تعطش عالمي للسندات الحكومية السعودية

حجم طلبات المستثمرين يفوق السندات المطروحة

تعطش عالمي للسندات  الحكومية السعودية
TT

تعطش عالمي للسندات الحكومية السعودية

تعطش عالمي للسندات  الحكومية السعودية

في الوقت الذي تحدثت فيه وسائل إعلام عالمية عن أن حجم طلبات المستثمرين العالميين على السندات الحكومية السعودية قد يصل إلى 50 مليار دولار، مما يعني ارتفاع مستوى الطلب مقابل حجم السندات المطروحة، أصبح المستثمرون العالميون متعطشين بشكل ملحوظ للمشاركة في السندات الحكومية السعودية، ثقة منهم في اقتصاد البلاد. وتعليقًا على هذا التعطش الاستثماري الملحوظ، أكد عبد الله البراك وهو محلل مالي مختص، أن السندات الحكومية السعودية تعتبر فرصة استثمارية مناسبة، وقال خلال حديثة لـ«الشرق الأوسط» يوم أمس: «في ظل قوة الاقتصاد السعودي ومتانته، وانخفاض حجم الدين العام، تعتبر السندات الحكومية المطروحة فرصة جاذبة لرؤوس الأموال الاستثمارية». وشدد البراك على أن إصدار السندات الحكومية يعتبر أداة مالية واقتصادية مهمة، وقال: «حجم السندات الحكومية التي أصدرتها السعودية خلال السنوات الماضية منخفض جدًا، مما انعكس على انخفاض حجم الدين العام». وأكد البراك في السياق ذاته أن السندات الحكومية يمكن الاستفادة من مبالغها المالية من خلال الاستمرار في الإنفاق الحكومي والمضي قدمًا في عجلة التنمية، خصوصا أن المملكة تحتفظ باحتياطيات أجنبية كبيرة، وحجم دين منخفض.
وأشار البراك إلى أن نشرة إصدار السندات الحكومية السعودية تعطي مزيدًا من الثقة للمستثمرين حول العالم، مبينًا أن نشرة الإصدار أكدت على تثبيت سعر صرف الريال مقابل الدولار الأميركي، مما يعني الاستقرار المالي والمصرفي المطمئن.
وتأتي هذه التأكيدات في الوقت الذي دفع فيه قرار السعودية نحو طرح سنداتها الحكومية عبر منصة السوق المالية «تداول»، بالإضافة إلى إطلاق برنامج دولي للسندات الحكومية، إلى زيادة الترقب بين أوساط المستثمرين، حيث يشكّل هذا القرار الحيوي نقطة جوهرية على خريطة الاستثمارات الآمنة ومحدودة المخاطر.
وأصبحت السعودية اليوم بثقلها الاقتصادي العالمي واجهة جديدة للاستثمارات، وعنوانًا بارزًا على صعيد الإصلاحات الاقتصادية، ففي الوقت الذي انخفضت فيه متوسطات أسعار النفط خلال هذا العام إلى ما دون مستويات الـ50 دولارًا، أطلقت المملكة «رؤيتها الطموحة 2030» لمرحلة ما بعد النفط، وهي المرحلة التي ستغير خريطة الاستثمار، وتحفظ فرص استدامة نمو الاقتصاد.
وفي إطار ذي صلة، أكدت وكالات أنباء عالمية يوم أمس أن السعودية أصدرت نطاق التسعير لسنداتها الدولية لأجل 5 و10 و30 عاما، وجاء نطاق التسعير لسندات السعودية الدولية لأجل 5 سنوات عند 160 نقطة أساس فوق السندات الأميركية المماثلة، لتأتي بحدود 2.85 في المائة.
أما سندات لأجل 10 سنوات فجاءت عند 185 نقطة أساس فوق السندات الأميركية المماثلة، لتكون عند مستويات 3.6 في المائة، وفيما يتعلق بسندات الـ30 عاما، فجاءت عند 235 نقطة فوق سندات الخزانة الأميركية المماثلة لتبلغ نحو 4.87 في المائة.
يشار إلى أن استمرارية نمو الاقتصاد السعودي خلال العام الحالي، رغم الانخفاض الحاد في أسعار النفط، تعد مصدر ثقة للمستثمرين، حيث ستكون السندات الحكومية أبرز الفرص الاستثمارية التي ستتوجه لها السيولة الأجنبية، أو السيولة المحلية، وهو الأمر الذي ينبئ عن اتساع رقعة الاستثمار في الأسواق المالية السعودية. وفي هذا الخصوص استعرض وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف منتصف الأسبوع الماضي، جهود بلاده في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية ضمن برنامج التحول الوطني لتحقيق «رؤية المملكة 2030»، مؤكدًا أن تطبيق هذه الإصلاحات يدعم النمو الاقتصادي القوي والمتوازن والمستدام ويفعّل دور القطاع الخاص في تعزيز الوظائف والنمو الاقتصادي، وذلك من خلال ترأسه وفد المملكة المشارك في الاجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين في نيويورك.
وأشار الدكتور العساف إلى حرص حكومة المملكة على دعم التنمية البشرية وتطوير مخرجات التعليم والتدريب والاستفادة من الميزة التنافسية للاقتصاد السعودي بهدف رفع القاعدة الإنتاجية والتنويع الاقتصادي، مبينًا أن برنامج التحول الوطني يشتمل على مبادرات متنوعة تهدف إلى تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز فرص العمل للمواطنين وتطوير الخدمات الحكومية وتعزيز البيئة الاستثمارية وتطوير الأسواق المالية وتنويع النشاط الاقتصادي للمملكة خلال الأجل المتوسط.
وأشار وزير المالية إلى استمرار الأداء الجيد للاقتصاد السعودي رغم انخفاض أسعار النفط، مؤكدًا على متانة القطاع المصرفي، وقال إن «البنوك المحلية تتمتع بمستوى عال من كفاية رأس المال ومستويات منخفضة في نسبة الديون المتعثرة».



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.