«نظارات غوغل».. تكنولوجيا طبية رائدة

تعزز تواصل الأطباء المباشر إلكترونيًا حول العالم

الأطباء يوظفون نظارات «غوغل» في الفحوص الطبية
الأطباء يوظفون نظارات «غوغل» في الفحوص الطبية
TT

«نظارات غوغل».. تكنولوجيا طبية رائدة

الأطباء يوظفون نظارات «غوغل» في الفحوص الطبية
الأطباء يوظفون نظارات «غوغل» في الفحوص الطبية

عندما وصلت لمتابعة فحوصاتي الطبية السنوية لدى مكتب الدكتور دارين فيلان هذا الصيف، كان لديه زوج من النظارات المصنوعة من التيتانيوم والموصلة بشبكة «واي - فاي» موضوعة على جبهته. وكان على وشك فحصي بينما كان هناك شريط فيديو يعرض الممارسة الطبية على مسافة 8 آلاف ميل في الهند، حيث هناك أكثر من 500 طبيب في أنحاء البلاد قد حولوا نظارات غوغل Google Glass إلى تكنولوجيا طبية.
تواصل عالمي
وبعد أن ارتديت الثياب الطبية، وضع الدكتور فيلان النظارة على عينيه وشغلها. وفي بادئ الأمر قام بتحية زميلته الطبيبة في بنغالور الهندية، وتدعى شارانجيت. وسألها قائلا: «كيف حالك شاران؟»، وكان يتحدث في الفراغ أثناء ما كان ينظر باهتمام إلى الزاوية اليمنى من عينه. وبعد ثوان معدودة ظهرت رسالة نصية.
قال الدكتور فيلان: «حسنا، جيد!». ثم بدأ في الفحص. ثم تحدثنا قليلا حول صحتي، وفحص الارتجاج الذي أصابني العام الماضي، وآلام الفك، وغير ذلك من الفحوصات. كان الدكتور فيلان هادئا كعادته ويتصرف بطبيعته، وبطريقته المألوفة كطبيب للعائلة.
ولكنني شعرت بشعور غريب بكل تأكيد. وكنت أعي تماما أن هناك شخصية ثالثة، وهي شخصية لم أقابلها من قبل ولن أقابلها قط، كانت تشاهد البث الحي المباشر لفحوصاتي الطبية - وكانت تشاهد بكل حرفية أكثر المعلومات خصوصية حول حياتي. فماذا لو أنها شاهدت تفاصيل جسدي الخاصة؟
كنت مرتابة للغاية عندما أخبرني إيان شاكيل، المدير التنفيذي لشركة «أوغميديكس»، وهي الشركة المكلفة بتوزيع نظارات «غوغل» لتستخدم من قبل الأطباء، أنه يريد أن تكون هذه النظارة شائعة الاستخدام لدى الأطباء مثلها في ذلك مثل سماعة الفحوصات الطبية المعروفة. فلقد انتشرت هذه الفكرة انتشار النار في الهشيم بين شركات وادي السليكون. ولكن بعض زيارتي الأخيرة، أعتقد الآن أن شاكيل لديه وجهة نظر معتبرة في ذلك.
كان الأمر لافتا للنظر من حيث سرعة اعتيادي على الجهاز الجديد. ولكن مع نهاية فحوصاتي الطبية، كنت قد نسيت تقريبا أن هذه النظارة كانت هناك.
* تكنولوجيا طبية
إذا ما تقابلت مع أحدهم ممن يرتدون جهازا يسجل كل شيء حولهم في مترو الأنفاق، أو في أي مكان عام آخر، فإنك تشعر بسخافة الأمر وانتهاك الخصوصيات. وقد تطلب منهم إيقاف الجهاز على الفور.
ولكن عندما يفعل طبيبك الخاص نفس الشيء، فهو يبدو مقبولا إلى حد ما. وللأفضل أو الأسوأ، فإن السلطة الأخلاقية للأطباء، والثقة التي نوليها إياهم، يمكن أن تكون وسيلة من وسائل شرعنة الأمور التي قد لا تكون مقبولة في بيئات أخرى.
وعندما تضع التكنولوجيا في سياق جديد، كما أدركت، يمكن أن تبعث بمعان مختلفة تماما، ففي مكتب الطبيب، لم تعد نظارات غوغل هي نفسها النظارات التي سخر منها من قبل الصحافيون المعنيون بالتقنيات أمثالي. فلقد اعتبرناها نزوة من نزوات التكنولوجيا التي تأتينا بها «غوغل» من وقت لآخر، أو حلاً يبحث عن مشكلة ما - أو لغزًا من ألغاز الخصوصية الشهيرة. حتى في المجتمع المولع بالتسجيل، فإن تلك النظارة يبدو أنها تجاوزت كل الحدود.
وبدأت النظارات من هذه النقطة في اكتساب المزيد من الزخم. واستمعت إلى الدكتور فيلان وهو يشرح لي كيف أن هذه التقنية تحفظ له وقته. لقد دفع فيها ألفي دولار في الشهر، كما يقول، وكان الأمر يستحقها بحق، لأنه يستطيع مغادرة عمله قبل ميعاد الدوام بساعة ونصف الساعة ليستطيع الذهاب إلى بيته وعائلته. ومكنه مستوى الإجهاد المنخفض من توفير الرعاية الأفضل إلى مرضاه.
وقال الدكتور فيلان: «لقد كانت أغرب شيء يتحول إلى أمر طبيعي واعتيادي»، مشيرا إلى أن اثنين فقط من مرضاه - وكانوا محامين - هما اللذان رفضا السماح باستخدامها في الفحص. ومع استكمال الجلسة الطبية خاصتي، كنت سعيدة للغاية بالعلاقة الجيدة بين الدكتور فيلان وشارانجيت الهندية. فلقد كانا يعملان سويا لمدة شهور ولم يتقابلا وجها لوجه قط.
يقول الدكتور فيلان: «إنها أقرب إلى علاقات الرسائل النصية».
وكنت أتساءل، هل يمكن لمثل تلك التفاعلات الافتراضية أن تتحول لعلاقات طبيعية في المستقبل؟ ولكن بصرف النظر عن مدى ارتياحي للأمر، لم أكن أتحمل إجراء مسح عنق الرحم في وجود شارانجيت.
* خدمة «واشنطن بوست»



