استبعاد إيران من اجتماع دولي تستضيفه باريس غدًا لبحث مستقبل الموصل بعد تحريرها

مصادر دبلوماسية فرنسية لـ«الشرق الأوسط»: الشروط الضرورية لحضورها لم تتوفر

قوة عراقية في قرية شرقي الموصل أمس (أ.ف.ب)
قوة عراقية في قرية شرقي الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

استبعاد إيران من اجتماع دولي تستضيفه باريس غدًا لبحث مستقبل الموصل بعد تحريرها

قوة عراقية في قرية شرقي الموصل أمس (أ.ف.ب)
قوة عراقية في قرية شرقي الموصل أمس (أ.ف.ب)

تريد باريس أن تكون لها كلمتها في مجريات المعركة ضد «داعش» في الموصل ولكن خصوصًا في الفترة التي تلي تحريرها. وتحرص الدبلوماسية الفرنسية على أن يأخذ التحالف الدولي بعين الاعتبار هواجس وأولويات الأوروبيين وعلى رأسهم الدول المعرضة لعمليات إرهابية، كتلك التي عرفتها باريس ولوكسمبورغ ومدن ألمانية في الشهور الأخيرة والتي تقود جميعها إلى «داعش».
واللافت ليس فقط أن فرنسا تتحرك على أكثر من صعيد، إذ يبدو أن ثمة «تنافسًا» بين وزارتي الدفاع والخارجية. ففيما أعلنت الأولى أن اجتماعًا لـ12 وزير دفاع لدول التحالف الأكثر انخراطا في الحرب ضد «داعش» ستستضيفه العاصمة الفرنسية في 25 الحالي، كشف وزير الخارجية جان مارك أيرولت أنه سيتشارك رئاسة اجتماع وزاري مع نظيره العراقي إبراهيم الجعفري لنحو عشرين بلدا غدا، سيخصص للموصل ولتتمات الحرب فيها ولفترة ما بعد التحرير. ويبدو أن المحرك الأول لباريس، إلى جانب الحاجة للتخطيط لما ستكون عليه الموصل في اليوم التالي لإخراج «داعش» منها، هو التنبيه من أن «دحر التنظيم فيها لا يعني أن الحرب ضد الإرهاب قد انتهت»، وفق ما قاله مصدر دبلوماسي فرنسي لـ«الشرق الأوسط».
ويتضمن هذا الكلام غمزًا من سياسة الحليف الأميركي الذي لا ينظر إلى تحرير الرقة - العاصمة السورية لـ«داعش» - بالأهمية نفسها التي ينظر فيها إلى تحرير الموصل. ويشير المصدر الدبلوماسي نفسه إلى رسالة ثانية تريد باريس إيصالها ومفادها أن التركيز على الموصل «لا يجب أن ينعكس تناسيًا لملف حلب». وتتخوف باريس من أن يستغل الحلف المشكل من النظام السوري وروسيا وإيران تركيز الاهتمام الدولي على الموصل من أجل «حسم» معركة حلب، رغم هدنة الساعات الثماني التي أعلنت روسيا عنها غدا، والتي لا تعتبر فرنسا أنها تشكل «تغيرا في الأداء الروسي في حلب وسوريا بشكل عام».
وأمس، أصدر وزير الخارجية جان مارك أيرولت بيانا يحدد فيه الأولويات الثلاث لاجتماع الخميس الذي وجهت الدعوة إليه لعشرين دولة ومنظمة تحت عنوان كبير هو السعي لتأمين الاستقرار للموصل. وتركز أولى الأولويات على أهمية توفير الحماية للمدنيين والقرى المحيطة به، حيث تدور المعارك فيما تشير الثانية إلى ضرورة توفير المساعدة الإنسانية لسكان سهل نينوى. أما الأولوية الثالثة فإنها من مسؤولية الحكومة العراقية المدعوة وفق بيان الخارجية الفرنسية لإعداد خطة لتوفير الاستقرار لمدينة الموصل ومحيطها، وتكون أهلا للاستجابة لتطلعات السكان المحليين إلى الحرية والسلام والأمن لمختلف مكوناتهم مع التشديد على احترام وحدة وسيادة العراق.
اللافت في اجتماعي باريس غدا والثلاثاء المقبل أن الأول ستغيب عنه إيران التي لم تدع إليه رغم تأثيرها الكبير على الأحداث في العراق إما مباشرة أو عبر ميليشيات الحشد الشعبي التي تدعمها. وعللت مصادر دبلوماسية سألتها «الشرق الأوسط» أسباب تغيب إيران بالقول إن «الشروط الضرورية لحضورها لم تتوافر»، في إشارة مبطنة لرفض عدد من الدول الفاعلة وتحديدا الخليجية دعوة طهران إلى الاجتماع. ويتناقض هذا الوضع مع مشاركة وزير الخارجية محمد جواد ظريف في الاجتماع حول سوريا الذي استضافته مدينة لوزان السويسرية السبت الماضي. في المقابل، فإن الدول العربية والخليجية خصوصا ستغيب عن الاجتماع الثاني «لوزراء الدفاع»، رغم وجود مجموعة منها داخل التحالف الدولي الذي يضم نحو ستين دولة، تشارك بنسب مختلفة في العمليات العسكرية ضد «داعش». ووفق اللائحة التي سربتها وزارة الدفاع الفرنسية فإن الوزراء الحاضرين يمثلون: الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، وإيطاليا، وبلجيكا، وهولندا، وإسبانيا، والنرويج، وكندا وأستراليا، ونيوزيلندا.
وفي لقاء مع الصحافة الدبلوماسية المعتمدة، شرح الوزير أيرولت «معنى» مبادرته بالقول إنه «يتعين أن نربح الحرب ضد (داعش)، ولكن علينا أن ننظر في ما يمكننا من أن نربح معركة السلام». وتساءل أيرولت: «ما الذي سيحصل بعد ذلك؟ يتعين أن تقوم إدارة (في الموصل) ويكون دورها العمل للاستقرار». ويستشف من كلام أيرولت مخاوف فرنسية من أن تتكرر في الموصل ما عرفته مدن عراقية أخرى بعد تحريرها من استهداف مكونات بعينها، وحصول تجاوزات وتعديات لا يجب أن تتكرر. لذا، يطالب أيرولت بـ«استباق» هذه المرحلة والتحضير لها ،الأمر الذي يقع على كاهل الحكومة العراقية التي يحملها سلفا مسؤولية التنفيذ. أما زميله وزير الدفاع، جان إيف لو دريان، فقد نبه من أن حرب الموصل التي يمكن أن تدوم «أسابيع لا بل أشهر» يمكن أن تفضي إلى «كارثة إنسانية» بالنسبة لـ1.5 مليون عراقي يعيشون فيها.
بموازاة ذلك، تحرص باريس على أن تضع التحالف «أمام مسؤولياته» في موضوعين اثنين: مصير الرقة من جهة ومصير حلب من جهة أخرى. ونبه أيرولت من أن تناسي الرقة سيكون بمثابة «خطأ كبير»، خصوصًا أن المرجح أن يرحل الكثير من المتطرفين من الموصل إلى الرقة، وترك الرقة على ما هي عليه سيعني أن الحرب على «داعش» ستبقى منقوصة. أما المسألة الأخرى التي تتخوف منها باريس فهي أن «تطمس» معركة الموصل مصير مدينة حلب، وأن يستغل الضجيج والاهتمام بالأولى ما يحصل في الثانية.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.