تريزا ماي ما زالت تردد «بريكست يعني بريكست»

نواب بريطانيون مؤيدون لأوروبا باتوا يدعمون الانفصال

رئيسة الوزراء تريزا ماي خلال جلسة المساءلة أمس ويجلس خلفها (يمين) وزير الخزانة فيليب هاموند (أ.ف.ب)
رئيسة الوزراء تريزا ماي خلال جلسة المساءلة أمس ويجلس خلفها (يمين) وزير الخزانة فيليب هاموند (أ.ف.ب)
TT

تريزا ماي ما زالت تردد «بريكست يعني بريكست»

رئيسة الوزراء تريزا ماي خلال جلسة المساءلة أمس ويجلس خلفها (يمين) وزير الخزانة فيليب هاموند (أ.ف.ب)
رئيسة الوزراء تريزا ماي خلال جلسة المساءلة أمس ويجلس خلفها (يمين) وزير الخزانة فيليب هاموند (أ.ف.ب)

بعد تنصيبها رئيسة للوزراء بعد استقالة ديفيد كاميرون إثر الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أطلقت تريزا ماي جملتها الشهيرة لطمأنة معسكر الخروج في حزبها قائلة «بريكست يعني بريكست» (الخروج يعني الخروج) لا أكثر ولا أقل. وجاءت هذه التصريحات بعد أن طالبت مجموعات من معسكر البقاء إجراء استفتاء آخر أو التصويت في البرلمان من أجل إلغاء نتيجة الاستفتاء.
محاولات قلب النتيجة ما زالت قائمة من خلال اللجوء للقانون، أو الطعن بالنتيجة من قبل اسكوتلندا أو شمال آيرلندا. كما يعتقد بعض السياسيين أن قلب النتيجة ممكنا من خلال التصويت على الخروج في البرلمان، وأن ذلك لا يتعارض مع العملية الديمقراطية، كون البرلمان يعتبر أعلى سلطة تشريعية، ومخول أن يعكس رغبات الشعب.
وفي الأمس وصفت رئيسة الوزراء الطعون القانونية على الانفصال، مثل الطعن الذي ستنظر اليوم المحكمة العليا فيه، والطعن الذي يجري إعداده في آيرلندا الشمالية، بأنها محاولات «لتخريب» الديمقراطية وتأخير العملية بعد أن وافق البريطانيون على الانسحاب بنسبة 52 في المائة مقابل 48 في المائة.
ومن المقرر أن تبدأ المحكمة العليا في لندن يوم الخميس النظر في طعن قانوني قدمته مجموعة يتصدرها مدير صندوق استثمار مؤيد للاتحاد الأوروبي يسعى لإجبار ماي على السماح للبرلمان بتحديد متى وكيف يمكن تفعيل المادة 50 وما إذا كان يجب تفعيلها. وقالت متحدثة باسم تيريزا ماي أمس الأربعاء إنه لن يجري التصويت في البرلمان على عملية بدء محادثات الانفصال الرسمية عن الاتحاد.
وقالت ماي إنها ستفعل المادة 50 من معاهدة لشبونة - التي ستدشن فترة مبدئية مدتها عامان ستتفاوض بريطانيا خلالها على شروط خروجها - بحلول نهاية مارس (آذار) العام المقبل دون إتاحة المجال أمام المشرعين للتصويت.
الجنيه الإسترليني قلص بعض مكاسبه أمس الأربعاء بعد أن قالت متحدثة باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إن البرلمان لن يصوت على تفعيل «المادة 50» التي تبدأ بموجبها العملية الرسمية لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وفي وقت سابق ارتفع الجنيه الإسترليني بعد أن عرضت ماي على المشرعين بعض صلاحيات التدقيق في خطط الحكومة للانسحاب من الاتحاد الأوروبي لتوافق على مطالب فتح حوار بشأن تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة الخاصة بالاتحاد الأوروبي.
وستحتاج ماي لتحول كبير في الآراء بين المشرعين إذا وصل الأمر إلى التصويت في البرلمان. وأيد نحو ثلاثة أرباع أعضاء مجلس العموم وعددهم 650 عضوا البقاء في الاتحاد الأوروبي قبل الاستفتاء. ويقول كثير منهم الآن إنهم سيحترمون رغبة الشعب ولن يمنعوا الانسحاب، هذه التصريحات قد تثلج قلب تريزا ماي، إذا أجبرت على إجراء تصويت في البرلمان، على الاستفتاء أو حتى على البرنامج الزمني للخروج.
وكان قد أظهر استطلاع أجرته «رويترز» أن عددا من المشرعين الذين عارضوا انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي أجري في يونيو (حزيران) سيدعمون الآن بدء إجراءات الانفصال الرسمية عن التكتل بشرط أن يتخذ البرلمان قرارا في الأمر.
