مؤلف «حروب إيران»: أوباما استرضى طهران.. والضحية سوريا

جاي سولومون قال لـ«الشرق الأوسط» إن أوباما بعث لخامنئي 5 رسائل إلكترونية

مؤلف «حروب إيران»: أوباما استرضى طهران.. والضحية سوريا
TT

مؤلف «حروب إيران»: أوباما استرضى طهران.. والضحية سوريا

مؤلف «حروب إيران»: أوباما استرضى طهران.. والضحية سوريا

أصدر جاي سولومون كبير محرري صحيفة «وول ستريت جورنال» لشؤون الشرق الأوسط والقضايا الأمنية والإرهابية، كتابًا حديثًا عنوانه: «حروب إيران»، بعدما أمضى عشر سنوات في كتابته.
ويتضمن الكتاب المرشح لجائزة «بوليتزر»، تفاصيل يقول إنها سرية من لقاءات ورسائل، و«شد حبال» بين المفاوضين الأميركيين والمفاوضين الإيرانيين الذين كانوا يلتقون سرًا في سلطنة عُمان، ووصفها «بالصفقات السرية التي أعادت رسم الشرق الأوسط».
ويكشف الكتاب رياء السياسة الخارجية الأميركية، وهوس الرئيس باراك أوباما بالتوصل إلى اتفاق مع إيران، مهما كانت تكلفته، وساعده على ذلك حماسة جون كيري وزير الخارجية الأميركي للانفتاح على إيران.
ويروي سولومون في حوار مع «الشرق الأوسط» الوعد الذي قطعه الرئيس أوباما للمرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي: إذ قال: «لو حصلنا على الاتفاق النووي، يمكننا التعاون في محاربة (داعش)، ولن نستهدف نظام بشار الأسد».
ويقول سولومون: «عندما تراجع أوباما عن الخطوط الحمراء، كانت هناك لقاءات سرية على مستوى عالٍ تجري في عُمَان.
ويستغرب الكاتب كثرة الاتصالات اليومية التي كان يجريها كيري مع محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني، وقال إن دبلوماسية كيري التي لا نهاية لها تعطي الغطاء لإيران وروسيا.
وفي ما يلي نص الحوار:
* في إحدى الرسائل وعد الرئيس باراك أوباما المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بأنه يمكنهما التعاون معًا في محاربة «داعش» إذا حصل على الاتفاق النووي، ووعد خامنئي بأنه لن يستهدف نظام بشار الأسد. لماذا ذهب بعيدًا جدًا في وعوده، وهل نعتبر أن سوريا كانت ضحية تقارب أوباما من خامنئي؟
- البيت الأبيض، يصر على القول إن السياسة تجاه إيران لا علاقة لها بالسياسة تجاه سوريا، لكن الكتاب أثبت، أنه ليس فقط عبر هذه الرسالة إنما في أغسطس (آب) 2013 عندما أعلن عن الخطوط الحمراء في سوريا، قال أوباما إنه سيضرب، لكنه تراجع، واكتشفنا أن لقاءات سرية على مستوى عال كانت تجري بين الأميركيين والإيرانيين في عُمان في ذلك الوقت، وهناك قال الإيرانيون إن هذه القناة المفتوحة، لن يدعمها «القائد» إطلاقا، إذا ما تم هذا التهديد. ثم كتب أوباما في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 إلى خامنئي حيث قال بالتحديد: «يمكننا التوصل إلى اتفاق نووي، والتعاون بمواجهة (داعش)، ويجب بالتالي أن تعرفوا أن غاراتنا الجوية، وعملياتنا العسكرية في سوريا لا تستهدف نظام الأسد». ثم هناك مثل آخر، من خلال اتصالات البنتاغون عبر العراقيين، بأن العمليات العسكرية الأميركية لن تستهدف قوات الأسد، بل «داعش» فقط.
هذه الرسائل كانت واضحة واستنتجت منها أنها مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، وبالتالي فإن المفاوضات الأميركية - الإيرانية النووية ستنهار.
* قلت أيضًا إن مسؤولين في البنتاغون عبروا لك عن قلقهم من أن العمليات في سوريا قد تقوض المفاوضات النووية. هذا اتهام كبير.
- لا أعتقد أنه اتهام، لكن إذا كنت في الساحة تعرف تركيز الرئيس أوباما على الاتفاق النووي، وأظن أن الكتاب أظهر أن الرئيس منذ عام 2008، كان هذا شغله الشاغل، وكان ذلك واضحًا لكبار المسؤولين، وهذا ليس اتهامًا، إنما كان الكبار يعرفون أين تركيز الرئيس عامي 2014 و2015 من أجل التوصل إلى اتفاق.
* أشرت إلى الخطوط الحمراء، فهل كانت ضحية مفاوضات أوباما مع حسن روحاني الرئيس الإيراني، وهل كان الروس على علم بتلك المحادثات السرية فدفعوا بمسألة الأسلحة الكيمياوية؟
- كما قلت، البيت الأبيض قال إن سوريا لم تكن مرتبطة بالمفاوضات السرية مع إيران. لكن الاتفاق المؤقت الذي أعلن عنه في نوفمبر 2013 كان على أساس ما وافق عليه الرئيس في عُمان. لذلك لم يكن مقبولاً البدء في قصف نظام الأسد في تلك اللحظة الحساسة. تحدثت مع مسؤولين إيرانيين، أكدوا أن الدبلوماسيين الإيرانيين الذين كانوا يجتمعون في عُمان كانوا يعرفون أن مكتب المرشد الأعلى، وقادة الحرس الثوري قلقون جدًا من احتمال استهداف الأسد، ولو حصل ذلك لتعرضت المحادثات للخطر.
بالنسبة إلى الروس: المحادثات كانت قائمة وبسرية من يوليو (تموز) 2012 حتى أغسطس 2013، ونحن كشفناها في نوفمبر، فهل كان الروس على علم بها، من خلال الإيرانيين، ربما لكن لم أستطع التأكد من ذلك.
* قلت أيضًا، إن الرئيس أوباما بدأ بإرسال رسائله إلى خامنئي بعد شهر واحد من تسلمه السلطة. فهل كانت تلك سياسة محسوبة؟
- نعم، إذا تذكرنا أنه في حملته الرئاسية عام 2008، حتى هيلاري كلينتون قالت إن أوباما «ساذج»، إذا كان يعتقد أنه يمكنه التفاوض مع إيران من دون شروط أو مع كوريا الشمالية. نعم، تسلم أوباما السلطة وهو يركز على فتح قنوات اتصال مع المرشد الأعلى مباشرة.
أرسل أوباما 5 رسائل إلى خامنئي منذ 2009 حتى 2015، حملت كلها استرضاء، أكد فيها، أننا لا نتطلع لتغيير النظام، ونعتقد أن الاتفاق النووي يمكن التوصل إليه حبيًا. وعرفت لاحقًا أن خامنئي كان حذرًا في البداية، لكن مكتبه رأى أنه يمكن التعامل بناء على هذه الرسائل.
* هل أجاب خامنئي على أي منها؟
- أجاب على الأقل على الرسالة الأولى، ولم يلتزم بأي شيء. لكنه لم يغلق الباب. وعلمت أيضًا أنه رد على الرسالة المتعلقة بـ«داعش» وفيها أن التعاون يعتمد على نوع العمليات الأميركية. كان يرمي كل شيء مجددًا على الجانب الأميركي.
* قال لك جون كيري: إذا لم نتوصل إلى اتفاق، أؤكد لك أن حربًا ستشتعل. إيران تقاتل الآن في سوريا، لذلك هناك نوع من النفاق عندما يقول إن حرب سوريا تقلقه.
- كان كيري مقتنعًا بأنه إذا لم يصل إلى اتفاق، سيكون هناك صراع بين إيران وأميركا. قال، إذا فشلت المفاوضات فإن الإيرانيين سيستعجلون بتعزيز برنامجهم النووي، وسيكون على الولايات المتحدة الرد بالعقوبات وقد تتهاوى العلاقات حتى الحرب.
لم أكن مقتنعًا بأن أوباما سيأمر بغارات جوية على إيران. السيناريو الآخر أن إسرائيل قد تلجأ إلى عمل عسكري، إذا فشلت المفاوضات وتشد معها الولايات المتحدة.
والخوف الآن أن التورط الأميركي مع إيران أدى إلى رفع العقوبات، والسماح بتدفق الأموال. لهذا نرى أن أميركا تعارض فكرة أن سياستها تجاه إيران أثرت على موقفها من سوريا.
* كان كيري وظريف يتكلمان 3 مرات في اليوم حسبما قلت، لماذا كانا يحتاجان إلى هذا الكم من الاتصالات، وهل ما زالا على اتصال ويناقشان قضايا المنطقة؟
- في إحدى المقابلات قال محمد جواد ظريف: نعم، أتحدث مع كيري مرتين أو 3 في اليوم. أعرف أنهما تبادلا الرسائل عبر «الإيميل»، والاتصالات كانت مكثفة أثناء المفاوضات. وأذكر في يوليو 2015 كانت هناك محاولة للتعاون حول سوريا. أفترض أن كيري لا يزال يعمل على نطاق واسع بالنسبة إلى سوريا. اجتمعا حديثا في نيويورك. الاتصالات لا تزال قائمة، لكن لست متأكدًا بالنسبة إلى حدتها. كيري يشخصن الأمور. مثلاً رغم كل ما تقوم به روسيا فإن كيري لم يوقف اتصالاته بسيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي. هذا هو أسلوبه. الانتقاد هو أن هذا النوع من الدبلوماسية التي لا نهاية لها، تعطي إيران وروسيا الغطاء الدبلوماسي لما يقومان به. هما سعيدان بالموافقة على اللقاءات في وقت يغيران الأوضاع على الأرض، إن كان في سوريا أو في أوكرانيا.
