اختيار نائب لعباس يشغل الفلسطينيين والإسرائيليين وجهات عربية وغربية

أبو مازن يسعى إلى انتخابات داخل فتح والمنظمة لترتيب البيت الفلسطيني

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
TT

اختيار نائب لعباس يشغل الفلسطينيين والإسرائيليين وجهات عربية وغربية

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)

يشغل موضوع اختيار نائب للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الكثير من الفلسطينيين والعرب والإسرائيليين، وربما حتى جهات غربية محددة، فيما لا يبدو أنه يشغل الرئيس الفلسطيني نفسه، الذي ترك الأمر ذات مرة للقيادات الفلسطينية في اجتماعات مختلفة للاتفاق على اسم محدد، دون أن ينجحوا في ذلك، أو يتابع هو الأمر بشكل حثيث.
وعلى الرغم من أن قيادات في «فتح» والمنظمة طرحوا على مدار الأعوام القليلة الماضية أهمية اختيار نائب للرئيس تجنبا للمفاجآت المحتملة، وأي فوضى متوقعة، إلا أن أي خطوة جدية لم تتخذ لاستحداث مثل هذا المنصب بسبب أبعاد «أخلاقية»، لها علاقة بوراثة عباس الذي يتمتع بصحة جيدة، وأبعاد «قانونية» باعتبار أن الدستور الأساسي للسلطة لا يتضمن منصبا لنائب الرئيس، وهناك أيضا أبعاد «سياسية» معقدة، على اعتبار أن الأمر ليس حكرا على حركة فتح وحسب، وإنما بقية الفلسطينيين كلهم، وكما يعتقد كثيرون فهناك أيادٍ أخرى في المنطقة وخارجها.
وقال مصدر فلسطيني في حركة فتح التي يتزعمها عباس لـ«الشرق الأوسط» إن «المسألة ليست مطروحة على عجل.. فالرئيس يسعى الآن لترتيب البيت الداخلي عبر عقد المؤتمر السابع للحركة نهاية هذا العام، وذلك لاختيار رئيس للحركة ونائبه، وأعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري، يتلوه عقد المجلس الوطني الفلسطيني لاختيار لجنة تنفيذية جديدة».
وتابع المصدر موضحا «وبحسب كيف تجري الانتخابات سيتم تحديد قضايا كثيرة من بينها منصب نائب الرئيس.. واستحداث المنصب يحتاج إلى تعديلات في القانون الأساسي. وهذا رهن بانعقاد المجلس التشريعي، لكن كونه معطلا فإن المجلس المركزي سيكون صاحب القرار».
وفي مرات سابقة وفي قضايا مفصلية، قرر المجلس المركزي لمنظمة التحرير تمديد ولاية أبو مازن نفسه، إضافة إلى ولاية التشريعي، باعتبار المنظمة مرجعية السلطة برمتها.
لكن هذا السيناريو المتوقع يلاقي منذ الآن معارضة كبيرة من حركة حماس. وفي هذا السياق قال نايف الرجوب، النائب في حركة حماس، إن الرئيس الفلسطيني المقبل بعد رحيل محمود عباس هو عزيز الدويك بصفته رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، كما نص عليه القانون في السلطة الفلسطينية.
وحذر القيادي في حركة حماس من مخطط «فتحاوي» لتعيين نائب للرئيس عباس، معتبرا استحداث هذا المنصب دون عرضه على التشريعي والتصويت عليه بثلثي الأعضاء، تجاوزا خطيرا لا يتوافق مع القانون الفلسطيني، ولا يمكن القبول به. وينص القانون الأساسي على أن يتولى رئيس المجلس التشريعي رئاسة السلطة الفلسطينية لمدة 60 يوما إلى حين إجراء انتخابات رئاسية في حال شغور كرسي الرئاسية لأي سبب طارئ. لكن «فتح» لا تعترف بدويك الآن رئيسا للمجلس التشريعي، وتعد ولايته منتهية، وتقول إنه يجب عقد المجلس التشريعي بقرار رئاسي، ومن ثم يتم انتخاب رئاسة المجلس خلال الجلسة الأولى.