إشادة دولية بجهود الرياض السيبرانية وتنظيم «بلاك هات»

جانب من حضور واسع يشهده «بلاك هات» (تصوير: تركي العقيلي)
جانب من حضور واسع يشهده «بلاك هات» (تصوير: تركي العقيلي)
TT

إشادة دولية بجهود الرياض السيبرانية وتنظيم «بلاك هات»

جانب من حضور واسع يشهده «بلاك هات» (تصوير: تركي العقيلي)
جانب من حضور واسع يشهده «بلاك هات» (تصوير: تركي العقيلي)

وسط استمرار التوافد الكبير من الزوّار والخبراء والمختصين في الأمن السيبراني إلى معرض «بلاك هات» بنسخته الحالية، بمركز الرياض للمعارض والمؤتمرات في ملهم، شمال العاصمة السعودية الرياض، حصد المعرض اهتماماً دبلوماسياً وأشاد باستضافة السعودية، وما تضمّنته أعمال وجلسات وفعاليات المعرض، الذي شهد مشاركة من 5 دول.

وفي حديثٍ لـ«الشرق الأوسط» اعتبر ضياء الدين بامخرمة، عميد السلك الدبلوماسي وسفير جيبوتي لدى السعودية، أن «التعاون الدولي في الأمن السيبراني بات أمراً ملحاً لا غنى عنه». وأعاد بامخرمة السبب إلى التحديات الكبيرة التي تتطلب جهوداً مشتركة لمواجهتها وضمان استمرارية الخدمات الإلكترونية بأمان وثقة.

تشكيل تحالفات دوليّة

وأضاف بامخرمة أن الأنظمة الإلكترونية أصبحت مهمة في كل مناحي الحياة، ولم يعد الناس قادرين، وكذلك المجتمعات، على العيش من دونها، وهو ما جعلها هدفاً رئيسياً للهجمات السيبرانية، رغم التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل في أنظمة الحماية والرقابة.

وذكر بامخرمة أن هذه الأنظمة عرضة للاختراق والتلاعب والأعطال، الأمر الذي من شأنه أن يجعل الحاجة إلى التعاون وتشكيل تحالفات دولية في مجال الأمن السيبراني، وتبادل المعلومات حول تلك التهديدات، وإيجاد التقنيات الدفاعية لمواجهتها، أكثر أهمية من أي وقت مضى.