* أليس ذلك مذلاً للسياسة الخارجية الأميركية؟
- هناك انتقاد. لماذا الاستمرار في المحادثات وليس لديك أي نفوذ. الواضح منذ سنوات موقف الإيرانيين والروس في سوريا، يريدون دعم الأسد حتى النهاية. فهل هذا خداع نفسي أميركي وحتى أوروبي. الروس ليسوا متعلقين جدًا بالأسد، على استعداد للتخلص منه. إنهم يلعبون على الأميركيين لإعطاء المزيد.
هل هذا مذل، بهذا المفهوم نعم. لا نفوذ مؤثرا للأميركيين، والوضع لم يتغير.
* كيري أيضًا كان تواقًا للتعامل مع إيران. من أقنع الآخر، كيري أو أوباما بضرورة بذل كل شيء للتوصل إلى اتفاق؟
- هذا اتفاق أوباما. من اليوم الأول لرئاسته كان يركز على إيران. المثير بالنسبة إلى كيري أنه كان مستعدًا لإعطاء تنازلات لإيران حول اليورانيوم المخصب مثلاً، كما ذكرت في الكتاب، كان على اتصال مباشر مع علي أكبر ولايتي وعلي أكبر صالحي مستشاري المرشد. هذا بدأ عندما كان في الكونغرس. العملية بدأت مع هيلاري كلينتون في وزارة الخارجية. لكن نرى الفرق بين إدارتي أوباما. الفترة الأولى كانت كلينتون التي دعمت فكرة الاتفاق النووي مع إيران، إنما كانت أكثر حدة مع إيران كما اكتشفت من خلال مقابلاتي معها. ولا أعتقد أنها كانت مستعدة أن تقوم بالدور الذي قام به كيري لاحقًا.
في الفترة الثانية لحكمه أعد أوباما فريق عمل للسياسة الخارجية يتماشى أكثر مع رؤيته هو للأمور. لهذا لم يكن قلقًا عام 2015 لأنه كان يعرف الذين حوله، مقارنة مع فريق فترته الأولى هيلاري كلينتون وبوب غيتس وزير الدفاع السابق الذي كان متشددًا جدًا تجاه إيران.
* هل يمكننا القول إن روحاني بسبب الخوف على سمعته داخل إيران، رفض لقاء أوباما العام الماضي في الأمم المتحدة، وإن ظريف رفض دعوة كيري لزيارة إيران كما كان الأخير يأمل؟
- كان البيت الأبيض يأمل بفرصة التقاط صورة لأوباما مصافحًا روحاني هذا العام. لكن أبلغني الإيرانيون أنهم نسقوا برنامج روحاني بحيث لا يكون في نيويورك أثناء وجود أوباما، خوفًا من أن يتعرض لهجوم في الداخل.
بالنسبة إلى كيري كان لديه أمل بأن يقوم بزيارة إيران. البعض يعتقد بأن هذه الزيارة قد تحصل بعد الانتخابات الرئاسية في 8 من الشهر المقبل وقبل التسلم والتسليم. لكن شخصيًا لا أعتقد أنها ستحصل.
* لماذا ترى أن كيري متشوق لزيارة إيران؟
- كنوع من إعطاء التوقيع، وبأن دبلوماسية جون كيري التي فشلت في الشأن العربي - الإسرائيلي، وفي موضوع سوريا ستؤذي البيت الأبيض، من هنا فإن الاتفاق مع إيران هو أكبر إنجازات هذه الإدارة، لذلك كوزير للخارجية يريد السفر إلى إيران لادعاء النصر. لكن الحرس الثوري والمتشددين الإيرانيين لا يرحبون به.
* لم أفهم ماذا يعني المسؤولون الأميركيون بقولهم: إذا هاجمنا إيران عسكريًا فمن المؤكد أنها ستحصل على السلاح النووي. ألا يعني هذا أنه منذ البداية لم يكن الحل العسكري على الطاولة؟
- أتفق معك حول هذا. استثمروا بالقنابل الخارقة للخنادق على أساس قصف المفاعلات النووية المحصنة. لكنني أذكر جيدًا أنه ربما قبل سنة من التوصل إلى الاتفاق، كانت هناك آلية غريبة، حيث إن إيران كانت اقتصاديًا مدمرة لكن الأميركيين بدأوا يقولون إن المقاطعة لن تستمر وقتًا طويلاً. بمعنى خففوا من فكرة فرض عقوبات مالية إضافية، وفي الوقت نفسه كانوا يقولون إذا قصفناهم، سيتشبثون وسيحصلون على النووي. بهذا بدأوا يبعدون الخيار العسكري عن الطاولة، وإذا كنت تلاحقين عن كثب، ترين أن الوسيلتين اللتين كانا يمكن استعمالهما، الضغط المالي واللجوء إلى العمل العسكري ثم رفعهما عن الطاولة، وأعتقد بأن الإيرانيين أدركوا ذلك. أظن أن الخطأ الذي ارتكبته الدبلوماسية الأميركية، هو أن الإيرانيين خبراء باستعمال: الشرطي الجيد، والشرطي السيئ. يقولون، خامنئي متشدد وعلى أميركا أن تقبل به، وعندما يحتج الكونغرس على بنود الاتفاق كان البيت الأبيض يتدخل ويهدد بنقض أي شيء.
أميركا لم تلعب لعبة: الشرطي الجيد والشرطي السيئ، وهذا ما أضر بالفريق الأميركي أثناء المفاوضات.
* هل تعتقد بأنه إذا ما تم انتخاب هيلاري كلينتون رئيسة للولايات المتحدة، سيعود الخيار العسكري على الطاولة؟
- بغض النظر عمن سيفوز، هيلاري أو دونالد ترامب، لا أعتقد بأن أي رئيس سيفعّل أزمة جديدة الآن، إن كان في سوريا، أو في كوريا الشمالية. لكنني أعرف، أنه على الرغم من اعتراض خامنئي على الاتفاق، فإن هذا جيد جدًا لهم، هو كان قلقًا من الانهيار المالي، زال هذا القلق. ما سمعته من مستشاري كلينتون هو: سنفرض الالتزام بهذا الاتفاق بقوة أكثر مما فعل أوباما. سنتحدى إيران النسبة إلى حقوق الإنسان، تكنولوجيا الصواريخ.. بدأوا يفكرون باتخاذ عقوبات جديدة على مصارف إيرانية، وعقوبات لإطلاق الصواريخ، وإذا بدأوا باتخاذ هذه الخطوات سيقول الإيرانيون هذا خرق للاتفاق. هنا يبدو ذكاء الإيرانيين، يريدون عرقلة خطوات كلينتون، باستعمالهم الاتفاق لحماية أنشطتهم. قالت كلينتون إنها ستلجأ إلى هذه الخطوات. إذا فعلت، هناك إمكانية بأن ينهار الاتفاق خلال سنوات.
* بعض الإيرانيين يقولون الآن: لم يكن هناك اتفاق في الأساس، فالدول 5 + 1 غير مخولين، ولا سلطة لهم، وإن الاتفاق لم يصادق عليه البرلمان الإيراني، وكان مجرد اتفاق لأوباما. ويقولون: إنه لا يمكن أن يستمر والإيرانيون الآن يبنون 5 مفاعلات نووية في أعماق الجبال. لماذا باعتقادك يقولون هذه الأمور الآن؟
- نسمع أمورًا مختلفة من مصادر مختلفة في السلطة الإيرانية. روحاني كان في الأمم المتحدة وقال إنه اتفاق دولي مرره مجلس الأمن، وبالتالي مهما كانت ردة فعل الكونغرس فذلك لا يهمنا، وعلى أميركا بالتالي أن تعيش مع هذا الاتفاق. المفاوضون الإيرانيون يتخذون الموقف نفسه. لكن هناك نوع من الانقسام إزاء هذه الرسائل التي تصل من إيران. لكن، يجب أن نعرف، ذلك لم يكن اتفاقية. والكونغرس لم يوقع عليها. حتى الاتفاق نفسه لم يحمل أي توقيع، كان اتفاقًا سياسيًا. وأعتقد بأن الإيرانيين والمرشد الأعلى بالذات يريدون أن يكون لديهم الخيار الذي تحدثت عنه. أي أن يتوفر لهم احتمال التراجع عنه، وإذا ما تراجعوا عنه سيقولون إن الأميركيين لم يلتزموا، ولم يقدموا لنا الحوافز الاقتصادية، إن هذا خطأهم.أ بأنهم يصرون على هذا الإطار. الاتفاق قائم إنما طريق الانسحاب منه متوفر.
المثير في الموضوع، أن بناء المفاعلات أمر شرعي في ظل هذا الاتفاق. في ظل هذا الاتفاق، تستطيع أيضًا أن تحافظ على برنامجها الصناعي. لهذا يريد الإيرانيون التمسك بهذا الحق.
* الاتفاق لم يغط برنامج الصواريخ، لكن قرارات مجلس الأمن منعتها، ومع هذا تستمر إيران في برنامجها الصاروخي؟
- الاتفاق لم يغط البرنامج، لكن إلى جانب قرارات مجلس الأمن التي اتفق عليها، بعد الاتفاق، لاحظنا أنه تم تخفيف العبارات، أي بدلاً من القول بحسم: إن إيران يجب ألا تطور أسلحة أو صواريخ، كانت العبارة: إن مجلس الأمن «يفضل» ألا تفعل إيران هذا. تم تخفيف العبارات فانتهت فعاليتها. أي أننا لا نريد إيران أن تفعل هذا، لكن ليس ممنوعًا عليها الأمر. قرارات مجلس الأمن تقضي برفع العقوبات على الصواريخ بعد 8 سنوات، وسيرفع الحصار العسكري خلال 5 سنوات، ولا أعتقد أن أحدًا يصدق أن إيران توقفت عن استيراد أو تصدير السلاح.