وكانت نتائج الاستطلاع الذي أجري على الإنترنت أثارت احتمال أن تتمكن رئيسة الوزراء تيريزا ماي من الفوز في تصويت بالبرلمان الذي كان غالبية نوابه يؤيدون الاتحاد الأوروبي رغم أن حكومتها لا تزال عازمة على منع حدوث هذا التصويت. وكانت ماي نفسها قد صوتت في يونيو لصالح البقاء.
وفي الاستطلاع الذي أجري على الإنترنت سألت «رويترز» أعضاء مجلس العموم في البرلمان البريطاني - باستثناء نحو 100 عضو يتولون مناصب حكومية من ثم فهم ملزمون بالسير على نهج ماي - كيف سيصوتون في حالة قبول الطعن القانوني. ومن بين 57 مشرعا شاركوا في الاستطلاع قال أكثر من 60 في المائة إنهم سيدعمون بدء المفاوضات الرسمية. وقال أكثر من ثلث المشاركين الذين كانوا قد صوتوا لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي خلال استفتاء 23 يونيو إنهم يدعمون الآن بدء إجراءات الانسحاب من أوروبا.
وقال أحد النواب المحافظين كان قد أيد البقاء في الاتحاد الأوروبي في استفتاء لكنه يدعم الآن تفعيل المادة 50 ردا على استطلاع «رويترز» الذي لم يذكر أسماء المشاركين فيه «كانت عواقب التصويت بالانسحاب واضحة للجميع وهي أننا سننسحب من الاتحاد الأوروبي. ولا يريد غالبية الناخبين المؤيدين للبقاء أن يلتف نواب البرلمان على العملية الديمقراطية في الاستفتاء».
وفي الاستطلاع أيد كل المشرعين الذين صوتوا لصالح الخروج من الاتحاد في استفتاء يونيو وعددهم 21 تفعيل المادة 50. ومن بين 36 مشاركا من معسكر البقاء قال 14 إنهم غيروا رأيهم وباتوا يدعمون بدء مفاوضات الانسحاب.
لكن المحافظين الذين تقودهم ماي منقسمون منذ فترة طويلة بشدة بشأن عضوية الاتحاد الأوروبي. ويتمتع حزب المحافظين بأغلبية صغيرة في مجلس العموم وليست له أغلبية في مجلس اللوردات، لذا فإن مشاركة البرلمان تخاطر بإطالة أمد عملية الانسحاب لشهور وربما لسنين.
ومع مواجهة الحكومة الجديدة المهمة الشائكة لتأمين اتفاقيات تجارية جديدة دعا نحو 100 من أعضاء البرلمان من الحزب المحافظين الحاكم إلى بدء تشغيل يخت ملكي جديد. وقال عضو البرلمان جيك بيري وهو يقدم اقتراحا في مجلس العموم اليوم الثلاثاء يدعو لإعادة اليخت الملكي بريتانيا: «أعتقد أنه يجب علينا أن نسأل أنفسنا ما هو الشكل الذي نريد أن نعيش عليه في بريطانيا وما يمكن أن نفعله.. حتى نجعل بريطانيا عظمى مرة أخرى.» وأضاف قائلا وسط تأييد الحضور «اعتقد ان كان الخروج يعني خروجا ناجحا فإنه يعني أيضًا عودة يختنا الملكي».
ودخل بريتانيا الخدمة في 1954 قبل أفول شمس الإمبراطورية البريطانية وأحالته حكومة حزب العمال للتقاعد في 1997 وظهرت الملكة إليزابيث وهي تزرف الدموع علنا أثناء وداعه.
وقال بيري إن بريتانيا الذي ساهم في توفير ثلاثة مليارات جنيه إسترليني (7.‏3 مليار دولار) في اتفاقات تجارية في الفترة بين عامي 1991 و1995 يمكن إعادة تشغيله بتكلفة مائة مليون جنيه إسترليني مقدمة من مساهمات من قطاع الأعمال أو مساهمات عامة لكن دون أموال دافعي الضرائب. وأضاف قائلا: «في بريطانيا ما بعد الخروج نحتاج رئيس دولتنا الآن أكثر من أي وقت مضى».
«هي يمكنها أن ترسم على نحو فريد دورا إيجابيا لبلدنا في أنحاء العالم ويخت ملكي جديد شيء حيوي لتحقيق هذا» رافضًا آراء منتقدين وصفوا اليخت بأنه صورة قديمة من الخمسينات. ورغم حصوله على تأييد الكثيرين في حزبه وغالبية الصحف القومية في بريطانيا أعرب بعض النواب عن رفضهم للفكرة.
ووصفت دياردري بروك عضو البرلمان عن الحزب القومي الاسكوتلندي اليخت بأنه «خطة بريتانيا المحزنة والمؤسفة».