ضياء الدين بامخرمة سفير جيبوتي لدى السعودية (الشرق الأوسط)

ولفت بامخرمة إلى أن جيبوتي أولت أهمية كبيرة لهذا الأمر، عبر إنشاء الوكالة الوطنية المعنية بمجالات الأمن السيبراني، التي أبرمت خلال زيارة رسمية مؤخراً مذكرة تعاون مع الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في السعودية.

وتهدف تلك الزيارة إلى الاستفادة من التطور الهائل للسعودية في مجال الرقمنة والأمن السيبراني، إلى جانب الانضمام إلى منظمة التعاون الرقمي، بهدف تعزيز التعاون في هذا المجال.

وأعرب سفير جيبوتي عن جزيل الشكر للسعودية على استضافتها وتنظيمها «بلاك هات»، معتبراً أنه تأكيد على حرصها واهتمامها بتعزيز منظومة الأمن السيبراني العالمية.

التزام ألماني بالتعاون مع السعودية في الفضاء الإلكتروني

من جانبه شدد ميشائيل كيندسغراب، سفير ألمانيا لدى السعودية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «لا سبيل أمام دول العالم، سوى التعاون وبذل الجهود المشتركة والشعور بالمسؤولية الجماعية، لضمان فضاء إلكتروني آمن لخدمة البشرية».

وتابع السفير الألماني أن برلين ملتزمة بالعمل مع أصدقائها في الرياض وجميع دول العالم، لمواجهة هذه التحديات المتصاعدة، ومواصلة البناء على الأُسس والأهداف التي تؤمن بها. وقال إن بلاده تُسهم في تعزيز التعاون الدولي في مختلف المجالات، بما فيها الأمن السيبراني.

ينظم «بلاك هات» النسخة الكبرى عالمياً من مسابقة «التقط العلم» (تصوير: تركي العقيلي)

وكشف كيندسغراب أن بلاده اعتمدت خطة واستراتيجية للأمن السيبراني في عام 2021، تنفذ على مدى خمس سنوات، وفق مجالات عدة منها المجتمع والقطاع الخاص والحكومة، والشؤون الأوروبية والدولية. واعتبر سفير ألمانيا لدى السعودية أن هذه الخطة والرؤية «تؤكد حرص الحكومة الفيدرالية، بأن تجعل أمن المعلومات «أولوية قصوى» بالنسبة لها. كما نوه بمشاركة بلاده بفعالية في جميع المؤتمرات والمبادرات، إيماناً منها بضرورة التكاتف والتعاون، بين الدول والمنظمات المعنية، لمكافحة الجرائم الإلكترونية.

وعلى هامش «بلاك هات» لفت كيندسغراب إلى أن تحديات «الأمن السيبراني» أصبحت خطراً يهدد مستقبل المجتمعات والشعوب، في ظل عصر يتميز بأجهزة وتقنيات مترابطة، وطرق اتصال تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وأنظمة تكنولوجيا المعلومات المبتكرة. وذكر أنها أصبحت جزءاً أساسياً من الحياة اليومية، متمنّياً أن يشكّل «بلاك هات»، فرصة لاستعراض الرؤى والخبرات النوعية، لقادة الفكر والخبراء في مجال الأمن السيبراني.

تنسيق الاستجابة للتهديدات السيبرانية عبر الحدود

والتقت «الشرق الأوسط» على هامش الحدث مع ليزالوتيه بليزنر، سفيرة الدنمارك لدى السعودية، التي صرحت بأن التعاون الدولي بات عنصراً رئيسياً في استراتيجية الأمن السيبراني لبلادها. وعبّرت السفيرة الدنماركية عن التزام بلادها بـ«تحسين الثقافة الرقمية، وتعزيز الوعي بالأمن السيبراني بين المواطنين من خلال التعاون مع الدول الصديقة في العالم، ومنها السعودية».

وزادت أن حكومة الدنمارك أطلقت حملات تعليمية وتثقيفية، ومبادرات تهدف إلى تحسين فهم الجمهور العام لمخاطر الأمن السيبراني.

وأشارت إلى أن هدف هذا النهج المجتمعي أن يكون الأفراد أكثر قدرة على حماية أنفسهم وبياناتهم في العصر الرقمي.