* الرئيس أوباما، لم يرغب في أن تهاجم إسرائيل إيران، ولم يرغب في أن يتحدى العرب إيران، لكنه لم يحصل على ضمانات من إيران بوقف تدخلها في الدول الأخرى وبوقف تمويل الإرهاب.
- البيت الأبيض كان يحمي الاتفاق. لكن من ناحية أخرى فإن أغلب الدول العربية ترى أن غزو العراق عام 2003 ومن ثم الإطاحة بصدام، يفتح الباب أمام إيران. حتى إسرائيل تقول إن سلسلة من قرارات السياسة الخارجية الأميركية جعلت من إيران لاعبًا أقوى مما كانت عليه في السابق.
* هذا خطير جدًا خصوصًا إذا كانت هذه سياسة محسوبة من قبل الرئيس أوباما، فإنها تعني أنه أطلق العنان لحروب في المنطقة.
- كان يقول إنه يريد التوازن: نقوي تحالفنا مع دول مجلس التعاون الخليجي، نضاعف من صفقات السلاح معها ونبقيها قوية، في وقت نتمتع بعلاقات أفضل مع إيران، وبهذا يمكننا أن نلعب دورًا متوازنا في المنطقة. هذا ما كان يعتقده. لكن أتفق معك، إنه منذ توقيع الاتفاق تغير الوضع، لم يعد السعوديون أو الإماراتيون يثقون بالولايات المتحدة أبدًا، في سوريا نرى ساحة تدخلها أسلحة كثيرة، وهناك شعور بأن أميركا إلى جانب الأسد والإيرانيين، ولهذا نرى بروز «داعش». أفهم جيدًا ما وصفته.
* هل لأننا لاحظنا أنه قدم الكثير من التنازلات لإيران، وفي الوقت نفسه استعمل العصا الغليظة مع حلفاء الولايات المتحدة؟
- هذا صحيح. المثير الآن وضع اليمن. كان البيت الأبيض غير متحمس للعملية العسكرية هناك، لكنه لم يقف ضدها لأنه كان يريد دعم السعودية للاتفاق مع إيران. أعتقد بأنه سيكون من الصعب على الولايات المتحدة ممارسة لعبة مزدوجة، من ناحية تدعم السعودية، ومن ناحية أخرى تنتقدها. ولاحظنا الصواريخ التي أطلقت من اليمن على السفن الأميركية والرد عليها، وهذا يثبت أن أميركا لا يمكنها الاستمرار هكذا.
* قال البنتاغون، إنه ليس متأكدًا من أن الصواريخ التي أطلقت على السفن الأميركية من اليمن، جاءت من إيران أصلاً.
- هذه طريقته للخروج. وهذا يختلف عما يقوله مسؤولون أميركيون آخرون بأنهم رأوا حركة السفن الآتية من إيران وتنقل الأسلحة للحوثيين.
* لماذا لم يتم إيقاف تلك السفن؟
- جرى إيقاف بعض الزوارق الإيرانية لكن لم يحصل أي منع. كان هناك طائرات إيرانية أيضًا نقلت السلاح إلى اليمن. على كل، سنسمع بعض المسؤولين الأميركيين يقولون: لا نعتقد أن لإيران غرفة عمليات في اليمن، أو سيطرة على الحوثيين. كوني أعرف هذه الإدارة، فهي تفكر بأن تشرك إيران والسعودية في إيجاد حل لليمن.
* هل علينا أن نصدق التهديدات الإيرانية، بأن إيران تستطيع هزيمة الولايات المتحدة في أي حرب؟
- لا أعتقد ذلك. اللافت أن الإيرانيين ماهرون في توسيع نفوذهم، وفي الوقت نفسه ليسوا بتلك «الغوريلا» العملاقة، واقتصادهم لا يزال في وضع سيئ. لا أريد المبالغة في تقييم قدراتهم، لكن في الوقت نفسه، فإن إيران ماهرة في الحروب غير المتماثلة التي تخوضها عبر ميليشياتها الشيعية. وقرارات أميركا العبثية صبت في أيدي إيران التي لعبت لعبة قوية بأيدي ضعيفة.
* قال أوباما إنه يريد أن ينفتح على الأعداء وانتهى بفك الارتباط مع حلفاء أميركا. هل توافق؟
- نعم، أكبر خطر هو أن هذا الاتفاق كلف أميركا الكثير. لا أريد القول إنه لا يمكن تسوية هذا الانشقاق في ظل الإدارة الجديدة. عدم الاقتراب من سوريا كان بكل تأكيد مرتبطًا بالاتفاق. وما ينساه الكثيرون أنه عام 2009 مع الانتفاضة الإيرانية قررت الإدارة ألا تتدخل، وهذا يختلف جدًا عما فعلته مع دول «الربيع العربي». هذا النوع من الدبلوماسية لا يحدث باستمرار.
* جاء فاتحًا يديه لإيران وسيغادر تاركًا قانون «جاستا» ضد السعودية.
- بالنسبة لإيران، البعض هنا اعتقد أنه عليه أن ينتظر سنوات، وسيرى نظامًا مختلفًا واقتصادًا مزدهرًا في إيران، لكن البعض الآخر يقول إن هذه الأموال ستذهب إلى مكتب المرشد والحرس الثوري وتعطيهما حياة جديدة ولن يكون هناك اعتدال.
* هل كان هذا «الشكر الإيراني» لأميركا التي فتحت لهم أبواب العراق وسوريا، ثم وجدنا اللواء قاسم سليماني في موسكو لتقوية العلاقات العسكرية والاقتصادية بين البلدين؟
- أتفق معك. عندما كنا نغطي مؤتمر فيينا الصيف الماضي، كان هناك أمل بالتعاون، وبعدها بأسابيع رأينا سليماني في موسكو. كان ذلك حصيلة أشهر كثيرة من التحضير للاتفاق على حماية الأسد. ذهبت إيران من خلف ظهر الغرب، من هنا فإن كل الجهود الأميركية حول سوريا لا تتقدم.
* لماذا لا تقول الإدارة: لا نريد أو لا نستطيع فعل شيء في أميركا؟
- كان واضحًا أن الدبلوماسية الأميركية لن تفعل شيئًا في سوريا، لكن تريد إبقاء الغطاء هذا للادعاء أنها تفعل شيئًا وتحتمي من النقد. أوافق أن اللاعبين يعرفون أن أميركا لن تفعل شيئًا، بعض الأميركيين سعيد بالبقاء في الفنادق، يتحدثون عن الخطة «ب»، وأنا لم أتحسس أي إشارة لوجود خطة أساسًا.
* هل هذا يساعد كيري لتبرير تصرفاته؟
- أعتقد أن أوباما يعارض عمل أي شيء، ومن مصلحة البيت الأبيض ترك كيري يتحرك ويطلق تصريحات والإيحاء بأنشطة، في وقت ليس هناك شيء في الواقع. هناك انتقاد أيضًا موجه لسفيرة أميركا في الأمم المتحدة سامنثا باور وبأن عليها الاستقالة.
ربما كيري يريد فعلاً إنهاء الحرب قبل مغادرة الإدارة، لكن الكل يعرف أن الروس وإيران والأسد يرون حلب الجائزة الكبرى لهم. يريدون أخذ حلب، ولماذا لا يفعلون؟
* رفع العقوبات شمل علماء إيرانيين كان النظام في الطهران نفى حتى وجودهم. فهل أن الأميركيين كانوا بهذه السذاجة أو فقط من أجل التوصل إلى اتفاق؟
- رمى الإيرانيون بكل طلباتهم الغريبة في اللحظة الأخيرة، فوافق الأميركيون الذين كانوا يتطلعون إلى الاتفاق، لمدة 3 سنوات كانت الوكالة الدولية للطاقة النووية تطلب لقاء العلماء الإيرانيين وبالذات محسن فخري زاده، وكان الإيرانيون يقولون هذا وهم، وغير موجود. ثم جاء اسمه على قائمة العلماء الإيرانيين الذين طلبت إيران رفع العقوبات عنهم، رغم أنها رفضت السماح لهم بالتعاون أثناء التحقيق الدولي في البرنامج النووي. وهذا جزء مثير جدًا من الاتفاق، لم أستطع فهمه. أثناء تحقيقها وجدت الوكالة أثرًا لليورانيوم في مفاعل بارشين، وتجاهلته.
* هل أمام الإدارة الأميركية الجديدة الكثير من العقبات في الشرق الأوسط، والصين، إضافة إلى العقبات الداخلية؟
- جماعة كلينتون يرون أن العالم بدأ تقريبًا يخرج من تحت السيطرة، إن كان بسبب الصين أو بسبب روسيا. أعتقد بأن كلينتون تدرك أن على أميركا أن تعيد تأكيد نفوذها وبسرعة. نسمع منهم أنه يجب توجيه اللكمة لطرف ما. من هو، كوريا الشمالية أو دولة أخرى. لا أعرف. قرر أوباما ألا يفعل شيئًا، لكن كما أعتقد فإن كلينتون تريد أن يكون لأميركا فعالية. لن يكون هذا سهلاً، لأنه صار في الحزب الديمقراطي مفعول بيرني ساندرز الذي يرفض التدخل الأميركي، وكذلك يرى ترامب. لكن عندما يريد الرئيس الأميركي فعل شيء، فإنه ينجح في تفعيل الإدارة لتحقيق ذلك.
* من سيكون الرئيس؟
- الاستفتاءات تميل إلى كلينتون.
* هل تستعد لتلقي جائزة «بوليتزر» على كتابك؟
- نعم
* إلى أين باعتقادك تتجه إيران بعد الآن؟
- إنها تريد جسرًا بريًا يصلها بالبحر الأبيض المتوسط، يمتد من طهران، إلى العراق، وسوريا، فلبنان. حتى في ظل الشاه كانت الرغبة في السيطرة الفارسية على المنطقة، والاستراتيجية مستمرة. لكن هذا يعتمد على الوضع الداخلي، إذ لا أحد يرى أن خامنئي سيبقى حتى 20 سنة المرشد الأعلى.