لقاء بايدن وشي لا يبدد عدم اليقين بين القوتين العظميين

الرئيس بايدن يشارك في منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في ليما عاصمة بيرو (أ.ب)
الرئيس بايدن يشارك في منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في ليما عاصمة بيرو (أ.ب)
TT

لقاء بايدن وشي لا يبدد عدم اليقين بين القوتين العظميين

الرئيس بايدن يشارك في منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في ليما عاصمة بيرو (أ.ب)
الرئيس بايدن يشارك في منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في ليما عاصمة بيرو (أ.ب)

يلتقي الرئيس الأميركي، جو بايدن، بنظيره الصيني، شي جينبينغ، للمرة الأخيرة بصفته رئيساً للولايات المتحدة، السبت، على هامش أعمال منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في ليما عاصمة بيرو. لكن مسعى الزعيمين لخفض التوتر قبل تنصيب الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، يواجه تحديات بسبب صراعات جديدة متعلقة بالجرائم الإلكترونية والشؤون التجارية والوضع في تايوان وروسيا.

الرئيس بايدن يصل إلى منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في ليما عاصمة بيرو (أ.ب)

وسيلتقي بايدن مع شي لإجراء أول محادثات بينهما منذ سبعة أشهر، فيما يقيّم زعماء المنطقة الآثار المترتبة على عودة ترمب إلى السلطة في 20 يناير (كانون الثاني).

حذّر الرئيس الأميركي، الجمعة، من حقبة التغيير السياسي أثناء عقده آخر اجتماع له مع حليفين رئيسيين في قمة آسيا والمحيط الهادئ (آبيك). وقال بايدن أثناء لقائه رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا، والرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك يول، في ليما: «لقد وصلنا الآن إلى لحظة تغيير سياسي كبير»، ورجّح أن يكون هذا اجتماعه الأخير في إطار التحالف الثلاثي الذي رعاه على مدى العام الماضي ضد كوريا الشمالية والصين.

وأضاف الرئيس الأميركي أن التحالف الثلاثي «بُنيَّ ليبقى. هذا ما آمله وأتوقعه»، كما حذّر بايدن من «التعاون الخطير والمزعزع للاستقرار» بين كوريا الشمالية وروسيا، وسط مخاوف متزايدة من قيام بيونغ يانغ المسلحة نووياً بإرسال قوات للقتال في أوكرانيا.

الرئيس الصيني شي جينبينغ يشارك في أعمال منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في ليما عاصمة بيرو (أ.ب)

من المتوقع أن يستخدم الرئيس الأميركي اجتماعه الأخير مع الزعيم الصيني لحثه على إقناع كوريا الشمالية بعدم تعزيز دعمها للحرب الروسية على أوكرانيا. ويقول مسؤولون إن بايدن سيتطلع إلى قيام شي بتعزيز المشاركة الصينية لمنع تصعيد لحظة خطيرة بالفعل مع كوريا الشمالية.

وكان بايدن قد أدان، الجمعة، قرار الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، بإرسال آلاف من الجنود لمساعدة موسكو على صد القوات الأوكرانية، التي استولت على أراضٍ في منطقة كورسك الحدودية الروسية، ووصف بايدن هذه الخطوة بأنها «تعاون خطير ومزعزع للاستقرار».

