«جند الأقصى» يطلق سراح 57 عنصرًا من «أحرار الشام»

مصدر معارض: أولويتنا مواجهة النظام وحلفائه في حلب وحماه

«جند الأقصى» يطلق سراح 57 عنصرًا من «أحرار الشام»
TT

«جند الأقصى» يطلق سراح 57 عنصرًا من «أحرار الشام»

«جند الأقصى» يطلق سراح 57 عنصرًا من «أحرار الشام»

دخل اتفاق حركة «أحرار الشام» و«جبهة فتح الشام» القاضي بوقف الاقتتال مع فصيل «جند الأقصى» حيّز التنفيذ، بعد اندماج الفصيل بالجبهة بشكل كامل، وبدأت الترجمة العملية لهذا الاتفاق بالإفراج عن العشرات من عناصر الحركة الذين اعتقلهم «جند الأقصى» على خلفية الاقتتال الذي حصل بين الطرفين، خلال الأيام الماضية. وأفادت المعلومات أن «جند الأقصى أفرج عن 57 عنصرًا من (حركة أحرار الشام) ضمن بنود الاتفاق الذي وقعته (الحركة) مع (جبهة فتح الشام) يوم الاثنين، فيما لم تشر إلى إطلاق سراح أي من معتقلي (الجند) لدى الحركة». واعتبر مصدر سوري معارض أن «الاتفاق هو أفضل الممكن، لأن أولوية الفصائل الثورية تتركز على معارك حلب وحماه في مواجهة النظام وحلفائه».
وكانت «حركة أحرار الشام» وقعت، أول من أمس، اتفاقا لوقف الاقتتال مع «جبهة فتح الشام» التي باتت المسؤولة عن «جند الأقصى» بعد مبايعته لها والاندماج فيها، فيما تستمر حالة الترقب بينهما مع استمرار وجود حواجز للطرفين على الطرقات الرئيسية في الريف الجنوبي لإدلب.
ولم يلغ الاتفاق وجود محاذير من خرق محتمل، إلا أن الناشط السوري المعارض عبد القادر علاف، صرح لـ«الشرق الأوسط»، أن الطرفين «التزما ببنود الاتفاق الموقع بينهما، وتمت ترجمته على الأرض». وقال: «كل الحواجز والمراكز العسكرية التي كانت لـ(جند الأقصى) باتت تحت سيطرة (جبهة فتح الشام) التي أزالت أعلام وشعارات الجند واستبدلت بها أعلامها وشعاراتها».
وإذ استبعد علاف أن ينقلب أي طرف سواء «حركة أحرار الشام» أو «جبهة فتح الشام»، على نص الاتفاق، توقع «حصول بعض الانشقاقات لعناصر من (جند الأقصى) الذين يرفضون الاتفاق»، لكنه رأى أن «الإشكالات الفردية لو حصلت فلن تؤدي إلى نسف الاتفاق، فهي بالتأكيد قابلة للاحتواء، ولا تتيح لأي طرف إعادة الأمور إلى ما كانت عليه من التقاتل».
وأكد مصدر سوري معارض لـ«الشرق الأوسط»، أن «اتفاق (حركة أحرار الشام) مع (فتح الشام) ليس مثاليًا، ولا يمحو تبعات ما ارتكبه (جند الأقصى) من تصفيات واغتيالات واعتقالات، لكن (الحركة) والفصائل التي تقف إلى جانبها تدرك أن ليس في مصلحتها فتح مواجهة عسكرية الآن، فأولوية الفصائل الثورية معركة حلب وحماه في مواجهة نظام الأسد وحلفائه».
وكانت المواجهات اندلعت بين «التجمع» و«الحركة» منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بعد اختطاف مجهولين أحد عناصر أمن الطرق قرب مدينة سراقب، الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف إدلب الشرقي، ليتبين لاحقا أنه تابع لـ«جند الأقصى»، مما أجج الخلاف بينهما، وأدى إلى اندلاع معارك سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى من الطرفين، بينهم القائد العسكري لـ«حركة أحرار الشام» محمد منير الملقب بـ«الدبوس».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم