مصر: تصاعد الجدل حول حذف خانة الديانة من أوراق الطلاب

تأييد حقوقي ونزاع برلماني.. وتشكيك في دستورية القرار

مصر: تصاعد الجدل حول حذف خانة الديانة من أوراق الطلاب
TT

مصر: تصاعد الجدل حول حذف خانة الديانة من أوراق الطلاب

مصر: تصاعد الجدل حول حذف خانة الديانة من أوراق الطلاب

أصدر رئيس جامعة القاهرة في مصر، الدكتور جابر نصار، قرارا فريدا من نوعه يتعلق بإلغاء خانة الديانة في جميع المستندات الرسمية، التي تصدر عن الجامعة، وهو ما خلف جدلا عارما في الأوساط الرسمية والشعبية المصرية، توقع بعضها أن يثير تطبيقه أزمات اجتماعية ودينية، بل ودستورية، فيما أشاد آخرون به باعتباره أولى خطوات إلغاء آفة التمييز بين المواطنين على أساس ديني.
ويطالب حقوقيون في مصر منذ سنوات بإلغاء خانة الديانة من بطاقة الهوية الرسمية، غير أن السلطات المصرية دائما ما تؤكد أن تحديد الديانة في البطاقة الشخصية هو ضرورة أمنية بالأساس، إضافة إلى أهميتها في أمور الزواج والميراث، وغيرها من الأوراق الرسمية.
ويدين غالبية المصريين بالدين الإسلامي، في حين تتراوح نسبة المسيحيين في مصر، وفقا لتقديرات غير رسمية، من 10 إلى 15 في المائة من عدد السكان، البالغ عددهم أكثر من 90 مليون نسمة.
ويشمل القرار، الذي أصدره رئيس جامعة القاهرة، إلغاء خانة الديانة في كل الأوراق التي تتعامل بها الجامعة مع طلابها أو العاملين بها أو أعضاء هيئة التدريس أو الهيئة المعاونة أو الغير، على أي وجه كان وفي جميع الكليات والمعاهد والمراكز، سواء في المرحلة الجامعية أو الدراسات العليا.
وقال نصار، إن اتخاذ هذا القرار جاء لإلغاء حالة التمييز الديني داخل الجامعة، مستدلا بحالات لطلاب تم استبعادهم من دخول الدراسات العليا بسبب الدين، داعيا إلى توحيد القرار في جميع الجامعات المصرية، مشيرا إلى أن القانون والدستور لا يستدعي ذكر الديانة في الجامعة، لكن البعض يريد إثارة الشارع.
وتنص المادة 53 من الدستور المصري على: «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر».
في المقابل، اعتبر الدكتور أشرف الشيحي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أن القرار «يثير الجدل من دون داع»، مستنكرًا تصدير مشهد يوحي بوجود طائفية داخل الجامعات»، وهو الموقف الذي لاقى صدى شعبيا بين المواطنين، حيث عبر كثير منهم عن عدم قناعتهم بأن القرار لن يقدم جديدا، في ظل وجود هوية رسمية يتم التعامل بها في جميع التعاملات الرسمية، ومدونة بها الديانة.
ووفقا للدكتور نصار، المتخصص في القانون الدستوري، فإن رؤساء الجامعات هم المسؤولون عن إدارتها ويمثلونها أمام القضاء، فيما يكمن دور وزير التعليم العالي في إدارة الملف السياسي للجامعات.
وعلى الصعيد البرلماني، قال عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب (البرلمان)، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتحفظ على إلغاء جامعة القاهرة خانة الديانة من الأوراق الرسمية، معتبرا أن «التوقيت غير مناسب لهذا الإجراء»، مؤكدا أنه سيتم مناقشة الأمر داخل اللجنة خلال الأيام المقبلة. وأضاف حمروش أن «حذف خانة الديانة سيؤدي إلى فتن وقلاقل، وحدوث حالات غش في الزواج والطلاق والميراث»، منوها إلى أن قرار جامعة القاهرة «لم يستند إلى سند دستوري»، موضحا أنه «ضد إلغاء خانة الديانة من أي أوراق رسمية، ولن يعود القرار علينا بأي نفع».
من جانبه، أبدى النائب الدكتور عماد جاد تأييده للقرار، واصفا إياه بـ«التاريخي»، وأوضح أن إلغاء النص على الديانة في كل أوراق جامعة القاهرة يمثل خطوة مهمة على طريق استعادة الهوية المصرية، باعتبارها هوية مدنية تقوم على المواطنة ورابطة الجنسية، وهي منطقة مسكوت عنها، يتجنب الجميع الاقتراب منها.
ومن جهته، علق عمرو موسى، رئيس المؤسسة المصرية لحماية الدستور، على قرار جامعة القاهرة بقوله، إن «القرار مؤشر جيد على احترام الدستور الذي ينص على عدم التمييز بين المواطنين على أساس الدين»، معلنا تأييده للقرار الذي وصفه بأنه خطوة جيدة في طريق تحقيق الدستور وتنفيذه.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.