تفاهم روسي ـ تركي يتيح لـ«درع الفرات» الوصول إلى «الباب» لتحقيق المنطقة الآمنة

مصادر: روسيا تسعى لتمدد النظام شرقًا لمنع تماس «الحر» مع القوات الكردية

مقاتل من «درع الفرات» في لحظة استراحة أول من أمس وقد ربط كاميرا إلى رأسه قبل التوجه إلى تل رفعت بريف حلب حيث تسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الأكراد (رويترز)
مقاتل من «درع الفرات» في لحظة استراحة أول من أمس وقد ربط كاميرا إلى رأسه قبل التوجه إلى تل رفعت بريف حلب حيث تسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الأكراد (رويترز)
TT

تفاهم روسي ـ تركي يتيح لـ«درع الفرات» الوصول إلى «الباب» لتحقيق المنطقة الآمنة

مقاتل من «درع الفرات» في لحظة استراحة أول من أمس وقد ربط كاميرا إلى رأسه قبل التوجه إلى تل رفعت بريف حلب حيث تسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الأكراد (رويترز)
مقاتل من «درع الفرات» في لحظة استراحة أول من أمس وقد ربط كاميرا إلى رأسه قبل التوجه إلى تل رفعت بريف حلب حيث تسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الأكراد (رويترز)