غروسي: التعاون النووي مع إيران في طريق مسدود

مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في أصفهان اليوم (أ.ف.ب)
مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في أصفهان اليوم (أ.ف.ب)
TT

غروسي: التعاون النووي مع إيران في طريق مسدود

مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في أصفهان اليوم (أ.ف.ب)
مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في أصفهان اليوم (أ.ف.ب)

أبدى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، استياءه من مسار المحادثات التي أجراها على مدى يومين في إيران سعياً لحل القضايا العالقة.

وقال غروسي للصحافيين في مطار فيينا، أمس، إن التعاون مع طهران بشأن برنامجها النووي «غير مرضٍ على الإطلاق»، مشدداً على ضرورة الحصول على «نتائج ملموسة في أسرع وقت». وأضاف أن التعاون بات «عملياً في طريق مسدود... ويجب أن يتغير ذلك»، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

جاء ذلك بعد ساعات من مؤتمر صحافي عُقد في أصفهان وسط إيران بين غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي، الذي قال إن المباحثات كانت «إيجابيةً وبناءةً».

وأكد كل من غروسي وإسلامي تمسكهما بالاتفاق المبرم بين الوكالة وطهران في مارس (آذار) 2023، خصوصاً التحقيق المفتوح بشأن مواقع غير معلنة.

وقال إسلامي إن «اتفاقنا المشترك أساسٌ جيدٌ للتعامل، وشددنا على هذا المسار بوصفه خريطةَ طريق بين إيران والوكالة»، لكنه رفض استناد الوكالة الدولية إلى «الإيحاءات المعادية التي مصدرها إسرائيل».

بدوره، قال غروسي إن بنود اتفاق 2023 لا تزال ساريةً، لكنه شدد على ضرورة تحديد «الخطوات الإضافية»، نافياً أي تأثير من أطراف ثالثة على التعامل بين الوكالة وطهران.


نتنياهو استغل تأخر قيادة «حماس» في قبول المشروع المصري

طفلان يجذبان قطعةً خشبيةً محملةً بالماء في ساحة مدرسة تديرها وكالة الأمم المتحدة (الأونروا) بمخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)
طفلان يجذبان قطعةً خشبيةً محملةً بالماء في ساحة مدرسة تديرها وكالة الأمم المتحدة (الأونروا) بمخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو استغل تأخر قيادة «حماس» في قبول المشروع المصري

طفلان يجذبان قطعةً خشبيةً محملةً بالماء في ساحة مدرسة تديرها وكالة الأمم المتحدة (الأونروا) بمخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)
طفلان يجذبان قطعةً خشبيةً محملةً بالماء في ساحة مدرسة تديرها وكالة الأمم المتحدة (الأونروا) بمخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

تأخرت «حماس» في ردّها على المبادرة المصرية، طويلاً، فقرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، استغلال ذلك بكل ما يُعرف عن جيشه من بطش لم ينسه أحد. فالدماء الفلسطينية ما زالت تنزف والدمار يشهد، والعداء الجنوني في اليمين الإسرائيلي يستفز كل عين.

خرج نتنياهو إلى عملية اجتياح رفح، التي يسمونها في تل أبيب «محدودة وعينية كالعملية الجراحية». لكن أحداً لا يضمن ذلك، ولا حتى الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي تلقى وعوداً بذلك من نتنياهو فقط قبل ساعات قليلة من إطلاق الهجوم.

كانت الإشارات بأن هذا هو التطور الأقرب إلى الاحتمال واضحة كالشمس، لكن قيادة «حماس» لم تقرأ الخريطة جيداً. فقد بنت على الموقف الأميركي، الرافض للاجتياح رسمياً وفعلياً. لكن رفض الإدارة الأميركية له حدود، ولم تر قيادة «حماس» هذه الحدود، وبنتْ على موقف عائلات الأسرى واحتجاجها المتصاعد. ولكنها لا تدرك أن نتنياهو بنى لنفسه جلد فيل في قضية المشاعر، ولم ينتبه قادة الحركة إلى ما قاله ممثلو تلك العائلات من أن «مصير أولادهم الأسرى هو آخر هم عنده».

تحمل طفلتها التي أصيبت في غارة إسرائيلية داخل أحد المستشفيات بينما تشن القوات الإسرائيلية عملية برية جوية في الجزء الشرقي من رفح 7 مايو الحالي (رويترز)

جميع الخبراء في السياسة الإسرائيلية، سواء خارج أو داخل إسرائيل، كانوا يؤكدون أن نتنياهو يفتش عن وسيلة تجعله يتهم قيادة «حماس» بالمسؤولية عن الفشل، ويتمنى أن يأتي رفض الصفقة منها، لكن قيادة «حماس» لم تأخذ ذلك بالاعتبار.

الإدارة الأميركية التي كانت تتهم نتنياهو بعرقلة مسار الصفقة، أحدثت انعطافاً في موقفها بعد طرح المبادرة المصرية، وقالت إن الكرة في ملعب قيادة «حماس»، ثم قالت على لسان الرئيس ومستشار الأمن القومي ووزير الخارجية إن هناك عرضاً سخيّاً أمام «حماس»، وعليها أن تتلقفه. ولم يأت رد «حماس».

أهالي فلسطينيين قُتلوا خلال الغارات الإسرائيلية الليلية على مخيم رفح للاجئين يبكون بجوار جثثهم الملفوفة خارج مستشفى رفح الميداني جنوب قطاع غزة الثلاثاء (إ.ب.أ)

وخلال كل ذلك الوقت كانت قوى اليمين الإسرائيلي المتطرف، وليس فقط الوزيران بتسلئيل سموترتش وإيتمار بن غفير، بل وزراء ونواب كثر من حزب «الليكود»، يهددون نتنياهو بإسقاط حكومته في حال وافق على صفقة ويصرون على اجتياح رفح. وراح نتنياهو نفسه يقسم ويتعهد أنه سينفذ الاجتياح. ولكن قيادة «حماس» كانت تنتظر.

جنود ومسعفون إسرائيليون يتجمعون بالقرب من معبر كرم أبو سالم على الحدود مع قطاع غزة جنوب إسرائيل (إ.ب.أ)

ومتى جاء قرارها؟ فقط بعد أن تمكن «مقاتلو المقاومة» من تنفيذ عملية عسكرية نوعية نجحت خلالها في رصد استخباري دقيق وكشف قوة كبيرة من الجيش الإسرائيلي تؤدي مهمة حراسة الدبابات، المتأهبة لدخول المنطقة الجنوبية، بالقرب من معبر كرم أبو سالم، فقصفتها برشقة من 14 صاروخاً، فقتلت أربعة وجرحت تسعة من الجنود والضباط... وقد رأت إسرائيل أن هذه الضربة موجعة أريد لها أن تكون «صورة للنصر». وقررت أن ترد عليها بـ«صورة نصر أكبر»، على الأقل في سبيل إنقاذ ماء الوجه واستعادة الهيبة.

غزيون نازحون إلى رفح يعيدون تهيئة خيامهم وأمتعتهم استعداداً لنزوح جديد (رويترز)

قررت إسرائيل تبكير الهجوم على رفح، وعندما بدأت في استعجال ترحيل أهل رفح، المقيمين والنازحين، وحددت العدد 100 ألف من سكان الأحياء الشرقية، وتوجهت بمناشير لسكان هذه الأحياء تحثهم فيها على مغادرة بيوتهم، لأنها باتت في مرمى النار، اتصل الرئيس بايدن مع نتنياهو، غير أن نتنياهو حاول طمأنته بأنها «عملية لايت»، وبايدن حاول إقناعه بأن تكون «عملية صفر»، كما وصف ذلك الكاتب الإسرائيلي ناحوم بارنياع.

فلسطيني يستريح بعد ملء إناء بالماء من سطح منزل متضرر بشدة من القصف الإسرائيلي على منطقة تل السلطان في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

في النهاية، وبعد نصف ساعة من الحوار بين الحلفاء، اتفقا على أن تكون العملية «محدودة وسريعة». وفي هذه الأثناء، كانت عائلات الأسرى قد اشتمت رائحة رفض ومماطلة وألاعيب جديدة لدى حكومة نتنياهو، فخرجت إلى الشارع في مظاهرات صاخبة، في تل أبيب والقدس وبئر السبع وحيفا.

إسرائيل ولكي لا تبقى في خانة الرافض للصفقة، قررت إرسال وفد إلى القاهرة لمواصلة المفاوضات، وبدأت تنشر نصوص الاتفاق التي لا توافق عليها، ليتبين أنها «كثيرة».

واختار الجيش الإسرائيلي أن يبدأ عملية رفح باحتلال المعبر الواصل بين غزة وسيناء، وهو النافذة الوحيدة لأهل غزة إلى الخارج، ثم احتل شارع صلاح الدين، وأطبق على رفح من الشمال. وكانت أول صورة يعممها هذا الجيش؛ جرافاته تهدم لافتة كتب عليها «غزة»، ودوس العلم الفلسطيني وصياح هستيري للجنود «رفح بأيدينا» و«معبر رفح بأيدينا».

