واشنطن ولندن تبحثان فرض عقوبات على روسيا بسبب حلب

مصدر تركي لـ«الشرق الأوسط»: الأميركيون طلبوا عدم التصعيد.. بانتظار الانتخابات

وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والبريطاني بوريس جونسون، مع نظرائهما الأوروبيين والعرب، في الاجتماع الذي جرى أمس في لندن لبحث تطورات الملف السوري (رويترز)
وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والبريطاني بوريس جونسون، مع نظرائهما الأوروبيين والعرب، في الاجتماع الذي جرى أمس في لندن لبحث تطورات الملف السوري (رويترز)
TT

واشنطن ولندن تبحثان فرض عقوبات على روسيا بسبب حلب

وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والبريطاني بوريس جونسون، مع نظرائهما الأوروبيين والعرب، في الاجتماع الذي جرى أمس في لندن لبحث تطورات الملف السوري (رويترز)
وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والبريطاني بوريس جونسون، مع نظرائهما الأوروبيين والعرب، في الاجتماع الذي جرى أمس في لندن لبحث تطورات الملف السوري (رويترز)

حذرت الولايات المتحدة وبريطانيا، أمس، من أن الحلفاء الغربيين يبحثون فرض عقوبات على أهداف اقتصادية في روسيا وسوريا بسبب حصار مدينة حلب.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في نهاية اجتماع ضم نظراءه الأوروبيين، في لندن أمس، إن قصف المدنيين في المدينة «جريمة ضد الإنسانية»، فيما حض وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون موسكو «على إظهار الرأفة».
واستبعد كيري أي خيار غير العقوبات الاقتصادية، بقوله: «ليست هناك شهية في أوروبا أو أميركا لخوض حرب في سوريا لوقف دوامة القتل. على روسيا ونظام الأسد إدراك أن سقوط حلب لا يعني انتهاء الحرب».
وشكا دبلوماسيون أتراك أمس من «تصلب روسي ولا مبالاة أميركية» في اجتماعات لوزان الأخيرة. وقال مصدر تركي لـ«الشرق الأوسط» لإن اجتماع لوزان كان سيئا بكل ما للكلمة من معنى، فيما خص الأزمة السورية. وأوضح المصدر أن تركيا حاولت الحصول على تعهدات ما بشأن مدينة حلب تنطلق من الموقف الروسي المعلن، ومن مبادرة المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا التي تنص على إخراج مقاتلي «جبهة فتح الشام»، (النصرة)، من المدينة مقابل وقف القصف وفتح ممرات إنسانية، لكن الجانب الروسي لم يبد متحمسا كفاية لهذه المقترحات، مبديا تصلبا، لافتا إلى إصراره على بحث انسحاب المقاتلين من حلب عبر ممرات خاصة تضمنها روسيا، وعبر التشدد في ضرورة الفصل بين المقاتلين المعتدلين، وجماعة «فتح الشام».
وأشار المصدر إلى أن الجانب الأميركي لم يتدخل من أجل دعم هذا المقترح، كما كشف المصدر أن الأميركيين طلبوا من الدول الصديقة للشعب السوري «عدم التصعيد» وانتظار التطورات المستقبلية، في إشارة إلى الانتخابات الأميركية المقررة الشهر المقبل. وقال المصدر إن الجانب الأميركي بدا بشكل واضح غير مهتم بإنجاز أي اتفاقات بانتظار الانتخابات ووصول الإدارة الأميركية الجديدة.
ورأت المصادر أن اجتماع لوزان الذي جرى بطلب روسي وبإدارة أميركية تحققت فيه للروس نقطتان، هما بحث مبادرة دي مستورا، والأهم إعادة التواصل مع الأميركيين، لأن هؤلاء رفضوا التواصل الثنائي. وختم المصدر مؤكدا أنه لا يوجد حديث عن جولة مفاوضات مقبلة؛ بل فقط محاولة بحث مقترح دي ميستورا حول حلب وخروج 900 مقاتل من «فتح الشام» مقابل وقف القصف وإدخال المساعدات الإنسانية. وتحدث مصدر آخر عن استياء أوروبي كبير لعدم دعوة الأوروبيين، وهذا سبب لقاء لندن، أمس، موضحا أنه جرى حديث عن دعوة الائتلاف وهيئة المفاوضات كما حصل في فيينا، لكن صرف النظر لعدم حدوث توافق.