وهذا الخلاف القانوني جزء من خلافات أخرى أوسع بين حماس وفتح تمنع حتى إجراء انتخابات عامة. وقبل أعوام قليلة فشلت لجنة قانونية شكَّلها الرئيس عباس في الوصول إلى خلاصة حول إمكانية استحداث منصب نائب للرئيس بسبب التعقيدات القانونية والسياسية. ويرى مراقبون أن اختيار نائب الرئيس داخل حركة فتح في الانتخابات المقبلة وأمين سر منظمة التحرير سيحدد إلى حد بعيد الاسم المقترح الذي يؤمن به عباس لخلافته.
وتبدو هذه معركة ثانية صعبة داخل الحركة التي تحكم الشأن الفلسطيني منذ عقود طويلة. فبعض قادة فتح يرون أنهم الأجدر لخلافة عباس، ويمثلون جميعا مواقع متقدمة ولهم اتباع، ويبدو من الصعب أن يتنازل أحدهم للآخر من دون حسم يسعى له عباس عبر المؤتمر السابع. وحتى الآن طرحت أسماء مختلفة، بعضها جاء من جهات عربية، مثل محمد دحلان القيادي المفصول من فتح، وناصر القدوة عضو اللجنة المركزية للحركة، لكن هذه الاقتراحات لم تلق قبولا عند أبو مازن. فيما يحاول دحلان الآن جمع أنصاره في مؤتمر مستقل يجري في القاهرة، وصفته فتح بأنه غير شرعي وغير ملزم. وسيكون هذا المؤتمر بداية مواجهة أوسع بين عباس ودحلان.
كما ظهرت أسماء أخرى، من بينها عضو مركزية فتح المعتقل في السجون الإسرائيلية مروان البرغوثي، ومسؤول المخابرات الفلسطيني ماجد فرج، وعضو اللجنة المركزية لفتح جبريل الرجوب، وأمين سر منظمة التحرير صائب عريقات، وعضو اللجنة التنفيذية أبو علاء قريع، وكلها خيارات محتملة.
وبهذا الخصوص قال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل: «ليس الفلسطينيون وحدهم هم الذين يقررون. فالقضية الفلسطينية بلسان أصحابها نقول إنها قضية العرب المركزية الأولى. هناك عمق عربي إسلامي إنساني. وهذا القول ينطوي على تفاعل بين القضية وهذه الأطراف إيجابا وسلبا، ويعني بالضرورة تدخلات عربية مبررة».
وأضاف عوكل موضحا «العرب شركاء بهذا المعنى، وإذا كانوا شركاء فلا بد أن تكون لهم وجهة نظر. فهم لديهم أولوياتهم ومخاوفهم، ويحق لهم أن يفكروا بهذه المخاوف، وبالإضافة إلى ذلك توجد إسرائيل، دولة الاحتلال، والجيب الإسرائيلي يصل إلى المقاطعة (مقر الرئيس) وقتما يشاء، فكيف لا يتدخلون؟ كما يوجد أيضا المانحون الذين يضخون الدم في عروق السلطة. فهل يمكن أن يكون دورهم غائبا؟».
ويرى عوكل أن أي اسم مقترح لمنصب الرئيس المقبل، يجب أن يكون مقبولا عند الأطراف العربية وإسرائيل والدول المانحة، وبطبيعة الحال الولايات المتحدة. ولذلك يستبعد عوكل أن يكون عزيز الدويك حتى لو كان فعلا رئيسا للمجلس التشريعي خيارا ممكنا، وقال بهذا الخصوص: «حماس تفهم ذلك. والكل له مصلحة بأن تبقى السلطة وأن لا تحصل الفوضى. (حماس) حريصة على عدم وجود فراغ، وليس لها مصلحة في الفوضى، وهي تدرك أنها لا يمكن أن تحكم في الضفة الغربية في ظل الاحتلال، ومن هذا المنطلق إمكانية الاتفاق على شخص هي ممكنة وإن كان بشكل مؤقت». وفي هذا السياق قال عوكل: «الأكيد أنه سيكون عضو لجنة مركزية وعضوا في تنفيذية المنظمة، وهذا ما ستكشفه الانتخابات المقبلة التي تجري وفق ترتيبات لها علاقة بمرحلة جديدة، فتح أولا ثم منظمة التحرير. وإلا كيف سيكون الرئيس المقبل رئيس فتح ورئيس منظمة التحرير؟».



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.