والآن يطالب المتطرفون بإكمال «المهمة»، واحتلال رفح بالكامل، على أمل العثور على قادة «حماس» وغالبية الأسرى. والمدنيون يهربون من رفح إلى أي مكان يستطيعون الوصول، وإسرائيل تضيق عليهم.

نتنياهو يفخر بإنجازاته ويفاوض من مركز قوة، ويطلب تغيير المقترح المصري ويهدد بالمزيد من العمليات. فالجشع عنده بلا حدود، خصوصاً إذا كان يلائم هدفه الأول، أي استمرار الحرب كي يستمر حكمه.

وعادت العصمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. فهي ليست وسيطاً فقط بل شريك وداعم وممول لإسرائيل وحربها. ويرى أصحاب الخبرة والتجربة أن مصيبةً كبيرةً فقط يمكن أن تنقذ الوضع وتجعل الطرفين يدفعان باتجاه صفقة.

في هذه الأثناء، عاد أهل غزة لكبت فرحتهم. ففي مساء الاثنين خرجوا إلى الشوارع عندما أعلن عن موافقة «حماس» على الصفقة، وبذلك أثبتوا كم هم موجوعون من مرور كل هذا الوقت بلا اتفاق على صفقة. لا يوجد واحد منهم إلا وقد فقد أعزاء له وأقرباء. ومع ذلك خرجوا فرحين ينشدون ويرقصون.

وتبين أن فرحتهم سابقة لأوانها. عادوا إلى الخيام خائبين، قبل أن تبدأ إسرائيل بتنغيص فرحتهم. هم لا يستطيعون التظاهر مثل عائلات الأسرى بتل أبيب، وتوجيه إصبع الاتهام لقادتهم المقصرين. لكنهم يعرفون أنهم «في الهوا سوا»، يقبعون في قاع قائمة الأولويات لدى القيادة.


واشنطن تضغط على ماليزيا لعرقلة الالتفاف الإيراني على العقوبات النفطية

صورة وزعتها وكالة الأمن البحري الإندونيسية من ناقلة النفط «إم تي أرمان» الإيرانية التي تقوم بنقل النفط إلى السفينة «إم تي إس تينوس» التي ترفع علم الكاميرون  في يوليو الماضي (رويترز)
صورة وزعتها وكالة الأمن البحري الإندونيسية من ناقلة النفط «إم تي أرمان» الإيرانية التي تقوم بنقل النفط إلى السفينة «إم تي إس تينوس» التي ترفع علم الكاميرون في يوليو الماضي (رويترز)
TT

واشنطن تضغط على ماليزيا لعرقلة الالتفاف الإيراني على العقوبات النفطية

صورة وزعتها وكالة الأمن البحري الإندونيسية من ناقلة النفط «إم تي أرمان» الإيرانية التي تقوم بنقل النفط إلى السفينة «إم تي إس تينوس» التي ترفع علم الكاميرون  في يوليو الماضي (رويترز)
صورة وزعتها وكالة الأمن البحري الإندونيسية من ناقلة النفط «إم تي أرمان» الإيرانية التي تقوم بنقل النفط إلى السفينة «إم تي إس تينوس» التي ترفع علم الكاميرون في يوليو الماضي (رويترز)

قال مسؤول كبير بوزارة الخزانة الأميركية، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة ترى أن قدرة إيران على نقل نفطها تعتمد على مقدمي الخدمات المتمركزين في ماليزيا؛ إذ يتم نقل النفط من مكان بالقرب من سنغافورة، ومنه لجميع أنحاء المنطقة.

وفرضت واشنطن عقوبات مشددة على إيران ووكلائها؛ سعياً لحرمانها من الأموال الذي تقول إنها تستخدمها لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.

وتعتمد إيران على «أسطول شبح» من ناقلات النفط التابعة لجهات غامضة؛ لتصدير النفط والالتفاف على العقوبات الأميركية، التي تمنع صادرات إيران منذ مايو (أيار) 2019 بعد عام على انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي.

ويزور وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية برايان نيلسون، والمستشار العام للخزانة نيل ماكبرايد سنغافورة وماليزيا هذا الأسبوع، من الاثنين إلى الخميس.

وقالت الوزارة إن الزيارة تهدف إلى تعزيز جهودها في مكافحة التمويل والإيرادات الموجهة لإيران ووكلائها.

مساعد وزير الخزانة الأميركي براين نيلسون

وقال المسؤول، طالباً عدم كشف هويته، إن مبيعات طهران من النفط في شرق آسيا موّلت مجموعات مسلحة متحالفة معها من بينها حركة «حماس» والحوثيون، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويزداد تركيز وزارة الخزانة على تمويل الجماعات المسلحة الذي يتم توجيهه عبر جنوب شرقي آسيا بسبل منها جمع الأموال والمبيعات غير المشروعة للنفط الإيراني.

وقال المسؤول أيضاً في إفادة للصحافيين إن الولايات المتحدة تسعى إلى منع ماليزيا من أن تصبح منطقة يمكن لحركة «حماس» جمع الأموال فيها ونقلها. وتابع أن «إيقاف شحنات النفط هذه سيسدد ضربة حاسمة لقدرة إيران على تمويل هذه الهجمات حول العالم، بما في ذلك هجمات الحوثيين الذين يهددون حالياً حركة الملاحة التجارية».

وقال المسؤول: «نحن قلقون من قدرة (حماس) على جمع الأموال في المنطقة، ومنها ماليزيا، لذا نريد إجراء حوار مباشر حول هذه المخاوف». وأشار لوجود «تصاعد مثير للقلق» في محاولات إيران ووكلائها جمع الأموال في المنطقة، وأحياناً من خلال منظمات خيرية.

ونقلت «رويترز» عن المسؤول الأميركي: «من المثير للاهتمام أنهم يسعون إلى الاستفادة من الدعم المتدفق للشعب الفلسطيني باستخدام الأموال في أنشطتهم العنيفة والمزعزعة للاستقرار»، رافضاً ذكر أسماء المنظمات الخيرية المشتبه بها.

وقال المسؤول الأميركي أيضاً إن الولايات المتحدة علمت بنقل النفط الإيراني من منطقة بالقرب من سنغافورة ومنها إلى أنحاء المنطقة.

وأضاف: «قدرة إيران على نقل نفطها تعتمد على هذا النوع من مقدمي الخدمات المتمركزين في ماليزيا. لذلك نريد إجراء حوار مباشر مع الماليزيين بشأن ذلك».

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عقوبات على أربع شركات مقرها ماليزيا، متهمة إياها بأنها واجهات لدعم إنتاج إيران للطائرات المسيرة.

وأعلنت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، الشهر الماضي، أن واشنطن تعمل على تقليص قدرة إيران على تصدير النفط، مرجحة أن «بإمكاننا القيام بالمزيد».

وقال المسؤول أيضاً إنه تم إحراز تقدم فيما يتعلق بالعقوبات وقيود التصدير المفروضة على روسيا، مضيفاً أن سقف أسعار النفط الروسي يقلل من قدرة موسكو على الاستفادة من مبيعات النفط مع الحفاظ على استقرار أسواق الطاقة العالمية.

وسنغافورة مركز رئيسي لعمليات الشحن. ويحذر مقدمو خدمات التأمين وغيرهم من مقدمي الخدمات البحرية العاملين في سنغافورة من التهرب من السقف المحدد لسعر النفط الروسي، ويشتكون من صعوبة التأكد من دقة الوثائق التي تتعهد بشراء النفط بسعر يبلغ 60 دولاراً حداً أقصى.


نتنياهو: مقترح «حماس» لا يلبي مطالبنا... والضغط العسكري ضروري لإعادة الرهائن

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال مؤتمر صحافي في قاعدة كيريا العسكرية في تل أبيب، إسرائيل 28 أكتوبر 2023 (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال مؤتمر صحافي في قاعدة كيريا العسكرية في تل أبيب، إسرائيل 28 أكتوبر 2023 (رويترز)
TT

نتنياهو: مقترح «حماس» لا يلبي مطالبنا... والضغط العسكري ضروري لإعادة الرهائن

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال مؤتمر صحافي في قاعدة كيريا العسكرية في تل أبيب، إسرائيل 28 أكتوبر 2023 (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال مؤتمر صحافي في قاعدة كيريا العسكرية في تل أبيب، إسرائيل 28 أكتوبر 2023 (رويترز)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الثلاثاء)، إن أحدث اقتراح للهدنة قدمته حركة "حماس" لا يفي بمطالب إسرائيل الأساسية، مضيفا أن الضغط العسكري لا يزال ضروريا لإعادة الرهائن المحتجزين في غزة، حسبما أفادت وكالة "رويترز" للأنباء.

وقال نتنياهو إنه طلب من الوفد المفاوض المتجه للعاصمة المصرية القاهرة اليوم الإصرار على الشروط المطلوبة للإفراج عن المحتجزين لدى حركة "حماس" في قطاع غزة. ونقل المتحدث باسم نتنياهو أوفير جندلمان عنه القول "أوعزت إلى الوفد الذي اتجه اليوم إلى القاهرة بمواصلة الإصرار بحزم على الشروط المطلوبة للافراج عن مختطفينا، ومواصلة الإصرار بحزم على المطالب الضرورية لضمان أمن إسرائيل".

