شهادات من داخل الموصل.. ذعر وهلع في انتظار المجهول

«داعش» فجر مباني حكومية بما فيها مبنى المحافظة.. والأهالي يتجنبون مقراته

شهادات من داخل الموصل.. ذعر وهلع في انتظار المجهول
TT

شهادات من داخل الموصل.. ذعر وهلع في انتظار المجهول

شهادات من داخل الموصل.. ذعر وهلع في انتظار المجهول

الحركة شبه متوقفة وغالبية الأسواق مغلقة والمواطنون يشترون المواد الغذائية لخزنها في منازلهم ويخرجون من بيوتهم بتخوف.. هذا هو المشهد هذه الأيام في مدينة الموصل. «الشرق الأوسط» تمكنت بعد محاولات كثيرة من التحدث إلى مواطنين محاصرين في الموصل تتملكهم حالة من الذعر والهلع في انتظار المجهول مع قرب اقتحام القوات الأمنية مدينتهم.
المواطن أحمد الجبوري يقول: «الحياة داخل الموصل شبه متوقفة، لا وجود لحركة السيارات والمحلات التجارية مقفلة والناس حذرون من الخروج من البيوت، حتى سيارات (داعش) تقلص تواجدها وتقتصر الحركة في الشوارع على الدراجات النارية فقط». وأضاف: «فخخ تنظيم داعش الشوارع الرئيسية وحاويات القمامة في المدينة وخفض من عدد عناصره، لأن أغلب مسلحيه هربوا نحو صحراء غرب الموصل ومنهم من يختبئ ويترقب في إطار حالة من الهلع والتخبط». وقال: «المواد الغذائية متوفرة لكن هناك شحة في الأدوية أما الاتصالات فحتى الآن لم تعالج، رغم أن مناطق قليلة بدأت التغطية تظهر فيها من جديد ولا يوجد إنترنت ولا طاقة كهربائية».
زينب اللهيبي أوضحت بدورها: «أنا أقطن في الجانب الأيسر من الموصل نسمع أصوات قصف لكنها بعيدة عنا».
من جهته، قال عدي الحمداني: «نسمع بين الحين والآخر إطلاقات نارية داخل المدينة، ولا يتواجد مسلحو التنظيم حاليا في منطقتنا، أنا توجهت أمس إلى سوق المدينة الرئيسي شاهدت ملامح الخوف والارتباك على وجوه المسلحين، وهم يعتقلون الشباب لأبسط الأمور». وأضاف: «التنظيم وضع كرفانات مفخخة على الطرق، وهو يواصل حفر الأنفاق في المدينة، خصوصا في منطقة وادي عقاب في الجانب الأيمن من الموصل، غالبية مسلحي التنظيم الأجانب الذين يُطلق عليهم اسم (المهاجرون) بدأوا بالهرب من تلعفر إلى سوريا، وأعرف قياديا من (داعش) هرب بهذا الشكل إلى سوريا ومنها إلى تركيا، وهناك مسلحون من التنظيم تركوا صفوف (داعش)». وأكد الحمداني: «نخشى ميليشيات الحشد الشعبي».
بدوره، قال مدير إذاعة (الغد إف أم) التي تحارب تنظيم داعش منذ أكثر من عامين فكريا، محمد الموصلي: «الناس باشروا بتخزين المواد الغذائية وبعض المناطق شهدت انقطاع التيار الكهربائي. كما أن عددا من عوائل عناصر (داعش) بدأت بالنزوح إلى الجانب الأيمن من المدينة، كما شهدت مناطق الجانب الأيسر نزوح أهاليها مثل حي العربي وأهالي حي سومر تخوفا من أن تكون مناطقهم نقاط مواجهة وربما ستدخل القوات الأمنية منها وستكون معرضة للقصف». وحول أشرطة مصورة بثها «داعش» أول من أمس للأوضاع داخل المدينة، قال الموصلي: «(داعش) يُظهر لأهالي الموصل أن الأمور طبيعية وتجري الأمور لصالحه ويروج عبر إذاعته التي تسمى بإذاعة البيان بأنه استطاع أن يوقع خسائر كبيرة بقوات الجيش التي حاولت دخول المدينة. وبدأ التنظيم بحملات توزيع الرواتب على بعض الأشخاص وعلى الكادر التربوي وتوزيع القرطاسية محاولة منه لإظهار أن الأمور مستقرة وطبيعية، لكن في الحقيقة إنه في جبهات القتال يعاني من قلة عدد مسلحيه».
ورغم الغارات الجوية المكثفة على مدينة الموصل فإن التحالف الدولي يحافظ على الدقة في إصابة أهدافه المتمثلة في مقرات التنظيم وتجمعات مسلحيه بالاعتماد على معلومات استخباراتية دقيقة تحصل عليها من القوات العراقية وقوات البيشمركة الموجودة على الأرض، بينما يحاول سكان الموصل الاستجابة لتعليمات التحالف الدولي والحكومة العراقية في الابتعاد عن تجمعات «داعش» ومقراته لتجنب تعرضهم للقصف أثناء العمليات.
وتقول المواطنة كريمة الشمري، من الجانب الأيمن لمدينة الموصل: «نحن نلتزم منازلنا منذ بدء عملية تحرير المدينة، وقد خزنا في بيوتنا المواد الغذائية الضرورية التي تكفينا لعدة أيام وعند بدء القصف الجوي ندخل إلى سرداب بيتنا ونبقى فيه لمدة طويلة لحين انتهاء القصف»، وتضيف: «منذ أكثر من عامين ونحن نعيش حالة نفسية صعبة من التوتر والخوف، نتمنى أن تنتهي هذه الأوضاع وننعم بالسلام وتحرر مدينتنا».
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادرها الخاصة داخل مدينة الموصل أمس فإن شوارع المدينة وأسواقها كانت خالية، بينما طلب مسلحو التنظيم من أصحاب المحال التجارية فتح محلاتهم وإلا سيصادرها التنظيم. وذكرت المصادر أن مسلحي (داعش) يتنقلون بالدراجات النارية في المدينة لتجنب استهدافهم من قبل طيران التحالف الدولي.
إلى ذلك، أفاد سكان بأن تنظيم داعش فجر مباني حكومية في مناطق متفرقة في الموصل. وقال السكان لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) إن عناصر «داعش» قامت بتفجير مبنى محافظة نينوى بواسطة براميل «تي إن تي» ما أسفر عن تدمير المبنى بالكامل وإلحاق أضرار كبيرة في المحلات التجارية والمنازل السكنية القريبة من مبنى محافظة نينوى في شارع الجمهورية وسط الموصل. وأشار إلى أنه تم تفجير مباني مديرية الجوازات والجنسية العراقية في منطقة باب البيض، ما أسفر عن إلحاق أضرار كبيرة في صفوف المدنيين، وأيضا المباني القريبة والمحلات التجارية بالمنطقة. وأوضح السكان أن تنظيم داعش اعتقل 12 من موظفي دائرة صحة نينوى، بينهم أربعة جراحين، واقتادهم إلى جهة مجهولة دون معرفة أسباب الاعتقال.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.