بدوره دعا الرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك يول، الجمعة، إلى مزيد من التعاون مع بكين لتعزيز «السلام والاستقرار الإقليميين»، بعد أن التقى نظيره الصيني شي جينبينغ لأول مرة منذ عامين، حسبما ذكرت وكالة «يونهاب» للأنباء، ونقلت الوكالة عن يون قوله: «آمل أن تتعاون دولتانا لتعزيز الاستقرار والسلام في المنطقة؛ رداً على الاستفزازات المتكررة من جانب كوريا الشمالية، والحرب في أوكرانيا، والتعاون العسكري بين روسيا وكوريا الشمالية».

ملفات خلافية عدة

وتبادل بايدن وشي، مرات عدة، وجهات نظر متعارضة حول كيفية تنظيم علاقات بلديهما والعالم، وقال بايدن، الذي وصف شي بأنه «ديكتاتور»، إن الحفاظ على الديمقراطية كان «التحدي الحاسم لعصرنا»، في حين اتهم شي الولايات المتحدة بأنها «أكبر مصدر للفوضى» في العالم، وحذر من الأفكار الليبرالية الغربية الخطيرة.

تقول إدارة بايدن إن الرئيس يريد استخدام الاجتماع في بيرو؛ لتحدي شي بشأن القرصنة الصينية، وانتهاكات حقوق الإنسان، والتهديدات ضد تايوان. لكن مع تراجع رؤية بايدن للعالم، حيث يغادر المسرح العالمي، وقد تضاءلت مكانته بعد أن صوَّت الأميركيون لترمب للعودة إلى السلطة، من غير المرجح أن يولي شي، الذي يشعر بالانزعاج من تلقيه محاضرات من الغرب، الاهتمام لحديث بايدن، في ظل التباين في مكانتهما السياسية. ويظل شي أقوى زعيم للصين منذ ماو تسي تونغ، غير مقيد بحدود المدة، ومحاطاً بالموالين. وقد ألقى باللوم في المشكلات الاقتصادية التي تواجهها الصين على «الاحتواء» الأميركي.

رئيسة بيرو تستقبل رئيسة وزراء تايلاند (أ.ب)

التوسع في مناطق نفوذ واشنطن

ووسع نفوذ بكين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك دول أميركا الجنوبية، التي تعدها الولايات المتحدة مناطق نفوذها الخلفية، وهي النقطة التي أكد عليها شي هذا الأسبوع خلال افتتاح ميناء للمياه العميقة بتمويل صيني بقيمة 3.5 مليار دولار في بداية زيارته إلى بيرو.

وتشعر واشنطن بالغضب إزاء عملية اختراق مرتبطة بالصين لاتصالات هاتفية لمسؤولين في الحكومة الأميركية، وفي الحملات الرئاسية، كما أنها قلقة إزاء زيادة الضغوط من جانب بكين على تايوان ودعم الصين لروسيا.

رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا (أ.ب)

وكانت وكالة «رويترز» قد ذكرت، الجمعة، أن الرئيس التايواني، لاي تشينغ ته، يعتزم التوقف في ولاية هاواي الأميركية، وربما جزيرة غوام الأميركية، في زيارة من المؤكد أنها ستثير غضب بكين في الأسابيع المقبلة. وتنظر بكين إلى تايوان بوصفها إقليماً تابعاً لها، وأن الولايات المتحدة أهم داعم ومورد أسلحة للجزيرة، على الرغم من عدم وجود اعتراف دبلوماسي رسمي بها.

في الوقت نفسه، يواجه الاقتصاد الصيني ضربة شديدة بسبب الإجراءات التجارية التي يعتزم بايدن اتخاذها قبل مغادرة منصبه، ومنها خطة لتقييد الاستثمار الأميركي في مجالي الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات في الصين، وفرض قيود على تصدير الرقائق الحاسوبية المتطورة. وقال مسؤولون أميركيون إن كل هذه الموضوعات من المتوقع أن تتناولها المحادثات. وتنفي الصين باستمرار الاتهامات الأميركية بضلوعها في عمليات اختراق، وتعد تايوان شأناً داخلياً. كما احتجت على التصريحات الأميركية بشأن تجارتها مع روسيا. ولكن من غير الواضح بعدُ مستقبل السياسة التي انتهجها بايدن تجاه الصين، التي ركزت على التنافس دون الدخول في صراع وعلى حشد الديمقراطيات ذات التفكير المماثل لمواجهة بكين.

