العاهل المغربي يضع حجر الأساس لبناء مسجد يحمل اسمه في تنزانيا

احتفى به أعضاء المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ووصفوه بـ«التاريخي»

العاهل المغربي خلال حضوره وضع حجر الأساس لبناء المسجد في دار السلام
العاهل المغربي خلال حضوره وضع حجر الأساس لبناء المسجد في دار السلام
TT

العاهل المغربي يضع حجر الأساس لبناء مسجد يحمل اسمه في تنزانيا

العاهل المغربي خلال حضوره وضع حجر الأساس لبناء المسجد في دار السلام
العاهل المغربي خلال حضوره وضع حجر الأساس لبناء المسجد في دار السلام

جلس العشرات من شيوخ تنزانيا وعلمائها المسلمين، يتقدمهم أعضاء المجلس الإسلامي الأعلى في تنزانيا، تحت الخيام التي نصبت لاتقاء أشعة شمس حارقة تميز المناخ الاستوائي لتنزانيا في هذه الفترة من العام؛ وعلى الرغم من كل ذلك، فإن أغلب الحاضرين وصلوا من مناطق نائية ومحافظات بعيدة، أصروا على حضور وضع حجر الأساس لـ«مسجد محمد السادس»، أمس (الثلاثاء)، في مدينة دار السلام، وهو الحدث الذي وصفه أغلب الحاضرين بـ«التاريخي».
للمرة الأولى سيبنى مسجد كبير ومعهد ديني على نفقة العاهل المغربي الملك محمد السادس، وسيحمل اسمه في قلب العاصمة التنزانية دار السلام، وهو الحدث الذي قال عنه الشيخ شعبان جمعة، وهو شخصية دينية معروفة وأصر على الحضور، إنه «تاريخي»؛ واستحضر الشيخ جمعة في حديثه مع «الشرق الأوسط» عددًا من الشخصيات العلمية المغربية التي وصلت شهرتها وإرثها العلمي إلى تنزانيا، مشيرًا إلى القاضي عياض السبتي المغربي، الذي تدرس كتبه في هذا الجزء من أفريقيا الشرقية، ويضيف الشيخ جمعة: «لقد أعاد الملك محمد السادس ربطنا بجزء من تاريخ المغرب ظل يسكن وجداننا لقرون».
أظهرت الأوساط الدينية والشعبية في تنزانيا احتفاءً كبيرًا بتشييد «مسجد محمد السادس» في مدينة دار السلام، خصوصا أن المفتي الشيخ أبو بكر بن زبير بن علي، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بتنزانيا، سبق أن عبر عن حاجة بلاده الملحة إلى مسجد كبير مجهز بجميع المرافق في العاصمة دار السلام. ويرى التنزانيون أن تشييد العاهل المغربي هذا المسجد كان استجابة لمطالب رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في بلادهم.
وبحسب ما أعلن عنه، فإن مسجد محمد السادس سيشكل منارة ثقافية ودينية لمسلمي تنزانيا الذين يربون على 65 في المائة من تعداد السكان؛ ويضم المسجد، الذي سيشيد على مساحة 7400 متر مربع، قاعة للصلاة تتسع لأكثر من 5000 مصل، ومكتبة، وقاعة للمحاضرات، وجناحا ثقافيا وإداريا، ومرأبا للسيارات، وساحات خضراء؛ كما أنه من المنتظر أن يمزج الطراز العمراني للمسجد الجديد بين الطابع المغربي الأصيل ومسحة إسلامية أفريقية.
وعلى هامش حفل إطلاق الأشغال في المسجد، منح الملك محمد السادس هدية إلى المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في تنزانيا عبارة عن 10 آلاف نسخة من المصحف المحمدي الشريف، وهو مصحف يطبع بالحرف المغربي وبرواية ورش، وتتم طباعته على نفقة السلطات المغربية.
في غضون ذلك، عبر رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في تنزانيا عن سعادته بتحقق أمنيته بتشييد مسجد كبير في عاصمة بلاده، يكون مزودًا بالمرافق والمنشآت اللازمة، وشكر العاهل المغربي على قبوله أن يحمل المسجد اسمه «محمد السادس»، كما أشاد رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في تنزانيا بإنشاء «مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة»، مشيرًا إلى أنها يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في التواصل بين علماء القارة ونشر قيم الإسلام السمحة والوسطية والوقوف في وجه مد الفكر الأصولي والتطرف العنيف.
وفي سياق متصل، وقع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي أحمد التوفيق، مع المفتي الشيخ أبو بكر بن زبير بن علي، اتفاقية للتعاون في مجالات الشؤون الإسلامية والتعليم العتيق والمساجد والأوقاف؛ وهي الاتفاقية التي أكد الطرفان أنها تدخل في إطار تعزيز التأطير الديني والتوعية بمقاصد الإسلام وإبراز تعاليمه النبيلة ومحاربة كل أشكال الغلو والتطرف.
وكان البلدان قد وقعا أول من أمس (الاثنين) 15 اتفاقية تعاون في مختلف المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية، وأعلنا عزمهما على فتح صفحة جديدة من التعاون المبني على الربح الثنائي، الذي يعزز «التعاون جنوب - جنوب»، ويفتح الباب أمام المستثمرين المغاربة لاكتشاف الفرص الاقتصادية الكبيرة المتوفرة في تنزانيا.
وتعد تنزانيا المحطة الثانية من جولة العاهل المغربي في بلدان شرق أفريقيا، التي بدأت من رواندا، ومن المنتظر أن تنتهي في إثيوبيا. وتهمين على هذه الجولة الملفات الاقتصادية والسياسية؛ إذ يضم الوفد المرافق للعاهل المغربي عددا كبيرا من رجال الأعمال الساعين إلى توسيع دائرة استثماراتهم في مختلف مناطق القارة السمراء، بعد أن ظلت استثمارات المغرب محصورة في منطقة غرب أفريقيا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.