من جهة أخرى، أفادت مصادر تركية أن أنقرة ستواصل دعمها لمقاتلي الجيش السوري الحر في مواجهة «داعش» بعد سيطرتهم أمس على بلدة «دابق»، مؤكدا أن تركيا ستدعم المقاتلين السوريين في معركتهم المقبلة المنتظرة نحو مدينة الباب. لكن المصدر نفى وجود خطط للتوجه نحو حلب، معتبرا أن الجهود التركية تنصب حاليا على «تطهير المنطقة من مقاتلي (داعش) والتنظيمات الإرهابية الأخرى» في إشارة إلى المقاتلين الأكراد الذين تنوي تركيا إبعادهم إلى شرق نهر الفرات، وإبعادهم عن حدودها.
من جهة أخرى، ترك الرئيس الروسي الباب مفتوحًا أمام التخمينات والتوقعات حول نية روسيا في شن عملية عسكرية واسعة في سوريا، وبصورة خاصة على مدينة حلب، وذلك صبيحة بيان للبيت الأبيض، أكد فيه أن الرئيس باراك أوباما أوصى فريقه للأمن القومي بضرورة اعتماد الدبلوماسية كمسار أساسي لحل الأزمة السورية، ووضع الحرب ضد «داعش» في أولوية أهدافها.
أما سوريا فهي ليست سبب التوتر في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، وإنما السياسة الأميركية بشكل عام هي السبب والتوتر منذ بدء الحرب اليوغسلافية وفق ما يرى بوتين الذي كان قد تعمد، خلال مؤتمره الصحافي يوم أمس في ختام قمة «بريكس» في الهند، الإجابة بصيغة مبهمة قابلة لأكثر من تأويل، على سؤال حول الهدف من إرسال حاملة الطائرات الروسية الوحيدة حاليًا إلى شرق المتوسط، وما إذا كان الهدف المبيت من ذلك هجوما واسعا تنوي روسيا شنه قريبا على «الإرهابيين». وإذا كان بوتين قد أجاب في الفترة الماضية على سؤال كهذا بصيغة النفي الأكيد، فإنه لم يفعل ذلك، يوم أمس، بل ترك الأمور معلقة، لا نفي ولا تأكيد، حين أجاب، قائلاً: «أجل، لا شيء أفعله سوى أنني سأحدثكم الآن عن الهجوم، متى سيبدأ ومن أين». ولهذه العبارة أكثر من تأويل لكنها بكل الأحوال لا تحمل النفي، ما يعني أن روسيا تبقي على احتمال تنفيذها عملية عسكرية واسعة في مدينة حلب ضد من تعتبرهم «إرهابيين».
وكان لافتًا أن ذهب بوتين في حديثه حول سقوط ضحايا من المدنيين خلال العمليات العسكرية إلى وضع مدينة حلب في خانة واحدة مع مدينة الموصل، ومعروف أن الثانية معقل وعاصمة لتنظيم «داعش» الإرهابي، بينما لا وجود لأي «داعشي» في مدينة حلب، وغالبية المجموعات التي تقاتل هناك هي من المعارضة السورية، باستثناء مئات المقاتلين التابعين لـ«جبهة النصرة»، وهذه حقيقة يدركها الروس، وإلا ما كانوا ليطالبوا بالفصل في حلب بين المعارضة و«النصرة»، إلا أن بوتين رغم ذلك يرى أن «الشبه واضح» بين حلب والموصل، وأكد أن هناك تشابها بين عمليات روسيا في حلب وما يجري في الموصل، زاعمًا أن «القوات الروسية تحاول منع وقوع كارثة إنسانية في تلك المدينة». وبعد أن دعا الأميركيين والفرنسيين إلى توجيه ضربات انتقائية خلال عملية تحرير الموصل بغية التقليل من سقوط ضحايا بين المدنيين، قال بوتين إن «روسيا لا تنوي إثارة ضجيج حول هذه القضية»، أي سقوط ضحايا من المدنيين خلال القصف في الموصل، محاولاً تبرير قتل المدنيين بالحرب على الإرهاب التي قال إنها أمر ضروري ولا سبيل سواه.
من جانبها أصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانًا تناولت فيه نتائج المحادثات التي جرت، أول من أمس، في لوزان، وقالت إن المجتمعين «أكدوا تمسكهم بالحفاظ على سوريا دولة موحدة مستقلة مدنية، يحدد السوريون أنفسهم مستقبلها خلال الحوار السياسي الداخلي». ويضيف البيان أن وزير الخارجية الروسي شدد خلال اللقاء على أن ضمانة استئناف وقف إطلاق النار وتنفيذه بنجاح رهن بالفصل بين فصائل المعارضة المعتدلة ومقاتلي «جبهة النصرة» الإرهابية، «الأمر الذي يتطلب عملاً مناسبًا من جميع الدول المشاركة في اللقاء (لقاء لوزان) مع القوى الموجودة على الأرض في سوريا»، حسب بيان الخارجية الروسية التي تؤكد في الختام أنه «في غضون ذلك فإن الحرب ضد إرهابيي (داعش) و(النصرة) ستتواصل».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.