وسيطرت القوات الإسرائيلية في وقت سابق على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة، وهو تحرك وصفه نتنياهو بأنه "خطوة مهمة للغاية نحو تدمير ما تبقى من قدرات حماس العسكرية". وعن دخول القوات الإسرائيلية إلى منطقة رفح والسيطرة على معبرها، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي "مساء أمس أوعزت، بإجماع المجلس الوزاري المصغر لشؤون الحرب، بالعمل في رفح. وخلال ساعات رفعت قواتنا الأعلام الإسرائيلية في معبر رفح ونزّلت الأعلام الحمساوية". وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي أن دخول القوات إلى رفح "يخدم هدفين رئيسيين للحرب" هما إعادة المحتجزين والقضاء على "حماس". واعتبر أن صفقة التبادل السابقة مع حماس أثبتت أن "الضغط العسكري على حماس هو شرط ضروري لإعادة مختطفينا". واتهم نتنياهو حماس بمحاولة "إحباط" دخول القوات الإسرائيلية إلى رفح من خلال إعلانها الموافقة على مقترح مصري-قطري لوقف إطلاق النار.وتابع رئيس الوزراء الإسرائيلي "لا يمكن لإسرائيل الموافقة على مقترح يعرض أمن مواطنينا ومستقبل دولتنا للخطر".

ووصف نتنياهو سيطرة الجيش على معبر بأنه "خطوة مهمة للغاية؛ وخطوة هامة في الطريق المؤدي إلى تدمير القدرات العسكرية المتبقية لدى حماس". ويقول نتنياهو إن حماس لديها 4 كتائب في رفح تنوي إسرائيل القضاء عليها بالتزامن مع السيطرة على المعبر في رفح كجزء من "خطوة هامة لضرب قدرات حماس"، كما اعتبر أن المعبر البري الذي يربط القطاع المحاصر بمصر كان حيويا لترسيخ حكم "حماس" في غزة.

من جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، من منطقة قرب رفح بجنوب قطاع غزة، اليوم (الثلاثاء)، إن عملية دخول رفح والسيطرة على معبرها ستستمر حتى القضاء على "حماس" أو "عودة أول رهينة". وأضاف غالانت إن بلاده مستعدة لتقديم تنازلات لاستعادة المحتجزين، لكنها ستكثف عملياتها في جميع أنحاء غزة إن لم يتم التوصل لاتفاق حول المحتجزين.


قائد «الحرس الثوري» يهدد بإغلاق شرق البحر الأبيض المتوسط

قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي متحدثاً في طهران اليوم خلال مراسم الأربعين لضباط قُتلوا في قصف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق (تسنيم)
قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي متحدثاً في طهران اليوم خلال مراسم الأربعين لضباط قُتلوا في قصف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق (تسنيم)
TT

قائد «الحرس الثوري» يهدد بإغلاق شرق البحر الأبيض المتوسط

قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي متحدثاً في طهران اليوم خلال مراسم الأربعين لضباط قُتلوا في قصف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق (تسنيم)
قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي متحدثاً في طهران اليوم خلال مراسم الأربعين لضباط قُتلوا في قصف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق (تسنيم)

لوّح قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي بتوسيع الجبهات وإغلاق شرق البحر الأبيض المتوسط، وذلك في مراسم الأربعين لقائد قواته في سوريا ولبنان، الجنرال محمد رضا زاهدي، الذي قضى في غارة جوية إسرائيلية، على مقرّ القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع الشهر الماضي.

وشنّ «الحرس الثوري» هجوماً انتقامياً هو الأول من الأراضي بعشرات الصواريخ والطائرات المسيّرة، في 13 أبريل (نيسان) الماضي، رداً على قصف القنصلية الإيرانية، بعدما اعتبرها المرشد الإيراني علي خامنئي جزءاً من الأراضي الإيرانية.

وقالت إسرائيل إن الهجوم الإيراني فشل بنسبة 99 في المائة في بلوغ أهدافه، قبل أن يوجّه الجيش الإسرائيلي ضربة محدودة، مستهدفاُ منظومة رادار في مطار عسكري بالقرب من منشآت نووية حساسة في أصفهان وسط البلاد.

لكن سلامي أصرّ على وصف العملية التي سُميت «الوعد الصادق» بأنها «ناجحة». وقال إن «هجوماً محدوداً أظهر مدى هشاشة المنطقة الأكثر ازدحاماً بأنظمة الدفاع الجوي في العالم بدعم أميركا وبريطانيا وفرنسا وبعض دول المنطقة».

وهاجم إسلامي مرة أخرى الحضور الإقليمي للولايات المتحدة، معرباً عن اعتقاده أن دول المنطقة «يجب أن تتحول ميداناً للجهاد ضد المستبدين؛ لأننا نواجه عدواً مشتركاً ومصيراً وقيماً مشتركة ولا يمكنها أن نعيش منفصلين عن بعضنا بعضاً».

ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله في هذا الصدد: «سنغلق الطريق على العدو في شرق البحر الأبيض المتوسط، ونوسع الجبهات لكي يتشتت الأعداء».

وعن دور «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»، قال إسلامي إنه يحمل على عاتقه «ملء زوايا تغلغل الأعداء» إلى المنطقة. وزعم أن قواته «دافعت عن أمن وكرامة» دول المنطقة إلى جانب «الدفاع عن الأمن القومي الإيراني».

وهذه هي المرة الثانية التي يهدد فيها قيادي رفيع بأعمال عسكرية في البحر الأبيض المتوسط، ففي 23 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال المنسق العام لقوات «الحرس الثوري» محمد رضا نقدي إن بلاده «ستغلق البحر الأبيض المتوسط ومضيق جبل طارق والممرات المائية الأخرى إذا واصلت الولايات المتحدة وحلفاؤها ارتكاب (جرائم) في غزة».

هاجمت جماعة الحوثي اليمنية الموالية لإيران خلال الأشهر الماضية، سفناً تجارية تبحر عبر البحر الأحمر، مبررة ذلك بـ«الرد على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة»،

وتصاعدت الهجمات الحوثية بعدما دعا المرشد الإيراني علي خامنئي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى قطع العلاقات التجارية ومنع تصدير النفط إلى إسرائيل. وفي وقت لاحق، قال زعيم الحوثيين إن قواته يمكنها استهداف السفن الإسرائيلية، في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب.

ودفعت هجمات الحوثيين شركات الشحن إلى تغيير مساراتها، كما باشرت الولايات المتحدة وبريطانيا توجيه ضربات ضد مواقع الحوثيين في اليمن.

وتدعم إيران جماعات على البحر المتوسط، مثل جماعة «حزب الله» اللبنانية، وجماعات مسلحة متحالفة معها في سوريا.

وأعلن قائد القوات البحرية في «الحرس الثوري» علي رضا تنغسيري في ديسمبر الماضي، تشكيل قوات «باسيج» بحري، قوامها وحدات من جماعات مسلحة موالية لإيران وتشارك فيها سفن ثقيلة وزوارق خفيفة غير عسكرية.


إردوغان يلمح إلى عمليات جديدة شمال سوريا وينتقد «الحلفاء»

جندي تركي خلف الخط الحدودي مع سوريا خلال دورية تركية روسية في ريف الحسكة يوليو 2021 (أ.ف.ب)
جندي تركي خلف الخط الحدودي مع سوريا خلال دورية تركية روسية في ريف الحسكة يوليو 2021 (أ.ف.ب)
TT

إردوغان يلمح إلى عمليات جديدة شمال سوريا وينتقد «الحلفاء»

جندي تركي خلف الخط الحدودي مع سوريا خلال دورية تركية روسية في ريف الحسكة يوليو 2021 (أ.ف.ب)
جندي تركي خلف الخط الحدودي مع سوريا خلال دورية تركية روسية في ريف الحسكة يوليو 2021 (أ.ف.ب)

ألمح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى شن عمليات عسكرية جديدة تستهدف مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، منتقداً عدم وفاء حلفاء بلاده بتعهداتهم، وذلك بالتزامن مع تصعيد القوات التركية استهدافاتها في شمال سوريا.

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن بلاده ستكمل عملها في سوريا «عندما يحين الوقت المناسب».

وأضاف إردوغان، في تصريحات عقب اجتماع الحكومة التركية برئاسته ليل الاثنين - الثلاثاء: «بكل تأكيد عندما يحين الوقت والساعة، سنكمل عملنا في سوريا الذي ترك غير مكتمل بسبب الوعود التي قطعها حلفاؤنا، ونكثوا بها».

عملية تركية في رأس العين شمال سوريا 9 أكتوبر 2019 (أ.ف.ب)

وكان إردوغان يشير ضمناً إلى اتفاقين مع الولايات المتحدة وروسيا في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، أوقفت تركيا بمقتضاهما عملية عسكرية باسم «نبع السلام» استمرت أياماً في شمال شرقي سوريا.

قوات أميركية بريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا يوليو الماضي (أ.ف.ب)

وتعهدت واشنطن وموسكو في ذلك الحين، بإبعاد وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات «قسد»، مسافة 30 كيلومتراً جنوب الحدود التركية، مقابل وقف العملية العسكرية بعد أن سيطرت القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة على بعض المناطق في شرق الفرات، منها تل أبيض ورأس العين.

وقال إردوغان: «أريد أن يكون الأمر معلوماً؛ ما دام (حزب العمال الكردستاني) يجد لنفسه متنفساً في العراق وسوريا، فلا يمكن أن نشعر بالأمان إطلاقاً... الإرهابيون في جبال قنديل وفي شمال سوريا سيواصلون التدخل ضد تركيا وفي سياستها وضد مواطنيها بكل فرصة... أي دولة ترفض هذا الأمر».

وسبق أن أعلن إردوغان أن القوات التركية ستستكمل، بحلول الصيف، حزاماً أمنياً بعمق 30 إلى 40 كيلومتراً بطول حدودها الجنوبية مع العراق وسوريا.

