المعارضة السورية تدعو الأوروبيين إلى تسليحها.. بعد خذلان البيت الأبيض

طالبت بتكريس اجتماعي لندن وبروكسل لإنقاذ حلب

جورج صبرة، نائب رئيس الوفد المفاوض عضو «الهيئة»
جورج صبرة، نائب رئيس الوفد المفاوض عضو «الهيئة»
TT

المعارضة السورية تدعو الأوروبيين إلى تسليحها.. بعد خذلان البيت الأبيض

جورج صبرة، نائب رئيس الوفد المفاوض عضو «الهيئة»
جورج صبرة، نائب رئيس الوفد المفاوض عضو «الهيئة»

دعت الهيئة العليا للمفاوضات بالمعارضة السورية، أصدقاءها الأوروبيين، إلى تأمين السلاح اللازم للسوريين كي يردوا العدوان الذي يشنه النظام وروسيا وإيران عليهم، وتكريس نتائج لندن أمس، وبروكسل اليوم، لكسر الحصار على أهالي حلب وإغاثة المتضررين، مشيرة إلى أن اجتماع «لوزان» فكرة أميركية، الهدف منها إعادة روسيا إلى حلبة الحوار السياسي المباشر مع واشنطن.
وقال جورج صبرة، نائب رئيس الوفد المفاوض عضو «الهيئة»، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» «إن بيان البيت الأبيض الأخير الذي ورد فيه أن الرئيس باراك أوباما أوصى فريقه للأمن القومي بضرورة اعتماد الدبلوماسية بصفتها مسارا أساسيا لحل الأزمة السورية، قطع عشم المراقبين بميلاد مقاربة جديدة، تعالج الوضع المتأزم في حلب»، مشيرًا إلى أن الإعلان عن خيار عسكري أميركي كان مجرد فقاعة لاستجداء العواطف.
واعتبر أن الهدف الأميركي من «لوزان»، إنزال السياسية الروسية عن الشجرة وإعادتها إلى ملعب العمل مرة أخرى، ونتيجة طبيعية لقرار الرئيس باراك أوباما وإدارته بالاستمرار في الحل السياسي.
وتابع صبرة «أميركا بهذا البيان تحافظ على رتابة سياستها منذ بداية عهد أوباما وحتى نهايته، وتؤكد تسليم واشنطن أمر المنطقة للروس بشكل مباشر». وأعرب عن أمل المعارضة السورية في أن تحدث نتائج الاجتماع الذي جرى في لندن (أمس)، بين الدول الأوروبية المعنية وأميركا ما لم يحدث في اجتماع «لوزان»، وذلك بإيجاد خيارات جديدة للعمل لا تسمح للجانب الروسي بأن يستمر في تعطيل مجلس الأمن والعملية السياسية وفي ارتكاب جرائم الحرب والجرائم الإنسانية في حلب.
وتطلع إلى مقاربة جديدة للوضع في سوريا يتولاها الأوروبيون مع الولايات المتحدة، تعمل على إدخال المساعدات الإنسانية إلى 300 ألف محاصر في مدينة حلب وتسقط المساعدات الطبية والإغاثية، وتخترق الحصار الذي يفرضه الروس والإيرانيون على المدنيين في حلب المحررة، مشددًا على ضرورة تأمين السلاح اللازم وتزويد المقاتلين السوريين بما يمكّنهم من الدفاع عن أنفسهم.
وتعوّل الهيئة العليا للمفاوضات كثيرًا على اجتماع الرياض الذي انعقد قبل أيام، بين الدول الخليجية وتركيا؛ لأن الاجتماع يعتبر جهة داعمة حقيقية للشعب السوري، وتحدث بمسؤولية أخلاقية وإنسانية عن المخاطر التي ينتجها العنف الذي يطبقه الروس وحلفاؤهم الإيرانيون وبقايا النظام السوري على حلب.
من جهة أخرى، أكد صبرا أن هذا الوضع المرير، جعل من مشروع «الاتحاد من أجل السلام»، خيار الهيئة العليا للمفاوضات، في اجتماعها الأخير بالرياض، و«يعمل في إطاره أشقاؤنا السعوديون، والقطريون والأتراك، وحصلوا على عريضة وقعتها أكثر من 62 دولة في الأمم المتحدة، والآن يجري الحديث عن أكثر من 100 دولة تضع جهودها في هذا المشروع، والمطلوب نقل هذا الجهد عبر مجموعة كبيرة من الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة لتتخذ القرارات الملزمة بديلا عن مجلس الأمن الدولي».
في القاهرة، قال قاسم الخطيب، عضو لجنة مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية، في تصريحات لـ«لشرق الأوسط»، تعليقا على نتائج اجتماع لوزان، إنه من الأفضل إطلاق العملية السياسية بين الحكومة والمعارضة دون شروط مسبقة، مشددا على الالتزام بقبول ما سيتم الاتفاق عليه لإيجاد تسوية تنقذ الشعب السوري من محنته. وأضاف «لقد فقدنا الثقة في كل المؤتمرات الإقليمية والعربية والدولية التي تسعى لإنقاذ الشعب السوري».
وأبدى استعداد بعض مكونات المعارضة القبول بما طالب به الروس في طرحهم بإخراج «جبهة النصرة» من مدينة حلب، وطالب المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بإخراج كل القوى التكفيرية بما في ذلك «جبهة أبو الفضل العباس» والقوى الإيرانية وما يسمى «حزب الله».
وحول عدم مشاركة النظام في مؤتمر لوزان وكذلك المعارضة، أوضح الخطيب بأن «النظام السوري شارك في هذا الاجتماع من خلال روسيا وإيران». ودعا المجتمع الدولي إلى ضرورة إطلاق العملية السياسية، مؤكدا أن الجميع فشل في العمل على وقف إطلاق النار؛ لأن كل دولة متدخلة في الصراع المسلح داخل سوريا لديها أجندة، وعليه لا بد من إطلاق العملية السياسية؛ حتى لا يضيع الوقت في المطالبة بوقف إطلاق النار الذي لن يتوقف إلا بالتوافق السياسي بين الحكومة والمعارضة. وضرب مثالا على هذا الأمر بمحادثات حرب فيتنام عندما استمرت المعارك في ظل وجود مفاوضات سياسية استمرت سبع سنوات. وجدد مرة أخرى الطلب بالعودة إلى المفاوضات باعتبارها السبيل الوحيد لإنقاذ سوريا من حالة الدمار المستمر منذ خمس سنوات.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.