ليبيا: اجتماعات نادرة للمصالحة بين مصراتة والمنطقة الشرقية

الخطوط الجوية الليبية توقف رحلاتها جزئيًا بعد خطف رئيسها في طرابلس

ليبيا: اجتماعات نادرة للمصالحة بين مصراتة والمنطقة الشرقية
TT

ليبيا: اجتماعات نادرة للمصالحة بين مصراتة والمنطقة الشرقية

ليبيا: اجتماعات نادرة للمصالحة بين مصراتة والمنطقة الشرقية

في حين بدأ المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الموالي للشرعية في ليبيا، أمس، زيارة مفاجئة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، نفى المكتب الإعلامي لحكومة الإنقاذ الوطني الموازية في العاصمة الليبية طرابلس أن يكون رئيسها، خليفة الغويل، قد أبلغ قناة «النبأ» الموالية لجماعة «الإخوان» أن حفتر مطلوب للقضاء، ولا يمكنه تقلد أي منصب. وتزامنت هذه التطورات مع بدء محادثات نادرة بين قيادات سياسية وشعبية من مدينة مصراتة، للمرة الأولى بشكل علني، مع المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي.
ووصل وفد من مصراتة إلى مدينة طبرق في الشرق، للمرة الأولى، بعد مبادرة أطلقها صالح رسميا بهدف قطع الطريق على الأمم المتحدة للتدخل ما بين الليبيين، فيما تتواصل المساعي لحل هذه النزاعات، شريطة نبذ الجماعات المتطرفة والميليشيات التابعة للإخوان، وفقا لما بثته وكالة الأنباء الليبية الرسمية.
وفى لغة جديدة نحو المصالحة مع حفتر، بعد اجتماعات الغويل السرية الأخيرة مع رئيس الحكومة الانتقالية الموالية لحفتر ولمجلس النواب، قال المكتب الإعلامي للغويل إن ملف الجيش وقيادته وهيكلته جزء أساسي من مبادرة يجرى النقاش حولها بين الطرفين، معتبرا في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن المصالحة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ستكون هي الفاصل.
وفى وقت سابق زعمت قناة «النبأ» التلفزيونية المحلية، في طرابلس، أن الغويل نفى لها تغيير موقفه من حفتر، ونقلت عنه أن حكومته دعمت خط ثوار السابع عشر من فبراير (شباط) الذي يواجه ما أسمته بالانقلاب العسكري الذي يقوده حفتر. كما نقلت القناة عن الغويل قوله إن هناك رفضا شعبيا لحفتر، موضحا أنه مطلوب للقضاء الليبي، ولا يمكن له تقلد أي منصب.
كان حفتر قد وصل، مساء أمس، في زيارة مفاجئة لم يسبق الإعلان عنها إلى مطار أبوظبي، حيث حظي باستقبال رسمي من وزير الدولة لشؤون الدفاع الإماراتية محمد البواردي. وقالت وكالة الأنباء الليبية إن حفتر التقى أيضًا مع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة في الإمارات منصور بن زايد آل نهيان، حيث ناقشا العلاقات الثنائية بين البلدين، إلى جانب تبادل وجهات النظر حول الظروف التي تمر بها ليبيا والمنطقة العربية، خصوصا على المستوى الأمني. إلى ذلك، قالت شركة الخطوط الجوية الليبية إنها قررت رسميا، اعتبارا من أمس، وقف رحلاتها لمدة 3 أيام، احتجاجا على اختطاف مسلحين مجهولين لرئيسها فتحي الشطي، خلال الأسبوع الماضي في العاصمة طرابلس. وقال ناطق باسم الشركة إن مجلس إدارة الشركة استجاب لمطالبات النقابات العمالية للنقل الجوي والطيران المدني بشأن إيقاف الرحلات الجوية للشركة، لإجبار الجهات الأمنية على إنهاء احتجاز الشطي، مشيرا إلى أن الرحلات التي تتزامن مع فترة التعليق سيتم تأجيلها للفترة المسائية.
وفي غضون ذلك، قطع عناصر الكتيبة 204 دبابات التابعة للجيش الوطني في بنغازي أي احتمال لعودة قائدها السابق المهدي البرغثي الذي وافق على الانضمام وزيرا للدفاع في حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، برئاسة فائز السراج. وأكد جميع أفراد الكتيبة، في بيان لهم، على تجديد دعمهم للشرعية المتمثلة في المشير خليفة حفتر، وآمر الكتيبة الجديد العميد جعفر الشريف، ونفوا في المقابل تبعيتهم إلى البرغثي.
من جهتها، أعلنت حكومة الثني (شرق البلاد) أنها بصدد الاتفاق مع ائتلاف يضم عددًا من الشركات الصينية للقيام بعدة مشروعات تنموية في المنطقة الشرقية. وقالت الحكومة إن من بين المشاريع المقترحة إنشاء خط للسكك الحديدية الخاصة بقطارات النقل انطلاقًا من مدينة طبرق، بالإضافة إلى بناء أول محطة توليد الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية. كما تضمنت المقترحات بناء 10 آلاف وحدة سكنية وميناء تجاري ضخم، قالت الحكومة إنها تعتزم تنفيذها في وقت قريب، لكنها لم تحدد أية مواعيد رسمية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.