القوات التركية تصعد ضرباتها ضد الوحدات الكردية في شمال سوريا (من مقطع فيديو لوزارة الدفاع التركية)

وجاءت تصريحات إردوغان عن عمليات جديدة محتملة في شمال سوريا، وسط تصعيد من جانب القوات التركية لهجماتها ضد عناصر «وحدات حماية الشعب الكردية» في شمال سوريا.

في هذه الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان، الثلاثاء، القضاء على 4 من عناصر الوحدات الكردية، قالت إنهم أطلقوا نيراناً استفزازية بهدف زعزعة مناخ السلام والأمن في منطقة عملية «درع الفرات».

وكانت وزارة الدفاع التركية قد أعلنت، الاثنين، مقتل 7 من عناصر الوحدات، بعد التأكد من استعدادهم لشن هجمات «إرهابية» على منطقتي «غصن الزيتون» و«درع الفرات» الخاضعتين لسيطرة القوات التركية والفصائل السورية في حلب.

ومن جهته، نفى «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، ما أعلنته وزارة الدفاع التركية، مشيراً إلى أن جندياً واحداً من القوات السورية قُتل في المنطقة نتيجة استهدافه بالرصاص مباشرة من قبل عناصر «الجيش الوطني» الموالي لتركيا، على محور مدينة تادف بريف حلب.

القوات التركية قصفت، الاثنين، بالمدفعية الثقيلة قريتي خريبشة وديرقاق ضمن مناطق انتشار «قسد» والقوات السورية بريف حلب الشمالي، ما أدى إلى مقتل جندي سوري وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة.

اجتماع وزير الدفاع التركي وقادة القوات المسلحة لمتابعة العمليات خارج الحدود الاثنين (وزارة الدفاع التركية)

وعقد وزير الدفاع التركي يشار غولر اجتماعاً مع قادة القوات المسلحة التركية، الاثنين، أكد فيه أن تركيا غيرت استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب، من الاعتماد على العمليات العسكرية «المحدودة والمستهدفة والمتتابعة» التي كان يجري تنفيذها في الماضي، إلى تنفيذ عمليات «مستمرة وشاملة»، وهو ما يوجه ضربة قوية للمنظمات الإرهابية، على حد قوله.

وتلقى غولر، خلال الاجتماع، معلومات حول سير العمليات العسكرية في شمال العراق والوضع في شمال سوريا. وشدد على استمرار القوات التركية في القضاء على التهديدات من مصدرها، قبل أن تصل إلى حدود البلاد في إطار المفهوم الأمني ​​الجديد في الحرب ضد جميع أنواع التهديدات والمخاطر، خصوصاً من «حزب العمال الكردستاني»، و«اتحاد المجتمعات الكردستانية»، و«حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب الكردية»، وكذلك تنظيم «داعش» الإرهابي.


وفد إسرائيلي يتجه إلى مصر لتقييم إمكانية تغيير «حماس» موقفها من الاتفاق

احتفالات في رفح بين الفلسطينيين بعد قبول «حماس» اقتراح وقف إطلاق النار من مصر وقطر (رويترز)
احتفالات في رفح بين الفلسطينيين بعد قبول «حماس» اقتراح وقف إطلاق النار من مصر وقطر (رويترز)
TT

وفد إسرائيلي يتجه إلى مصر لتقييم إمكانية تغيير «حماس» موقفها من الاتفاق

احتفالات في رفح بين الفلسطينيين بعد قبول «حماس» اقتراح وقف إطلاق النار من مصر وقطر (رويترز)
احتفالات في رفح بين الفلسطينيين بعد قبول «حماس» اقتراح وقف إطلاق النار من مصر وقطر (رويترز)

أعلن مسؤول إسرائيلي كبير اليوم (الثلاثاء)، أن وفداً إسرائيلياً متوسط المستوى سيسافر إلى مصر في الساعات المقبلة، لتقييم إمكانية تغيير «حماس» موقفها بخصوص أحدث شروط لوقف إطلاق النار، مؤكداً أن العرض الراهن من «حماس» غير مقبول بالنسبة لإسرائيل، وفق ما نشرت «رويترز».

وقال المسؤول إسرائيلي، إن «العرض المقدم من (حماس) يحوِّل العرض المقدم في 27 أبريل (نيسان) إلى اشتراطات غير مقبولة مغالى فيها».

وكانت حركة «حماس» قد أعلنت أمس، موافقتها على المقترح المصري لوقف إطلاق النار في قطاع غزة؛ لكن إسرائيل ردت بإعلان تمسكها باجتياح مدينة رفح في جنوب القطاع.

وقالت رئاسة الوزراء الإسرائيلية إن مجلس الحرب قرر بالإجماع أن تواصل إسرائيل العملية في رفح، لممارسة الضغط العسكري على «حماس» من أجل تعزيز إطلاق سراح الرهائن، وتحقيق الأهداف الأخرى للحرب.

وأشار البيان في الوقت ذاته إلى أن إسرائيل قررت إرسال وفد لاستكمال المفاوضات التي تستضيفها القاهرة.


غروسي: الوضع غير مُرضٍ على الإطلاق بشأن الملف النووي الإيراني

مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في أصفهان اليوم (أ.ف.ب)
مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في أصفهان اليوم (أ.ف.ب)
TT

غروسي: الوضع غير مُرضٍ على الإطلاق بشأن الملف النووي الإيراني

مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في أصفهان اليوم (أ.ف.ب)
مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في أصفهان اليوم (أ.ف.ب)

قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، لدى عودته من إيران، الثلاثاء، إن التعاون مع طهران بشأن برنامجها النووي «غير مُرضٍ على الإطلاق»، داعياً إلى الحصول على «نتائج ملموسة في أسرع وقت ممكن».

وقال مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة في تصريحات للصحافيين، لدى عودته إلى فيينا، إن «الوضع الراهن غير مُرضٍ على الإطلاق. نحن عملياً في طريق مسدودة... ويجب أن يتغير ذلك»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاء ذلك، بعد ساعات من مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني محمد إسلامي، الذي قال إن المباحثات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية «إيجابية وبناءة». وتوجه غروسي إلى إيران، الاثنين، على أمل تعزيز قدرة الوكالة على الإشراف على أنشطة طهران النووية، بعد عدة انتكاسات، لكن محللين ودبلوماسيين يقولون إنه لا يملك سوى نفوذ محدود، ويجب عليه توخي الحذر إزاء الوعود غير القابلة للتحقيق.

وشرح إسلامي وغروسي مواقفهما بشأن القضايا العالقة، في مؤتمر صحافي بعد محادثات مفصلة على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية»، في أصفهان بوسط البلاد.

ورمى إسلامي الكرة في ملعب مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة رافائيل غروسي، مطالباً إياه بـ«حلحلة القضايا التي أغلبها ذات طابع سياسي». وقال إن المباحثات بين الجانبين «أحرزت تقدماً»، لافتاً إلى أنها تركز حالياً على حل القضايا المتعلقة بموقعين من أصل ثلاثة غير معلنة، في إشارة إلى التحقيق المفتوح الذي تجريه الوكالة الدولية منذ سنوات. وقال في هذا الصدد: «نواصل التعامل فيما يخص المسائل العالقة، ومنها المتعلقة بموقعين» حسبما أوردت «رويترز».

«ثلاثة مجالات»

وأوضح إسلامي: «مع استمرار التعاملات على أساس الاتفاق المشترك، سنواصل أنشطتنا مع الوكالة الدولية في ثلاثة مجالات»، مشيراً إلى أن المجال الأول هو «القضايا السابقة بشأن الأنشطة الإيرانية المحتملة، والتي جرى إغلاقها بموجب الاتفاق النووي»، ووصفها بأنها «قضايا خارجية وسياسية». وتابع: «سنتابعها كقضايا سابقة مع متطلباتها الخاصة، ولن تتوسع لتشمل أقساماً أخرى».

ورأى أن «المجال الثاني هو المسألة المهمة المتعلقة بالموقعين المتبقيين. سنواصل عملية حلها في الإطار الذي سيتم وضعه».

أما عن المجال الثالث فقد ألقاه إسلامي في ملعب غروسي. وقال إن «مدير الوكالة الدولية مسؤول عن الجزء الثالث. يجب أن يتخذ خطوات للمستقبل. الدور الذي يلعبه بموجب واجباته القانونية يجب أن يسهل ويزيل العقبات ويحل القضايا التي في أغلبها سياسية»، منبهاً إلى أن ذلك «يحظى بأهمية بالغة» لبلاده.

إسلامي يتحدث إلى غروسي على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية» في أصفهان اليوم (أ.ب)

وكان إسلامي يشير إلى تفاهم أبرمه مع غروسي في مارس (آذار) العام الماضي، لحل القضايا العالقة بين الجانبين، لكن الوكالة الدولية تقول إنه لم يشهد تقدماً ملحوظاً. وقدمت طهران، العام الماضي، ضمانات شاملة للوكالة التابعة للأمم المتحدة بالتعاون في تحقيق متوقف منذ فترة طويلة يتعلق بآثار لليورانيوم عُثر عليها في مواقع غير معلنة، وإعادة تركيب كاميرات مراقبة ومعدات مراقبة أخرى أُزيلت في 2022.

وتظهر تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية للدول الأعضاء أنه لم يتحقق سوى القليل.

وقال إسلامي: «على الرغم من استياء الحاقدين من التفاعل بين إيران والوكالة الدولية، ويحاولون تشويهها بأدبيات مخربة، فإننا نعتقد أن اتفاقنا المشترك أساس جيد للتعامل، وشددنا على هذا الخط الأساسي بوصفه خريطة طريق بين إيران والوكالة».

وأضاف المسؤول الإيراني أن «الإيحاءات المعادية مصدرها إسرائيل، يجب على الوكالة الدولية ألا تستند إلى القضايا المطروحة من هذا الكيان».

