إن عودة هذه المنشأة الحيوية والهامة إلى الدولة ممثلة بشركة النفط تمثل تدشينا لخطوات لاحقة لاستعادة مؤسسات وممتلكات عدة في المحافظات الجنوبية، التي استهلت عملية نهبها من قبل مراكز الفساد منذ توقيع اتفاقية الوحدة المغدورة قبل 26 عاما».
وأضاف: «نحن سعداء بهذا الإنجاز فإننا نستمد قوتنا من دعم فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي ودعم قوات التحالف العربي وأبناء العاصمة عدن» مثمنا جهود لجنة التسليم والتسلم، وقيادة الشركة والموظفين وأعضاء لجنة التسليم، مهنئا في ذات الوقت كافة عمال شركة النفط وموظفيها وأبناء عدن بعودة هذه المنشأة النفطية الحيوية إلى قوام المؤسسة الوطنية باعتبارها ملكا لهذا الشعب.
وكشف المحافظ الزبيدي عن توجهات السلطة المحلية في عدن لاستعادة ما تمت مصادرته ونهبه قائلا: «سنقوم بكل ما أوتينا من قوة وجهد لاستعادة كافة مؤسسات الدولة الوطنية التي نهبت من قبل متنفذي نظام المخلوع صالح وسنكافح الفساد وكل ما هو غير حضاري في عدن».
وقال مدير عام شركة النفط بعدن الدكتور عبد السلام حميد، لوسائل الإعلام عقب تسلم شركته للمنشأة النفطية: «إن المنشأة التي تم تسلمها من الشركة لديها مرسى للسفن ويمكنها تزويد السفن بكافة المشتقات النفطية»، مشيرا إلى أن عودتها إلى الشركة ستكون لها عائدات اقتصادية وتجارية على المحافظة وعلى الدولة.
وأضاف: «إننا نشعر بالاعتزاز لاستعادة الشركة أهم منشآتها التي كانت مغتصبة» من قبل المتنفذ الذي اكتفى بترميز اسمه بـ«ت ع» وقال: إنه أحد رموز النظام الفاسد للمخلوع صالح. وأكد: «إن الشركة ستقوم بترميم هذه المنشأة لتكون أحد أهم الروافد الاقتصادية للعاصمة المؤقتة عدن وغيرها من المحافظات اليمنية الأخرى التي ستستفيد من عائدات المنشأة النفطية».
بدوره، قال نزار هيثم الناطق باسم السلطة المحلية بعدن لـ«الشرق الأوسط» إن عودة هذه المنشأة الحيوية والهامة لعدن ولشركة النفط تمثل رسالة واضحة لجدية الدولة والسلطة المحلية لاستعادة مؤسسات وممتلكات الدولة التي تعرضت منذ حرب 94 إلى عمليات نهب من قبل قوى متنفذة تتبع المخلوع صالح وحلفائه الفاسدين.
وأضاف: «سعيدون بهذا الإنجاز؛ لأننا استمدينا قوتنا من إرادة الشارع ومن دعم القيادات المخلصة بالدولة وكذا دعم قوات التحالف العربي وأبناء العاصمة عدن»، مهنئا موظفي شركة النفط وأبناء عدن بعودة هذه المنشأة إلى أحضان شركة النفط باعتبارها ملكا لهذا الشعب.
وأشار إلى تضحيات العمال وسواهم من أبناء المدينة ومثقفيها وكتابها الذين وقفوا خلال السنوات المنصرمة بوجه تلك المصادرة، منوها لمقتل سهيل العولقي الذي يعد أحد ضحايا المتنفذين السابقين في المنشأة النفطية.
وقال مدير عام الشؤون القانونية بمحافظة عدن، أريد مصطفى، إن المنشأة حكومية ومملوكة للدولة وتمت استعادتها إلى مالكها الأساسي «شركة النفط» لافتا إلى أن المنشأة عبارة عن 9 خزانات حديدية وأربعة خزانات صخرية، وتقوم بتموين البواخر والقاطرات بالوقود بجميع أنواعه.



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.