رغم التصعيد العسكري لـ«طالبان».. محادثات سرية في قطر لإنهاء الحرب في أفغانستان

مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط»: لقاءات الدوحة خطوة أولية في طريق تحقيق الأمن والاستقرار

مدرعة أفغانية على الطريق السريع بين أرزوجان وقندهار حيث ينشط عناصر حركة طالبان (أ.ف.ب)
مدرعة أفغانية على الطريق السريع بين أرزوجان وقندهار حيث ينشط عناصر حركة طالبان (أ.ف.ب)
TT

رغم التصعيد العسكري لـ«طالبان».. محادثات سرية في قطر لإنهاء الحرب في أفغانستان

مدرعة أفغانية على الطريق السريع بين أرزوجان وقندهار حيث ينشط عناصر حركة طالبان (أ.ف.ب)
مدرعة أفغانية على الطريق السريع بين أرزوجان وقندهار حيث ينشط عناصر حركة طالبان (أ.ف.ب)

بعد أشهر من انقطاع المفاوضات غير المباشرة بين الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة وجماعة طالبان، تسربت إلى وسائل إعلام محلية ودولية أنباء تتحدث عن استئناف الحوار المباشر هذه المرة بين الحكومة وقادة «طالبان» في العاصمة القطرية الدوحة، ونقلت مصادر بريطانية أن الملا عبد المنان آخوند، شقيق زعيم ومؤسس «طالبان» الراحل، التقى مرتين وأجرى مباحثات بصورة مباشرة مع محمد معصوم ستانكزاي، رئيس جهاز المخابرات في حكومة الوحدة الوطنية، وذلك في مطلع شهر سبتمبر (أيلول) الماضي وبداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، فيما وصفت صحيفة «الغارديان» البريطانية أمس المحادثات بالبناءة والإيجابية بين الطرفين. وقال مسؤول في حركة طالبان إن «الاجتماع كان إيجابيًا وتم في أجواء خالية من المشكلات»، حيث جلس آخوند وجهًا لوجه مع محمد معصوم ستانكزاي مدير الاستخبارات الأفغانية. وتشير المعلومات في العاصمة الأفغانية كابل، إلى أنه كان من المقرر أن ينضم إلى المباحثات لاحقًا الملا يعقوب، وهو نجل الملا عمر زعيم «طالبان»، الذي توفى في عام 2013، إلا أن ذلك لم يحدث لأسباب أمنية. وقال مصدر مطلع في كابل ومقرب إلى القصر الجمهوري، وهو من فريق الرئيس الأفغاني أشرف غني، رفض الكشف عن هويته، نظرًا لحساسية الموضوع، إن المحادثات والاتصالات في بداياتها.
وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك لقاءات سرية حدثت بالفعل بين مسؤولين من الجانب الأفغاني وبعض قادة «طالبان» في مكتب الحركة في قطر. وفي تفاصيل اللقاءات المكوكية، أشار المصدر إلى أن الهدف من المباحثات هو فتح قنوات رسمية مع «طالبان» وبشكل مباشر دون تدخل دول إقليمية فيها، حيث تسعى دائمًا إلى عرقلة المباحثات، على حد تعبيره.
ولفت إلى أن الحكومة الأفغانية جادة هذه المرة بالتحدث مباشرة مع «طالبان» والاستماع إلى وجهة نظرها فيما يتعلق بمستقبل أفغانستان. وأضاف المصدر الحكومي أن المساعي جارية في إقناع «طالبان» بضرورة الحوار وإنهاء الأزمة في البلاد عبر مفاوضات لتحقيق الأمن والاستقرار، مشيرًا إلى أن «طالبان» ورغم التصعيد الأخير في عملياتها تدرك جيدًا أنها لن تستطيع العودة إلى حكم كابل مهما حصل، وأن القوات الحكومية قادرة على الدفاع عن أراضيها، لذلك هناك قناعة لدى غالبية فصائل «طالبان» بأن الحرب لم تجدِ نفعًا، وإنما يجب فتح جبهات الحوار وعلى نحو مباشر مع إدارة كابل لإنهاء الصراع المستمر منذ 15 عامًا.
وفي تفاصيل اللقاءات السرية في الدوحة، يقول المصدر الحكومي إن اللقاءات جرت ولأول مرة دون مشاركة باكستانية، وهذا بحد ذاته يعطي انطباعًا إيجابيًا وإشارات إلى أن «طالبان» باتت خارج النفوذ الباكستاني، الذي سعى على فترات متلاحقة من المباحثات إلى التأثير على مجريات الأمور عبر الضغط على «طالبان»، كما شارك في اللقاءات السرية وفقًا للمصدر دبلوماسي أميركي لم يحدد هويته، وما إذا كان أحد دبلوماسيي الولايات المتحدة في قطر، أم أنه وصل إليها من كابل. وعقد الاجتماع الثاني في أوائل أكتوبر الحالي، على الرغم من استمرار القتال بين الحكومة الأفغانية وقوات حركة طالبان المتمردة في البلاد.
