روسيا تعود عسكريًا إلى أميركا اللاتينية.. وتقلق حلفاء واشنطن

موسكو تعد لاستكمال صفقة أسلحة مع نيكاراغوا.. وزيارة مرتقبة لبوتين إلى بوليفيا

روسيا تعود عسكريًا إلى أميركا اللاتينية.. وتقلق حلفاء واشنطن
TT

روسيا تعود عسكريًا إلى أميركا اللاتينية.. وتقلق حلفاء واشنطن

روسيا تعود عسكريًا إلى أميركا اللاتينية.. وتقلق حلفاء واشنطن

أثار الإعلان الروسي الأخير عن قرب استكمال إبرام صفقة بيع نحو 50 دبابة من طراز «تي 72» إلى نيكاراغوا قلقًا لدى بعض دول المنطقة، مثل هندوراس وكوستاريكا، اللتين اعتبرتا الخطوة «غير مناسبة» من شأنها تغيير التوازن العسكري الإقليمي. وقال وزير خارجية كوستاريكا مانويل غونساليز، إن هناك قلقًا من شراء نيكاراغوا دبابات روسية الصنع، وأن بلاده تنظر بعين القلق لموجة التسلح التي تجتاح أميركا الوسطى.
بدورها، قالت وزارة الخارجية الروسية إنها تقدر الأجواء السلمية للقارة اللاتينية وإن عمليات التسليح لا تهدف لكسر التوازن الإقليمي. كما أن مصادر رسمية في نيكاراغوا قالت إن نشر هذا النوع من الأخبار قبيل الانتخابات الرئاسية في البلاد يهدف إلى خدمة أجندات المعارضة التي تعارض بشدة إعادة انتخاب الرئيس لولاية رئاسية جديدة.
ورأى متابعون أن إعلان هذا النوع من الأخبار عن عودة التسليح الروسي للمنطقة، لا يعد أمرًا جديدًا، ذلك أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أصر في عام 2014 أن من الممكن أن تعود روسيا إلى أميركا اللاتينية من جديد عسكريًا، عبر إنشاء قواعد عسكرية في كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا، وأيضًا إلى مناطق في آسيا وأفريقيا مثل فيتنام وسنغافورة والسيشل.
وجدير بالذكر أن الاتحاد السوفياتي السابق كان له من عام 1976 وحتى عام 2002 أكبر مركز للتجسس في كوبا، وتحديدًا في منطقة لورديس القريبة من العاصمة هافانا، وهو المركز الاستخباري الأكبر لمراقبة الجزء الغربي من العالم خارج الحدود الروسية.
في هذه الأثناء تحدث نائب وزير الدفاع الروسي، نيكولاي بانكوف، عن محادثات في مجلس الدوما الروسي لمناقشة إعادة فتح قواعد سابقة بعد أن كانت روسيا خرجت من كوبا في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001.
ولم تخف روسيا نيتها في التعاون العسكري في إطار التحديث العسكري لجيوش القارة اللاتينية، حيث عبر سابقًا فلاديمير كوزهين، المستشار لدى الكرملين الروسي، عن نية بلاده مساعدة دول مثل بيرو والأرجنتين وفنزويلا وكولومبيا لتطوير التعاون العسكري، خصوصًا أن الأسلحة الروسية بالفعل تستخدم في هذه الدول، خاصة الطائرات الحوامة، وذلك لقدرتها على التكيف مع تضاريس هذه البلاد.
كثير من الخبراء العسكريين الروس تحدث عن أهمية الفكرة بوصفها وسيلة للضغط على الولايات المتحدة الأميركية للتفاوض حاول قضايا الخلاف بين البلدين، وأبدى عدد منهم أن فكرة عودة مركز التجسس الروسي في كوبا سيكون مرحبا به؛ وذلك لأن الولايات المتحدة ما زالت تحتفظ حتى الآن بمحطات للتجسس الإلكتروني في البحر الأسود وتركيا، مما يدفع روسيا إلى الحضور عسكريًا في كوبا من جديد.
وفي إطار عودة دفء العلاقات الروسية مع دول المنطقة، أعلن الرئيس البوليفي إيفو موراليس، في الآونة الأخيرة عن زيارة مرتقبة لنظيره الروسي فلاديمير في عام 2017، لحضور قمة الدول المصدرة للغاز المقرر عقدها في مدينة سانتا كروس البوليفية. كما أعلن عن زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال المناسبة نفسها.