وأردفت: «الدنمارك شاركت بنشاط في مختلف المنتديات والمبادرات الدولية مثل جهود الأمن السيبراني في الاتحاد الأوروبي ومركز التميز للدفاع السيبراني التعاوني التابع لحلف الناتو، وكذلك هذا المعرض» لتبادل المعرفة والخبرات وأفضل الممارسات، وتنسيق الاستجابة للتهديدات السيبرانية عبر الحدود».

وكشفت بليزنر عن اعتماد بلادها الكثير من المبادرات الاستراتيجية في هذا الصدد، والالتزام بالتعاون الدولي مع الأصدقاء والشركاء وفي مقدمتهم السعودية، مع التركيز على الشراكات بين القطاعين العام والخاص، مما يضع البلاد بوصفها قائدة نشطة في هذه التحالفات على المشهد العالمي.

‏وعَدّت السفيرة أن الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني والمعلومات 2022 – 2024، ركيزة أساسية لجهود الدنمارك، في هذا المجال. وتابعت: «تحدّد هذه الاستراتيجية سلسلة من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز قدرات الدفاع السيبراني في البلاد، وحماية البنية التحتية الحيوية، وتعزيز ثقافة المرونة السيبرانية».

وطبقاً لحديثها، تؤكد الاستراتيجية على أهمية الشراكات بين كل القطاعات، وعلى ضرورة التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية، لتحقيق نهج شامل للأمن السيبراني، ومن تلك المجالات «حماية البنية التحتية الحيوية، مثل أنظمة الطاقة والنقل والرعاية الصحية».

وسلّطت بليزنر الضوء على «الدور الكبير والفاعل» الذي يؤديه «المركز الدنماركي للأمن السيبراني»، في هذه المواجهة، حيث يقدم معلومات استخباراتية حول التهديدات، ودعماً للجهات العامة والخاصة، وتقييم التهديد السيبراني السنوي. ووفقاً للسفيرة الدنماركية، فإن للمركز «رؤى مهمة حول مشهد التهديدات المتطور عالمياً، مما يساعد المنظمات على فهم المخاطر والتخفيف منها بشكل فعال»، إلى جانب حماية البنية التحتية الحيوية.

ماليزيا: «الرياض أصبحت جنباً إلى جنب مع المراكز العالمية»

عَدّ داتوك وان زايدي، سفير ماليزيا لدى السعودية، معرض «بلاك هات» حدثاً عالمياً بالغ الأهمية في مجال الأمن السيبراني، ورمزاً لطموحات السعودية في ظل «رؤيتها لعام 2030»، مما يضع الرياض جنباً إلى جنب مع المراكز العالمية، مثل لاس فيغاس ولاهاي.

وأفاد لـ«الشرق الأوسط» بأن هذا الحدث يسلط الضوء على الأهمية المتزايدة للأمن السيبراني والخطر القادم الذي يواجه جميع الدول، لحماية البنية التحتية الرقمية وتعزيز الابتكار وحماية مكتسبات الشعوب. واعتبر سفير ماليزيا أن الرياض أصبحت لاعباً قوياً في تطوير مجالات الأمن السيبراني، عبر الشراكات مع الدول والشركات العالمية والمبادرات المحلية، بل أصبحت الأكثر خبيرة ورائدة في هذا المجال.

وبيّن السفير الماليزي أن «بلاك هات» عكس التزام الرياض بمعالجة التهديدات السيبرانية العالمية، وخلق مستقبل رقمي آمن، وخاصة للقطاعات الحيوية مثل الطاقة والتمويل والحكومة.

ومن منظور ماليزيا، فإن «بلاك هات» يقدم وفقاً لزايدي «تصورات وحلولاً قيّمة وفرص تعاون واعدة، مع تعزيز ماليزيا لإطار وجهود الأمن السيبراني لديها، بما يتماشى مع المعايير الدولية وتعزيز الشراكات مع الأشقاء، خصوصاً في منطقة الخليج». وكشف أيضاً عن فرصة لأصحاب المصلحة الماليزيين للاستفادة من الابتكارات المعروضة في «بلاك هات».

وتُختتم الخميس أعمال النسخة الثالثة من «بلاك هات» بتنظيم من «الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز»، وشركة «تحالف» إحدى شركات الاتحاد، بالشراكة مع «إنفورما» العالمية، وصندوق الفعاليات الاستثماري.