ونأى غروسي بالوكالة الدولية عن الاتهام الضمني الذي وجهه إسلامي، نافياً تأثير أي طرف ثالث على التعامل بين الوكالة الدولية وإيران. وقال: «نحن لا نهتم باللاعبين الآخرين».

حقائق

اتفاق مارس 2023 بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران

أولاً: سيتم التواصل بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران بروح من التعاون، وبما يتفق تماماً مع اختصاصات الوكالة وحقوق والتزامات إيران، على أساس اتفاق الضمانات الشاملة.

ثانياً: فيما يتعلق بقضايا الضمانات المعلقة بشأن المواقع الثلاثة، أعربت إيران عن استعدادها لمواصلة تعاونها وتقديم مزيد من المعلومات وضمان الوصول؛ لمعالجة قضايا الضمانات المعلقة.

ثالثاً: ستسمح إيران، بشكل طوعي، للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتنفيذ المزيد من أنشطة التحقق والمراقبة المناسبة. وسيتم الاتفاق على الإجراءات بين الجانبين في سياق الاجتماع الفني الذي سيعقد قريباً في طهران.

«خطوات إضافية»

وشدد غروسي مرة أخرى على تمسكه بالتفاهم المبرم في مارس العام الماضي، قائلاً إن «بنود وثيقة الاتفاق لا تزال سارية رغم النواقص في الخطوات التي اتخذت سابقاً»، مشدداً على أن الفريقين الأممي والإيراني يعملان على «تحديد الخطوات الإضافية».

وأشار غروسي إلى اتفاق الجانبين في مواصلة العمل بخريطة الطريق المعلنة، العام الماضي، وصرح: «قدمت مقترحات للجمهورية الإسلامية لاتخاذ خطوات جديدة».

ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن غروسي قوله: «نحن في مرحلة حساسة، وهذه بداية جديدة للأنشطة بين إيران والوكالة الدولية». وأضاف: «لا نريد التواصل إلى وثيقة جديدة».

غروسي يلقي كلمة في مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية» في أصفهان بوسط البلاد اليوم (أ.ف.ب)

وفي لاحق، ألقى غروسي خطاباً أمام مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية»، وأشار إلى «تباطؤ في تنفيذ» الالتزامات التي تعهدت بها إيران، وأكّد أن محادثاته مع السلطات الإيرانية ركزت «على الإجراءات الملموسة والعملية التي يمكن تنفيذها لتسريع (هذه) العملية». وأضاف خلال كلمته: «علينا أن نقترح إجراءات ملموسة تساعدنا على الاقتراب من الحلول التي نحتاج إليها جميعاً»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

ووصف غروسي المحادثات التي أجراها، الاثنين، في طهران مع وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان وكبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، ثم الثلاثاء، في أصفهان مع إسلامي، بأنها «مهمة».

«وضع إقليمي حساس»

وقال عبداللهيان خلال لقائه مع غروسي، إن «زيارتكم تأتي في توقيت صائب؛ نظراً للأوضاع المعقدة والحساسة في المنطقة»، حسبما أورد بيان للخارجية الإيرانية.

وأضاف الوزير الإيراني أن «اتخاذ المواقف المحايدة والاحترافية من مدير الوكالة الدولية ستؤثر على الأمن والاستقرار المستدام في المنطقة، بالإضافة إلى الدعم المؤثر في تعاون إيران والوكالة الدولية». وقال إن «التعاون بين إيران والوكالة يجب ألا يتأثر بالسلوك المزعزع للاستقرار والمتناقض لأميركا وتوجّهها».

ووصفت وكالة «نور نيوز»، منصة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، زيارة غروسي بأنها «زيارة عادية في أوضاع غير عادية». وأضافت: «بعد عام من زيارة غروسي إلى إيران، تسببت التطورات السريعة في المنطقة بأن يتم تقييم وفهم الاجتماعات والمناقشات الروتينية في سياق مختلف».

ويعد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الخاضع للمرشد علي خامنئي، المرجع الأساسي لاتخاذ القرارات في المفاوضات الخاصة بالبرنامج النووي  الإيراني، بوصفه الجهاز الذي يرسم سياسات البلاد النووية.

وجاء في تعليق الوكالة أن «غروسي يزور إيران بعد ستة أشهر من هجوم إسرائيل على غزة، في حين أن الحرب لا ترتبط مباشرة بإيران ولا غروسي، لكن يجب ألا نتجاهل سريان التوترات وتبعات هذه الحرب إلى مجالات وعلاقات أخرى، والنموذج البارز أن التوترات المتزايدة بين إيران والكيان الصهيوني تسببت في إمكانية حدوث تغيير في العقيدة النووية للبلاد».

غروسي ونائبه ماسيمو أبارو الذي يترأس إدارة الضمانات في «الذرية الدولية» على هامش مباحثات مع إسلامي في أصفهان (إ.ب.أ)

وتعود إشارة الوكالة إلى تهديد ورد في 18 أبريل (نيسان) الماضي، على مسؤول حماية المنشآت النووية الإيرانية، الجنرال في «الحرس الثوري» أحمد حق طلب، بإعادة النظر في عقيدة وسياسة بلاده النووية، إذا تعرضت المنشآت الإيرانية لهجوم إسرائيلي.

وتجري إيران عمليات لتخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء تصل إلى 60 في المائة، والتي تقترب لنسبة 90 في المائة المستخدمة في تصنيع الأسلحة. وأظهرت تقديرات الوكالة الدولية في فبراير (شباط) الماضي، أن إيران لديها ما يكفي لتطوير ثلاث قنابل نووية.

ووفقاً لمعيار رسمي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن تخصيب هذه المواد إلى مستويات أعلى يكفي لصنع نوعين من الأسلحة النووية.

وتنفي إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية، لكن لم تصل أي دولة أخرى لهذا المستوى من التخصيب دون صنع أسلحة نووية.

وتابعت «نور نيوز»: «الشرق الأوسط لم يعد المكان الذي غادره غروسي قبل عام، دون شك. إنه لا يملك الصلاحيات اللازمة والكافية والوقت غير المحدود لحل جميع الخلافات في رحلته إلى إيران، خصوصاً أنه أدلى في الأسابيع القليلة الماضية، بتصريحات سياسية ضدنا، وأظهر أنه ليس لديه الواقعية والإدارة لإيجاد حل».

وأشارت الوكالة الأمنية إلى تصريحات سابقة، قال فيها غروسي إن إيران في 2024 لم تعد إيران 2015، وأضافت على قوله، إنه «بعد التطورات الأخيرة في المنطقة، ابتعدت منطقة غرب آسيا من وضعها السابق، ولهذا يجب على الوكالة الدولية أن تبتعد عن التوجه السياسي، وتقوم بدورها الاحترافي لاتخاذ خطوات في خفض التوتر وإقامة السلام والأمن المستدام».


تركيا: إغلاق مضيق البوسفور إثر جنوح سفينة قادمة من أوكرانيا

السفينة «أليكسيس» بعد تعرضها لعطل بمحركها في مضيق البوسفور (رويترز)
السفينة «أليكسيس» بعد تعرضها لعطل بمحركها في مضيق البوسفور (رويترز)
TT

تركيا: إغلاق مضيق البوسفور إثر جنوح سفينة قادمة من أوكرانيا

السفينة «أليكسيس» بعد تعرضها لعطل بمحركها في مضيق البوسفور (رويترز)
السفينة «أليكسيس» بعد تعرضها لعطل بمحركها في مضيق البوسفور (رويترز)

قالت السلطات التركية إن مضيق البوسفور، الذي يربط بين البحر الأسود والبحر المتوسط، مغلق الآن أمام حركة الملاحة، إثر جنوح سفينة شحن قادمة من أوكرانيا، اليوم الثلاثاء، وفق ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية».

وتحمل السفينة «أليكسيس» منتجات غذائية من أوكرانيا إلى مصر. وقال متحدث باسم مديرية السلامة الساحلية للوكالة: إن السفينة تعرضت لعطل في محركها عند خروجها من الممر المائي.

وأضاف المصدر أن جهود الإنقاذ جارية بالفعل. جدير بالذكر أن مضيق البوسفور يعد قناة مزدحمة، وهو بمثابة بوابة لمرور الحبوب الأوكرانية إلى الأسواق العالمية في ظل الغزو الروسي الحالي.


مقتل جنديين إسرائيليين في هجوم شنه «حزب الله» بطائرة مسيرة

دخان يتصاعد على الحدود الشمالية الإسرائيلية مع لبنان (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد على الحدود الشمالية الإسرائيلية مع لبنان (أ.ف.ب)
TT

مقتل جنديين إسرائيليين في هجوم شنه «حزب الله» بطائرة مسيرة

دخان يتصاعد على الحدود الشمالية الإسرائيلية مع لبنان (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد على الحدود الشمالية الإسرائيلية مع لبنان (أ.ف.ب)

قال «حزب الله» اللبناني أمس (الاثنين)، إنه نفذ هجوماً بطائرة مسيرة على نقطة تمركز لجنود إسرائيليين بالقرب من بلدة المطلة شمال إسرائيل.

وأكد الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق مقتل جنديين في الهجوم.

وذكر «حزب الله» أيضاً أنه أطلق عشرات الصواريخ باتجاه أهداف عسكرية عبر الحدود مع إسرائيل، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وتتبادل إسرائيل و«حزب الله» القصف عبر الحدود بشكل يومي منذ اندلاع الحرب في غزة.

وتقتصر هجمات «حزب الله» حتى الآن على شريط ضيق في شمال إسرائيل سعياً منها لتخفيف ضغط القوات الإسرائيلية عن قطاع غزة.