وعلى جانب آخر، عارض عدد من الباحثين الاستراتيجيين هذه الفكرة، خصوصا لمنع تكرار أزمة الصواريخ عام 1962 عندما نشر الاتحاد السوفياتي سابقًا صواريخ موجهة نحو الولايات المتحدة في الجزيرة الكوبية. وأشار الباحثون إلى أن التحركات الروسية قد تستفز الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، مما يدفع لاحتكاكات غير مطلوبة في الوقت الحالي، خصوصًا أن الولايات المتحدة لن تسمح بهذه التحركات، كما أن كوبا لا تتحمل أن تكون ساحة مواجهات من جديد بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا باحتضانها قواعد استخبارية أو عسكرية. إلا أن كوبا أعلنت في الأسابيع السابقة صراحة أن رفع العقوبات الأميركية لم يأت بالثمار المطلوبة لرفع المعاناة عن الشعب الكوبي، وحتى الآن لم يلمس الكوبيون التغير المتوقع لبلادهم.
دول مثل فنزويلا، أعلنت في عام 2008 على لسان رئيسها الراحل هوغو شافيز، صراحة، ترحيبها باستضافة قواعد عسكرية روسية وأن الحضور العسكري الروسي سيكون مرحبا به ومهما لدور جديد تلعبه روسيا. إلا أن وفاة شافيز غيرت من مواقف بلاده ولو لفترات وجيزة. كذلك، فإن الرئيس الكولومبي السابق، البارو أوريبي، أعلن عام 2009، أن بلاده ستمنح الولايات المتحدة الأميركية فرصة استخدام القواعد العسكرية في البلاد، مما أثار ضجة إعلامية، وجاء بعد ذلك رفض الكونغرس الكولومبي هذا القرار، وذلك في إطار المناوشات بين كولومبيا وحليفتها الولايات المتحدة مقابل فنزويلا وحليفتها روسيا على الجانب الآخر.
من جهة أخرى، قال المتحدث باسم جيش نيكاراغوا، مانويل غيبارا روتشا، إن بلاده أبرمت مع روسيا عددا من الاتفاقات لتحديث أسلحة الجيش وشملت الاتفاقات، بالإضافة إلى صفقة الدبابات، عددًا من اللانشات البحرية وأنظمة الدفاع الجوي ZU - 23 - 2 وعددا من المركبات المصفحة من طراز CAZ - 2330 وعددا من الطائرات الحوامة من طراز Mi - 17V – 5. وكانت قد عبرت الولايات المتحدة في الأشهر السابقة عن أنها تريد تفسيرات لهذه الصفقة لمعرفة التفاصيل التي ردت نيكاراغوا عليها بأنها لمجرد تحديث إمكانات الجيش هناك.
وفي إطار التعاون العسكري الروسي مع دول القارة اللاتينية تعد فنزويلا ثاني أكبر مشتر للسلاح الروسي في القارة اللاتينية، حيث حصلت كاراكاس بموجب عقود سابقة على صفقات لتزويدها بمقاتلات روسية وأنظمة دفاع صاروخية تشمل نظام S300، بالإضافة إلى مصفحات ومدافع، مما يجعل فنزويلا من أكبر مستوردي السلاح الروسي في القارة.
الإكوادور من جهتها كانت أبدت استعدادات في أكثر من موقف للتعاون العسكري مع روسيا، وبخاصة بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عام 2013 عن رغبة موسكو في تطوير برنامج مع الإكوادور لتصنيع الطائرات من دون طيار، وذلك لخدمة الأبحاث العسكرية، بالإضافة إلى صفقات أخرى لشراء أسلحة متنوعة.
وعلى الرغم من أن الإحصاءات الاستراتيجية والعسكرية ترجح أن الإنفاق العسكري في القارة اللاتينية انخفض في السنوات الماضية، خصوصا مع وجود بلدان منتجة للسلاح، مثل البرازيل والأرجنتين وتشيلي، فإن دولاً أخرى في القارة لم تبد امتعاضا من تحديث ترسانتها العسكرية، خصوصا وأن القارة اللاتينية تستقبل نحو 30 في المائة من إنتاج السلاح العالمي.
ويثير الحديث عن عودة الحضور العسكري الروسي في نيكاراغوا وكوبا وفنزويلا، على الرغم من أنه لم يتحقق على أرض الواقع بعد، كثيرا من التساؤلات، خصوصًا الأميركية حول نوعية التعاون في إطار التغيرات الجيوسياسية الحالية في العالم، مما يذكر بأجواء سابقة كانت اجتاحت العالم في فترات الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية، ويدفع إلى التساؤل: هل ستكسر روسيا التوازن العسكري في الفناء الخلفي للولايات المتحدة في القارة التي تتمتع بالسلام وتعج بالموارد الطبيعية الهائلة؟.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».