ومن المرجح أن يؤكد شي أن العالم كبير بما يكفي للقوتين العظميين، وأنهما بحاجة إلى التفاهم، في إشارة إلى الرئيس المنتخب ترمب، الذي يميل إلى المواجهة وتعهد بفرض رسوم جمركية بواقع 60 في المائة على الواردات من السلع الصينية ضمن حزمة من التدابير التجارية التي تتبنى شعار «أميركا أولاً».

ترمب يقلب حسابات الصين

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن شين تشيانغ، نائب مدير مركز الدراسات الأميركية في جامعة فودان في شنغهاي، قوله إن الصين تعلم أنه «بعد تولي ترمب منصبه، من المرجح جداً أن يتم عكس عدد من الوعود التي قطعها بايدن، وعدد من السياسات التي تم تبنيها أو التدابير المنفذة تماماً»، وقال إنه مع تغير السلطة في الولايات المتحدة، أصبحت السياسة الخارجية للبلاد غير متسقة بشكل متزايد.

وبعد تولي ترمب الرئاسة، قد تصبح العلاقة بين البلدين أكثر تقلباً، خصوصاً مع اختياراته لمرشحيه للمناصب العليا في إدارته، بما في ذلك النائب مايكل والتز، مستشاره للأمن القومي، والسيناتور ماركو روبيو لمنصب وزير الخارجية، اللذان يبحثان منذ سنوات عن أفضل السبل للضغط على بكين وتغيير سلوكها.

وفي حين كان الصينيون ينظرون إلى ترمب خلال رئاسته الأولى بشكل ساخر، فإنهم الآن يأخذونه على محمل الجد أكثر بكثير. ومع تصاعد المنافسة بين القوتين العظميين، واحتمال اندلاع حرب أو أزمة اقتصادية، سعى شي إلى إظهار أنه يقوم بدوره في الحفاظ على السلام مع الولايات المتحدة من أجل الاستقرار العالمي.

ويطرح تولي ترمب السلطة أسئلة عمّا إذا كان يريد إقامة علاقات مستقرة مع الزعيم الصيني، لكن التوترات بشأن مطالبات الصين في بحر الصين الجنوبي وتايوان، فضلاً عن دعم بكين لروسيا، تجعل العلاقات بين البلدين حقل ألغام يمكن أن يُغرق العالم بسرعة في أزمة. وبالنسبة لشي، فإن رحلته إلى أميركا الجنوبية التي سيزور خلالها البرازيل أيضاً، فرصة للتأكيد على أن الصين قوة للاستقرار في مواجهة عدم القدرة على التنبؤ بسياسات ترمب. وقد لا يكون هناك مكان أكثر أهمية للصين لإظهار قوتها الجيوسياسية من أميركا الجنوبية، نظراً لقربها من الولايات المتحدة ومجال نفوذها.

رافعات عملاقة في الميناء الجديد المُنشأ بتمويل صيني قرب العاصمة البيروفية ليما (أ.ف.ب)

ويقول الباحثان كوش أرها، وجورن فليك، في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بوصفهما الاقتصادين الحرين والمنفتحَين الوحيدَين القادرَين على مواجهة النزعة التجارية الصينية، هما شريكان لا غنى لأحدهما عن الآخر في التغلب على الصين.

ويضيف الباحثان أن حصة الاتحاد الأوروبي من الناتج المحلي الإجمالي العالمي أكبر قليلاً من حصة الصين، وتبلغ قيمة الاستثمارات المتكاملة عبر الأطلسي أكثر من 5 تريليونات دولار، مع أكثر من 2.7 تريليون دولار من الاستثمارات الأميركية في أوروبا، وأكثر من 2.4 تريليون دولار من الاستثمارات الأوروبية في الولايات المتحدة، وتشكل اقتصادات ضفتي الأطلسي أكبر وأقوى تجمع اقتصادي في العالم، وتحتاج إلى الاستفادة من ميزتها الجماعية في مواجهة الخصوم العالميين المشتركين الذين يسعون بعزم إلى تقسيمهما.

ويقول الباحثان إنه ينبغي على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي توحيد جهودهما لتعزيز مصالحهما المشتركة، غير مبالين بمحاولات خصومهما المشتركين لإلهائهما. ويعكس التصويت الأخير لدول الاتحاد الأوروبي على فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية الرخيصة التي تغزو الأسواق الأوروبية، إدراك التهديد الصيني والتحديات التي تواجه توحيد الدول الأوروبية المختلفة لاتخاذ إجراءات حاسمة.