تنحسر منطقة نفوذ «داعش» في الريف الشمالي لحلب، أمام تقدم قوات «درع الفرات» المدعومة من تركيا والتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وسط معلومات عن «اتفاقات بين روسيا وأنقرة» تقضي بوصول قوات «درع الفرات» إلى مدينة الباب فقط (30 كيلومترًا شرق مدينة حلب)، فيما قالت مصادر في المعارضة السورية إن الجبهة التي تمتد إلى جنوب شرقي الباب، باتجاه معقل التنظيم في الرقة «مؤجلة» إلى حين نضوج «تفاهمات جديدة» حولها.
وتتحدث مصادر بارزة في المعارضة السورية عن أن المخطط التركي «طويل الأمد»، ويستهدف القتال في داخل سوريا على ثلاث مراحل: «الأولى ضد (داعش) وصولاً إلى مدينة الباب»، والثانية «التمدد شرقًا من الباب إلى حدود منبج الإدارية»، والثالثة «طرد القوات الكردية من ريف منبج باتجاه الضفة الشرقية لنهر الفرات»، وذلك بهدف «إنشاء المنطقة الآمنة التي تطمح تركيا لتنفيذها في داخل الأراضي السورية لاستضافة اللاجئين»، وهي تمتد من جرابلس إلى أعزاز على الحدود التركية، وإلى العمق مسافة 50 كيلومترًا.
وقالت مصادر قريبة من أجواء التفاهمات لـ«الشرق الأوسط»، إن المنطقة الآمنة «أولوية بالنسبة لتركيا»، بينما يعد «طرد التنظيم من كامل الريف الشرقي، في جنوب شرقي مدينة الباب لجهة مسكنة ودير حافر وصولاً إلى الرقة، ثاني الأولويات، ويحتاج إلى تفاهمات جديدة بين تركيا وروسيا والولايات المتحدة الأميركية»، مشددة على أن تلك المرحلة «مؤجلة في ظل انشغال درع الفرات بمعارك (داعش) بالريف الشمالي، والتزام النظام بعدم القيام بأي حركة عسكرية ضد (داعش) هناك»، ما يعني «ألا مؤشرات على قرب المعركة هناك».
وتنقسم خريطة النفوذ في محافظة حلب الآن، بنسب متقاربة بين القوى العسكرية الفاعلة، تتصدرها قوات الجيش السوري الحر والقوات المدعومة من تركيا بنحو 30 في المائة من المحافظة، تليها القوات الكردية التي تسيطر على ما نسبته 27 في المائة، ثم تنظيم داعش الذي يسيطر على نحو 25 في المائة من المحافظة بعد انحسار نفوذه، بينما تأتي في أسفل القائمة قوات النظام التي تسيطر على نحو 18 في المائة من المحافظة، بحسب أحدث الخرائط التي قدمتها قوى الثورة السورية في الشمال.
وتشير الخريطة عينها، إلى أن نفوذ قوات المعارضة، يتوزع بين الريف الشمالي والريفين الغربي والجنوبي لمدينة حلب، ويقطعها نفوذ النظام الذي يمتد من الريف الجنوبي الشرقي للمحافظة، باتجاه المدينة، وإلى مسافة تناهز 8 كيلومترات عن مدينة الباب شرقًا.
هذا، وأفاد مركز «جسور» للدراسات، بأن الأراضي التي سيطرت عليها قوات «درع الفرات»، بلغت، حتى 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، 1300 كيلومتر مربع، على امتداد الشريط الحدودي.
وفيما تجمدت عمليات قوات «سوريا الديمقراطية» التي يشكل المقاتلون الأكراد رأس الحربة فيها، إثر المطالب التركية والأميركية بانسحابها إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات، لا يبدو أن نسبة سيطرتها ستتضاعف، في وقت أخذت قوات «درع الفرات» الدور الريادي الذي لعبته القوات الكردية في محاربة التنظيم بالريف الشرقي والشمالي لمحافظة حلب، في حين ينحسر نفوذ «داعش» تدريجيًا، وعلى نحو مستمر. لكن أبرز الأسئلة تدور حول الجهة التي ستتمدد إلى باقي الريف الشرقي لمدينة حلب، وصولاً إلى معقل التنظيم في الرقة، وسط معلومات متضاربة بين تولي قوات «درع الفرات» العملية، أو قوات النظام، على ضوء معلومات عن «اتفاقات بين روسيا وأنقرة» تقضي بوصول قوات «درع الفرات» إلى مدينة الباب فقط.
وفي حين تحدثت مصادر مطلعة على الموقف التركي لـ«الشرق الأوسط» عن أن المخطط التركي يقضي بالوصول إلى مدينة الباب فقط، خلافًا للتصريحات التركية التي تحدثت في وقت سابق عن مساعٍ للوصول إلى مدينة الرقة، نقل مصدر قريب من المعارضة السورية عن معلومات غربية، ترجيحها أن تحرك روسيا قوات النظام للتقدم إلى شرق مدينة الباب، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن روسيا «تسعى ليتمدد النظام شرقًا باتجاه مناطق نفوذ الأكراد في ريف منبج (18 كيلومترًا شرق الباب) منعًا لأن تكون قوات الجيش السوري الحر على تماس مع القوات الكردية في شرق حلب».
وتبدو معركة «درع الفرات» في غرب الفرات ضد الأكراد «مؤجلة» بالنظر إلى أن الأولوية الآن «هي لقتال (داعش)»، بحسب ما قال المصدر المعارض لـ«الشرق الأوسط»، رغم أنها ستشكل «تتمة للمنطقة الآمنة التي تسعى أنقرة لتثبيتها»، ضمن خطة «الاتساع والعمق للمنطقة الآمنة».
ويوحي التفاهم الروسي – التركي، بالسماح لتركيا بالتمدد لإنشاء منطقة آمنة تتسع لنحو 3 ملايين لاجئ سوري، تستضيفهم الآن على أراضيها، وكان معدًا لأن تُقام تلك المنطقة، بحسب التصريحات التركية القديمة، بعمق 50 كيلومترًا. وهو يعني حكمًا، الوصول إلى مشارف مدينة حلب بدءًا من أعزاز على الحدود التركية. لكن التفاهم الروسي – التركي، لا يبدو أنه سيحقق الخطة القديمة التي أعلن عنها قبل التدخل العسكري الروسي في سوريا في سبتمبر (أيلول) 2015. كون التمدد التركي لن يتجاوز مدينة الباب التي تبعد عن أعزاز 30 كيلومترًا. ويقول المصدر: «التفاهم التركي الروسي، غيَّر طبيعة العملية، بالنظر إلى أن كل طرف منهما بحاجة للآخر، وليس لمصلحته التقدم إلى نفوذ الآخر»، وهي التفاهمات التي سمحت لتركيا بالتمدد إلى العمق السوري. ويقول: «التفاهم نفسه يقضي المحافظة على قوة النظام وتحقيق مصالح تركيا، وبعدم صدام النظام مع القوات المدعومة من أنقرة، وبالمقابل، لا بد من إرضاء تركيا بإخلاء منطقة غرب الفرات من قبل الأكراد الذين لا يحتلون أهمية بالنسبة للروس».
وعلى الرغم من أن الموضوع السوري لا يزال خلافيا بين البلدين، فإن روسيا، وبحسب مركز «جسور»، تحتاج إلى تمتين علاقاتها مع تركيا، وبخاصة فيما يتعلق بقضايا الطاقة ونقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا. وهو ما تأكد خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إسطنبول في 10 أكتوبر الحالي.
أما فيما يخص التنسيق مع الولايات المتحدة، فيرى المركز أن الحديث عن أن العملية تمت دون تنسيق مع الأميركيين «غير دقيق.. لكن من الواضح أنه تم دون رضا كامل من واشنطن». وقال: «تبدو تركيا اليوم أقرب كثيرا إلى تحقيق ما كانت تنادي به منذ فترة طويلة، وهي المنطقة الآمنة في الشمال السوري بطول 100 كيلومتر، وبعمق 50 كيلومترًا تقريبا، ولكن حتى تصل تركيا إلى نتائج ملموسة فإنها ينبغي أن تكون على استعداد لتقديم الدور والثمن المطلوبين، وهذا هو التحدي الذي تواجهه، وبخاصة مع مطالبها القائمة اليوم بالمشاركة في عمليات تحرير كل من الرقة في سوريا والموصل في العراق».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.