مجلة «المبتعث».. من المغتربين السعوديين وإليهم

انطلقت عام 1978 وأصبحت دليلاً للطلاب لتوثق نجاحاتهم في صفحاتها

أغلفة أعداد سابقة من مجلة «المبتعث» الصادرة عن المحلقية الثقافية السعودية في واشنطن
أغلفة أعداد سابقة من مجلة «المبتعث» الصادرة عن المحلقية الثقافية السعودية في واشنطن
TT

مجلة «المبتعث».. من المغتربين السعوديين وإليهم

أغلفة أعداد سابقة من مجلة «المبتعث» الصادرة عن المحلقية الثقافية السعودية في واشنطن
أغلفة أعداد سابقة من مجلة «المبتعث» الصادرة عن المحلقية الثقافية السعودية في واشنطن

عند تصفحها، يشعر القارئ كأن بين يديه مطبوعة تجارية متقنة تنافس المطبوعات الشهيرة. من المحتوى الغني، إلى الإخراج العصري والروح الشبابية التي تتغلغل في نحو مائتي صفحة، توفر «المبتعث» لقرائها تجربة فريدة متكاملة من الغلاف إلى الغلاف.
تلك المجلة العريقة الربع سنوية انطلقت في سبعينات القرن الماضي؛ وتحديدا في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1978 من الملحقية الثقافية السعودية بالولايات المتحدة الأميركية.. من المبتعثين، وإليهم. واستطاعت المطبوعة على مدار 4 عقود أن تصبح دليل الطلاب المبتعثين المفصل ومرجعهم خلال سنوات دراستهم في الخارج. ومنذ انطلاقها، حرصت «المبتعث» على تمثيل تراث الصحافة السعودية، وأضحت أعدادها اليوم وثائق ملموسة في أرشيف بأيدي الدارسين السعوديين والسعوديات في أميركا.
وبعد توقف لقرابة 3 سنوات، عاودت المجلة الصدور في عام 2009 من جديد، وبحلة أكثر عصرية، تحمل بين طياتها عدة أبواب حديثة تتناسب مع حياة الابتعاث.
وأقرت الملحقية الثقافية في واشنطن بقيادة الدكتور محمد العيسى معاودة إصدار المجلة بنسخة ورقية وبنسخة «بي دي إف» لتصفحها إلكترونيا، وتشكيل هيئة التحرير الخاصة بها، ليكون العيسى مشرفًا عامًا على المجلة، إضافة إلى اختيار عدد من المبتعثين والمبتعثات لينضموا إلى أسرة التحرير.
ويستذكر الدكتور محمد العيسى المجلة في الثمانينات التي رافقته خلال أيام دراسته، ويؤكد أنه لشرف عظيم أن يصبح اليوم هو المشرف على إصدارها. وفي مكالمة هاتفية، كشف الملحق الثقافي بالسفارة السعودية في الولايات المتحدة الأميركية، لـ«الشرق الأوسط» أن المجلة «لا تهتم فقط بموضوع الطلاب والابتعاث، إنما تتجاوزه». وأضاف شارحا: «نحاول في كل عدد، الطلب من أحد المبتعثين السابقين الموجودين الآن في مراكز قيادية في المملكة، مشاركتنا بكتابة قصة نجاحه، كما تتطرق المجلة لموضوعات مختلفة في المجالات السياسية والاقتصادية والفنية وغيرها.. إذ تمت إضافة زاوية (كنت مبتعثًا)، وتمثل لقاء شهريًا مع شخصية سعودية متميزة، ويتم فيها بحث ذكريات ابتعاثه، وكذلك استضافة كاتبين معروفين في كل عدد، وكذلك يوجد قسم خاص بالمبتعثين وأنشطتهم، وإنجازاتهم، إضافة إلى الأبواب الأخرى؛ سياسية واجتماعية واقتصادية وفنية.. وغيرها».
وأكد على أهمية مشاركة الطلاب المبتعثين في كتابة وتحرير وإخراج المجلة، وقال إن «كل طالب يشارك؛ سواء بمقال أو بتجربة، نكتب له بعد نشر العدد خطاب شكر وتقدير، ونقدم له شهادة تقدير، وذلك تثمينا لجهود الأيادي الواعدة».
ويتضمن آخر عدد من المجلة الصادر في سبتمبر (أيلول) الماضي، تغطية دقيقة وشاملة لزيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، إلى أميركا. وحول وجود أسرة التحرير في فعاليات الزيارة، قال العيسى: «نحاول قدر الإمكان الوجود وتغطية أي حدث له علاقة بالملحقية أو السعودية». وأضاف: «نحاول تسليم الأمور للمبتعثين، ولذلك نحرص على أن يكونوا في أي حدث في واشنطن، أو حتى في فعاليات تقام بمدن أميركية أخرى».
ومع أن المجلة لا يطبع من أعدادها أكثر من 3 آلاف نسخة، فهي متوفرة للتصفح إلكترونيا بنسخة «بي دي إف» من أي مكان في العالم. وحول ذلك يقول العيسى: «نحاول قدر الإمكان وبالإمكانات المحدودة أن نجعل منها مطبوعة ذات محتوى غني لجذب القراء. وعن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، نقدم المجلة بشكل أو بآخر ومن خلال المواد التي تحتويها». ويجري تناقلها عبر موقع الملحقية وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
أما حول توزيع النسخة الورقية، فيقول العيسى: «نرسل المطبوعة للسعودية لتوزيعها، ونرسلها لجميع الجهات الحكومية والمسؤولين والإعلاميين والمهتمين بالقراءة، كما نرسل نسخا لطائرات الخطوط السعودية التي تتجه إلى واشنطن ليقرأها المسافرون والطلاب».
وعلى مدى سنوات طويلة، كانت مجلة «المبتعث» محطة بداية لكثير من الصحافيين والإعلاميين السعوديين.. تعبد طريقهم وتتيح لهم الفرصة للانطلاق في عالم الصحافة. كما وفرت المطبوعة حيزا يدون فيه الخريجون قصص نجاحهم لإلهام أجيال تليهم.
وعن ذلك، يشير الدكتور محمد بقوله: «لدينا عدد كبير من المبتعثين في الولايات المتحدة في اختصاصات إعلامية، كالصحافة والإخراج.. وغيرهما، وأحيانا حتى الطلاب في تخصصات أخرى كالطب والمحاماة يبدون اهتماما بالمساهمة في المطبوعة، ويهوون الإخراج والكتابة». واستطرد: «نحاول استقطابهم وتقديم فرصة المشاركة لهم وتقديم محتوى من خلال المجلة».
وكشف العيسى أيضا عن آخر مشروع للملحقية، وهو فيديو شهري اسمه «بعثة سعود» وهو عبارة عن فيديو توعوي مدته لا تتجاوز الدقيقتين من إنتاج الطلاب.. «جميل وبسيط، ويحمل رسالة كل شهر عن الاختبارات، والدراسة، وعودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة، والتأشيرات، والمخالفات.. وغيرها».
وأخيرا، يبين العيسى تفاؤله لمستقبل المطبوعة المثمر، ويرحب بتوسعة المشاركات والمبادرات لتشمل المبتعثين في دول أخرى، كالمملكة المتحدة، بقوله: «يسعدنا ويشرفنا أن يشارك معنا جميع المبتعثين السعوديين حول العالم، ومستعدون لتقديم دعم معنوي، أو خبرات لأي جهة من جهات الابتعاث».



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.