مساع أممية لتمديد الهدنة.. والعميد عسيري: خروقات «وقف النار» تجاوزت الألف

صد هجمات الميليشيات الحوثية على الحدود السعودية

جانب من آثار قصف الحوثيين على المدنيين في مدينة نجران جنوب السعودية (واس)
جانب من آثار قصف الحوثيين على المدنيين في مدينة نجران جنوب السعودية (واس)
TT

مساع أممية لتمديد الهدنة.. والعميد عسيري: خروقات «وقف النار» تجاوزت الألف

جانب من آثار قصف الحوثيين على المدنيين في مدينة نجران جنوب السعودية (واس)
جانب من آثار قصف الحوثيين على المدنيين في مدينة نجران جنوب السعودية (واس)

أسدل الستار في تمام الساعة 11:59 من مساء أمس على هدنة 72 ساعة يمنية خرقت فيها ميليشيات الانقلاب «وقف النار» منذ الدقائق الأولى، وسط مساع أممية لتمديدها، ووسط مساع دبلوماسية غربية وأممية للتمديد الذي لم يعلن عنه حتى ساعة إعداد التقرير (السابعة بتوقيت لندن).
واعترف الحوثيون بخرق الهدنة عيانا، وفقا لما نقلته وكالات الأنباء العالمية، عن قناة «المسيرة» التابعة للحوثيين، إذ أعلنت أنها شنت هجوما على مواقع سعودية في نجران وهجمات صاروخية على منطقة جازان.
من ناحيته، أكد التحالف العربي لاستعادة الشرعية الذي تقوده السعودية، أن الحوثيين انتهكوا هدنة وقف إطلاق النار ألف مرة تقريبا خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة، بشن هجمات بقذائف المورتر وهجمات مسلحة على طول حدود اليمن مع السعودية وفي عدة محافظات يمنية.
وقال العميد الركن أحمد عسيري، قائد اللواء الرابع بالجيش السعودي على الحدود في نجران، إن قواته تتصدى لهجوم بري متواصل من جانب الحوثيين وفقا لـ«رويترز»، وأضاف أن خرق الهدنة لم يكن من جانب القوات السعودية لكنه من الجانب الآخر، مشيرا إلى استمرار التصدي للحوثيين، وقال إنه على مدى اليومين الأخيرين شن الحوثيون هجمات مكثفة وأن القوات السعودية ما زالت تتصدى لهم.
وعلى الحدود السعودية، قتل نحو 12 حوثيا حالوا التسلل إلى الحدود.
وقال علي محسن الأحمر، نائب الرئيس اليمني بعد اجتماعه مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن في الرياض في وقت متأخر من مساء أول من أمس (الجمعة)، إن الحكومة تسعى للسلام، إلا أنها سترد على هجمات الحوثيين. وأضاف، في بيان على صفحته الرسمية على «فيسبوك»: «لا تزال الحكومة الشرعية ملتزمة بضبط النفس، تقديرا للجهود الأممية، وحرصا منها على تحقيق السلام الذي أطاح به الانقلابيون ورفضوا الانصياع له». وقال الأحمر، إن مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد طلب تمديد الهدنة لمدة 72 ساعة أخرى، في حين أوردت «رويترز» أن مصادر حكومية أبلغت أن دبلوماسيين أجانب يسعون أيضا لدى الجانبين لتمديد الهدنة.
إلى ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني نجيب غلاب، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحوثية من ناحية عملية لم توافق على الهدنة، فالوعود التي أعطيت لمبعوث الأمين العام وبعض الأطراف الدولية كانت من سياسيين هم أشبه بالناشطين، ولا يمتلكون القرار على القوة الحاكمة والفاعلة والمسيطرة ميدانيا وعلى مؤسسات الدولة المختطفة، أما البيان الذي أصدره المجلس السياسي الأعلى، فقد رحب بوقف إطلاق النار ووضع اشتراطات هي بطبيعتها من ناحية عملية ترفض الهدنة، ناهيك بأن هذا المجلس بدوره يملك بالظاهر، لكنه لا يحكم، ووظيفته تمرير سياسات الحركة الحوثية واحتواء الاعتراضات التي شكلها حلفاء الحوثية على سيطرتها الشاملة والكلية على القرار. ويضيف بالقول إن أطراف الانقلاب تتعامل مع الحرب بوصفها حاجة وضرورة بعد أن وصلوا إلى حالة فشل تام في إدارة الحكم والأمور الاقتصادية، وتحول الانقلاب إلى سطوة لصوص للنهب، وأصبح عاجزا عن تقديم الخدمات ودفع الرواتب، ولديهم خوف من انتفاضة شعبية في حالة حدوث هدنة.
الأخطر في نظر المحلل السياسي أن الانقلابيين أصبحوا يتعاملون مع استمرار الحرب بهدف زيادة المأساة الإنسانية، باعتبارها قوة ضغط على الشرعية والتحالف العربي، ويريدونها أداة من أدوات إنجاز انقلابهم ومغالبة الشرعية والتحالف، وهذا الابتزاز الذي يمارسونه على الجميع من خلال توسيع دائرة الحرب وزيادة المآسي يوضح مدى الجريمة التي تُمارس من قبلهم (أي أطراف الانقلاب).



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.