فيما عقدت لقاءات مصالحة ضمن اجتماع رباعي شاركت فيها الولايات المتحدة الأميركية والصين وباكستان إلى جانب أفغانستان في بلدة موري قرب العاصمة الباكستانية إسلام آباد، في أكثر من أربع جولات، لكنها توقفت بعد إعلان وفاة زعيم «طالبان» الملا عمر ومقتل خليفته الملا أختر منصور، الذي قتل في غارة لطائرة أميركية قبل عام تقريبًا قرب منطقة كويتا الحدودية الباكستانية، كما توترت العلاقات بين كابل وإسلام آباد على خلفية اتهامات كابل الجديدة القديمة بأن الجارة إسلام آباد تقوم بتمويل ودعم مسلحي «طالبان» الذين يشنون هجمات دامية على المدن الأفغانية، وصعدت «طالبان» خلال العامين الماضيين من عملياتها العسكرية والهجمات الانتحارية، كما سيطرت على بلدات وقرى في شمال شرقي البلاد وجنوبها. وتقول المصادر المطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن إسلام آباد فقدت كثيرًا من الزخم السياسي ونفوذها التقليدي داخل الحركة، التي كانت على ارتباط وثيق معها منذ صعودها إلى السلطة في أفغانستان في منتصف التسعينات من القرن الماضي.
ولكن وفقًا لمسؤول في حركة طالبان، فقد حضر الاجتماعات الجارية حاليًا في الدوحة مسؤول أميركي رفيع المستوى. ورفضت السفارة الأميركية في أفغانستان التعليق على تلك المزاعم.
وشهدت الأسابيع الأخيرة اجتياح قوات «طالبان» لعاصمة إقليم قندوز الأفغاني، وذلك للمرة الثانية، حيث يهددون باجتياح لاشكر غاه عاصمة إقليم هلمند. وتدور حاليًا معارك شديدة بين مقاتلي «طالبان» والجيش الأفغاني على أكثر من محور، حيث يشتبك الجيش الوطني الأفغاني البالغ تعداده نحو 350 ألف مقاتل في ضواحي ولاية قندوز، التي سيطرت عليها «طالبان» لفترة وجيزة منتصف الشهر الحالي، كما تشتبك القوات الأفغانية مع «طالبان» وتسعى إلى صد هجماتها في كل من محافظتي فارياب وفراه، جنوب غربي البلاد، وفي ولايتي هلمند وزابل جنوب أفغانستان.
اللقاءات السرية بين شقيق زعيم «طالبان» الملا عبد المنان آخوند والحكومة في قطر، هل هي جاءت بناءً على قرار من مجلس شورى كويتا التابع لـ«طالبان»، أم أن هناك نذر انشقاقات جديدة في حركة طالبان التي شهدت انشقاقات في الآونة الأخيرة، خصوصًا أن شقيق مؤسس «طالبان» وعائلته كانت رفضت في بداية الأمر تولي الملا أختر منصور زعامة «طالبان»؟
من جهته، يقول محمد اصف مهمند، الصحافي الأفغاني والمتابع لشؤون «طالبان» والمناكفات الشخصية والقبلية التي تشهدها الحركة في غياب الملا عمر، إن مباحثات الملا آخوند مع الحكومة في كابل، توضح أن هناك عدم رضا في صفوف «طالبان» من أداء الزعيم الجديد، وهو الملا هبة الله، الذي غاب عن الأنظار هو الآخر لأكثر من 8 أشهر منذ توليه قيادة «طالبان». ويضيف الخبير الأفغاني مهمند، أن المعلومات تشير إلى أن قائد «طالبان» الجديد اختفى من منزله في مدينة كويتا الباكستانية، ويعتقد أنه في قبضة المخابرات الباكستانية لا يملك من إرادته شيئًا أو أنه انتقل من مكان مجهول في داخل أفغانستان، وهو لا يستطيع التواصل مع القيادات الميدانية في الحركة، لهذا السبب تحركت قيادات من الصف الثاني في «طالبان» للاقتراب من كابل، وطرح مشروع المصالحة على الطاولة مجددًا. ويبدو أن «طالبان» التي صعدت من هجماتها مع اقتراب الخريف الأفغاني الذي غالبًا ما تهدأ فيه المعارك، لها صلة مباشرة بعمليات الحوار واللقاءات السرية، مع الجانب الأفغاني، ويعتقد بعض المراقبين أن هذه اللقاءات ستكون مصيرها الفشل وعدم التوصل إلى صيغة ترضي طرفي الصراع، بسبب نفوذ دول الإقليم على «طالبان»، إضافة إلى مخاوف من انتشار «داعش» في الأراضي الأفغانية، حيث تعتبر «طالبان» النسخة المناسبة للتصدي لظاهرة «داعش» وإفشال المخطط في منطقة جنوب آسيا.
وتتوقع جهات رسمية أخرى من نجاح محاولات الحكومة للتقرب من «طالبان»، بعد أن نجحت في إبرام اتفاق سلام مع الحزب الإسلامي بقيادة قلب الدين حكمتيار، الذي حارب القوات الأفغانية والأجنبية 14 عامًا، وأخيرًا توصل إلى اتفاق سلام يقضي بإزالة اسمه من قائمة أممية للملاحقة، مقابل قبول الدستور الأفغاني والمشاركة في العمل السياسي من خلال تأسيس حزب سياسي في البلد، وكان زعيم الحزب حكمتيار، صرح قبل أيام بأنه مستعد للتوسط بين الحكومة و«طالبان» لإنهاء الحرب، وطالب قيادات «طالبان» بالكف عن الحرب والدخول في عملية سياسية. الولايات المتحدة ودول غربية أخرى رحبت باتفاق السلام بين كابل وحكمتيار، وقالت حينها إنها تدعم أي حوار يؤدي إلى إنهاء الصراع ووقف الحرب، يذكر أن الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها من دول «الناتو» لا تزال تحتفظ بأكثر من 13 ألف جندي ضمن مهمة الدعم الحاسم للقوات الأفغانية، حيث تقوم بمهمات استشارية ودعم لوجيستي، إضافة إلى الدعم الجوي أثناء قيامها بالعمليات العسكرية ضد «طالبان» و«داعش».



فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».